news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
الديمقراطية بين الفكرة و التطبيق ... بقلم : م.محمد أسعد

بدأت فكرة الديمقراطية في وقتنا الحاضر تجتاح الكثير من بلدان العالم العربي بشكل خاص و بلدان العالم الثالث بشكل عام ، فأصبحت هذه اللفظة تعتلي شفاه كل مارٍ أو واقف أو جالس أمام بيت أو محل أو شركة           أو ..أو ..


 ولكن الأسئلة التي لابد من طرحها ، هل يعي الشعب العربي بعموميته معنى هذه الكلمة سواء بالمعنى المجرد لها أو بالممارسة الفعلية في بيته أو مكان عمله ؟ وهل جميع الديمقراطيات في العالم متشابهة ؟ ونحن السوريون ألا يجب علينا أن نضع الخطوط العريضة لماهية الديمقراطية التي سنتبناها في المستقبل دون تبنّي قوالب جاهزة من هنا أو هناك  خصوصاً مع اختلاف النظريات و الآراء حول مفهوم الديمقراطية ؟ .

 

من هذا المنطلق وجدت أنه لا بد من تقديم بعض المعلومات الأساسية عن هذا المعشوق الجديد القديم للشعب العربي .

فما هي الديمقراطية ، و ما هي العناصر الأساسية لها ، و ما هي التصورات الدّارجة حولها .

 

1-    الديمقراطية : كلمة مشتقة من اليونانية ( Demos& Kratia ) وتعني حكم عامة الناس وبمفهومها العام هي العملية السلمية لتداول السلطة بين الأفراد أو الجماعات، التي تؤدي إلى إيجاد نظام اجتماعي مميز يؤمن به ويسير عليه المجتمع ككل على شكل أخلاقيات اجتماعية. والديمقراطية كشكل من أشكال الحكم هي حكم الشعب لنفسه بصورة جماعية ، وعادة ما يكون ذلك عبر حكم الأغلبية عن طريق نظام للتصويت والتمثيل النيابي. و لكن بالحديث عن المجتمع الحر فإن الديمقراطية تعني حكم الشعب لنفسه بصورة منفردة من خلال حق الملكية الخاصة و الحقوق و الواجبات المدنية (الحريات و المسؤوليات الفردية) وهو ما يعني توسيع مفهوم توزيع السلطات من القمة إلى الأفراد المواطنين. والسيادة بالفعل في المجتمع الحر هي للشعب و منه تنتقل إلى الحكومة وليس العكس.

 

وهنا يجب التنويه أنه في الوقت الذي يمكن فيه أن يكون للمجتمع الديمقراطي  حكومة ً ديمقراطية ، فإن وجود حكومة ديمقراطية لا يعني بالضرورة وجود مجتمع ديمقراطي .

 

2-    العناصر الأساسية للديمقراطية :

فيما يلي مجموعة من المعايير التي تعدّ حداً أدنى مقبولاً من المتطلبات الواجب توفرها في هيئة اتخاذ القرار لكي يصح اعتبارها ديمقراطية :

•         وجود شعب (مجموعة) تصنع القرار السياسي وفق شكل من أشكال الإجراء الجماعي.

 

•         وجود أرض يعيش عليها الـشعب و تُطبق عليها القرارات. وفي الديمقراطيات المعاصرة الأرض هي دولة الشعب  وبالتالي لابد من التزامن بين الأرض والشعب . لذلك فإن المستعمرات الديمقراطية لا تعتبر بحد ذاتها ديمقراطية إذا كان البلد المستعمِر يحكمها لأن الأرض و الشعب لا يتزامنان.

•         وجود إجراء خاص باتخاذ القرارات وهو قد يكون مباشراً كالاستفتاء مثلاً، أو غير مباشر كإنتخاب برلمان البلاد.

 

•         أن يعترف الشعب بشرعية الإجراء المذكور أعلاه و بأنه سيتقبل نتائجه. فالشرعية السياسية هي استعداد الشعب لتقبل قرارات الدولة و حكومتها و محاكمها رغم إمكانية تعارضها مع الميول و المصالح الشخصية. وهذا الشرط مهم في النظام الديمقراطي، سيّما و أن أي انتخابات فيها الرابح و الخاسر.

•         أن يكون الإجراء فعالاً، بمعنى يمكن بواسطته على الأقل تغيير الحكومة في حال وجود تأييد كاف لذلك. فالانتخابات المسرحية و المعدّة نتائجها سلفاً لإعادة انتخاب النظام السياسي الموجود لا تعد انتخابات ديمقراطية.

 

•         في حالة الدولة القومية يجب أن تكون الدولة ذات سيادة لأن الانتخابات الديمقراطية ليست مجدية إذا كان بمقدور قوة خارجية إلغاء نتائجها أو التدخل فيها .

 

3-    تصورات حول الديمقراطية :

تشيع بين منظّري علم السياسة أربعة تصوّرات متنافسة حول الديمقراطية:

•         ديمقراطية الحد من سلطة الأحزاب : الديمقراطية وفق هذا التصور نظام حكم يمنح المواطنون فيه مجموعة من القادة السياسيين الحق في ممارسة الحكم عبر انتخابات دورية. ووفقاً لهذا المفهوم لا يستطيع المواطنون بل ولا يجب أن "يحكموا"، لأنهم في معظم الأوقات و فيما يخص معظم القضايا لا يملكون حيالها فكرة واضحة أو أن أفكارهم غير ذكية. وقد أوضح ديفيد شومتر هذا الرأي الشهير في كتابه "الرأسمالية، الاشتراكية والديمقراطية". ويعد كل من وليام ريكر و آدم بريزورسكي و ريتشارد بوسنر من المفكرين المعاصرين المدافعين عن مفهوم الحد من سلطة الأحزاب .

 

•         المفهوم التجزيئي للديمقراطية : يدعو التصور المذكور بوجوب أن تكون الحكومة على شكل نظام ينتج قوانين و سياسات قريبة من آراء الناخب الوسطي – حيث تكون نصفها إلى يسار هذا الناخب و نصفها الآخر إلى يمينه. ويعتبر أنطوني داونز صاحب هذا الرأي وأورده في كتابه "النظرية الإقتصادية في الديمقراطية"عام 1957.

 

•         الديمقراطية الاستشارية : تقوم على المفهوم القائل بأن الديمقراطية هي الحكم عن طريق المناقشات. ويقول المنادون بهذا الرأي بأن القوانين و السياسات يجب أن تقوم على أسباب تكون مقبولة من قبل كافة المواطنين، وبأن الميدان السياسي يجب أن يكون ساحةً لنقاشات القادة و المواطنين ليصغوا فيها لبعضهم و يغيروا فيها آراءهم .

 

•         الديمقراطية التشاركية : و فيها يجب أن يشارك المواطنون مشاركة مباشرة – لا من خلال نوّابهم - في وضع القوانين و السياسات. ويعرض المدافعون عن الديمقراطية التشاركية أسباباً متعددة لدعم رأيهم هذا. فالنشاط السياسي بحد ذاته يمكن أن يكون شيئاً قيماً لأنه يثقف المواطنين و يجعلهم اجتماعيين، كما إن بإمكان الاشتراك الشعبي وضع حد للنخب المتنفذة. كما إن الأهم من ذلك كله حقيقة أن المواطنين لا يحكمون أنفسهم فعلاً إن لم يشاركوا مباشرة في صنع القوانين و السياسات.

 

والآن وبعد أن تعرفنا على لمحة عامة عن مفهوم الديمقراطية لا بد أن نشير من باب الرأي والرأي الآخر أن هناك مجموعة من الرافضين لهذا المفهوم وقد عُرفوا باسم المخالفين أو الفوضويين فمن هم ؟

 

يعارض الفوضويون الدول الديمقراطية الموجودة في الواقع ويعتبرونها الفساد بحد ذاته كما يعتبرون أن القسرية متأصلة فيها. معظم الفوضويين يفضلون نظاماً أقل هرمية وقسرية من الديمقراطية المباشرة من خلال الجمعيات الحرة. أما الفوضويون الفرديون فهم  يعادون الديمقراطية بصراحة. فكما قال (بنيامين تكر) من مناصري الفوضوية الفردية الأمريكية في القرن التاسع عشر:  " الحكم شيء شرير و لا أسوأ من وجود حكم الأغلبية ، ما هي ورقة الاقتراع ؟ هي ليست أكثر و لا أقل من قطعة من الورق تمثل الحربة والهراوة و الرصاصة إنها عمل إنقاذي للتأكد من الطرف الذي يحظى بالقوة و الانحناء للمحتوم. إن صوت الأغلبية يحقن الدماء و لكنه لا يقل عشوائية عن القوة كمثل مرسوم أكثر الطغاة قساوة هم المدعومون بأقوى الجيوش" ، ( بيير جوزيف برودون) فيلسوف واقتصادي اشتراكي فرنسي، وهو أول من سمى نفسه بالفوضوي و يعتبر من أوائل المفكرين الفوضويين يقول:  " الديمقراطية لا شيء و لكن طغيان الأغلبية يعتبر أسوأ أشكال الطغيان وذلك لأنه لا يستند إلى سلطة الدين ولا على نبل العِرق ولا على حسنات الذكاء والغنى . إنه يستند على أرقام مجردة و يتخفى خلف إسم الناس ". ومن المعادين للديمقراطية أيضاً اليمين المتطرف و الجماعات الملكية كذلك كما كان شأنها على الدوام.

أخيراً ...

 

 أستطيع القول كوجهة نظر خاصة أن مفهوم الديمقراطية على اختلاف تعريفاته و تصنيفاته لم يتعدى حيز الأفكار المكتوبة والمقدمة كفكر تجريدي حالم فلا نستطيع أن نقول بأن هناك دول و حكومات ديمقراطية في العالم الحالي بل هناك مجموعة من الديمقراطيات المشوهة والتي تزداد تشوهاً خصوصاً بعد سيادة القطب الواحد فأصبحنا نسمع عن مفهوم تصدير الديمقراطية بأي ثمن وبتجاهل كامل لمفاهيم السيادة و الاستقلال ، علماً أنه من الجدير بالذكر أن داعية الديمقراطية في العالم "الولايات المتحدة الأمريكية " تحصر حق الترشيح للرئاسة الأمريكية بفئة معينة من الشعب كالبروتستانت أو البيض (حتى أنهم رأوا في ترشيح أوباما "الأسود" انجازاً عظيماً) أو الانكلوسكسون، كما أن الثروة المالية للمرشح الأمريكي مقدَّمة على أي نوع من الكفاءات الأخرى.

 

لذلك أعود وأنوه أنه لا بد من أن نبني ديمقراطيتنا بالشكل الذي يلائم مجتمعاتنا والتي فيها من التعدّد و الإرث التاريخي في العيش المشترك و تقبُّل الآخر اجتماعياً و دينياً ما يسهّل عملية الترويج لتقبل الآخر سياسياً ، ولعل الخطوة الأهم في هذه المرحلة الانتقال إلى حوار بنّاء غير مشروط بين أبناء الوطن السوري  أساسه حسن النية ومحبة الوطن .

 

عاشت سورية حرة ديمقراطية عربية مقاومة و عاش جميع أبنائها الأحرار الوطنيين .

2011-10-26
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد