(كنا نسميها المُهْـرة - الأميرة) وكما عادة المُهـرة تصهل وتحمحم كلما عبرت بالقرب من الأحصنة أو شمّت رائحتها.كانت تـكرجُ كل مساء جمعة من أمام بيتنا .أذكرها آخر الليل, حين كانت تجري على الطريق الترابي المقفر أمام بيتنا ,تعبره مشيا ًحينا ًوآخر ركضا ً وهـرولة,وهي قادمة من اجتماعات قيل أنها كانت تمثل فيها ركنا ًهاما ً.
وفي غفلة من فتوتها تزوجت. ممن لم يكن في الحسبان.
الفرق بينهما كبير.علما ًوعمراً- مكانة وجمالاً.وهذا الأمر لم يكن ليؤخذ بالحسبان في العرف الذي كانا ينتميان إليه.وهو الذي رجّح كفته كونه كان قائدها في العمل .
طبيعي أن ينظر لزواجها من تلك الشخصية,على أنه كارثة للمرأة التي تتمتع بكيان خاص متميز عمن حولها ولحسن حظها انتهت حياته مبكرا ً,وهذا لم يجعلها تتأخر كثيرا ًحتى اختارت آخر,تزوجته ورزقت منه أطفالاً,لأنها معطاءة كأرض ٍخصبة تعطي البذور فيها نباتات وفيرة .
ولا أنسى أنه في تلك المرحلة وفوّرَة الثورة كنت أحد الاهتمامات المركزة لأولئك.كنت محاطا ًبهم معظم الوقت - شعرت أنهم يريدون أن أكون إلى جانبهم.
فكنت مراقب من الجميع والكل يلاحقني, كنت معهم جميعا ًولست مع أحد.كنت مستقلا ًفي تصرفاتي وتحركاتي, ما كنت أقيم خلافا ًمع من أريد وكنت أفتعل الإشكالات مع الكثيرين حين أريد .
هي وحدها أسقطت كل الاحتمالات ودائما ًكانت تمتلك مقومات النجاح والتفوق وتسقط التوقعات وكانت سيدة التميز والتمايز
.كنت حرّا ًوأسقط التوقعات.والذي كان يبدو في خلفية أفكاري وأفكارها ,أنها كانت تكنّ لي الاحترام - تأكدت من ذلك حين حكا لي صديق مشترك عن حديث دار بينهما حولي ومن سلاماتها حين كنا نلتقي.
مرت المهرة من أمام البيت في وقت كنت فيه بين البأس – واليأس. بين اشتعال الحنين- والأنين.
بين الحزم- والعزم .
كنت في حالة طيران مأثوراً - ومتأثراً .مقيّدا ً- وقائداً . ملهوفا ً- وملثوما ً بالماضي السحيق.كنت في الذروة- والحضيض .بين اليأس والبأس.
أحملها قوافل شوق في مرابع الخصب والحب.
أرسل مدارات حنين في زمن الضياع - والعصف الزمني- العسف الكوني,لأحتمي من هطل شهابي لحلمي المكدس على منابر الأسى تلالاً منتظراً دورة حلمه في الاحتفال ألأممي للخلق فتثار زوابع الشيطان من على موائده في حدائق سلاطين الجان وفي صحارى وبوادي مروج الغضب.
الأملُ مشتعلٌ لا أعرف كيف لي أن أطفئ حرائق السؤال في الأعماق..؟.كيف لي أن أبدد ظلمة الروح
بوهج المحبة .والأمل يرسم لوحة شروقه .هو الله يعرف سر البوح .