اليوم وصلت من تركيا بعدما أمضيت اثني عشر يوما في اسطنبول العاصمة ومدينة بورصة وأغنى مدينة في العالم كبزة التابعة لمحافظة ازميت ! ومدينة أورفة الحدودية !!!
لقد خرجت من إحدى البوابات السورية إلى تركيا بدون تحديد اسم المنفذ!!! في الساعة العاشرة العاملين بالمنفذ الحدودي يفطرون والمسافرين ينتظرون ! وكم كان المنظر مزري من نساء ورجال يحملون الشاي وبعض المواد التموينية السورية لتهريبها إلى تركيا ! النظافة صفر وعلى الرغم من أنً المبنى حديث بل وأجمل من المبنى التركي ! لكن أين الثرى من الثريا ! قياسا على الجانب التركي !!! الانضباط والثقافة الشخصية المعبرة عن هيبة الدولة !!! معدومة !
وكم كانت شخصية الموظفين الأتراك متوازنة ومعبرة عن احترام وثقة بالنفس !! فالتركي يخاطب الموظف بكلمة أبيه ! وتعني أخي الكبير !! ويرد الموظف بكلمات محترمة أفخم للمواطن بكلمة يا أفندي أو يا هانم !!! دخلنا إلى تركيا وهالني ما رأيت !!! لقد كان موظف تركي في الجمرك يفتح علب دبس البندورة السورية المصادرة من حامليها أتراك وسوريين !! و يفضيه في حاوية القمامة ويرمي العلبة فارغة !!! لماذا ؟؟؟ من أجل المنتج التركي المنافس !!
لقد كانت أورفة قبل سنوات مدينة معدومة من الخدمات والبنى التحتية واليوم لم أعرفها من نظافتها وحسن ترتيبها !! وأكثر ما لفت نظري البنا التحتية والمرافق في أورفة كانت على درجة عالية من الكمال !!! دخلنا إلى الكراج الموحد فقد هالني ما رأيت !! فترى النظافة من الباب حتى المحراب لأنه بكل كراج مسجد ! المراحيض على مستوى عال من النظافة والجاهزية من الورق و الكالونيا إلى الصابون مع الشامبو والتكلفة 50 قرش تركي أي 16 ل.س وفي المدن والعاصمة من 32 ليرة إلى 16 ل.س !!!
كانت بعض الباصات مجهزة أفضل من أحدث الطائرات بالخدمة الداخلية وراحة المسافر ,الباص له موديل معين ليسمح له بالعمل في الخطوط الرئيسية والقديم لا يمنح الرخصة !!! تجولنا في الأسواق ولم نشاهد خناقة واحدة بين الناس لكن عند العودة كانت هناك خناقة سائق سوري على سيارة سورية متخانق مع أتراك على الباب وخوذ عينك تشوف من ابن البلد !!! طلبت سيارة الإسعاف فجاءت خلال ثلاث دقائق من المشاجرة وكانت قد انفرطت اشتهيت كلمة نابية من المسعفين أو تذمر تواجدوا لمدة عشر دقائق ورجعوا إلى مقرهم طبعا سيارة إسعاف خمس نجوم مع دكتور أخصائي ! انتبهت للأسعار نسبة إلى الدخل فوجدت أن تركيا أقل من سوريا بنسبة 300%.
دخلت إلى جامعة مرمرة وعينك تشوف النظافة والانضباط من البواب إلى الدكتور المحاضر فزرنا أحد الأساتذة في الجامعة فكان مكتبه عبارة عن جامعة !!! مكتبة كبيرة مزودة بمختلف المصادر للجامعة بتخصصاتها العديدة لكلياتها !! زرنا شركات تجارية ومكاتب خدمية الكل دون استثناء يقدمون وجبة الغذاء مجانية لموظفيهم مهما كان العدد وكل مراجع لهم وقت الغذاء لا يكلمونه إلاً بعد أن يتناول الطعام !!! ويقولون له قسمتك أن تشاركنا طعامنا ! وصاحب الشركة إن كانت ثروته بالمليارات أو من النوع العادي تراه بوجبة الغداء يشارك موظفيه الطعام ولم اسمع كلمة تأنيب أو شتيمة فقط يا أبيه أو يا أفندم !!! بل حتى المدارس يقدمون للطلاب وجبة مجانية دخلنا إلى المطاعم وما أدراك ما المطاعم في بلدنا !! يستقبلك كالعريس ويودعك بأحسن الوداع ! الفاتورة توضع بصحن مطوية ويرجع عنك وتترك له النقود مع بقشيش أو بدون الاحترام مثالي !!
الشوارع نظيفة لدرجة ظننت ومن كان برفقتي أنها مغسولة بالشامبو ومعطرة كمان !! لقد قال لي أحدهم أن العاملين على سيارات البلدية في حلب يتقاسمون ثمن المازوت ويتركون العمال يفيشون لعمل آخر حلب كانت مضرب المثل بالنظافة والتكافل الاجتماعي !! أصيبت بفايروس الفساد فانتشر وطال كل مكوناتها من الإداريين حتى المواطنين بمختلف المواقع !!
زرت تاجر في مكتبه وهو من أصول عربية ومحب للعرب وسوريا ! فروى الحادثة التالية ! نسي أن يتكلم بالعربية مع الموظف السوري على الباب !! فرد عليه السوري وهو يبتسم بوجهه بأقبح الشتائم ! فسكت وقرر بنفسه أن لا يزور سوريا بعد ذلك اليوم طيبت خاطره واعتذرت له .
أما إصلاح القضاء فقد كانت ثورة انتهت بصناديق الانتخابات ! وراتب القاضي لا يقل عن ثلاثة أضعاف راتب قضاتنا ! كانت العرب تسمي خدامها وعبيدها بأفضل الأسماء مثل صباح ونجاح وجوهر وفلاح ! وكانوا ينتقون من يعمل بالمضافة بمعايير معينة ومن يعمل برعي الغنم بمعايير أخرى !!! إنً الأبواب لسوريا بمنافذها البرية والجوية والبحرية بحاجة لكادر مثالي من حيث الثقافة وحسن الخلق ! والعفة ! هل جرب من يهمه الأمر أن يتخفى بزي مسافر ليرى بعينه العجب ولن يصدق سلوك وأساليب العاملين هناك مع الداخلين إلى الوطن من كل الجنسيات وأكثر شكوى السياح الخليجيين هي من منافذ العبور !!!
قلت ما تقدم والله من وراء القصد