news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
حوار مع البحر... بقلم : فادي الملاح
syria-news image

وقفت على شاطئ البحر أراقب غروب الشمس حين تركض لتختبئ في جوف البحر خوفا من حساد جمالها في ذلك الوقت وأخذت أراقب الطيور تتسابق لتلحق بنظرة من عين الشمس الحنونة أو بلمسة من أشعتها الدافئة فتارة تلحقها وتارة تعود حزينة خائبة الرجى ملتاعة تهتف في بكاء صامت لماذا رحلت أيتها الشمس فقد جاء الليل بحزنه ونومه وكسله ومضى الصباح المشرق بأمله ورزقه...


ثم نظرت على وجهه البحر فإذا به يضحك مبتسما تدغدغه الأسماك التي أخذت تجري في البحر مسرعة بحثا عن الغذاء قبل أن يخبو ضوء الشمس فلا تصل أشعتها لأعماق البحر في ظلام الليل حيث المصير المجهول والخوف المكبوت لمن يجرؤ على تحدي ظلمته في الليل ولم يكتف البحر بذلك بل أخذ يداعب اثنين من العشاق يجلسن على شاطئه يستأنسان بروعته وجماله ويرسمان الأحلام ويهمسان بأعذب الكلام الذي ينبع من القلب قبل اللسان وتشابكت أيديهما بقوة خوفا من أن يتحطم هذا الحلم الجميل على صخرة الواقع المرير حيث الليل الداكن بغيبته ونميمته وحيث الشقاء والتعاسة والألم بما يكفي لنغرق سفينة الأحلام...

 

 وأخذ البحر يلفهما بنسماته كأنه يضمهما إلى صدره ليطمئنهما ويبارك حبهما وينثر عليهما من رذاذه كأنه زهر في ليلة عرس وأخذت الطيور تغني وتشدو بأعذب الألحان لتزيد من سحر الساعة وحلاوة اللحظة وبعد قليل لمحت القمر في السماء يجاهد ليثبت وجوده وينادي حاشيته من النجوم يقول ها أنا ذا القمر سلطان السماء في الليل فارتجفي أيتها الشمس واهربي قبل مجيء الليل فيقضي على ضوئك وسحرك...

 

 فترد عليه قبل أن ترحل أيها القمر الجميل المحيا لولا أشعتي ونوري لما ظهرت فما انت إلا مرآة نوري في الليل لتضيء به البحر لتكشف بصيصا من ظلمته وما أنت بقادر على كشفها كلها فما انت بعظمتي وقوتي وجمالي أضيء البحر في النهار لتعيش الكائنات فوقه وتحته وأكشف ستار الليل فاستح أيها القمر وهنا يرد البحر معتذرا عن القمر مدافعا ويقول وهل يقدر جميل المظهر على كبير العقل والقلب ولكني يا شمس أحببت أن يضفي هذا البدر الصغير لمساته الآخذة علي بعد غيابك عني طوال الليل أحببت قدرة جماله وأحببت روعة أمواجه بل أحببت أكثر ظلاله على أمواجي ونوره الخافت على شطئاني أحببت حنانه حين سمح بالعيش للكائنات في أعماقي ثم استرعاني تلألأ القواقع والصداف على الرمال الصفراء كأنها بلور أو فيروز على حجر مسحور تنتظر ناشيليها بصبر معهود...

 

 وكلما ازداد غروب الشمس زاد لمعانها لتنبه العشاق ليأخذوها ويصنعوا بها الكلمات والأشعار والسلاسل والخلخال قبل أن تهشمها الأمواج وتدوسها الأقدام وإذا ببدني ينبهني إلى رعشة من البرد وسمعت في أذني من يحيني ويهمس لي بأنه نسيم البر وكيف تنساني وأنا الصفاء والهناء أنا من يبحث عني الناس في الصيف ليهربوا من حرقة الشمس وأنا من يرجوني الصياد لأحمل له الأحلام وأهديه الرزق وجاني خاطر الرحيل فإذا بي أسمع البحر يناديني ألا أرحل فإن جمالي يتألق في الليل وقد أمنحك السحر والحب في الليل...

 فكم من عشاق تلاقوا على رمالي وكم من سهر الليالي بجواري يعد النجوم أملا في الحب وقد أمنحك سعادة العشق في ليلة الحب فانتظر بجواري تسليني حتى تشرق الشمس فأجبته قائلا ارحمني أيها البحر فلقد منحتني السكينة والطمأنينة وأهديتني لوحة راسخة في خيالي لا تخبو ألوانها على مدى العمر إنها لوحة الغروب في قلبك الكبير أيها البحر لقد منحتني بقعة الأمل بين امواج الغروب فانا انسان جار به الزمان انتظر موتي بصبر لشقاء عذابي والام جسدي القاتل .

2011-01-22
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد