news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
آلية التوظيف في القطاع الحكومي و غياب العدالة ... بقلم : نزار علي

آلية توظيف العاملين في القطاع الحكومي  في سورية تعتبر فريدة من نوعها عالميا من حيث الغموض و هذه الآلية تعتبر من أهم الأسباب التي أدت إلى الإحباط و التذمر و الشعور بالغبن لدى طالبي العمل ( الشباب ) بغض النظر عن أثارها المدمرة فهي مصممة بحيث تكون هذه الآلية في التوظيف محتملة التلاعب و تؤدي كل مرة لدخول أشخاص بعضهم محسوبين على أشخاص متنفذين في داخل الجهاز الحكومي للدولة و هذا معناه أن هؤلاء الأشخاص الذين يتم توظيفهم بهذه الطريقة  ولائهم في وظائفهم ( للمحسوبيات ) التي  نفذوا من خلالها لقطاع الدولة و بالتالي كيف يمكن أن نتوقع جهاز حكومي  فعال إذا كان قسم ليس بقليل من الموظفين لا يتم تعيينهم فيه إلا بعد أن يوقعوا ضمنيا موافقتهم على تحولهم إلى فاسدين في أي لحظة يطلب منهم ذالك ؟ و غالبا ما تكون هذه اللحظة غير بعيدة .


ويكتسب الفساد في التوظيف الحكومي في سورية بالتحديد أهمية بالغة و السبب في ذالك يعود إلى أن (كما أشرت في مقالة سابقة ) القطاع العام في سورية يهيمن على الحياة الاقتصادية بشكل واسع النطاق نسبيا فالدولة في سورية ليست مهمتها فقط الأمن و الدفاع و تنظيم أمور المواطنين و الإدارة .. بل أيضا مهمتها تخطيط الاقتصاد والمجتمع وتنفيذ هذه الخطط ومهتما أيضا الإنتاج أو على الأقل جزء هام من الإنتاج            ( مفهوم الدولة المنتجة ) فالعاملون في الدولة يشكلون جزءاً كبيراً من القوى العاملة في البلاد و وهم عملياً مشرفي العملية الاقتصادية والإدارية و الاجتماعية في البلاد.

 

عندما تنتشر المحسوبيات في التوظيف يؤدي ذالك إلى عدة تداعيات خطيرة جداً على الاقتصاد و المجتمع .. يؤدي ذالك إلى ضياع عامل الثقة بين المواطن و الدولة و خصوصاً بين الشباب و الدولة بسبب انعدام الشعور بالعدالة بالإضافة لذالك تؤدي إلى وجود مناطق نفوذ ضمن الجهاز الحكومي لأن الشخص الذي سيدخل منتدى الوظائف الحكومية بهذا الشكل سيكون ولاؤه للشخص المسؤول عن إدخاله . أما من الناحية الاقتصادية فتؤدي هذه العملية إلى توظيف أشخاص أقل كفاءة من الأشخاص الذين كان من المفترض توظيفهم.

 

بالرغم من ذالك و بالرغم من  فظاعة هذه العملية (محسوبيات التعيين) لا نستطيع أن نحمل الأشخاص مسؤولية ذالك و إنما نحمل الآلية ... آلية التوظيف المسؤولية بالدرجة الأولى ( القانون 50 لعام  2004 القانون الأساسي للعاملين في الدولة) و تأتي في الدرجة الثانية مسؤولية الأشخاص ...  و لكي نشرح نقاط الضعف في آلية التوظيف لنأخذ مثالاً من الواقع العملي لمسابقة تعيين موظفين من الفئة الأولى.مثالاُ جارياً الآن و هو  مسابقة المصرف المركزي لتعيين رؤساء شعب و لكي لا نستبق الأحداث  .. فلا نريد أن نحكم على النوايا و لكننا سنحكم على نقاط الضعف الهائلة لهذه المسابقة و ما سبقها من مسابقات. نستطيع أن نقول من الآن أنها ليست مسابقة شفافة و لا تعتمد الشفافية أو الإفصاح أو العدالة منهجاً لأنه حتى نقول أنها مسابقة شفافة و عادلة يجب أن تراعي الشروط التالية بالإضافة لمراعاتها شروط القانون 50 للعاملين في الدولة الذي يعاني من فجوات و نقاط ضعف هائلة .

 

1-      يجب الإعلان عن عدد الشواغر بدقة في كل محافظة ( وهذا الإعلان لم يصدر و لن يصدر )

2-      يجب أن يتم وضع الأسئلة من قبل جهة ثانية ليس لها علاقة بالمصرف المذكور نهائياُ و لتكن هذه الجهة ( جامعة دمشق مثلا

3-      يجب تصحيح الامتحان من قبل جهة ثالثة و لتكن الجمعية العلمية للمعلوماتية

4-      عند الإعلان عن النتائج و تثقيل معدل التخرج يجب أن يتم التصريح عن معدل تخرج كل متسابق .

 

5-      إلغاء المقابلة الشفهية من قبل الجهة التي تطلب التوظيف و إجراءها من قبل جهة أخرى.

6-      أن يتم التعيين وفق تسلسل النجاح و في كل محافظة على حدا و بما يتناسب مع عدد الشواغر المصرح عنها بالضبط و بشكل أوتوماتيكي.

7-      عند الانتهاء من التعيين يجب الإفصاح عن جميع الذين تم تعيينهم أول بأول للجمهور و للصحافة و المهتمين.

  

عندما تراعي المسابقة هذه الشروط نستطيع أن نقول أن المصرف المركزي يبحث عن الكفاءة و العدالة في التعيين ولكن على الأغلب لن يقوم المصرف المذكور بذالك و السؤال لماذا لا يقوم بذالك ؟ هل هي شروط صعبة ؟ هل فيها شيء لا منطقي؟ هل هذه الشروط من الصعوبة أنها تشكل عبئا على موارد الدولة ؟,الجواب هو  كلا, لا يحتاج الأمر لكثير من التفكير لمعرفة السبب .

 

شيء آخر لماذا لا يتم تعديل القانون الأساسي للعاملين في الدولة بشكل يراعي هذه الشروط ؟

و بالرجوع إلى بعض الأمثلة التاريخية التي تؤكد فشل هذا القانون في تطبيق العدالة في التعيين أو مبدأ  تكافؤ الفرص نجد مثلا مسابقة أحد مصارف القطاع الحكومي عام 2007 التي نجح فيها اثنان من أصل 6000 متسابق ..اتضح فيما بعد أنه كان المطلوب توظيف شخصين و بالتالي اضطر المصرف المذكور لإجراء مسابقة و ( جرجر ) 6000 متسابق للتسجيل و الامتحانات كرمى عيون هاذين الشخصين.

 

مثال آخر مسابقة وزارة الخارجية لتعيين دبلوماسيين عام 2010 و التي لم ينجح فيها أي متسابق  !!! و السؤال هنا كيف تم ملئ الشواغر في وزارة الخارجية ؟

و كذالك مسابقة وزارة المالية لعام 2009 و التي شهدت الكثير من التلاعب ....

 

و الجدير بالذكر و الحق يقال أن وزارة التربية هي الوزارة الوحيدة التي اتبعت مبدأ الشفافية و العدالة في التعيين و طبقت مبدأ تكافؤ الفرص  أما باقي الوزارات و الجهات للأسف لم تنتهج نهج وزارة التربية .

 

أسئلة استفهام ضخمة و غموض كبير يلف كل عملية توظيف في القطاع الحكومي السوري ..إلى متى ؟

2011-08-01
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد