news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
تفسير الأحداث الجارية في سورية (1) ...بقلم : نصر زينو

الفصل الأول : بيت القصيد في التفسير


أولاً: طالما أن سوريا أعلنت منذ عام /1970/ أن النضال المرحلي للأمة العربية، هو تحرير الأراضي العربية المحتلة في عدوان 5 حزيران 1967، واسترجاع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بما فيها إقامة دولته المستقلة ذات السيادة، على تراب وطنه المحرر وعاصمتها القدس الشريفة.

 

ثانياً: والتزاماً بهذا الإعلان، ذهبت سوريا صادقة وجادة ومسؤولة إلى مؤتمر مدريد للسلام، بعد أن  لعبت دوراً بارزاً وفعالاً في إنجاز انعقاده، الذي تم في عام 1991 تحت شعار إقامة السلام العادل والشامل وإحقاق الحقوق المشروعة للجميع، وضمان السلم والأمن والاستقرار لجميع دول المنطقة بما فيها إسرائيل، وفق القرارات الدولية ذات الصلة، 242ـ338ـ194... الخ بإشراف دولي مسؤول لتأمين استمراره، وضمان تنفيذ مقرراته لاحقاً.

 

ثالثاً: واستناداً لمرجعية مؤتمر مدريد هذا وحيثياته، وتنفيذاً لما التزم به المؤتمرون، هنا خاضت سوريا مع إسرائيل مفاوضات شاقة ومضنية، مسؤولة ومثمرة، مستمرة بتصميم وإصرار على تحقيق ما يجب تحقيقه وتمكنتا من انجاز 80% من اتفاقية السلام المطلوبة، ولكن إسرائيل بعد وفاة رئيس وزرائها رابين، قلبت الطاولة، وتوقفت المفاوضات عند هذا الحد...، ولا تزال وديعة رابين، لدى الولايات المتحدة الأمريكية التي تنص على استعداد إسرائيل للانسحاب الكامل من الجولان إلى حدود الرابع من حزيران، مقابل السلام الكامل معها، بما فيها إقامة العلاقات الطبيعية معها أيضاً.

 

رابعاً: وطالما أن العرب وعبر مؤتمر القمة العربية التي انعقدت في بيروت عام 2002، قد أعلنوا عن مبادرتهم التي عُرفت بمبادرة السلام العربية، والتي تنص على انسحاب إسرائيل الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة إلى حدود الرابع من حزيران 1967، وإعطاء الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وعودة اللاجئين، مقابل السلام الكامل مع إسرائيل واعتراف جميع الدول العربية بها، وإقامة علاقات طبيعية معها تنفيذاً أميناً لقرارهم السابق القاضي بأن السلام هو الخيار الاستراتيجي الواحد والوحيد، الذي لا يزال الالتزام به مستمراً حتى الآن...، والذي ألغى بالتالي جميع الخيارات الأخرى، مما شجع إسرائيل على التصرف مع هؤلاء العرب، بغطرسة وعدوانية وفجور سياسي وعسكري، لإيمانها المطلق، بأن العرب لن يستخدموا شيئاً يؤذيها أو يهددها لا اقتصادياً ولا عسكرياً ولا حتى سياسياً بالمطلق.

 

وهذا كان خطأ استراتيجياً فادحاً ارتكبه العرب بحق أنفسهم، عندما أغلقوا الأبواب على أنفسهم، بهذا الخيار الوحيد، الملتزمين به التزاماً مطلقاً فأعفوا بذلك أنفسهم من تبعية كل شيء ... لكن سوريا ومع التزامها بأن السلام خيارها استراتيجي،  فقد وجدت خياراً آخر والتزمت به، وعملت عليه جدياً وبقوة وإيمان راسخ بنجاعته وفعاليته، وهو خيار المقاومة بكل أنواعها وأشكالها، وتحقق نصر المقاومة في لبنان على إسرائيل عام 2000و2006 ونصر المقاومة الفلسطينية في غزة 2009 وانتصار المقاومة العراقية بإجبارها أمريكا على الرحيل أيضاً.

