تحقيق اجتماعي
الاختفاء المفاجئ للشريك مر أكثر من العلقم، وقد يكون أصعب من الوداع، فلا يتوانى القلب لحظة عن السؤال والانتظار، هل أصبحت القلوب صخوراً قاسية لا تحس بما تقترف، أين أنت يا حبيبي؟؟ أين تمضي الآن؟؟ قطعت الوصل مني وصرت همي، لما لم تحقق لي التمني؟؟
لا يزال حبك يعشش في قلبي، جئت أرتجي فيك بعضاً مما أعطيتك، لا تحطمني، علمني كيف أنساك، والقلب يرغمني على ذكراك، لو مات الفرح بين ضلوعي، فاعلم أنك قتلته بهجرك وهواك. هل كان ما عشته وهماً بالحب.. أم لوناً من ألوان الغدر!!
قبل هجر الحبيب لم تكن تدق أجراس الرحيل، لقد رحل دون استئذان فهل يستطيع الحبيب أن ينسى حبه بسهولة؟ ومن هو أكثر غدراً الفتاة أم الشاب؟ هذا ما سنجيب عنه في تحقيقنا التالي...
دمي ودموعي وابتسامتي..
تقول "مي شرف الدين" 29 سنة "سكرتيرة" عن رأيها في هذا الموضوع: "اختفاء الشريك المفاجئ يكون لأحد سببين إما أن يكون الشاب ارتبط لغاية جنسية مع الفتاة، وبعد أن نال مراده اختفى، أو أنه يكون قد وجد فتاة أخرى أجمل وأكثر أنوثة من الأولى فيترك الأولى ليرتبط بالثانية مع وجود حالات يرتبط فيها الشاب مع أكثر من فتاة في وقت واحد، وأنا أتحدث عن اختفاء الشاب بالتحديد لأن هذا السلوك يقوم به الرجل أكثر من المرأة، ويجد متعته في ذلك".
وتضيف: "عندما يحب الشاب الفتاة لا يختفي فجأة، وإذا اضطر لذلك يقدم لها مبرراً مقنعاً وقوياً، لكن الشاب يهوى التسلية عموماً، وبالمقابل فإن الهجران المفاجئ يشكل صدمة حقيقية للفتاة، وربما تتعلق به أكثر، ولا تستطيع أن تنساه أو أن تبني علاقة ثانية بسهولة، ولو أن الشاب قد خرج من حياة الفتاة بالتدريج فمن المؤكد أن الصدمة حينها ستكون أخف، وقد تتمالك الفتاة نفسها وتصبح أقوى من السابق وتقول في سرها: "أنا أفضل منه وهو لا يستحقني". وتبدأ حياتها من جديد. بشكل عام الفتاة عاطفية أكثر من الشاب وتخاف على مشاعره بنسبة أكبر بكثير من خوفه على مشاعرها، وقد حدث معي مرة موقف يتعلق بهذا الموضوع لكني لم أتلاعب بمشاعر الشخص الذي أحبني بل احترمته وتصرفت معه بطريقة واضحة وصريحة، حيث تعلق بي وأحبني لكني لم أشعر تجاهه بنفس المشاعر فلم أفتح له المجال ليتعلق بي أكثر وأخبرته بحقيقة مشاعري. من المهم أن تعرف الفتاة أن الشاب يحقد إذا تعرض للغدر أو التلاعب أو الاختفاء المفاجئ ويحاول الانتقام وبالنهاية تخسر الفتاة كرامتها وسمعتها عندما يقوم الشاب بالتشهير بها أو تلفيق الشائعات عنها".
الوسادة الخالية..
أما "نادين ظاظا" 30 سنة "معلمة" تقول: "لم أمر بهذه الحالة لكني أسمع عنها ففي الكثير من العلاقات تعاني الفتاة من أن الشاب يختفي بعد أن تتعلق به الفتاة ربما لكي تتعلق به أكثر، وأعتقد أن سبب هذا التصرف هو عقدة نقص موجودة داخل الشاب حيث لا يكتفي بالهرب فقط بل يبحث فوراً عن فتاة غيرها ليعذبها ويستمتع بذلك".
وتروي "نادين" قصة إحدى صديقاتها قائلة: "لقد عاشت صديقتي هذا العذاب حيث تعرفت على شاب وسيم وارتبطت به، وبعد فترة اختفى فجأة من حياتها فجن جنونها، وبحثت عنه كثيراً، واتصلت به أكثر من مرة لكن كل محاولاتها فشلت، وبعد فترة اتصل بها وأخبرها أنه كان يمتحنها، ولو أن ردة فعلها كانت هادئة لقرر الزواج منها لكن جنونها وعصبيتها جعلته يتركها، لقد أنهى اتصاله الأخير بجملة "فشلت بالامتحان، أنا أريد زوجة هادئة، وناضجة، وتتصرف بحكمة عندما تواجهها أي مشكلة".
تقول "نادين" في عصرنا الحالي أنا أرى أن أي فتاة ذكية وقوية تستطيع أن تكتشف نوايا الشاب، لذلك أعتقد أن الفتاة التي يتم الإيقاع بها، أو خداعها هي فتاة تكتشف الكذبة وتستمر بتصديقها بإرادتها، ربما بسبب فراغ عاطفي أو على أمل أن يحبها هذا الشاب يوماً، أي أنها تخدع نفسها بنفسها، والشاب لا يقع عليه اللوم في هذه الحالة".
غروب وشروق..
أما من عاشت هذه التجربة بنفسها ولم تروها عن إحدى صديقاتها فهي "لينا محمد" 25 سنة طالبة في كلية التربية- قسم رياض الأطفال، حيث قالت: "التقيته مرة واحدة فقط، وفي المرة الثانية زارنا في المنزل مباشرة وطلب يدي من أهلي لكني لم أشعر بالراحة تجاهه، وأحسست أنه مغرور ومادي، ورغم ذلك فضّلت عدم التسرع بقراري، وإعطاء نفسي الوقت الكافي قبل أن أرفض الزواج منه، لكن الغريب بالأمر أن هذا العريس الذي يدّعي أنه من الأشخاص المثقفين اختفى فجأة، ولم أعد أراه أو أسمع صوته!! لا أنكر أني انزعجت من تصرفه لأني تمنيت أن أقوم أنا بهذا الموقف، وأتركه قبل أن يتركني لكني لم أتأثر كثيراً، والسبب أني لم أحبه أبداً، لذلك لم أحاول مجرد الاتصال به كي لا يتفاخر أمام أهله ورفاقه بأني ألاحقه، وهذا طبعاً ليس من صفاتي، وأعتقد أنه هو الخاسر الوحيد في هذه المسألة، وربما اختفى لأنه شعر بأنه غير محبوب من قبل كل العائلة، وليس فقط من قبلي".
نسيان com.
أما "وسيم سنان" 21 سنة طالب في كلية الهندسة- قسم البرمجيات، فيقول: "لم أعش هذه الحالة، لكن صديقي أحب فتاة وعاش معها قصة حب عميقة، وفجأة اختفت، وغيرت رقمها، وبعد أن سأل عنها كثيراً أخبرته صديقتها أنها تزوجت، واكتشف أنها كانت تكذب عليه. في البداية عاش صديقي أياماً صعبة لأن الصدمة كانت قاسية عليه كثيراً، لكنه بعد فترة تجاوز الأزمة وتأقلم مع الواقع، وأعتقد أني إذا تعرضت لهذا الموقف سأسامح وأنسى، كما فعل صديقي".
غرام وانتقام
بينما كان لـ"شاكر آغا" 19 سنة طالب في كلية الهندسة - قسم الحواسيب رأي مخالف في الموضوع حيث قال: "القصص كثيرة في هذا المجال، ويحدث انتقام بسببها أحياناً، وذلك حسب درجة الوعي عند الشخص، لكن النسبة الأكبر ممن يقومون بهذا التصرف هم من الشباب، بسبب عجزهم مادياً عن الزواج لذلك يلجؤون لعلاقات مؤقتة وقصيرة تشبع رغباتهم، حيث ينهي الشاب العلاقة عندما يشعر بالملل، أو عندما يتعرض لمطالبة الفتاة له بالزواج".
ويضيف: "بشكل عام أنا أعتقد أن أغلب العلاقات العاطفية تكون غير ناجحة، والأفضل للفتاة أن تجلس في بيت أهلها تنتظر الزواج التقليدي، أو أن تكون حذرة إذا أقامت علاقة حب مع أي شاب وذلك بأن تفكر بعقلها، ولا تتسرع بتصديقه أو الوثوق به، والأهم ألا تعطيه شيئاً قبل الزواج".
رأي علم النفس..
الدكتور "محمد الدندل" اختصاصي الأمراض النفسية العصبية ومعالجة الإدمان قال بخصوص هذا الموضوع: "اختفاء الشريك قد يكون لأسباب موضوعية، عندما يتعرض أحد الطرفين لأذى كبير من الطرف الآخر مثل: "الخيانة"، واحتمالات أخرى قد تكون مؤذية جداً لمفهوم العلاقة، وأنا لا أستغرب اختفاء الشريك المفاجئ في هذه الحالة، لأن الموضوع يكون قد لامس الكرامة، وفيه أذى كبير، أما إذا كان الاختفاء لأسباب مرضية فأنا أقول إن من يلجأ لهذا العمل هم من لديهم مرض نفسي خطير كـ"الفصام" أو "الذهان" حيث تتطور عند المريض أوهام حول الشريك، والوهم يصبح عنده حقيقة لا تقبل الجدل عندما يظن أن الشريك يتآمر عليه، ويحاول أذيته، لذلك يختفي بشكل مفاجئ كنوع من أنواع الحماية من الأذى المفترض أو الدفاع عن النفس بناءً على أوهامه، وقد يكون هناك احتمال آخر وهو إصابة الشخص بمرض "اضطرابات الشخصية المعادية للمجتمع"، وهي حالة تحدث كثيراً، وتكون ضحاياها غالباً من النساء، حيث يقيم الرجل علاقة مع الفتاة مع سبق "الإصرار والترصد" لغاية معينة "جنسية أو مادية"، وبمجرد أن يحصل على هذه الغاية يختفي عن الظهور. من يعاني من هذا الاضطراب يكون شخصاً كاذباً، ومحتالاً، ولا يوجد عنده إحساس بالآخر نهائياً أي أن "ضميره ميت"، وكثير من العلاقات للأسف تتم بهذا الشكل حيث يكون الطرف الثاني ضحية، وأحياناً يكون الشخص الذي اختفى هو الضحية، وفي هذه الحالة نحن في علم النفس نتعاطف معه، لأنه تعرّض للأذى الأكبر، لكن هذه الحالات استثنائية".
ويضيف د."دندل": "الاختفاء المفاجئ بشكل عام يشكل صدمة لأنه يخلق إحساس بالخيانة والخداع، وأن الشخص المحب قد استغل، وقد يصل الشخص الضحية للاكتئاب، وتهتز ثقته بنفسه، وبالآخر، وإذا لم يكن صلباً فقد تتأذى قدرته على إقامة علاقات مستقبلية، حيث يُسقط ما حدث معه على كل العلاقات التي تلي التجربة الأولى، ويصبح معرضاً لخطورة التعميم الذي نعده في علم النفس شكل من أشكال الحماية السلبية التي تخفف القلق عن الشخص، وهناك أطياف واسعة من ردود الأفعال مثل الانتقام، أو الهزيمة الذاتية، أو الانسحاب، وتحدث جرائم كثيرة بسبب الانتقام أحياناً"
وعن نسبة اضطراب الشخصية المعادي للمجتمع يقول د. "دندل": "نسبته عالية عند الشباب أكثر من الفتيات، وهذا له علاقة بنمط تفكير ذكوري شائع في مجتمعنا يبيح للرجل أن يفعل ما يشاء بينما الفتاة تكون دائماً مسؤولة عن نتائج العلاقة وبأنها يجب أن تكون حذرة وتتوقع أن يتم خداعها، وبالتالي عليها أن تحافظ على نفسها، وهذه من الأمور السيئة التي تُظلم بها الفتاة، والرجل يبرر بقوله: "أنا لم أجبرها على شيء". الشاب عندنا إذا أوقع بالفتاة بأبشع أساليب الخداع يفاخر بذلك، وهي تدفع الثمن حتى أنها لا تستطيع حتى مجرد أن تشتكي خوفاً على سمعتها وانتقامه منها".
الحب طائر في قفص اترك له الباب مفتوحاً.. إن عاد فقد كان لك.. وإن لم يعد فهو ما كان يوماً لك.
لا تستنزف نفسك بالأسئلة.. لا تطارد نجماً هارباً.. فالسماء لا تخلو من النجوم.. ربما في الحب القادم.. كان من نصيبك القمر.
قل لمن هجرك ورحل:
عساها تطاردك رائحتي.. ويحتجزك حضني.. وتخذلك القلوب جميعها.. فتعود منكسراً إلي..
ملاحظة وتنويه
أتقدم بشكر عميق لكل من ساهم بأي تعليق ومرور على موضوع من المواضيع التي تم نشرها لي وأنا سعيدة بانضمامي إلى أسرة وفريق عمل سيريا نيوز لأنهم أتاحوا لي الفرصة للتعرف على مجموعة من القراء اللطفاء والظرفاء وغايتي الأولى هي إيصال المعلومة أو الحكمة التي ربما تحقق الفائدة للآخرين سواء أكانت طبية أم نفسية أم اجتماعية أم إنسانية والغاية الأخرى هي تبادل الآراء والأفكار مع الأصدقاء الذين يمرون على مادتي مع العلم أن أي حكاية موجودة في قصصي أو تحقيقاتي الاجتماعية هي قصة حقيقية لأناس أعيش معهم وبينهم فأنا لا أكتب شيئاً من الخيال. لذلك أقول لكم دمتم سالمين وشكراً سيريا نيوز