news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
ملف حزب البعث العربي الاشتراكي القسم الخامس: الحزب القائد والحزب الحاكم وما بينهما، والاقتراحات ... بقلم : نصر زينو

 بعض الملاحظات والمقترحات حول علاقة الحزب بالسلطة وبالجماهير الشعبية


أولاً: استند الحزب في مسيرته الثورية، إلى بعض المنطلقات النظرية، والتي أقرها المؤتمر القومي السادس للحزب عام 1963. كمرجع فكري أساسي له، في ممارسته لدوره في قيادة السلطة والمجتمع، والذي ميز نظرياً بين مفهوم الحزب القائد، والحزب الحاكم، فالحزب القائد هو الذي يقود السلطة عبر التخطيط والتوجيه والمراقبة والتقييم، وبالتالي التغيير والتطوير، والارتقاء بعمل السلطة إلى الأفضل، وهذا يعني الإشراف المباشر على أداء السلطة بكل مفاصلها دون الخوض بمشكلاتها التفصيلية الجارية، ودون الانغماس في سير عملها التنفيذي، حتى لا يضيع في تيهها، ويبعثر جهوده النضالية في أورقتها. وينسى دوره في النضال عبر الجماهير ومعها للوصول إلى تحقيق أهدافها المنشودة.

بينما الحزب الحاكم هو الذي يتولى السلطة التنفيذية بكل جبهاتها ومجالات عملها، من القمة إلى القاعدة، ومسؤولاً عن تصرفاتها وأدائها في كافة مجالات الحياة وفي كافة الاصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية... وليس عليه رقابة وموجهاً ومحاسباً، سوى السلطة التشريعية المنتخبة ديمقراطياً، والتي بها وصل إلى سلطة الحكم إذا كان غير ديكتاتوري، وغير فردي، وغير عسكري...

 

- ولقد جهد الحزب عبر هذه المسيرة لإيجاد علاقة صحيحة ومتوازنة، بين الحزب القائد والسلطة، وتتالت الدراسات والمناقشات والاقتراحات والقرارات حول هذا الموضوع الشائك، ولكن بدون جدوى حقيقية أو نتيجة حاسمة وصالحة للتطبيق العملي، ولا يزال هذا الأمر خاضعاً للبحث والدراسة والاستنتاج. ولكن أيضاً بدون فائدة تذكر، اللهم إلا إذا كان المطلوب بحثاً نظرياً وتنظيرياً؟ فهو رائع وجميل ومحكم ودقيق، ولا يأتيه الباطل من داخله أو خارجه، فهل لا بد من الاستمرار في هذا الإلهاء، والضلال، والتضليل لبوصلة العمل الثوري السياسي الواقعي القابل للممارسة والتطبيق؟ هل هذا هو المطلوب؟!

 

وإلا لماذا هذا الإصرار الشرس على التمسك بهذا المفهوم / مفهوم الحزب القائد للدولة والمجتمع، وليس الحاكم أيضاً؟، ولماذا هذا الإصرار على أن هناك حزبين، حزباً قائداً، وحزباً حاكماً! ولا احد يدري من أين تم اقتباس هذا المبدأ، ومن الذي ابتدعه؟ ولا كيف تبناه الحزب وأخذ به في مسيرته، والذي يمكن أن يكون مفيداً في مرحلة ما، وبذلك نفهم لماذا قال الحزب أن الضرورة المرحلية هي التي أملته؟! أو لماذا كل هذا الجهد الضائع لقسر الواقع ليتلاءم مع المفهوم؟ هل أصبح المفهوم طوطماً مقدساً، لا يجوز الاقتراب منه وإخضاعه للبحث والدراسة والتدقيق؟ هل يتمتع بحصانه هائلة كي لا يتناوله احد بالنقد والتشريح للوصول إلى مفهوم أفضل، وأكثر ملاءمة لمسيرة هذا الحزب العظيم على ارض الواقع؟ هل احد يصدق أو يعقل أن المسؤولية التاريخية التي تحملها الحزب خلال مسيرته لأكثر من ثلاثة عقود من الكفاح والعمل الجاد والمضني لبناء سورية حديثة، ومجتمع عصري متطور، يتمتع بالكفاية والعدل والأمن والاستقرار، وهو لا يحكم في الوطن؟! هل كان متفرجاً على مسيرة السلطة فقط يراقب ويوجه؟ أم كان قائداً وحاكماً فعلاً؟! فهو باختصار تحمل المسؤولية الكاملة التاريخية عن مسيرة سلطته سابقاً وحاضراً و لاحقاً وعن كافة الإنجازات الهائلة وعن الإخفاقات أيضاً.

