news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
المشهد الثالث عشر .. الهارب من ملفات بقعة ضوء ومرايا والموجه حصرياً لقراء سيريا نيوز... بقلم : هاني يحيى مخللاتي

بطل الاجتماع


استيقظ باكراً، نشيطاً على غير عادته، وقف أمام المرآة، وبدأ يتأمل شكله، فكر لثوان في ذقنه واقتنع بأنها بحاجة للحلاقة مع أنه لا يحلقها عادة صباحاً، خاصة إذا كان قد حلقها قبل عشر ساعات، ولكنه يريد أن يكون اليوم بأبهى حلة، تحير كثيراً كثير باختيار البدلة التي سيرتديها، فالسوداء لا تصلح لاجتماع كهذا والرمادية ربما لا تلفت الأنظار، قرر ارتداء ذات اللون الرصاصي، ولكنه تحير كثيراً مرة أخرى باختيار ربطة العنق لذلك قرر سؤال زوجته..

عاصم: يا ليلى قومي شوي بدي آخد رأيك بشغلة..

 

ليلى: اي

عاصم: يلا قومي دقيقة..

ليلى: تركني

عاصم: ليلى بس سؤال..

 

تستيقظ ليلى مزعوجة من زوجها الذي يوقظها على غير العادة لتتفاجأ بأنه يريد أن يسألها عن ربطة العنق..

ليلى: من عقل وعقلين عم تفيقني مشان كرافة؟

عاصم: اليوم عندي اجتماع مهم جداً.. اليوم رح يتغير تاريخ الشركة..

ليلى: بالله..؟! ليش شو في؟

 

عاصم: اليوم في اجتماع استثنائي رح يصير بناءً على طلب الكادر الفني للشركة واللي أنا واحد منن...

تقاطعه ليلى: يعني انت طلبت اجتماع استثنائي؟

عاصم: لأ .. المدير.. بس أنا قررت إنو هي فرصتي ولازم استغلا أحسن استغلال..

ليلى: ولوين ممكن توصل؟

 

عاصم: ما بعرف بس على الأقل يلي بعرفو هلأ إنو إنتي عم تضيعي وقتي .. بدي لحق حضر الكلمة يلي بدي احكيا اليوم بالاجتماع واللي على أساسا بدي غير كل نظام الشركة..

ليلى: مع إني ما فهمت عليك بس برأيي تلبس البدلة الكحلي والكرافة الحمرا..

عاصم: اي لأ ما حزرتي خلص نامي تضربي انت واللي أخد رأيك..

.......................................

 

بعد ربع ساعة ينطلق عاصم باتجاه الشركة ويأخذ أيضاً على غير العادة سيارة أجرة متنازلاً عما سيظهر على العداد الموجود في سيارة الأجرة والذي لن يدفع ليرة زيادة عليه..

وصل إلى الشركة وفوجئ العامل أبو محمود بطلته البهية والذي قال له: إش هاد استاذ عاصم؟ والله ما عرفتك

عاصم: حل عني أبو محمود ماني ناقصك..

 

أبو محمود: إشبك خير؟

يتركه عاصم ويتجه نحو قاعة الاجتماع مباشرة والتي لم تفتح بعد ويجلس في الردهة المجاورة مفكراً ومتبصراً لكلمته المنشودة، بينما يتبعه أبو محمود ويقول: إش إستاذ هون رح تبرك؟ ليش ما رحت على مكتبك؟

 

عاصم: أبو محمود كرمال الله حل عني..

أبو محمود: خلص خيو .. كنت حابب اخدمك.. بتحب تشرب شي جبنا شاي جديد من هاد أبو الظروف وفي قهوة إذا بدك.

عاصم: لك أبو محمود شو صايرلك؟ تركني بدي اقعد لحالي.. بعدين أنا من إيمت بشرب قهوة؟ خلصني روح على شغلك..

ينصرف أبو محمود ولسان حاله يقول: إشبو هاد اليوم عب يخانق دبان وجو .. وبا

.......................................

 

يفكر عاصم ملياً ويخرج من جيبه هاتفه المحمول ويضع سماعة في أذنيه ويستمع إلى مقتطفات كان قد سجلها ليستمع إليها قبل الاجتماع ليؤديها بطلاقة ودون ارتباك وفي تلك الأثناء بدأ وصلت حافلة نقل الموظفين وبدأ الموظفون يتوزعون في مكاتبهم بينما بقي عاصم في الردهة ينتظر الاجتماع ويكتب الملاحظات على ورقة صغيرة بينما يستمع إلى تسجيلاته السابقة..

 

نصف ساعة انقضت وبقي خمس دقائق على موعد الاجتماع وعاصم لا يزال في مكانه ثم يقرر الذهاب ليشرب الماء ولكنه يتراجع خشية أن يتأخر على القاعة ولا يدخل قبل الآخرين.. وتراوده أيضاً فكرة الذهاب إلى الحمام ليكون مرتاحاً ولكنه أيضاً يتراجعها لنفس السبب السابق والذي سيحرص عليه كثيراً..

حان وقت الاجتماع وجاء أبو محمود ليفتح باب القاعة ومعه الموظف يوسف وهو واحد من الأشخاص الذين سيجتمعون، إلا أن عاصم كان مستعداً لاستقباله والدخول قبله إلى القاعة، ألقى عليه سلاماً بارداً بينما كان يوسف يخاطبه بلهجته المعتادة قائلاً: شو استاذ عاصم شايفك هون؟

 

عاصم: أهلا استاذ يوسف كيف الحال؟

يوسف: هلأ لا تجدبا عليي وتقلي استاذ أنا قلتا هيك مو ضروري تردلي ياها..

عاصم: له يا استاذ إذا بتريد احكي متل العالم الله يرضى عليك..

 

يوسف: عاصم شبك؟

يتدخل أبو محمود مخاطباً يوسف: تركو استاذ يوسف مالو رايق (ويهمس) يمكن متخانق مع مرتو..

يغضب عاصم ويخاطب أبو محمود بلهجة قاسية: لأ هيك كتير.. مين مفكر حالك ولا لحتى تجيب سيرة مرتي ع لسانك خود صينيتك وروح انقلع ع البوفيه تبعك يلا..

يحاول يوسف تهدئة الوضع بينما ينصرف أبو محمود مزعوجاً من كلمات عاصم..

.......................................

 

تمر الدقائق الخمس وعاصم متوتر من يوسف ومن أبو محمود، بينما القاعة التي ستجمع اليوم المدير وسبعة أعضاء امتلأت ولم يبق سوى حضور المدير..

وبالفعل دخل المدير وهذا يعني أن الاجتماع قد بدأ، المهم أن عاصم تقصد الجلوس على الكرسي المقابل للمدير والذي سيفجر منه مقترحات إدارية نادراً ما يقدمها موظف في شركة كهذه كما حرص على متابعة دقات ساعة الحائط الموجودة خلف المدير مباشرة.. وكأي اجتماع بدأت كلمة المدير في الساعة التاسعة والربع وفيها تحدث عن بعض الأمور الروتينية والتي لم تختلف كثيراً عن كلماته السابقة في الاجتماعات الماضية.. لتنتهي تلك الكلمة في الساعة التاسعة والنصف وعينا عاصم لم تتركا الساعة إطلاقاً راقب عقرب الثواني مع كل ثانية وهب واقفاً مستأذناً من المدير والأعضاء بالتعقيب على الكلمة..

 

 وهنا بدأ عاصم خطاباً عريضاً اعترض فيه على كل لحظة فساد مرت بتاريخ الشركة وكل لحظة هدر للوقت وكل قرش ذهب دون فائدة الشركة وكان يتكلم بطلاقة غير معهودة كان فارس الجلسة تماماً كما تخيل، لفت إليه الأنظار، وكل الموجودين اعجبوا بما قاله هذا الشاب الطموح، كانت كلماته شعراً، بل كانت طرباً، نعم لقد أطرب السامعين، فهو اليوم يتكلم دون خوف، إنه يتكلم ويحكي ويحكي ويحكي دون مقاطعة وليس في تلك القاعة من يمل وينظر إلى الساعة لأن كلماته كانت في مكانها وزمانها، كانت في محلها وعيناه كانت تبحث عن الرضا في وجوه المجتمعين والذين كانوا مسرورين من كل كلمة يقولها ووجه المدير كان على غير العادة، مبتسماً ومسروراً بكلمات ربما طالت شخصه ولكنه تقبلها بروح رياضية وبعد مرور ساعة على خطاب البطل، جلس وعيناه تنظران إلى تلك الساعة وتتأملان مرور ساعة من أقوى الساعات في حياته بينما انهمك المجتمعون بالتصفيق، تصفيق حاد، أعطاه شعوراً دافئاً لم يعتده، أعطاه إحساساً بأنه سيد الموقف، ولكنه طال.. طال كثيراً، وعاصم يسأل نفسه: (هلأ أنا ياترى بستحق كل هالتسفيق؟).. ماذا يحدث؟ خمس دقائق كاملة والجميع يصفقون ولكن صوت التصفيق كان يختلف شيئاً فشيئاً.. أصبح مزعجاً.. لأنه بات من جهة واحدة، من جهة المدير.. تصفيق مزعج.. وعلى حين غرة جاء صوت مرعب من المدير..

 

المدير: استاذ عاصم..

هب عاصم واقفاً وأجاب: نعم استاذ

المدير: تعبان شي؟

 

هنا استغرب عاصم هذا السؤال وسأل نفسه: شبو ليكون ما عجبو الشي اللي قلتو وبدو يتهمني إني مجنون؟

مرة أخرى نادى المدير لعاصم: استاذ عاصم.. أنا شايفك تعبان، فيك تروح ع البيت..

نظر عاصم في وجوه الحضور عله يجد من يخلصه من بطش هذا المدير الذي يتهمه بالتعب بمجرد أنه ألقى خطاباً كالذي ألقاه لكن الوجوه كانت مستاءة من عاصم وتوجه عينا عاصم نحو الساعة التي صعقت عاصم.. فالساعة تشير إلى التاسعة والنصف وهذا يعني أمراً واحداً هو أن عاصم غط في أحلام اليقظة أثناء خطاب المدير وظن أنه ألقى خطابه وبينما كان يفكر في هذا سأله المدير عن حاله: عاصم شبك عم تسمعني انت.. أكيد مالك مرضان؟

رد عاصم بصوت حاد: لأ استاذ مافيني شي..

 

المدير: بتحب تروح ولا منكمل الاجتماع؟

عاصم: طبعاً بدي كمل الاجتماع..

المدير: طيب شو رأيك بالمقترحات اللي قدمتها وشو رأيك بتعيين يوسف أمين سر الشركة؟

كلمات المدير تصفع عاصم على وجهه فينصرف ساكتاً وخيبة الأمل تلفه من كل جانب بينما كان أبو محمود ينتظره ليخبره بأن قرار فصله عن الشركة علق على لوحة الإعلانات بعد عقد الاجتماع مباشرة..

.......................................

 

ملاحظة: جميع الشخصيات من محض الخيال ومن وجد تشابهاً بينه وبين شخصية عاصم فليعلم أنه بحاجة إلى طبيب نفسي أو على الأقل ليعلم أنه أحد حجارة الشطرنج المتمركزين في الصف الأول وليترك الصف الثاني لغيره..

2011-05-27
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد