نوال
عندما أنهت ميرفت روي قصتها،لم أستطع أن أنطق حرفاً واحداً....إلا أن قلبي أصبح هائجاً كتلك الأمواج....وجوارحي اهتزت....يقطع حالة التأمل التي غرقت بها صوت والدتي تخبرني بانتهاء سهرتنا وضرورة ذهابنا للنوم،لا أستطيع أن أخفي أنني لم أستطع النوم في تلك الليلة،لأن ضربتان على الرأس في آن واحد ،شي صعب جداً؛
في هذه الحياة،تعرض كثير من الناس للظلم ،وقد عانوا الأمرّين ،أما أنا فقد قضيت الليل بطوله أفكر....أفكر بما سيحصل لي في المستقبل ،أمن الممكن أن أتعرض لهذا النوع من الظلم؟، في النهاية خطفني النوم إلى عالم الأحلام ،لأرى أشياءً وأشياء.....الجميل منها والسيء ،إلى أن أصبح الصباح وأيقظتني والدتي لأصلي صلاة الفجر.
هذا اليوم ....قضيته و أنا أفكر وأفكر،بمرفت...عائشة العجوز،كان لدي طرفان نقيضان في داخلي،طرف يحثني على الفرح والبحث عن المزيد من القصص حتى تزداد خبرتي في هذه الحياة القاسية،وطرف يخبرني بأن أشفق على قلبي من الحزن ،ولكني شعرت أن أعظم تجارة يقوم بها الإنسان هي مواساة أخيه الإنسان وإراحة قلبه بسجاياه النبيلة، فيبعد السقم عنه،مما جعلني أستقر على الطرف الأول؛
كنت في شوق كبير لسهرة هذا اليوم ......تحت ضوء القمر،وأمام أمواج البحر العظيمة فهي ملهمة الأدباء...ومعلمة الفنانين،ومما زاد شوقي لهذه السهرة وعد امرأة عجوز لي بروي قصتها بعد أن عرفت بأمر موهبتي بالكتابة، وتلك الليلة اجتمعت النسوة،وتعالت همساتهن عند تجاذبهن أطراف الحديث،إلى أن بدأت تلك العجوز بروي قصتها،لقد كانت ملامح القسوة تبدو على وجهها،وفي عينيها شيء من الكره والحقد المجهول السبب!!
وقد بدا أن ذكرياتها ما زالت تتراءى أمام عينيها،تلك الذكريات التي تعيش في خيالها،وتناجي نفسها،وعندما بدأت بسرد قصتها،قالت عدة كلمات، تعجب منهما الجميع،وجحظت أعين النسوة،لسماع كلماتها........((أنا حقيرة.....لأنه ما سامحتها ،صحي عمري 65 سنة لكن بعمري ما رح سامحها))، عندها ارتفعت أصوات النسوة المتسائلات عن هوية تلك المرأة ،وأخذن يسألن بتعجب :"من هي!؟".
لم تجب ....ولم تنظر أو تلتفت لأي واحدة منهن،بل تابعت الحديث ناظرة إلى المجهول،إلى أن اختفت تلك الأصوات بهدف سماع تكملة القصة......((كنت عمري 14 سنة ،متل الوردة ما بفهم شي من الدنيا،غير أني طعمي أخواتي وأهتم فيهم،شغل البيت من طبخ ونفخ وغسيل....كنت لما أوصل عالفرشة نام مثل القتيلة...ما حس على شي غير على نكش أمي ألي برجلها.....مشان فيق،وبيدا النهار مثل ما بينتي ،قتلة الصبح وقتلة عشية ....شي من أمي ،وشي من أبي ،وحتى من أخي يللي يكبرني بسنتين ...
وإذ حدث شي غريب ....كنا عم نبلط البيت و الصنايعية فايتين طالعين علينا،أنا على طول كنت محبوسة بهالغرفة مع أخواتي،ما أطلع منها غير لما تندهلي أمي لأعمل الشاي والقهوة للصنايعية وهي تقدملهم ياها،وبعد كم يوم ....سمعت أمي عم تقول لأبي أنه جاييني خطابين ،مين ما مين؟؟؟ قال اسمه فؤاد وهو واحد من الصنايعية يلي كانوا عم يساووا بلاط بيتنا.
وبلا طول سيرة عليكم،خطبني و تزوجته بعد شهر ومشي حالي،وقتها...سكنت ببيت أهلي بغرفة عالأسطوح،لأنه هو ما كان عنده بيت،وفؤاد بقى كان شب مجذب ،طويل طويل،شعراته سبلين،وشرطة هالعين يلي عليه بتدبح دبح،الأناقة عم تشر منه شر،و ريحة الكولونيا تفوح من أول الحارة لما يفوت عليها....أنا كنت مو عاطية فرحتي لحدا...قلت بخلص من ظلم أهلي ألي،وبيقولوا هالبنت تجوزت وبيحلوا عني،بس يا حسرتي على حالي....لأنه ما خلصت من العذاب إلا أجاني عذاب أكبر،يعني على قولة المثل قمت من تحت الدلف قعدت تحت المزراب،رح قلكم ليش.....
اكتشفت انه فؤاد ما يحبني ...بيحب وحدة ثانية....وكان يخونني معها....كنت أنا مجرد جسر يدعس عليه ليوصلها....ليوصل لأمي،بعرف بدكم تسألوني كيف عرفت،عيونكم هيك عم تحكي،أبي كان يروح عالشغل بكير من صلاة الصبح وما يرجع لآخر الليل،لأنه كان يلعب قمار مع رفقاته...أصلا هو كان عايش بدنيا وأمي بدنيا،ولا كانوا يطيقوا بعض،وبعد عشر أيام من عرسي ،ما بعرف شو يلي فيقني بكير....نظرت جنبي..ما لقيت فؤاد، قلت لحالي ليكون فيه شي،طلعت من غرفتي لشوف وينه....ولا بشوف هديك الشوفة....لقيته بتخت أبي ...مع أمي ...أييييييي مع أمي.
كان منظر ما بنساه بحياتي،تفاجئت وارتبط لساني،حسيت أنه سكين عم تقطع بقلبي ،كنت رح جن،ما قدرت أحكي شي...هي أمي....تكرر هالمشهد يلي شفته عدة مرات....وبكل مرة كنت أطلع على غرفتي وطق بكي.
والأنكح من هيك أنه جوزي كان يطلع ،ويعانقني ويقلي بحبك يا نوال،بموت فيك ، و بدي أبقى عايش معك طول عمري...وأنا من حبي أله أرجع صدقه ،بعدين صرت فكر ...لمين بدي احكي همي وغمي؟؟ لمين بدي فش قلبي؟؟ما لقيت غير ستي أم أمي ،رحت فشيت لها قلبي،ما صدقتني أول شي ،قلتلها منشان الله يا ستي لا تقولي لأمي ولا لفؤاد،لأنه إذا عرفوا أنه أنا بعرف رح يطلقوني منه ....
و أنا بحبه ما بقدر عيش بلاه،ولأنه ستي ما كانت مصدقتني...قررت تنام عندنا لتتأكد بذاتها...وقتها نامت بغرفة القعدة،فؤاد وقتها يمكن خاف لتقوم تشوفه ستي مع أمي،قام ما نزل لعندها،بس أمي ما قدرت تقاوم،طلعت لعندنا على باب الغرفة،ودقت الباب وندهت :"يا فؤااااااد....تعا.....عاوزتك..."،سمعت ستي الصوت وتسحبت شوي شوي وقفت بسفل الدرج وشافت أمي وفؤاد عم يبوسوا بعض ....وقتها ستي علت صوتها وقالت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم....الله يغضب عليك يا فهميه...الله يسود وشك يا حق،ما بتخافي ربك؟؟لك هاد جوز بنتك ،أنتي مثل أمه،ووقتها ستي تنحت وقالت أنه أنا وفؤاد لازم نطلع من بيت أهلي ونسكن ببيت لحالنا......
يتبع مع نوال في نساء يعاتبن القدر.....
Little princess