 

لذلك لابد من القول أن الفصل بين الحزب والسلطة هو فصل تعسفي قسري لا مبرر له ولا أصول، وليس له من المصداقية والمعقولية على ارض الواقع والتطبيق العملي شيء، والدليل على ذلك، التخبط الشديد الذي عانينا ولا نزال في هذا الموضوع الشائك وغير القابل للحل، لاستحالة الوصول إلى الصيغة الملائمة، وخلق الضوابط والأصول والأساليب الناجعة منها والملائمة لها.

 

فهل مفهوم الحزب القائد، في التطبيق العملي موجود؟! وكيف؟! فالواقع يبين أن الحزب يشترك في السلطة التنفيذية من خلال رئيس مجلس الوزراء، والوزراء البعثيون الذين يشكلون الأغلبية، وكذلك المحافظون ومديرو المناطق والنواحي هم بعثيون أيضاً... أي أن السلطة التنفيذية من القمة إلى القاعدة هي في الغالب بيد الحزب من خلال كوادره المناط بهم المسؤوليات التنفيذية والإدارية. فهل بعد هذا لا يكون حزباً حاكماً؟ وان لم يكن فكيف يكون الحزب الحاكم إذن؟! هل غير الذي يمسك بكل مفاصل السلطة من القمة إلى القاعدة، لوحده أو بالاشتراك مع المؤتلفين معه، ويكون مسؤولاً أمام الشعب من خلال ممثليه في البرلمان، الذي يمارس عليه دور الرقابة والتوجيه والمحاسبة والمساءلة في هذا البرلمان، وكذلك من خلال صناديق الاقتراع التي يحسب لها ألف حساب، لأنه بها وصل إلى السلطة، وبها يسقط، في التداول السلمي للسلطة، عبر هذه الديمقراطية الليبرالية...

 

- نعود إلى مفهوم الحزب القائد، الذي نصّر على الإبقاء عليه كفكرة وأسلوب حياً يشغلنا الآن كما شغلنا الكثير في السابق، هل هذا الأمر لا يبدو غريباً وعجيباً؟ هل لأننا لا نملك تصور البديل الناجع؟ آم لا نملك حتى احتمال وجود بديل ملائم؟ بسبب الانغلاق الفكري والجمود العقلي؟ أم بسبب الإفلاس المعرفي والثقافي؟ أم بسبب القوالب الجامدة التي تحولت إلى طوطمية مقدسة؟ أم بسبب الكسل الفكري والثقافي والركون إلى الموجود، وكأنه أفضل ما كان وما سيكون؟ أم بسبب روح الانهزام والانكسار المعنوي والخور النفسي، والاعتقاد بعدم جدوى طرح الآراء والأفكار الجديدة البناءة والمبتكرة للتطوير والتغيير والتحديث في فكر الحزب، ومبادئه، ومواقفه واستراتيجيته، لان لا احد يستمع إلى ذلك، أو ربما لا احد يريد ذلك. فالإحباط مسيطر، واللامسؤولية شائعة، وترسبات التهيب والخوف والقلق مهيمنة ... لذلك ينطبق علينا القول، اذهبا أنتما وربكما فقاتلا، إنّا هنا قاعدون ... أو القول إننا أصبحنا كالنهر لا يملك تغييراً لمجراه...؟ أم ماذا؟!!

 

مع أن الحزب بالتعريف هو حزب شعبي ثوري انقلابي يتميز بالعلمية والثورية، ومن احد خصائصه الصحيحة، انه لم يضع نظريته الكاملة، بل وضع مبادىء وأسس وأفكار، وحدد مواقف وأساليب وأدوات لتحقيق أهدافه المنشودة، وتركها مفتوحة على المستقبل، مما يجعلها قابلة للتطوير والتغيير والتبديل بما يتلاءم مع المعطيات الجديدة الموضوعية منها والذاتية. رغم أن الحاجة أصبحت ملحة وضرورية لصياغة دليل نظري للحزب ... فلماذا لا يعيد الحزب النظر بمفهوم الحزب القائد، ويضع مفهوماً جديداً قابلاً للممارسة والتطبيق، والتوقف عن البحث العبثي في إيجاد صيغة ملائمة وصحيحة لعلاقة الحزب القائد بالسلطة؟.

 

- فالأفضل أن يدمج المفهومان، الحزب القائد، والحزب الحاكم، في مفهوم واحد تحدد فيه كافة المبادئ والأسس والأنظمة التي يستند إليها المفهوم الجديد، متجاوزة للسلبيات في المفهومين، ومكرسة الايجابيات فيهما وتطويرها، وليكن الحزب القائد والحاكم، للدولة والسلطة والمجتمع في الوطن، طالما لا يزال يحتفظ بالأغلبية في مجلس الشعب ومجالس الإدارة المحلية، قانونياً وشرعياً وواقعياً عبر انتخابات حرة وديمقراطية ونزيه وشفافة مع مراعاة الخصوصية التي يتمتع بها المجتمع العربي السوري بأساليب مبتكرة لهذا الغرض.

 

أم هل في الحزب جناحان / جناح قائد ( متفرغون ) / وجناح حاكم ( المشاركون في السلطة) /؟ ربما هي فكرة قابلة للحوار والتداول والمناقشة والبحث الجدي والفاعل ... ....

- وإذا ما توصل الحزب إلى اختيار المفهوم الجديد للحزب كقائد وحاكم في آن معاً، وأسلوب الحكم المعتمد حالياً هو اللامركزية السياسية والإدارية، عبر قانون الإدارة المحلية، الذي يجب أن يطور ليكون أكثر جدوى وواقعية، فالحزب يخطط ويوجه ويراقب ويقيم ويحكم تنفيذياً أيضاً، من خلال منظماته ومؤسساته السياسية والإدارية. فالمسؤولون الذين أنيطت بهم مسؤولية إدارية تنفيذية، هم أعضاء في منظمات حزبية مسؤولة عن سلوكهم وتصرفاتهم وأدائهم ومساءلتهم أيضاً، من خلال اجتماعاتها الدورية على كافة المستويات، وأما مجلس الشعب والمجالس المحلية، فعليها مراقبة أداء السلطة، سلطة الحزب والمشاركون معها من الأحزاب والشخصيات الأخرى، وتصحيح وتطوير وتحسين أدائها، من خلال اجتماعاتها الدورية أيضاً. التي تطرح فيها الأفكار والآراء والمقترحات الايجابية التي تساهم في تفعيل أدائها ومسيرتها وتوجهها نحو الأفضل، وعبر ذلك تصحح الأخطاء وتزال الثغرات وتذلل العقبات التي تعترضها، وبالتالي فالكل يشارك في القرار يشرع ويحكم ويقيم.....

 

ثانياً: استمد الحزب صلاحياته ومسؤولياته في قيادة السلطة في القطر العربي السوري من الشرعية الثورية التي استحقها من خلال قضائه على حكم الانفصال الرجعي بثورة 8 آذار المجيدة عام 1963، واعتمد بعدها الديمقراطية الشعبية كتجسيد للحرية. واستنادا لهذا المفهوم. اخذ الحزب بمبدأ الحزب القائد، باعتباره أصبح أمراً تمليه الضرورة المرحلية، لوجود سلطة مركزية ثابتة تقود عملية البناء الاشتراكي، وجرى تعزيز هذا المفهوم وتكريسه أي مفهوم الديمقراطية الشعبية، كنهج وتقاليد وأساليب عمل وصيغة حكم بعد حركة 23 شباط 1966.