 

خامساً: وطالما قامت سورية، برعاية تركية نزيهة ومستقلة، بإجراء مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل، بكل أمانة وجدية ومسؤولية، لكن إسرائيل تمادت في غيّها بالعدوان الغاشم والمدمر والعنصري والوحشي غير المسبوق على قطاع غزة، أوقف المفاوضات، وعدوانها على قافلة الحرية والسلام، لفك الحصار عن غزة وقتل /9/ من المواطنين الأتراك على الباخرة ( مرمرة ) الأبرياء والعزل، جعل تركيا في موقف غير متعاون مع إسرائيل أيضاً، ولا تزال كل مساعي السلام على كافة المحاور مجمدة، إلى أن يحدث ما يمكن، أن يحدث مستقبلاً، لتغيير هذه الحالة...

 

وطالما الدول العربية لا تزال متمسكة بخيارها الاستراتيجي الوحيد للسلام ومتمسكة أيضاً بمبادرتها المعروفة بالمبادرة العربية للسلام ... فما الجديد الذي جد؟! وما هو المبرر؟ وما هو الدافع؟ وما هو الهدف من إعلان أمريكا والغرب وإسرائيل وللآسف بعض العرب الحرب العالمية الثالثة، بكل معنى الكلمة على سوريا ؟! لتدميرها كدولة وتمزيقها ككيان، وإلغاء دورها المحوري في الحرب والسلام، وتشويه صورتها العربية المشرقة، كما فعلت في الصومال والعراق سابقاً، وما تفعله باليمن وليبيا الآن، وما سعت إليه ولا تزال في لبنان بقدر ما تملك هذه الدول من وسائل التضليل والخداع والتزوير وقلب الحقائق والوقائع، حرب حقيقية شاملة نفسية وعسكرية واقتصادية ومعلوماتية، تنفذ بكل الوسائل التي توصلت إليها الثورة الرقمية من ابتكارات وانجازات مذهلة، في هذه الحرب العدوانية الظالمة والقذرة ..... 

 

والجواب على هذا السؤال، هو بيت القصيد في هذه العجالة والقول الفصل ألا وهو إجماع  على ما رأى المفكرين والخبراء الإستراتيجيين اليهود الصهاينة، والمتصهينين مسيحيين كانوا أم عرباً أنذالاً متخاذلين الحريصون جميعاً على وجود إسرائيل وأمنها وسلامتها واستمرارها ...،أجمعوا على أن الخطر الداهم الذي يهدد هذا الوجود، هو خطر حقيقي وموضوعي في الواقع، وليس خطباً رنانة وشعارات جوفاء، ولقد استشعر هؤلاء وسكان إسرائيل أيضاً، بهذا الخطر منذ هزيمة الجيش الإسرائيلي في لبنان، وخروجه مذلاً بامتياز، وتاليها فشله الكبير والمدوي في عدوان تموز 2006، الذي أفقده هيبته وقدرته على الردع، التي كانت هائلة جداً، وأكدتها هزيمته في قطاع غزة بعد استخدام كل وسائل التدمير والقتل العشوائي والأسلحة المحظورة، كما سنأتي على ذكره. 

 

فقد أجمع هؤلاء أيضاً ولا نكرر هنا إلا لتثبيت المعلومة والفائدة منها بأن الصراع العربي لإسرائيل في المنطقة، يمكن أن يتحول كما ذكرنا بسرعة فائقة من صراع على الحدود إلى صراع على الوجود، فأغلب الساسة والمثقفين والمفكرين في إسرائيل وأصدقائها، يعتبرون أن احتمال زوال إسرائيل ككيان عنصري من الوجود ( أبارتيد )، أصبح وارداً جداً خاصة، بعد تآكل قدرة الردع الإسرائيلية، والإحباط الذي يخيم على سكانها، لا بل والخوف المهيمن عليهم، من حرب حقيقية مقبلة، قد تسبب في احتمال نزوحهم الجماعي أو بالأصح الهروب الجماعي الفوضوي المرعب كما جرى للفلسطينيين عام /1948/ على أيدي هؤلاء الغزاة المتوحشين والمتعطشين للدماء، كهجرة معاكسة قسرية، إلى أوطانهم الأصلية التي جاءوا منها أو إلى حيث ما يشاؤون في هذا العالم، لذلك قد يفكرون بالهجرة الإيرادية الهادئة من الآن، قبل أن يجبرون على غيرها كما هو متوقع، وخاصة بعد هزائم إسرائيل الحقيقية في لبنان عام 2000 وعام 2006 كذلك في فشلها على غزة عام 2009 رغم حصارها الوحشي الشديد عليها ولأكثر من أربع سنوات والذي بدأ يتداعي وينهار بقوة الشعب ومقاومته وأحرار العالم، وبالأخص ما جرى من تحول في إحياء ذكرى النكبة 15 أيار 1948 وذكرى النكسة في 5 حزيران 1967 من البكاء على الأطلال إلى موقف وطني استراتيجي وجذري وعملي وتصميم يعبر عن إيمان عميق باقتراب موعد الزحف المقدس اقتحام عبر عن الحدود والعودة إلى ارض الجدود، والذي جرى في هاتين المناسبتين على الحدود اللبنانية الفلسطينية وعلى حدود الجولان المحتل، أذهل العالم وأرعب إسرائيل جدياً بأن يتكرر المشهد وبتصميم اكبر وهدير أعظم، وعزيمة أقوى على العودة إلى ديارهم ومنازلهم وبياراتهم وقدسهم وبيت لحم وحيفا ويافا وعكا....، وإطلاق النار على السلميين العزل وقتلت من قتلت بدم بارد وعلى مرآى ومسمع العالم السافل هذا دليل قاطع على مدى الزلزال الذي أصابها ... وما المناورات الأخيرة المناسبة للجيش الإسرائيلي والتي شملت الجبهات الأربع والداخل الإسرائيلي إلا دليل أخر على شدة الرعب الذي تعاني منه أيضاً.

 

أقول وليصدقني العالم أو لا يصدق والتفسير الوحيد الأكيد لهذه الحرب المجنونة العنصرية الشرسة والظالمة، على سوريا، هو منع حدوث ما يتخوف الغرب وإسرائيل وحلفائها من حدوثه، ألا وهو احتمال زوال إسرائيل من الوجود، لذلك جرى التركيز على سوريا كونها حجر الرحى في القضية، وبزوالها تزال كل احتمالات الصراع على وجود إسرائيل وبقائها واستمرار المشروع الصهيوني بقوة ونفوذ اكبر وسيطرة وهيمنة على المنطقة ودولها الشراذم أكيداً لذلك كانت شروط الغرب، أن تفك سوريا ارتباطها مع إيران وتتخلى عن دعم المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق. فتكون في أمن واستقرار لا بل ازدهار ورفاه ... وهذا دليل آخر على ما قلت إذن المعادلة بطرفيها المتناقضين تناقضاً وجودياً، يخوضان صراعاً حقيقياً ومصيرياً للبقاء والاستمرار .

 

فأما سورية والمقاومات والعرب الإسلام، وأما إسرائيل، فأحدهما يجب أن يزول من الوجود، ولا بد انه زائل، وهو الكيان الإسرائيلي هنا، كما تشير الدلائل والوقائع والحقائق، فهي زائلة زائلة بإذن الله ... فيا عرب كل العرب، ويا مسلمين كل المسلمين، ويا أحرار العالم، كل العالم، قفوا مع سوريا الصمود والتصدي، سوريا الوطنية والقومية العربية، سوريا العز والشموخ، سوريا ضمانكم في الحياة الحرة الكريمة في أوطانكم، فهبوا لنجدتها بكل ما لديكم، وبذلك تخدمون أنفسكم وأوطانكم وشعوبكم، وسوريا الوطن العزيز، سوريا الشعب الأبي، سوريا العروبة والإسلام والقومية، سوريا المحبة والتسامح، سوريا المستقبل المشرق سوريا الأسد.

 

2011-07-18
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد