news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
أنا هويت وانتهيت ... بقلم : أسماء أكتع

"أنا هويت وانتهيت  وليه بقى لوم العذول... يحب أني أقول ياريت الحب ده عني يزول ....ما دمت أنا بهجره ارتضيت خلي بقى اللي يقول يقول .... أنا وحبيبي في الغرام ما فيش كده ولا في المنام... أحبه حتى في الخصام وبعده عني يا ناس حرام... مادمت أنا بهجره ارتضيت مني على الدنيا السلام..."


خمس وعشرون عاماً...لم تكن كفيلة بأن تنسي ذلك العاشق الولهان  محبوبته التي سكنت أحشاءه،واستعمرت قلبه ، فقد كانت تلك الزهرة المخمليّة  التي تعطر حياته بأروع العطور، كانت تلك الرواية التي لم يمل من قراءتها قط!! ، كانت تلك المحيطات التي لم ينته من استكشافها بعد !.

 

أحبها... بل عشقها... بل كانت أقرب لمعبود له... " آمال" كان اسمها ، فقد زرعت الأمل به ،وجعلت من دنياه دنيا ورديّة اللون ، تملؤها السعادة والحب والأمان ، كانت ابنة عمه... أحبّا بعضهما حتى صارا كأنهما روحان في جسد واحد ، لكن القدر... وآآآه من القدر... لما فعل بمأمون وآمال ما فعل...

 

فبعد قصة حبّ عظيمة ، تكللت بالخطوبة... وفي ليلة الزفاف ، كانت الزغاريد تعمّ أنحاء المنزل، والفرحة تغمر قلبيهما الخافقين ، الذين يقولان بكل نبضة من نبضاتهما... أحبك... أحبك...

 

لم يستطع أن ينسى مظهرها في ثوب الزفاف الأبيض ،وهي ترقص بكامل بهائها وروعتها ،كياسمينة دمشقية بيضاء...تنبعث منها أروع الروائح وأبهاها....

 

وعند انتهاء حفلة الزفاف ...استقلا سيّارتهما... المزيّنة بالزنابق  والأزهار الجوريّة ، وهنا لعب القدر لعبة الغدر... فقد اصطدمت سيارة العروسين بسيارة شحن كبيرة... لم يفق مأمون من إغمائه إلا في المستشفى ،حيث كان أول اسم ينطقه  بلسانه "آمال " ،  ولكن للأسف أخبروه أن آمال  في العناية المشددة ، فانتفض رغم آلامه وجرحه الغائرة ،وأخذ يجري راكضاً في ردهات  المشفى، بحثاً عن آمال... ويصرخ بأعلى صوته :" آماااااااااااال " وعندما وصل إلى غرفة العناية المشددة ، رأى الطبيب ، فأصبح يقول بلهفة وتوتر :" كيف يمكنني أن أساعد...أرجوك ...أخبرني... يجب أن تبقى آمال على قيد الحياة" ، لكن الطبيب لم يتفوه  للعريس المفجوع بعروسه  ببنت شفة...  إلى أن قال :" ولله البقاء يا بني" ...

 

جحظت عيناه، وصرخ صرخة ألم ...صرخة الأم الثكلى ...صرخة الطفل الضال عن والدته... وخرج هائماً على وجهه يمشي في الطرقات دونما وعي أو إرادة... لم يعد إلى منزله يوماً... فقد صار هزيلاً،مسلوب القوى، والإرادة والعقل... لقد كانت ذكرى آمال تحيا معه  دائماً وأبداً ...حتى أن  الدموع حفرت  مجرى على خدّيه  كما يحفر السيل الوديان والأخاديد بين الجبال... كان دائماً يسمع أغاني أم كلثوم ويمشي في الطرقات باكياً... إلى أن علم جميع أهالي حيّه بمأساته،وأصبحت قصته تتناقل من شخص إلى آخر،ليمسي مثالاً لكل عاشق... لم يزعج أحداً قط.. وقد كانوا يمدونه بالأبيال الكهربائيّة "البطاريات"،كلما انخفض صوت المسجّل،ظنّاً منهم بأنهم سيخففون معاناته... لقد كان دائم البكاء...إلا أن لحظات سعادته الوحيدة... هي تلك اللحظات التي يرى فيها عاشقين يمشيان بسعادة ...فيدنو منهما ببطء ،يمعن النظر بهما...و يبتسم  ابتسامة ممزوجة بين الحزن والفرح... ثم يكمل سيره على غير هدى مردداً عبارة :" أنا هويت...وانتهيت"....

 

أعزائي القراء ...إذا كنتم من محبي المشي في أحياء دمشق القديمة بشكل عام... وفي حي العمارة جانب مقهى النوفرة بشكل خاص...لا بد لكم أن تلتقوا بمأمون ... مرتدياً بذلة زفافه المهترئة ،وكله أمل بأن يلتقي آمال...

                                                                             Little princess              

2011-06-30
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد