شهد المجتمع السوري في السنوات الماضية تغييرات سياسية وإنعكست بشكل كبير على العلاقات الاجتماعية، وإختلفت المصطلحات التي تعكس ما أصيب به المجتمع السوري من تقسيم وفرقة، لذلك تعد هذه الأزمة من أخطر الأزمات الإجتماعية التي مرت على سوريا...
وذلك لإنعكاساتها السلبية على النسيج الإجتماعي السوري ووحدة ترابه الوطني، فأصبحت صيغة العيش المشترك التي كان يتسم بها المجتمع السوري حالة من الماضي وخصوصاً عند الخوض في أي حديث يتعلق بالأوضاع السياسية، فالروابط الأسرية باتت على المحك وإمتحانات الصداقة تحولت إلى إختبارات لوجهات النظر وسبر لمستوى التوافق إما في التأييد أو في المعارضة مع تعنت شديد ودون أي مرونة في تقبل الآخر، وكما كانت هذه المستجدات سبباً في فسخ عدد من علاقات الصداقة، كما كانت أيضاً سبباً في بناء علاقات جديدة تتوحد فيها وجهات النظر سواء المؤيدة أم المعارضة أو حتى ممن وقفوا وقفة محايد
ولما كانت سورية بلد ذو تنوع عرقي وديني وثقافي، الأمر الذي يتطلب معه تقبل الرأي الآخر على أسس المواطنة والتعايش السلمي وحل الإختلافات بالحوار والتفاهم بعيداً عن العنف, تعزيزاً للسلم الأهلي والحفاظ على النسيج الإجتماعي السوري، كون العنف ليس سوى وسيلة للصراع والإحتراب ضد الآخر، بسبب فقدان الثقة بين أبناء البلد الواحد، مما يهدد التعايش والسلم الأهليين وبالتالي وحدة النسيج الإجتماعي السوري التي تشكل شرطاً موضوعياً من شروط بناء الدولة المدنية ومؤسساتها الدستورية والديمقراطية .
لذلك فإن التصدي لتفكيك عناصر ومبررات إستمرار هذه الأزمة بات هدفاً ضرورياً ملحً يتطلع إليه كل سوري محب ومخلص لوطنه، بالتالي فان معالجتها والتعامل معها يتطلب الكثير من الجهد والعمل الدؤوب للوصول إلى نهايات مرضية لجميع الأطراف، من خلال تأمين وتحقيق العدالة في كل ناحية من نواحي الحياة ، الذي سيعزز الثقة بين مكونات المجتمع السوري وأطيافه المتنوعة التي تعتبر من مستلزمات حل الأزمة والحد من تفاقمها أو تطورها باتجاه سلبي، فسوريا اليوم في خطر لابد أن يدرك الجميع إننا كلنا شعب سوريا إلا من أراد بها سوء فهو ليس منا،سوريا باقية ونحن زائلون والتاريخ لا يرحم أحد، لذلك لابد من أن نتحد لننقذ سوريا ولا تمييز بيننا على دين أو سياسة فهناك سوري يحب ويخلص ويبني، أما من يقتل ويدمر سوريا فهو عدو لنا
لذا علينا أن نوحد الصفوف وأن نتعاون لأننا جميعاً نهدف إلى تحقيق المصلحة العامة والى رقي الوطن وتقدمه، وهذا لن يأتي إلا من خلال الترابط والتعاون، وإشاعة روح التسامح والتعايش السلمي بين مختلف الديانات والمذاهب المتعددة وعدم زج الدين أو المذهب في الخلافات السياسية فضلاً عن نشر القيم الإيجابية بين الناس كالتعايش والمشاركة والألفة والتعدد، وهنا أمل بعد هذه الفترة العصيبة أن يصبح الحوار ضرورة لا بد منها ولا شيء غير الحوار للخروج من الأزمة ونزع فتيل الإضطرابات وحقن الدماء، ومازال الأمل معقوداً على الحكماء والعقلاء للجلوس إلى طاولة الحوار، هذه الفرضيات تبقى فرضيات حل للجميع لإخراج سوريا من هذا المأزق الذي يدمرها يومياً.
وأخيراً ربما يمكنني القول أن وضع المجتمع السوري على سكة النهضة الشاملة المطلوبة يتوقف على قدرتنا في أن نشجع جميع الأفراد على تحمل مسؤوليتهم والمشاركة من موقعهم في العمل على التغيير وهذا يستدعي تغييراً في أخلاقيات المجتمع واستعادته لقيم الصدق والصراحة والأمانة، وضرورة العمل بروح الفريق الواحد لضمان نجاحهم بالرغم من كل المعيقات التي ستواجهنا، إذ بإمكان سورية أن تصبح منارة للآخرين وأن تعطي أنموذجاً للتحول السلمي باتجاه الحياة الدستورية القائمة على احترام حقوق المواطنين الدينية والمدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
*الدكتور خيام محمد الزعبي-صحفي وباحث أكاديمي في العلاقات الدولية
https://www.facebook.com/you.write.syrianews