 

وكان إصدار الدستور الدائم للجمهورية العربية السورية عام 1973 بعد الحركة التصحيحية المباركة، مرحلة جديدة، انتقل الحزب فيها من مبدأ الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية، وبذلك شكل الدستور الأساس الدستوري والقانوني والإطار السياسي والحقوقي الذي يقوم عليه بناء الدولة ونظام الحكم.فقد جاء فيه المادة 1-1 " تعتبر الجمهورية العربية السورية، دولة ديمقراطية شعبية واشتراكية ذات سيادة " وحسب المادة 8 من هذا الدستور " حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في الدولة والمجتمع، يقود جبهة وطنية تقدمية، تعمل على توحيد طاقات جماهير الشعب، ووضعها في خدمة أهداف الأمة العربية ".

وتم بموجب الدستور الدائم للبلاد تحديد طبيعة النظام السياسي والاجتماعي والمبادئ التي يقوم عليها بناء الدولة ومؤسساتها الرسمية والشعبية، وكذلك المبادئ المتعلقة بالحريات العامة والحقوق الديمقراطية للمواطنين وحقوقهم وواجباتهم ... ... الخ.

 

- وكان قيام الجبهة الوطنية التقدمية عام 1972 كتعبير عن التعددية السياسية في إطار تحالف قوى وطنية وتقدمية، وكشكل من أشكال التعبير عن ممارسة الديمقراطية الشعبية الذي يجسد حرية وحقوق الطبقات والشرائح الكادحة، ويجسد أيضاً قيامها على وجود حزب رئيس طليعي، يقود جبهة من القوى السياسية والوطنية، ويجسد أيضاً قيامها على أسلوب تمثيلي للجماهير الشعبية الكادحة، من خلال منظماتها الشعبية والنقابية، إلى جانب القيام بتحولات اقتصادية واجتماعية وثقافية عميقة وواسعة على طريق البناء الاشتراكي، وبالتالي فان الجماهير الشعبية تمارس حقوقها الديمقراطية عبر منظماتها النقابية والشعبية التي يجب أن تكون ديمقراطية أيضاً.

 

- وبهذا يكون الحزب قد كرس قانونياً مفهوم الحزب القائد للدولة والمجتمع في الدستور كما مر معنا، ولكن هل ما زال هذا المفهوم صالحاً للممارسة والتطبيق؟ بعد أن تم في ظله القضاء على الفكر الرجعي البرجوازي، وعلى القوى والفصائل التي تمثله، والتصدي بكفاءة ونجاح لكافة المؤامرات التي حيكت ضد الوطن ونظامه التقدمي الوطني، والصمود في وجه كافة الضغوط وأنواع الحصار، والتحريض والحرب النفسية المغرضة التي مورست وما تزال ضده. ومن ثم الثبات على المبادئ والمواقف الوطنية القومية والحقة والشرعية، والدفاع عن الوطن ومكتسبات الجماهير وكرامتها ... ... تم له كل ذلك بتوفر قيادة وطنية قومية شريفة وحكيمة ومركزية. لكن هل لا تزال الظروف والوقائع والشروط الموضوعية والذاتية متوفرة لاستمرار العمل بموجب هذا المفهوم؟!! وهل مع الانتشار والتوسع لمفهوم الديمقراطية، لا يزال يجسد الديمقراطية كتعبير عن الحرية، حرية الفرد والمجتمع؟! وهل يسمح هذا المفهوم بالتداول السلمي للسلطة، عند توفر كل الشروط الموضوعية لذلك؟ وهل يفيد تكريس هذا المفهوم في الدستور إذا ما هبت رياح التعبير العاصفة على المجتمع والنظام؟ أم المطلوب إحداث التطوير والتحديث الذي يصر عليهما الرفيق القائد استباقاً للأحداث لا بل وتوجيهاً لها؟

 

- وفي هذا العصر الذي تعصف فيه التحولات العالمية والتطورات الإقليمية والتبدلات العميقة في المفاهيم والأساليب السائدة، استقر بثبات في العالم الخيار الديمقراطي. وحل مفهوم المواطنة، والطريق السلمي للتطور والازدهار، ولغة الحوار واحترام الرأي الآخر، أي الاعتراف بوجود الرأي والرأي الآخر، الذي يتمسك به الرفيق القائد بشدة. والتأكيد على الديمقراطية كمفهوم يجسد مبدأ الحرية، الذي هو حق مقدس للمواطن الإنسان والمجتمع بأسره أيضاً. وأنها حاجة ضرورية للتطور والتقدم والإبداع الفردي والجماعي، وهي الوسيلة الفعالة الأهم بيد الشعب للدفاع عن قضاياه الوطنية والقومية، وتعزيز وحدته الوطنية السند الأقوى له في معاركه كلها على الصعد كافة.

ثالثاً: جاء في دستور الحزب الذي اقره المؤتمر التأسيسي في نيسان عام 1947:

 

-    في المادة 14: " إن النظام الحاكم في الدولة العربية، هو نظام نيابي دستوري، السلطة التنفيذية فيه، مسؤولة أمام السلطة التشريعية، التي ينتخبها الشعب مباشرة، والسلطة القضائية مصانة ومستقلة وتتمتع بحصانة مطلقة ".

-    وفي المادة 5: " حزب البعث العربي الاشتراكي، شعبي يُؤمن بان السيادة هي ملك الشعب، وانه وحده مصدر كل سلطة وقيادة، وان قيمة الدولة ناجمة عن انبثاقها عن إرادة الجماهير، كما أن قدسيتها متوقفة على مدى حريتهم في اختيارها".

 

-         وجاء في الدستور أيضاً " فان حرية الكلام والاجتماع والاعتقاد والفن مقدسة لا يمكن لأي سلطة أن تنتقصها".

وبناء على هذه المفاهيم الواردة في دستور الحزب، فان نظام الحكم السياسي الذي يجسد الحرية، هو النظام النيابي أي النظام البرلماني الليبرالي بالمفهوم الغربي للديمقراطية، ولقد دافع الحزب في مراحل نضاله السلبي عن الديمقراطية والحرية بهذا المفهوم، ودخل اللعبة البرلمانية، واثر بفعالية في مجريات الأحداث من خلالها في حينه.

- ويتساءل الإنسان هنا، هل يمكن تطبيق بعض المبادئ العامة والأساسية الواردة في دستور الحزب؟ وبالتالي هل يمكن تطبيق بعض المبادئ الديمقراطية المعروفة للجميع. التالية:

 

1- التأكيد على أن الديمقراطية هي حكم الشعب الذي هو صاحب السيادة، ومصدر كل شرعية، وصاحب المرجعية والقرار في كل ما يتعلق بشؤونه ومصيره ومستقبله.

2- التأكيد على أن النظام السياسي الاجتماعي الديمقراطي، هو الذي يمثل الإرادة الشعبية، التي تتجسد عبر انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة وشفافة، يشكل الفائزون بهذه الانتخابات السلطة التشريعية، وهي السلطة العليا في الوطن والمجتمع كما يجب أن يكون.

 

3- الإقرار بالتعددية الفكرية السياسية والمجتمعية، باعتبارها واقعاً موضوعياً وحقيقة ثابتة ... وبالتالي الأخذ بكل ما يتعلق بذلك من متطلبات ومستلزمات حقوقية، وإجراءات تنفيذية أيضاً.

4- ضمان الحريات العامة والحقوق الطبيعية المشروعة المعترف بها عالمياً كلها، وتكافؤ الفرص والمساواة بين جميع المواطنين، والحفاظ على كرامة الإنسان وسلامته وحريته وأمنه وكفايته، وإتاحة الفرص أمام مبادراته الإبداعية.

 

5- بناء دولة القانون، وتطبيق مبدأ سيادة القانون، على الجميع بلا استثناء، فلا احد فوق القانون .... مع فصل حقيقي للسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، والتأكيد على استقلال القضاء ونزاهته، ووجود سلطة رابعة حرة ومستقلة أيضاً.

 

6- مراعاة الشروط الموضوعية والذاتية للمجتمع، ومراعاة خصوصياته الاجتماعية والثقافية والحضارية، مع الأخذ بعين الاعتبار عند تطبيق هذه المبادئ، درجة وعي المجتمع السياسي .... ومستوى تقدمه الحضاري. والعمل على ابتكار الأساليب والوسائل والأدوات التي تؤدي إلى تطبيق الديمقراطية الحقيقية والمسؤولة تطبيقاً عملياً.

- وإذا كانت بعض هذه المبادئ قابلة للتطبيق أو هي مطبقة فعلاً لكنها بحاجة للتطوير والتصويب فلا بد من إجراء ما يلي:

1- تعديل قانون الانتخاب كما أسلفنا بمذكرة سابقة بحيث:

 

أ- تصبح المنطقة الإدارية، دائرة انتخابية مستقلة ليكون نوابها أكثر مصداقية وشفافية في تمثيل جماهيرها.

ب- إلغاء أسلوب قائمة الجبهة الوطنية التقدمية المتبع حالياً في الانتخابات. لتخوض أحزابها معركة انتخابات بالاعتماد على الذات، التي تبين نتائجها حجم القاعدة الجماهيرية لهذه الأحزاب وبالتالي جدارتها بالبقاء في الجبهة أم لا. بدلاً من الاتكال على البعث لأكثر من ثلاثين عاماً. / ربما نحن مرتاحون لهزالها غير المنافس، وهي مرتاحة لمنافعها الخاصة لكن بدون تعميم، وربما بعض الظن إثم / وإذا لم نفعل نكون قد اعتمدنا ولا نزال أسلوب التعيين بشكل غير مباشر، عبر تعيين الأعضاء في قائمة الجبهة، والذي يمقته الرفيق القائد ويصر على الانتخابات الديمقراطية واعتماد نتائجها كانت ما تكون ...

 

جـ- وفي حال الاستمرار بأسلوب قوائم الجبهة، يجب أن تكون الأسماء التي تدرج فيها منتخبة من قواعدها الحزبيـة ومنظماتهـا الشعبيـة والمهنيـة والنقابيـة بانتخابات مباشرة وحرة حقاً، في مؤسساتها وقطاعاتها ومناطقها ... أي يجب تعديل هذا الأسلوب لتكون الانتخابات أكثر ديمقراطية وموضوعية وصدقية وشفافية، لما فيه مصلحة الوطن والمجتمع والجماهير والسلطة والنظام. لأن السلطة التشريعية هي التي تنبثق عنها السلطة التنفيذية حسب الممكن والواقع.

 

2- تعديل قانون الأحزاب المعمول به حالياً أو إصدار قانون أحزاب علماني عصري ديمقراطي، ينظم ممارسة المواطنين لحقوقهم السياسية ... وكذلك ممارسة دورهم في الحياة العامة بكل وجوهها ومستوياتها السياسية وغيرها ... ... بحيث يسمح بنشوء أحزاب سياسية معارضة وطنية بعيدة عن العرقية والدينية والمذهبية والمناطقية ...، وبالتالي بعيدة عن كل ما يسيء إلى الوحدة الوطنية التي يفتخر بها الوطن ويتمسك بها المجتمع بكل قوة وعزم، والساحة تتسع للجميع كما يقول الرفيق القائد، وبالتالي يكون هناك مبرر علمي وواقعي وموضوعي لخوض الانتخابات بقوائم جبهوية سليمة المبنى والمضمون والأسلوب، وإلا مَنْ تنافس الجبهة الوطنية التقدمية حالياً؟ التي بمجرد صدور قوائمها تكون المعركة الانتخابية قد وضعت أوزارها وانتهت عملياً، باستثناء المستقلين الذين يتصارعون ويتنافسون على المقاعد المخصصة لهم ...

