news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
خواطر
إجازة مغترب عندما يقترب موعد الإجازة السنوية ......بقلم إياد نزيه الدرويش

 تطير الأحلام بالمغترب إلى معانقة الأهل والوطن وينسى ألم ومرارة ومعاناة سنة كاملة في الغربة , لا يمكن لأي شعور أن يتغلب على ما يستوطن بخاطري آنذاك ..


قبل شهر من بدء إجازتي السنوية , إنه كالشعور الذي ينتاب الحبيب قبل لقيا حبيبته , أو كشعور العريس في ليلة زفافه .. أنا ذاهب بعد شهر للقيا الأهل والوطن مشاعري مفعمة بالفرح , كم أتحرق وأتوق أن ينقضي هذا الشهر لأعود إلى أهلي ووطني وأمارس طقوس طفولتي ومراهقتي وشبابي , أنا مفعم بالشوق لأعيش هذا الحلم من جديد .

وتعود بي الذاكرة في بلدي فعندما كنت طفلا صغيرا كنت أخرب أعشاش الطيور , وأتحرش بمخابئ النحل والدبور , كنت أهوى الرقص فوق الصخور .... كنت وكنت .. كنت طفلا شقيا وينقضي الشهر وأمضي بسيارتي مع عائلتي بعد أن تعطلت رحلتنا جوا بسبب إفلاس شركة الطيران الخاصة , ما أجمل الريح تضرب وجنتاي .. ما أحلى الطريق الطويل .. صحيح أن معظمه صحراء مقفرة لا يعرف بها ساكن رسما ...

صحيح أن التراب أصفر والحجارة شاحبة ولكني كنت أرى كل ما حولي جميل وكنت كلما قطعت بعض الكيلومترات أرى روحي تبتهج فرحا وتدفعني لقطع المزيد والمزيد بحماسة منقطعة النظير دون راحة أو توقف إلا في المحطات الضرورية والدافع لكل ذلك هو لقاء الأهل والأحباب , فما أجمل اللقاء بعد طول غياب , ومهما طالت الطريق ستطول معها نشوة وحلاوة فرحة ما قبل اللقاء ..

ألا يقولون أن  انتظار الحدث أصعب من حدوثه  وهنا وأنا في طريقي كنت أقول إن ممارسة نشوة الأمل باللقاء تكاد تكون أجمل من اللقاء حتى ولو بالغت . وسرت في عروقي الحيوية والنشاط من جديد , أمضي أيتها السيارة الرائعة بارك الله فيك , كانت سيارتي تقضم عشرات الكيلومترات بنهم شديد كأنها حبات عنب مروية بالمسك والعنبر , كانت تأكل المسافات بشهية منقطعة النظير هكذا حتى وصلت نقطة الحدود وبدأت رائحة الأهل والوطن تتسلل في كل الأرجاء , كنت أركض من شباك لآخر لأنهي إجراءات دخولنا مع السيارة التي لم تخذلني ولله الحمد وكانت عيناي تستجدي موظفي الحدود من دون قصد أن يسرعوا بإنهاء الإجراءات دون تعقيد حتى تم لي ما أردت ودخلت أرض الوطن وروحي تملؤها البهجة والسعادة التي أنستني تعبي الذي أصاب كل مكان في جسمي أنا وعائلتي . فاضت دموعي بهجة ..

 صار مزاجي يعانق السحاب الذي يسابقني .. بدأ لون التراب يحمر كما بدأ اللون الأخضر يملأ المكان من حولي , وبدا لون الحجارة يسود وسيارتي لازالت تمضي وتسابق الزمن , كل حجر مررت به في بلدي كان يقول لي : أنا انبثقت من هنا لأبقى هنا , أنا حجر كريم الأصل , عريق السلالة لا تحركوني من هنا فجذوري عميقة أصعب من أن يقتلعني الزمن . وصلت بيت الأهل والأحبة , كان قلبي يرتجف وأنفاسي تسابق بعضها , لم تصدق عيناي ما رأت , نعم أنا أمام بيتي الذي هجرته منذ عام وكان كل ركن فيه يناديني ويناشدني بألا أطيل الغياب .

أنا الآن في وطني بين أحبتي وأهلي , حلمي أصبح حقيقة , من كل لمسة سلام كانت تتدفق مني حرارة الشوق ولهيب الحنين ... من أناملي .. من عيوني .. من دقات قلبي .. من أنفاسي . حققت حلمي وعدت لممارسة كل طقوسي التي أحببت كما عرفتها , فقد اخترت إجازتي موزعة في رمضان والعيد وما تلاه من بداية الموسم الدراسي وفصل الخريف . وحين بدا العد العكسي لانتهاء فترة إجازتي , بدأ شلال الرعب يهدر داخلي وعاد شبح الغربة ومعاناته ومرارتها ليخيم علي وركبت سيارتي من جديد ولكن هذه المرة لوحدي بدون عائلتي فقد اخترت أن يبقوا في الوطن عل الله أن يوفقني ويكون لحاقي بهم قريبا , وأمضي وحيدا ... رويدك يا سيارتي الحبيبة فأنا حين أذهب للجنوب لا أجيد الفرح وأفقد مؤهلات الحياة ...... تقبلوا تحياتي

2010-10-24
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد