يا أم أولادي , يا مربية الأجيال , يا من جعل الله بيني وبينك مودة ورحمة , يا من جعلك الله لي سكنا يحفني بالاطمئنان , وقلبا يحيطني بالعطف والحنان , فله -جل وعلا- الفضل والامتنان .
سامحيني يا زوجتي إذا جئت يوما مضطرباً , وصرخت بوجهك لا لشيء , لا لذنب مقترف , ولا لخطأ ٍ مرتكب , إنما لأمر واحد فقط لأن نظري أول ما يقع عليك , فأريد أن أنفس عن كربي , وأفرج عن همي , فأظن أن الصراخ سينقذني ويسليني , ولكن – ليت شعري – متى كان الصراخ يكشف الهموم ويزيل الغموم ومتى كانت طعنات الرماح تداوي المكلوم ؟ ! وهل يتداوى مريض بتجرع السموم ؟!!.
تحملت معي مرارة العيش وضنك الحياة , وتجرعنا سوية علقم الأيام .
كم سهرنا يا زوجتي والناس تظن أن السعادة تغمرنا !!
والعيش الرغيد يعمنا , ونسيم العيش الرغيد يداعبنا , وما علموا أننا لا نتسامر , ولا نقضي الليالي بالسهر , على رقص النجوم وضوء القمر, إنما نناقش أمور الحياة , كما يفعل معظم الأزواج , ولكن الحمد لله على كل حال , فأن يظن الناس بنا السعادة خير من أن يظنوا بنا البؤس والحرمان .
في الحياة يا زوجتي ذكريات حلوة , وأوقات لا نزال نشعر بطعم سعادتها كلما خطرت على بالنا – رغم حجاب الزمن المنيع السحيق الذي بيننا وبينها , وحياتنا جزء من هذه الحياة , كثيرة هي الذكريات الحلوة التي كانت فيها , وكثيرة هي الذكريات المرة التي مرت علينا , ولكن : لحظة سعادة تعادل ساعة من الأحزان , وموقف من الأحزان قد يساوي ساعات وساعات من السعادة ,وهذا الأمر يعود إلى طبيعة الإنسان , وإلى عظم لحظة السعادة ولحظة الحزن .
زوجتي الغالية :المرأة لو أحسنت إليها دهرا , ثم أسأت لها يوما قالت لك: ما رأيت منك خيرا قط -وهذا كلام لا جدال فيه- , ولكن بعض الرجال- وفي كل يوم , ورغم إحسان زوجته له ,- لا يتحرك لسانه إلا بانتقاص زوجته , والإساءة إليها , تارة يتبرم من الأقدار , وتارة يكثر من السخرية والانتهار , فينسى العشرة الطيبة والإحسان , وربما يتظاهر بالنسيان .
يظن كثير من الأزواج – عندما تشتعل نار الخلافات بينهم– أن غيرهم يعيش بسعادة , وكأنهم ما علموا أن الثغر في كثير من الأحيان أمام الناس يبتسم , ولكن القلب في الحشا والأعماق ينتحب , والفؤاد من الشقاء والتعاسة ملتهب !!
الحياة يا زوجتي مواقف وقد شهدت لك كذا وكذا موقفا يدل على نبل وأخلاق وتربية فاضلة , ومعدن طيب , فالحمد لله الذي جعلك أما لأولادي ,وسرا في سعادتي , وإذا فرقتنا الأيام يوما ما ,ففي جنان الخلد نلتقي , إن شاء الله تعالى .