 

3- هذا الاقتراح السابق يتطلب إذا ما وضع موضع التطبيق العملي، السماح بصدور صحف معارضة خاصة بهذه الأحزاب المعارضة، وكذلك للمواطنين المستقلين الراغبين بذلك لتعبر عن أرائهم وأفكارهم ومواقفهم وطروحاتهم في جميع القضايا التي تهم الوطن والمواطنين على كافة الصعد والجبهات والمستويات ...

 

4- وهنا لا بد أن يكون دور الحزب في النشاط الجماهيري والشعبي مميزاً، ويتحدد من خلال توزع وانتشار كوادره في صفوف الجماهير ومنظماتها الشعبية والتعاونية والمهنية والحراك والنشاط المجدي والجاد، والتمتع بشعور عال بالمسؤولية، والسلوكية والأخلاقية كقدوة، والالتزام المطلق بمصالح الجماهير، والعمل الدؤوب والحثيث لتحقيق طموحاتها ومصالحها، والمشاركة الفعالة في مسيرة بناء الوطن والدفاع عنه، وتحقيق التقدم والازدهار والرفاهية للمجتمع. وهذا يقتضي اختيار الأسلوب الأفضل والأنسب للتنظيم السياسي والشعبي الذي يرتكز على القاعدة الجماهيرية أينما وجدت سواء في حقول العمل أو في ساحات الوطن وافيائه، وبذلك يمكن للحزب أن يضمن حصوله على الأغلبية في أي انتخابات حرة وديمقراطية، حتى بالأسلوب الليبرالي بالاستناد إلى قاعدته الجماهيرية والحزبية الكبيرة، و لا يتهيب أيضاً من وجود أحزاب وصحف معارضة إطلاقاً، التي لا بد من وجودها لاستكمال شروط البناء الديمقراطي الحر، وإذا ما أحسن اختيار أسلوب ونظام الحكم كحزب قائد وحاكم معاً كما هو سائد في العالم كله.

 

أي يجب عليه التخلي عن مفهوم الحزب القائد للدولة والمجتمع، واستبداله بمفهوم أكثر عقلانية وموضوعية. وأفضل قابلية للتطبيق والتنفيذ في الواقع العملي، وانسب ملائمة لمعطيات العصر الذي تسوده أنشودة الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، ونحن لسنا خارج هذا العالم، ولكن لنا ثقافتنا وحضارتنا وخصوصيتنا، نختار ما يلاؤمنا من أساليب وأدوات تحقيق الديمقراطية المسؤولة في حزبنا ومجتمعنا ووطننا. وربما يكون مفهوم الحزب القائد والحاكم معاً صالحاً لذلك. إذا ما أُحسن صياغته بشكل علمي موضوعي دقيق وصحيح وسليم وبأسلوب مبرر ومقنع ومناسب بأعلى درجات الوعي، أخذاً بعين الاعتبار كل التبدلات والتطورات والتغيرات الجارية والمطلوبة ذاتياً وموضوعياً، ومراعاة كافة الظروف والأحداث التي تعصف بالعالم في جهاته الأربع.

 

وبالخاتمة ليس هذا أكثر من رأي شخصي، ووجهة نظر خاصة، قد يكونان صحيحان أو يحملان بعض الصحة وبعض الخطأ أيضاً، لكن يبقى القول المفيد هو أن كل ما مر يمكن اعتباره ورقة عمل قابلة للتداول والدراسة والبحث والمناقشة للوصول إلى الأفضل والأنسب لحزبنا العظيم ومسيرته الظافرة.

2011-09-01
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد