news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
هل تصبح المرأة السعودية رائدة التغيير؟ ... بقلم : زينب نبّوه

أعلن العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز في 25-9-2011 في خطابه السنوي أمام مجلس الشورى في الرياض “مشاركة المرأة السعودية بدءاً من الدورة القادمة بالترشيح عام 2015 والاقتراع في انتخابات مجلس الشورى والمجالس البلدية، ولها الحق في المشاركة في ترشيح المرشحين “ضمن ضوابط الشرع” دون أن يشمل ذلك الانتخابات الحالية”.


وأرجع الملك قراره هذا إلى رفضه تهميش دور المرأة في المجتمع السعودي. ولأول مرة في تاريخ المملكة السعودية يسمح للمرأة بالترشيح والاقتراع في انتخابات مجلس الشورى والمجالس البلدية، وهذا حق طبيعي للمرأة في إمكان الوصول إلى مركز صنع القرار.

 

منذ سنوات والمرأة السعودية تكافح على جميع الأصعدة من أجل تغيير واقعها والحصول على حقوقها كمواطنة، خاصة بعد ثورة الاتصالات.

ومعروف أنه لا يوجد قانون في العالم يمنع النساء من قيادة السيارة، والسعودية هي الدولة الوحيدة في العالم التي تحظر على النساء قيادة السيارات.

 

وقد جرى الكثير من المحاولات الجادة لتجاوز هذا الموضوع وتحول الاحتجاج إلى مظاهرات نسائية عام 2008 تطالب بالسماح للنساء بقيادة السيارة، وقد تعرض بعضهن للحكم بالجَلد والاعتقال والتهديد وطردهن من وظائفهن. واستمر الاحتجاج بعد أن قاد عدد من النساء سياراتهن تحدياً، وثبّتن أشرطة مصورة على مواقع اليوتيوب، منهن منال الشريف، ذات الاثنين والثلاثين عاماً، والتي تشغل موقعاً وظيفياً هاماً، قادت في أيار الماضي 2011 سيارتها، وتعرضت للاعتقال والفصل من الوظيفة.  وحذت حذوها سعوديات كثيرات، أوقفن لا بسبب مخالفة سير نظامية لأنهن يحملن إجازات سير دولية، بل لمخالفتهن التقاليد والعادات وأنظمة “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”. وقد وقّع الكثير من السعوديين والسعوديات عرائض قدمت إلى الديوان الملكي ومجلس الشورى لتأييد حق المرأة في القيادة مع موافقة بعض كبار علماء الدين.

 

وجلس بعض الأزواج السعوديين بجانب زوجاتهم وهنّ يقدن السيارة كجزء من الحملة التي جرت في حزيران الماضي ،2011 مما أحدث مؤخراً قلقاً لدى النظام الملكي السعودي، بعد أن اتجهت أنظار السعوديين إلى موقع عالم اليوتيوب لرؤية أزواج وآباء وإخوة يجلسون في مقاعد الركاب بين نساء يقدن السيارة، إضافة إلى أن شخصيات عامة وأعضاء في مجلس الشورى ورجال دين معتدلين يرون أن لا مبرر دينياً للحظر المفروض. وكان تضخيم مسألة قيادة المرأة السعودية للسيارة وإضفاء حالة دينية عليها أصبحت أكبر من حجمها. والهدف كله مقاومة إرادة التغيير. وكان من الضروري حل القضية بما يتفق والمنطق ومع المصلحة العامة والخط النهضوي في البلاد.

 

لقد مثلت قيادة المرأة السعودية للسيارة تحدياً كبيراً للمؤسسة الدينية في الدرجة الأولى، ولمنظومة القيم المحافظة المتخلفة، وللسلطة السياسية التي باتت ترى أن هذا الحق أصبح ضرورياً. ولم تكن هذه الخطوة تتم لولا الحراك الجريء والشجاع الذي قامت به المرأة السعودية، وقدمت نموذجاً جديداً انتقلت فيه من مستوى المشاركة إلى مستوى الريادة في صنع إرادة التغيير.

 

هذا المشهد يعيدنا إلى معركة خاسرة خاضها المتشددون في الستينيات، إذ عدّوا تعليم المرأة فجوراً، وأصبح اليوم 60% من خريجي الجامعات السعودية من الإناث. والسؤال هل ما تشكو منه المرأة السعودية هو عدم قيادة السيارة؟ أم أن هناك أشياء أعمق بكثير؟ فالأكثرية الساحقة من النساء السعوديات يفتقرن إلى أبسط مبادئ الاستقلالية وإلى التحكم بشؤونهن الشخصية، حتى الاتفاقيات الدولية التي وقعتها السعودية “اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة، والموقف من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وقانون الجنسية، طبعاً هذه الاتفاقيات الدولية لم يكن بالإمكان تنفيذها في غياب مرجعية تشريعية وقانونية واضحة، خاصة قانون الأحوال الشخصية. فالمرأة السعودية تناضل من أجل الوصول إلى حقها والاعتراف بكامل أهليتها كمواطنة دون متطلب الحصول على إذن من ولي ذكر قد يكون أصغر سناً وأقل كفاءة وإمكانية منها. ومعروف أن المرأة السعودية في حاجة إلى ذكر  يرافقها لإتمام كل معاملاتها، وبضمن ذلك الحصول على جواز سفر والسفر.

 

كما تريد منع زواج القاصرات، الذي تعده شكلاً من أشكال العنف، وضرورة تحديد حد أدنى من العمر، وعدم السماح بزواج الفتيات الطفلات في ظل تكرار حالات بائسة ومؤسفة، وجعل الحجاب خياراً شخصياً، وطلب الطلاق في حال فشل الزواج وتحول الحياة إلى جحيم، وأن يتاح للمرأة السعودية كامل الحرية في التحرك الاجتماعي والتعبير عن إرادتها.

 

هذه القضايا كلها عبّرت عنها المرأة السعودية بوضوح بوساطة الإنترنت في نشر الروايات والقصص التي كانت من الأحداث البارزة، كما في رواية “بنات الرياض” للكاتبة رجاء الصانع، إذ تكشف الستار عن المستور الذي يختفي خلفه عالم الفتيات المثير في الرياض، ورواية “ستر” للكاتبة رجاء عالم التي تدور في جو واقعي سياسي واجتماعي يعالج قضايا الواقع السعودي بعمق، خاصة أوضاع النساء. ورواية “ملامح” للكاتبة زينب حفني، و”الأخرون” لصبا الحرز.. وغيرها من الروايات التي تناولت العديد من المواضيع العنف، الخوف، الضغط الاجتماعي. وقد فرضت هذه الروايات نفسها كعمل إبداعي استطاع أن يطغى إلى حد كبير على كثير من “التابوات” المسلّمات.

 

إن حركة النساء السعوديات بمجملها هي حركة حقوق إنسان لتصحيح أوضاع المرأة وإعطائها صفات المواطنة الكاملة، ومشاركتها في التنمية، والمساهمة في عملية التطوير والانفتاح. ولا شك أن القرار الذي اتخذه مجلس الشورى، في حال تنفيذه، سوف يساعد على توسيع دور المرأة في الحياة العامة. ولهذه الخطوة تأثير على التيار الليبرالي السعودي، الممتد داخل العائلة المالكة، فالأميرة عادلة ابنة العاهل السعودي لعبت دوراً إيجابياً في هذا القرار.

 

أخيراً يمكن القول إن هذه الخطوة تمت أولاً وأخيراً، بفضل النضال الباسل الذي خاضته المرأة السعودية بأشكال وأساليب مختلفة، هي المثال الذي قدمته النساء في الانتفاضات العربية واللاتي يكتبن فصلاً جديداً من التاريخ العربي الحديث.

تحية من القلب للمرأة السعودية ولجهودها من أجل حياة حرة كريمة.

2011-10-14
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد