news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
ثقافة الحوار ... بقلم : عدنان كامل شمالي

عندما نتفق حول جميع المسائل يكون الأمر غير طبيعي .  بل يكون شاذاً .


فالاختلاف في الرأي والفكر, وتعدد وجهات النظر إزاء بعض المسائل والقضايا. تلك هي الحالة الطبيعية .

إن اختلاف البيئة والثقافة والتربية والمخزون الفكري والمصلحة كلها عوامل تؤدي إلى تعدد الآراء .  وبالتالي فوجود رأي موحد في دولة ما حول جميع المسائل يعني بالضرورة إن الحاكم طاغية ومستبد .

 

لم يخلق الله حتى اليوم نسختان من أي مخلوق ,  ثم إن التطور الحضاري بما فيه الفكري  والاقتصادي والعلمي يستلزم أيضا وجود اختلاف وتنوع  حيث إن الثبات في المواقف والآراء يحجب التفكير و يؤدي إلى جمود على كافة المستويات.

إن جوهر الحياة بحد ذاته يقوم على التناقض والتضاد والاختلاف فمقابل الشر هناك الخير ومقابل الصالح طالح ومقابل الليل نهار ومقابل السالب موجب

من هنا ندرك أن الاختلاف والتنوع هو الحالة الطبيعية الضرورية لاستقامة الكون فلولا الموت لم تعرف الحياة.

المرأة والرجل مخلوقين مختلفين ولولا اختلافهما ما وجد الإنسان.

 

من يستطيع أن يقول إن أحدهما أهم من الآخر من اجل استمرارية الحياة ؟.

من يستطيع أن يقول إن احدهما أفضل من الآخر ؟.

يقتضي العقل أن نقبل الرأي الأخر.  أمّا التشبث بالرأي والمغالاة بالدفاع عن وجهة نظرنا باعتبارها الأفضل والأكمل والتي لا تشوبها شائبة هو محض الخطأ.

ومن الخطأ الفادح أيضا أن نجعل الآخرين يتبنون رأينا ونجعلهم يفكرون بنفس الطريقة التي نحن نفكر بها إن تعدد الآراء يؤدي بالضرورة إلى الإقلال من الوقوع بالخطأ .

من عاداتنا إننا لا نتقبل النقد ولا نقبل الرأي المخالف ونعتبره ينبع من موقف معادي تعوّدنا أن يعتبر كل منا نفسه نقطة المبدأ في محور العالم.

 

تعوّدنا على أن لا نتعامل بلغة الحوار فكلما تحاورنا تعمقت خلافاتنا , وينطبق هذا على كافة المستويات من مجلس الأسرة وحتى مجلس القمة العربية ومن كثرة ما اختلفوا في السابق أصبحنا نتمنى ألا يجتمعوا حفاظا على مصلحة الشعب العربي

تستدعي ثقافة الحوار الاعتراف بالرأي الآخر كقيمة ذات أهمية , تستدعي الاعتراف بالأخطاء إن وجدت والتراجع عنها تقتضي منا حين نجلس على طاولة الحوار قبول النقد.

 فهل تعودنا ذلك ؟ . أبداً .

 

العبارات الوحيدة التي نريدها من الآخرين عبارات المديح والإطراء وحتى حين ننقد ذاتنا نمتدح أنفسنا فيقول الناقد نفسه مثلا أن من أكبر أخطائه الثقة بالآخرين  أو التسامح المفرط مع الناس أو الاستهتار بالمال أو الضعف أمام حاجات الناس...

حين تتكشف أخطائنا نجد الأعذار والمبررات والشماعات وحتى كبش الفداء.

حين نجلس للحوار نضع خطوط حمر عند أفكارنا وقناعاتنا وآرائنا  .

نتناقش وفي ذهن الجميع أنهم على صواب وإن الآخرين هم المخطئين

 

وعليهم أن يقيّموا خطوطهم بمسطرتنا وكذلك الآخرين يريدون منا أن نزين بميزانهم ونقيس بمقياسهم وكل ما نفعله خطأ وما يرونه عين الصواب , حين نتناقش يعلو صراخنا وقد نتشابك بالأيدي ونتضارب بالكراسي والأحذية.

في بيتنا نمارس عقلية ( سي السيد ) وكذلك نمارسها في محيطنا وعلى مرؤوسينا 

الجلوس على طاولة الحوار يعني الانفتاح على الآخر وعليه أن ينفتح علينا .

بالحوار نحلل رأيه فنستخلص ما هو ايجابي لنتبناه وما هو سلبي فنناقشه ونبين عيوبه ومساوئه وعليه هو أيضا أن يعاملنا بالمثل.

ليس كل ما نقوله جيد وليس كل ما نسمعه رديء.

 

وليس كل ما نقدمه شهيا وليس كل ما يقدمونه فاسد.

لنخلط حصادنا مع حصاد الآخرين ثم لننتقي معا البذور الطيبة مؤونة للغد والمستقبل .

اليوم نحن مدعوون في سوريا لأن نتحاور.

وقبل أن نتحاور علينا أن نمتلك ثقافة الحوار ولأن الوطن مستهدف. لأن المواطن مستهدفا لأن الوحدة والتراب والأمن والكرامة جميعهم مستهدفون علينا أن نستحوذ هذه الثقافة وان نتحدث بلغتها ونسير بهداها ونعمل لتكريسها.

 

وسوف لن يضنينا الجهد لأننا سليل حضارة عريقة  ووريث شعوب عظام .

إذا لم تتلاقى العيون وتتشابك الأيدي فلن تزهر شجرة نسقيها جميعنا من عرق جبيننا ومن دماء قلوبنا

هذه الشجرة لنا جميعا. من ثمارها نأكل .وبأغصانها نتفيأ   .

 

2011-08-08
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد