news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
لجان الإصلاح .. السوريون محكومون بالأمل ... بقلم : ثامر قرقوط

محكومون بالتفاؤل، والأمل، وبرغبة عارمة وشديدة، لإنجاز الإصلاح بمختلف مستوياته، وفي جميع القطاعات، ونبدي الحرص على أن تكون اللجان المُشكلة من رئاسة مجلس الوزراء بغية إنجاز مشروعات القوانين والقرارات المتعلقة بالإصلاح، قادرة على وضع المسودات والمقترحات المطلوبة منها، في الوقت المناسب، وأن تتم متابعتها، في مختلف خطواتها، وأن تبين في قرارات وتعاميم لها ماذا فعلت وأين تتجه؟ وبلا شك أن عدداً من أعضاء اللجان المشكلة يتميزون بقدرات، ومؤهلات كثيرة، يمكن الثقة بهم، وبما يمكن أن يقدموه.


هذا شكلاً، أما مضموناً فهناك الكثير من الملاحظات التي لا بد من ذكرها، تجاه عمل هذه اللجان، وتتعلق بتشكيلها، والتيارات الفكرية لأعضائها، والمشارب والمواقف المعروفة لدى بعضهم، من الإصلاح وغيره من الإجراءات الحكومية المطلوبة. لا سيما لجنة دراسة الواقع الاجتماعي والاقتصادي التي غاب عنها، عدد من الشخصيات التي يمكن أن تقدم مساهمات فعالة في هذا المجال، ونتساءل لماذا إصرار الحكومة على تمثيل الفعاليات الاقتصادية الخاصة في هذه اللجنة، وتغييب تيارات فكرية يسارية الاتجاه؟ وأين هي الشخصيات الإصلاحية المعروفة والمشهود لها بالكفاءة؟ فضلاً عن الأسماء التي كانت لها مساهمة فعالة وجوهرية في مشاريع ومسودات ومقترحات الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي التي طرحت سابقاً؟

 

يذكر الجميع، أنه في صيف 2002 قدمت حكومة مصطفى ميرو مشروعها للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، وطُلب من الإعلام يوم ذاك المساهمة في النقاش، وفتُحت الصفحات لبيان آراء المفكرين والمهتمين في هذا المجال، وبعد أشهر طويلة من تلقي المقترحات وتسجيل الملاحظات، شُكلت لجنة ثانية برئاسة الدكتور إلياس نجمة، لبلورة وصوغ المقترحات، وتقديم مسودة نهائية للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي.  

 

وقُسم المشروع يوم ذاك إلى مرحلتين، تنتهي الثانية منها مطلع ،2006 وتكون الحكومة بذلك قد أنجزت الإصلاح كما هو مقرر، وكما وعد المواطنون فيه.  وتجاهلت حكومة ميرو هذه اللجنة، وهذا ما فعلته حكومة ناجي عطري أيضاً. ولما أعدت الخطة الخمسية العاشرة، عُدَّت أنها برنامج إصلاحي بحد ذاتها، وتبين أن الحكومة التي تابعت تنفيذ الخطة وأشرفت عليها، لم تنجز الاصلاح المنشود. وها نحن أولاء اليوم نعيد القرارات السابقة بتشكيل اللجان، بهدف تقديم مقترحات للإصلاح، والانطلاق من نقطة الصفر، وتجاهل الجهود السابقة التي هُدرت، وكان نصيبها التجاهل المطلق.

 

إن الاقتصاد الوطني بحاجة ماسة إلى إصلاح يتغلغل في مفاصله، ويستطيع تخليصه من القيود التي تكبله، وتسهم في عرقلة عمله، سواء المتعلقة بالأنظمة والقوانين، أو تلك المتعلقة بالإدارات الحكومية، التي كان لبعضها السبق في تحويل القطاع الإنتاجي والإنشائي إلى قطاع عاطل عن العمل. وتحويل العامل من ثروة بشرية، إلى عمالة فائضة، وأحد أسباب تخسير القطاع العام الصناعي، وتكديس الإنتاج بالمستودعات، لأن الكلفة الإنتاجية تتجاوز الكلفة السوقية والسعرية لهذا المنتج في الأسواق المحلية والخارجية. كما أن الإصلاح الإداري الذي قيل فيه وعنه، مجلدات بأكملها، ونظمت من أجله محاضرات وندوات، لم يخطُ خطوات ملموسة ذات فاعلية وشأن، بل ما زال الروتين والعرقلة والبيروقراطية سمات عامة تتصف بها بيئة الأعمال في سورية.

 

مشكلتنا الدائمة هي مع اللجان التي تدرس وتقترح، ومن ثم لا أحد يأخذ برأيها، ويتجاهلون مقترحاتها، فاللجنة لا تملك أكثر من تقديم المقترحات بعد دراسة وتمحيص كبيرين، إلا أن التجربة المريرة للسوريين مع اللجان تثبت بما لا يدع مجالاً للشك، أن هذه اللجنة المكلفة بدراسة الواقع الاجتماعي والاقتصادي كغيرها من اللجان، التي ستنجز المطلوب منها، ويمكنها نفض الغبار عن ملفات ومقترحات لجان سابقة، منذ أكثر من عشر سنوات، لتخرج بما يلبي طموحات المواطنين في إطلاق قطار الإصلاح، والسؤال من يسمع ومن ينفذ؟ إنه السؤال الجوهري الذي يختزن في طياته مقترحات لجان عدة طالها النسيان.

 

حدد القرار مهمة اللجنة وما مطلوب منها، وهي دراسة الواقع الاجتماعي والاقتصادي وتحليل العوامل المؤثرة فيه والوقوف على الثغرات وتحديدها ومعرفة الفرص المتاحة ومواطن القوة في الاقتصاد السوري وتعزيزها، و دراسة البرامج والأنشطة التي من شانها استكمال عملية الإصلاح الاقتصادي وتطوير السياسات الاجتماعية،  واشترط عليها مدة شهرين لإنجاز المهام المنوطة بها، ولكن هل الأسماء الواردة في القرار قادرة على أن تنجز المطلوب؟ هنا لابد من الاتفاق على المطلوب، وماهية الإصلاح المرتجى، فاللجنة المشكلة بتوجهاتها الفكرية وطبيعة عملها، ومواقفها المعروفة نعتقد أنها ليست اللجنة التي كنا نبتغيها، أو نطمح إلى رؤيتها تعمل وتقدم أفكارها ورؤاها وبلورة مواقف محددة من الإصلاح الاقتصادي والإداري والوضع الاجتماعي.

 

إن الإصلاح ـ كما يقول الباحثون والمفكرون ـ يحتاج إلى مصلحين، وهذا ما يدفعنا مرة ثانية إلى التمسك بالأمل الجديد، لأن البدائل الأخرى أمام الاقتصاد الوطني قليلة جداً، ونبقى في حالة ترقب، عقب شهرين، لما ستقترحه اللجنة، التي نتمنى أن يحالفها الحظ، وتقدم ما يطمح إليه السوريون، من إصلاح ينقلهم إلى مرحلة جديدة، تفتح أمامهم أبواباً جديدة. فالواقع الاقتصادي معروف تماماً، ومثله الواقع الاجتماعي، ويبقى أن نعرف ما هو الواقع القادم اقتصادياً واجتماعياً؟

2011-06-06
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد