أرسلت لي السيدة "أم دانا " تعرض مشكلة ابنتها البالغة من العمر "ست سنوات " حيث قالت: " ابنتي لا تحب الاختلاط بالآخرين أبداً، وعندما يزورنا أي شخص تختبئ في غرفتها
وترفض اللعب مع الأطفال لا أعرف لماذا تقوم بهذه التصرفات؟ هل تعاني ابنتي من مرض "التوحد "، وكيف علينا أن نتعامل معها "؟؟
أعراض التوحد:
الدكتورة "انتصار الحموي " استاذة في "كلية التربية " جامعة دمشق تقول: لا يمكننا أن نقول عن أي طفل لا يحب الاختلاط بالآخرين أنه يعاني من "التوحد " لأن هذا المرض يتضمن أعراض عديدة ومعقدة فإذا اجتمع أغلبها في طفل واحد نستطيع حينها أن نقول إنه مريض بالتوحد، ومن هذه الأعراض:
"العجز في بناء العلاقات الاجتماعية، التأخر في اكتساب اللغة، التحدث مع الآخرين دون النظر إليهم، عكس الضمائر أي "لا يعرف الفرق بين هو أو هي "، اللعب بطريقة تكرارية، تجاهل الآخرين كأنه أصم، وهو طفل غير ودود متحفظ وفاتر وعندما يكون رضيعاً لا يستجيب للحمل والاحتضان كما أنه يطيل النظر إلى لعبته ويتصف بالرتابة ورفض التغيير، يضحك ويبكي من غير سبب وتكون حركته المستمرة من غير هدف، يتعلق بأشياء معينة خصوصاً "دميته " ويشعر بالحزن الشديد إذا أخذت منه، لكنه يعبّر عن حزنه بنوبات غضب عنيفة، كأن يعض نفسه وقد يبدو الطفل التوحدي عاجزاً عن سماع صوت عالي لكنه يستجيب للصوت المنخفض الذي لا يسمعه الآخرون ".
هذه الأنماط السلوكية تكون موجودة منذ الطفولة المبكرة وهي نتيجة اضطرابات عصبية تؤثر سلباً على عمل الدماغ وتظهر غالباً قبل عمر السنتين وقد أثبتت الدراسات أن "التوحد " يظهر عند الذكور بنسبة أعلى من الإناث.
الأسباب والعلاج:
العديد من النظريات النفسية أكدت أن آباء الأطفال التوحديين يميلون إلى عدم إظهار العاطفة وأنهم رافضون وسلبيون تجاه أطفالهم وباردون في إظهار التفاعل معهم كما أن عدداً كبيراً من الأطفال المصابين بالتوحد جاؤوا من عائلة اتسمت بالتنشئة الغير سليمة، وتؤكد الدراسات أن التوحديين ضحايا نقص بيولوجي يجعل عقولهم شديدة الاختلاف عن عقول الأفراد الطبيعيين، كما أظهرت بعض الاختبارات التصويرية للدماغ اختلافات غير عادية في تشكيل الدماغ لدى الأطفال المصابين بالتوحد، والتشخيص هو العملية الأساسية لمعرفة "التوحد " ومن ثم يمكن تقديم بعض الخدمات لهؤلاء الأطفال حيث لم يتم اكتشاف علاج للتوحد حتى الآن. مثل: المقابلات النفسية التي تتضمن برامج تعديل السلوك وتحسين التكيف ومساعدة الطفل على التخلص من الصراعات والمشكلات الداخلية، العلاج النفسي الجماعي مثل الحوار مع الأطفال المصابين بالتوحد وإدخالهم في مجموعات اللعب وتبادل الأدوار، الكشف عن العلاقات الأسرية المتوترة التي تسبب المشكلات السلوكية والانفعالية عند الأطفال ومعالجتها.