news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
فشة خلق
دمشق - بيروت - القاهرة ؟؟!! ... بقلم : سالي اسلامبولي

جميع الشوارع والساحات تلك التي كانت تحيط بنا كانت آخر ما وطأته قدماي وآخر ما التقطت صور معه في بلدي
أردت أن تكون لي حصة يومها من كل شوارع الشآم ولكن لم يُسعفني الوقت وأردت رؤية جميع أصدقائي ولكن خانتني تلك الساعة بعقاربها أصبحتُ أشعرها عقارب حقيقية كان سُمها بدأ يسري في عرقوي منذ بدأت أحزم حقائبي تلك
وأُحصي كل ماهو مهم وتُكرر علي أمي ( كل هي شناتي ؟! ) وأنا انظر حولي وأريد أن أخبرها هل لديكِ حقيبة أحمل بها جدران وياسمين وشوارع وساحات بلدي ...


هل هناك ما استطيع فعله لاصطحبها معي ؟؟!! قاطعت أمي أفكاري لتكرر ( رح نمشي الساعة 3 .. يلا يا سالي ...... ) كان عليَّ أن أتوقف عن التفكير وأتوقف عن الشعور وكل شيء لأنهي الحقائب وكل ما كان حولي ..
ولكن حينها كنت أتمنى ان تتوقف جميع ساعات الدنيا عن العمل ..
أتت تلك الساعة وصوتها وهي ترن بمنبه لم يعلوا على أصوات من أحب وأصدقائي والذين بقوا معي لآخر لحظات يرافقوني بها بأصواتهم وكلماتهم ..


وتلك السيارة الكبيرة ذات العشر مقاعد أو لربما أقل كانت أكثر ما كرهته في حياتي ومقعد فيها اتخذته لنفسي عند النافذة اليسرى أتاح لي رؤية واضحة مع بكاء بسهولة وعجلات تلك الحافلة ترسم على طريق دمشق - بيروت خطوط يائسة
وفي أذني أغنية حلوة يا بلدي .. ووقوفنا عند كل حاجز للتفتيش لم يكن بالأمر السهل فالحقائب كانت تفتح وتغلق .. وتجاوزنا السبع حواجز قبل أن تنزل المطر لربما تبكي الشآم لتودعني وأنا من يبكيها ولكن تلك الأمطار خففت عني قليلاً


أخبرتني سننتظرك .. ويقول السائق السمين ذاك الذي أردت أن احطم رأسه الكبير أكثر من مرة لشدة برودته وطمعه الذي استغل به تلك المشاكل على الحدود السورية اللبنانية ليخبرنا أنه السندباد الذي سيمر بنا الحدود على بساطه السحري بأمان ومبلغ إضافي ؟!
هو سندباد سمين غبي كرر كلمة ( وصلنا للمصنع ) عشرات المرات قبل أن أنزل لأدرك ببساطة أننا وصلنا المصنع ليس من اللهجة المختلفة ولا من الأعلام بل من كلمة ذاك الضابط ( الدركي اللبناني ) الذي كان يكرر ( السوريين يوقفوا تحت الشتي .. والبقوة يقربو حدي ؟؟!! )


في كل طريقنا الموحشة إلى بيروت التي لم أرى فيها سوى إضاءة خفيفة تلمع في عيوني ..
زادت وحشتي بكلمات ذاك الضابط الغبي مع اعتذاري لأصدقائي اللبنانين فهم لا يملكون مايفعلون لمثله أو لباقي العناصر الذين يفتعلون ازدحاماً ومشاكل فقط بغرض ازلال ولربما تعذيب للسوريين ..
ولربما هذا ما خطر ببالهم فحسب ؟؟!! وعليك تحملهم فأنت الآن ذاك السوري المحروم من دخول جميع الدول ؟؟!!


ولا أدري في يوم إن كان جميع السوريين سيقولون مثل أخوتي ( منيح مادخلنا وحنفوت بالفيزة المصرية وماحنوقف تحت المطر )
وأنا لا أدري ما حل بهذه الشعوب ... لم يستغرق مرورنا الكثير حتى وقفنا عند أول استراحة لبنانية ومع صوت فيروز والهدوء يخيم على جو الحافلة وأعين أمي وأبي وأخوتي بدأت تغفو رويداً رويداً ...
حتى أتاني من اللبنانيين الحقيقين صوت الترحيب الحقيقي من وديع الصافي ليستقبلنا ويقول ( لبنان يا قطعة سما .. وللضيف بنقلو هلا .. بنقلو هلا .. ) وبقيت في أذني تلك الكلمات ( للضيف بنقلو هلا.. )


هؤلاء هم أهل لبنان كما هي فيروز وصوتها رفيقي الدائم في حياتي وتقول لي ( أحب دمشق هوايا الأرق ..أحب جوار بلادي ..) وأنا ايضاً أحب جوار بلادي وأهل بلادي هؤلاء السوريين هم من فتحوا ايديهم واستقبلوا كل من وطأت أقدامهم بلادنا ولكنهم فقدوا الذاكرة ..
.. ولم يستغرق معنا الطريق طويلاً في بيروت حتى وصلنا المطار وأكملنا رفع الحقائب وختم الجوازات ووقت الانتظار القاتل ذاك حتى يحين وقت طائرتك وعيون تضحك وايدي تحمل ورود لاستقبال ذاك الغالي الذي سيأتي بعد دقائق وعيون تبكي وهي تودع حبيب وذاك المطار لا أعرف ما شعوره حينها ..


رأيتهم عائلةً هناك مليئة بالفرح يحملون ورود و( بالون ) عليه كلمة ( WELCOME )
وصرخوا جميعهم عندما ظهر وجه ذاك التسعيني من بوابة القدوم ... مر طيفٌ في رأسي لسنوات ذاتها كنا نقف فيها ولكن في مطار بلادي في مطار دمشق الدولي أعاد الله عزه قريباً ...


ننتظر طائرة جدي جميعنا بانتظار الفرح الذي يغيب عنا بضع أيام ويعود .. فليرحمك الله ياجدي .. دوماً أشعر بوجودك معي وغفت عيني بضع دقائق قبل أن يحين موعد الصعود إلى قاعة انتظار الطائرة وبضع خطوات خطوناها وصلنا إلى البوابة رقم 10 وعلى جواز سفري إلى مصر تاريخ اليوم وتذكرة المقعد تلك التي تحمل رمز J لربما مصادفة أو كذلك شعوري بأن من أحب وأول حرف من اسمه ( جلال ) هو رمز مكان جلوسي فأحببت مقعدي بقدر شوقي إليه ..


وتلك الفتاة الصغيرة التي شاركتنا الرحلة في المقعد الخلفي وضحكتها أكثر ما خفف ذاك التوتر الذي كان يعتريني .. وصوت الكابتن يكرر بربط أحزمة الأمان ..
والإقلاع المسرع وصفير الطائرة حينها ما ينتشل كل مافي عقلي من أفكار ومر الوقت في الطائرة أسرع من ذاك الإقلاع .. وهبوطها السريع ذاك في المطار ..
وبقي قلبي وعقلي مع من أحب ومع بلدي التي وعدتها بعودتي قريباً..


أريد أن ادعي لها ليفرج الله عنها ويعيد عزك يابلدي ويحمي أصدقائي ويعيدنا سالمين إلى بلدي ..
بلدي وأهلها ستبقى تتذكر كل من وقف معها وكل من وقف ضدها ... أهلها لن ينسوا كل من أوقفهم على حدود .. كل من أساء لهم..


كل من جعل آخر هم شبابهم في قارب مع الكثير من آمال آخرين .. كل من جعل طفولة أبناء بلدي تبيع أحلامهم على الطرقات ... كل من تاجر بأجسادنا ..
نحن لم نكن نملك حقداً في قلبنا على أحد .. ولن نكون في يوم كذلك .. نحن أهل سوريا .. أهل عز .. أهل حب .. أهل أمل .. ونملك جنة الله سوريا .. أعطاها لنا وسنعيد لها عزها بإذن الله ..

https://www.facebook.com/you.write.syrianews

2014-12-03
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد