news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
محنة الفوضى ومأزق الثورة ... بقلم : رشا سيروب

منذ بداية الأحداث في مصر وقبلها تونس عندما كنا نتبادل أطراف الحديث حول الأحداث الجارية والعاصفة في المنطقة العربية، كان لدي تحليلي الخاص منذ البداية أن ما يحدث في البلدان العربية ليس حراكاً شعبياً كما يتم الترويج له، بل سياسة خارجية ضمن تحالف أميركي أوروبي من أجل إضعاف المنطقة (رغم ضعفها)


 لكن هذه المرة تنبهت الدول الغربية أن إضعاف المنطقة العربية وتجزئتها لا يمكن أن يتم عن طريق قرار سياسي أو عسكري فأكبر دليل على ضعف القرار العسكري هو أحداث العراق وما آلت إليه المنطقة، وأكبر دليل على ضعف القرار السياسي هو منطقة لبنان، إذن اكتشفت الدول الغربية (رغم ادعائها الذكاء الخارق) أن ما ُيفشل مخططاتها في المنطقة العربية (لن أقول منطقة الشرق الأوسط فهذه لها قصة أخرى) هو الشعب رغم وجود قادة ديكتاتوريين على شعوبهم ولكن حجار شطرنج بيد الغرب.

 

من خلال تحليلي البسيط للوضع في المنطقة العربية نجد أن ما يحدث لا علاقة له بالفيس بوك (مواقع التواصل الاجتماعي بمختلف أشكالها) ولا بالعولمة (رغم أن عصر العولمة يفجر من المشكلات أكثر مما يقدم من الحلول)، ولا علاقة له بلقمة العيش، بل العامل الحاسم هو اسرائيل، تقول لي مصر وتونس ذات علاقة طيبة بإسرائيل وهناك اتفاقيات أقول لك صحيح، ولكن العلاقة الطيبة مبنية فقط بين القادة وليس الشعب؛ وهذا ما يؤزم الوضع في اسرائيل.

 

وبالتالي النقطة التي ارتكزت عليها الدول الغربية هي استغلال نقاط الضعف لدى المواطن العربي انطلاقاً من تحريك الشارع العربي ضمن مخطط الهيمنة على المنطقة، ومعرفتها سلفاً بردة فعل السلطة والقيادة (طبعاً عندما يتوقع عدوك ردة فعلك فأنت الخاسر الوحيد)، الذي حدث هو تحريك بعض ضعاف النفوس ولكن الإجراءات التي قامت بها الدولة أدت إلى خلق فوضى أثارت ضغينة قسم غير قليل وبالتالي بدأ الحراك الشعبي ولكن ليس الحراك المأمول والحراك السلمي بل الحراك غير الموجه والمطالِب لأغراض خاصة وليس لأغراض ومصلحة عامة.

 

ما حصل في سورية نفس السيناريو الذي حصل في الدول التي قبلها، ولكن مازال الشعب السوري لا يعرف ما يحصل بصورة مطلقة، من المؤكد أن هناك إطلاق نار، أن هناك ضحايا وشهداء ودماء بريئة هُدرت، لكن السؤال كيف بدأ؟

على ما يبدو أننا كنا نرقد على بركان خامد لم نعلم أنه سيثور، أو سيثور بهذه السرعة وبردّة الفعل الهائلة التي قام بها شعب اعتاد السكينة والسكون ويطمح إلى الاستقرار، اعتاد الانصياع إلى مقولة السيد المسيح "أعط ما لله لله وما لقيصر لقيصر"

 

إذا قمنا بتتبع مطالبات الشعب، نجد أنها دائماً تبدأ بمطلب ولا تنتهي بطلب المزيد؛ حاولت تفسير الظاهرة حسب علماء السياسة، حسب علماء الاقتصاد كانت الأجوبة تدلني إلى عناوين عريضة، لكن الجواب الأكيد كان لدى علماء الاجتماع السياسي، حيث قرأت هذه العبارة التي استهل بها الأستاذ الدكتور أحمد مجدي حجازي كمقدمة لمقالة بعنوان «الفقراء في العالم بين سياسات الدعم والتنمية البشرية»:

لا أمان لمجتمع يزداد فيه الجوع والفقر والحرمان البشري‏,‏ ولا مستقبل لوطن يتعاظم فيه الشعور بالعجز لدى مواطنيه‏،‏ ولا استقرار لبلد يفتقد العدالة في اقتسام الثروة الوطنية‏،‏ ولا تنمية مجتمعية في دولة تتعاظم فيها أعداد الأطفال المحرومين من تلبية احتياجاتهم الإنسانية‏.‏ فهل تعي الحكومات المحلية أن تهميش أجيال المستقبل هو الخطر القادم الذي يهدم أسس الاستقرار الاجتماعي ؟‏!‏

 

 بالواقع لا أعلم إذا ما كانت الدولة قادرة على ضبط الوضع، فرغم ما صدر من مراسيم يوم الخميس كانت كفيلة بتهدئة الأمور ريثما يستوعب المجتمع حسن نية القيادة بالتغييرات المُطالب بها، لم تهدأ الثورات الاحتجاجية بل ازدادت ضراوة.... فمن منا يدرك معنى إلغاء حالة الطوارئ؟ ومن منا يفهم الحرية السياسية؟ وما هو الإعلام الحر؟ وهل المتظاهرون يحترمون القانون رغم صدور الحق في التظاهر السلمي (كما هو الحال لدى جميع الدول المتقدمة)، ولكن للأسف لا أحد ممن يخرج إلى الشارع يريد أن يلتزم بالقانون أو يحترمه، لذلك قبل أن نطالب الحكومة والدولة بواجباتها علينا أن ننطلق من ذاتنا ونعرف كيف نقتلع ثقافة الفساد والإفساد من داخلنا؟ نعلم كيف نتعايش مع ثقافة جديدة وهي ثقافة الديمقراطية من خلال المساءلة والشفافية..... كيف ننظر إلى الوطن من وجهة نظر غير طائفية.... من وجهة نظر غير أنانية... وأن أدرك أن ما يحق لي يحق لغيري، وأن أحترم رأي الآخر لا أن أفرض رأي عليه.... كم سيتطلب من الوقت حتى يفرز المجتمع نخباً حقيقية تمثله على تنوع أطيافه وفئاته وتوجهاته؟

 

تعالوا نعمل معاً لترسيخ ثقافة المدنية لا السلفية، وأن نبني جيلاً يفهم ما هي الإنسانية، والتعايش والمحبة، لا جيل الفوضى والغوغائية، وحذار حذار من الفتنة، لا توقظوا أبا جهل يا إخوتي لا توقظوه.

 

2011-05-03
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد