news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
جهلة الأربعين .. مراهقة ضائعة أو مفقودة!! .. بقلم : ريما الزغيّــر

ملامح غريبة لا تشبه ذلك الشخص، تبحث عن التغيير لمجرد التغيير وربما تبحث عن زمن مضى لم نعشه بحلوه ومره "كما يقولون ". هي علاقات شائكة لا مرسى لها نهرب إليها في وقت متأخر من العمر!! هل أصبح المنزل مكاناً يستوجب الرحيل وهل تفتح لنا الحياة أبوابها أم تجبرنا على العودة من حيث أتينا؟


آراء كثيرة ومتناقضة تحدثت في تحقيقنا  "جهلة الأربعين " بين مؤيد ومعارض، وبين من يعدها حالة طبيعية أو مرضية، جاء رأي العلم ليحل هذا النقاش في عبارات مختصرة...     

 

بس استحي عاشيبتك.. ياجدو .. ياجدو حاجي تقلل هيبتك!!

السيدة  "ناديا " تروي قصتها والدموع تذرف من عينيها بسبب تصرفات والدها المحامي الذي بلغ من العمر نحو 63 سنة، وقد أثار مشكلة كبيرة في العائلة بأكملها بسبب تصرفاته الصبيانية، التي عجز الجميع عن إقناعه بالابتعاد عنها تقول:  "والدي لديه ثلاثة أبناء وكلهم شباب وخريجو جامعات حتى أنه أصبح جداً لولدين، ورغم ذلك لا يكف عن تصرفاته المخجلة مع البنات رغم تقدمه في السن. هو يهتم بشكله دائماً ويحافظ على أناقته، وهذا أمر ليس غريباً على أحد لكنه في سنوات سابقة كان عندما يلاحظ أن أحدنا اكتشف علاقته بإحدى الفتيات ينكر ذلك وينهي العلاقة فوراً مع هذه الفتاة، أما الآن وبعد أن أصبح في هذا العمر فإنه تحوّل إلى رجل عنيد جداً حيث أصر على بقاء السكرتيرة التي أحضرها إلى مكتبه ورفض كل توسلاتنا له بأن يجعلها تترك العمل بسبب وجود علاقة بينه وبينها وخصوصاً بعد تأكدنا من ذلك، فقد شاهدناه معها في أكثر من مكان ودائماً كان يتذرع أنه يخرج معها بسبب العمل، لقد فقدت العائلة الأمل في أن يتراجع عن هذه العلاقة التي سببت لنا الحرج من الناس وخصوصاً أهل زوجي الذين ينظرون باستهجان إلى هذا الأب المستهتر بسمعته وسمعة عائلته، ولا يتوانى عن الركض وراء عواطفه دون اكتراث بمشاعر أحد "!!

 

يا مين يرجعني زغير وياخد مالك يا دني

أما  "مروة " فقد تغير حال زوجها فجأة عندما أصبح في عمر 48 حيث بدأ يشتري ملابس جينز وقمصاناً ملونة ويهتم بصبغة شعره وقد كثرت اتصالاته على  "الموبايل " بصوت خافت حتى أنها أصبحت لا تعرف من يتصل به تقول:  "متأكدة أنه يعيش جهلة الأربعين، ولكني لا أعرف إذا كان هذا الموضوع هو حالة طبيعية أم مرض، وهل أتركه يفعل ما يشاء؟ أم أقف في وجهه؟ فكرت مراراً في أن أترك بيتي وأعود إلى منزل أهلي لأنني لم أعد أحتمل تصرفاته وخصوصاً بعد أن تأكدت من وجود فتاة في حياته، لكن أختي نصحتني أن أصبر وأتحمّل مروره بهذه الأزمة، وأنها مرحلة وستنتهي ويعود كل شيء إلى ما كان عليه ".

 

الشيبة هيبة.. ولا عيبة؟؟

زوجي يعيش حالة من عدم الثقة بالنفس ويعاني عقدة نقص كبيرة بهذه العبارة بدأت  "أم داني " طرح مشكلتها وتابعت:  "منذ أن بدأ الشيب يظهر في رأسه وأصبح عمره 49 سنة انقلبت حاله بشكل غريب فقد أصبح يتصرف بطريقة صبيانية. حاولت التحدث معه في هذا الموضوع لكنه كان ينفعل بشدة ويقول إنه يهتم بنفسه فقط، وتصرفاته طبيعية وأكثر ما أزعجني في هذا الموضوع هو سخرية الجيران منه وتعليقهم عليه فهم يضحكون عندما يرونه في المصعد أو على مدخل البناية لأنه يضع كيلو  "جل " على شعره كلما أراد الخروج من المنزل، وأصبح يشتري قمصاناً بلون زهري وأصفر، ويفتح أزرار القميص كالمراهقين، والأغرب أنه يرتدي سلسالاً عريضاً في رقبته!! لم يعد أحد ينظر إليه باحترام من الجيران ماذا أفعل؟ ".

 

قلبك شب.. بتبقى شب.. لو عمرك فوق المية!!

 "أم أيمن " امرأة تعيش جهلة الثمانين وليس جهلة الأربعين إنها امرأة غريبة الأطوار حقاً ولا تتردد في خوض تجربة زواج جديدة رغم بلوغها هذا العمر تقول: " تزوجت زواجي الرابع وأنا في عمر الثمانين فأنا لا أجد عيباً في ذلك، وأرى نفسي ما زلت قادرة على الاستمتاع بالحياة كأي فتاة في مقتبل العمر، وأنا أرى أن العمر ليس مشكلة فالمهم أن تعرف المرأة كيف تتعامل مع الرجل، وتؤمن له الراحة الكاملة في المنزل، وتكون طباخة ماهرة وتعتني به كثيراً وتتعامل معه وكأنه طفل صغير وتغدق عليه بحنان الزوجة حتى لا تترك له مجالاً لأن يفكر بالارتباط بامرأة غيرها، وهذا ما أفعله أنا تماماً لدرجة أن زوجي الذي يصغرني بأربعين سنة  "وهو شاب وسيم جداً " يعيش السعادة الكاملة معي من كل النواحي ولا تبقى عنده قدرة على القيام بعلاقة أخرى. الكثير من الناس يقولون لي أن أزواجي الأربعة تزوجوني طمعاً بأملاكي وأموالي، وأني أصبحت جدة لأحفاد تزوجوا وفاتني قطار الحب والزواج لكني أرفض هذا الكلام وأعيش حياتي كما لو أني في عمر الأربعين، ولا أعترف بما يسمونه جهلة الأربعين أو الثمانين ".

 

 "محمد ناعسة " مدرب رياضي في مدينة الجلاء بالمزة 52 سنة لا يبدو عليه العمر أبداً حتى أني توقعت أن يكون عمره 40 سنة فقط، ربما لأنه رياضي، بالإضافة إلى اهتمامه بشكله. يقول عن جهلة الأربعين:  "أنا أجدها حالة طبيعية جداً وأسبابها تعود لوجود نقص عائلي في المنزل فيشعر الرجل أنه يريد تعويض هذا النقص ليثبت لنفسه أنه ما زال شاباً، وأبرز ملامح هذه الحالة تغيير لون الشعر وتغيير  "الموبايل " كل فترة، وربما تغيير نبرة صوته ليصبح ناعماً، وهذا طبعاً عكس ما يكون عليه في المنزل، والفتيات يقبلن بالعلاقة لأنهن يعتبرن ذلك صفقة مادية، لذلك إذا كان الرجل الجاهل فقيراً فسيعاني ربما من صعوبة في إرضاء رغباته وميوله ولن يجد طلبه ".

 

وعن اهتمامه بمظهره يقول السيد  "ناعسة ":  "طبيعة عملي تتطلب الاهتمام بالشكل، لكني ملتزم بزوجتي وبيتي، ومخلص جداً لها رغم الإغراءات الكثيرة حولي، وليس بالضرورة أن يمر كل رجل بجهلة الأربعين ".

أما الآنسة  "سماح الشريف " 30 سنة تقول عن رأيها في هذا الموضوع إنه ظاهرة مرضية حتماً وتضيف:  "الرجل عندما يمر بجهلة الأربعين فإنه يسيء كثيراً لأولاده، ومن المؤكد أنهم سيعيشون عقدة نفسية بعد ذلك، وهي ضد التقاليد والمجتمع، وأعرف رجلاً تسبب لزوجته بمرض الاكتئاب لأنه عاش جهلة الأربعين، حيث انهارت زوجته بشكل كامل فقد أجبر زوجة صديقه بأن تطلب الطلاق من زوجها ثم تزوجها، والأغرب في هذه القصة أنه بعد فترة طلقها، وشعر بأنه كان يعيش مجرد نزوة!! ".

 

الدكتور  "أحمد عصام الدبسي " الأستاذ المساعد في المناهج وطرائق التدريس في كلية التربية – جامعة دمشق يقول:  "جهلة الأربعين لا تأتي من فراغ وهي حالة ليست طبيعية وإنما تحدث لسببين الأول أن معظم من يعيشوا الجهلة يكونون قد تزوجوا في عمر مبكر فيرون أنه قد غُدر بهم في ذلك العمر ولم يكن الزواج من اختيارهم أما بعد أن يصبحوا ناضجين فيكتشفون أن حياتهم لا تعجبهم ويحاولون تغييرها بعد مرور سنوات على الزواج أو أن تتغير ظروف الشخص الاقتصادية أو الاجتماعية أو العلمية فيشعر أنه بحاجة إلى تغيير أوضاعه الخاصة. إذاً هناك أسباب بعيدة عن التعويض أو الرغبة لمجرد الرغبة وهي أسباب نفسية موجودة منذ بداية ونشأة حياة الإنسان. الكثير من الدراسات تقول إن من استطاع أن يختار زوجته في عمر النضج والوعي وعن قناعة فلن يعيش حالة الجهلة، و أحياناً تحدث الجهلة بسبب تقصير من الطرف الثاني أي الزوجة التي تهتم بالأولاد والمنزل وتتناسى طلبات زوجها وتبرر له ذلك بجملة  "لقد كبرنا على هذه الأمور " بينما ما يزال هو يتمتع بالطاقة والحيوية التي لا تقدرها زوجته وبالمقابل تكون هناك مغريات من الخارج تفتح له المجال لدخول مغامرة جديدة باللاشعور ودون أن يستطيع مقاومتها ".        

 

رأي الاختصاصي 

المحامي الدكتور  "محمد خير أحمد الفوال " أستاذ في  "جامعة دمشق "- كلية التربية اختصاص علم النفس، تشريعات الطفولة، اللغة العربية، طرائق تدريس اللغة الفرنسية، وأستاذ في  "جامعة السوربون الخامسة " بدأ تعليقه على هذه الموضوع معرّفاً  "جهلة الأربعين " بأنها:  "شعور الإنسان الذي تقدم به العمر بالخوف وإن كان قد فاته شيء فيحاول أن يعوضه قبل أن يزول الأمر تماماً، وهي نقطة انعطاف كبرى تجعل الإنسان يتعلق أو يخاف أو يريد أن يعوض من باب التعويض ويكون قد مر مع زوجته بتجربة ما أو أنه لم يعش تجربة زواج فيحاول أن يظهر نفسه وكأنه شاب وهذا ما نسميه  "جهلة الأربعين " وهي تحدث مع الرجال والنساء بنفس القوة ونفس الأعمار فما إن تقترب المرأة من سن الأربعين حتى تحاول من باب التعويض أن ترتدي ملابس زاهية وتتزين بطريقة لافتة ولاسيما إذا كانت محرومة وهي صغيرة لتعوض عن نقص سابق ".

 

ويضيف:  "تختلف جهلة الأربعين عن جهلة الخمسين أو الستين في أن الأولى تكون أقوى وهي أصعب الأنواع حيث يتشبث الرجل برغباته أكثر أما في الأعمار الأخرى فتكون نزوة عابرة أو تقليداً أو من أجل لفت الأنظار فكلما تقدم الإنسان في العمر يصبح إدراكه أضعف، ويميل إلى الخرف فيصبح مثاراً لسخرية الآخرين ".

 

لكن ما دور التجارب الأولى للإنسان في مروره بجهلة الأربعين؟؟ يقول الدكتور  "الفوال ":  "حتى لو كان الإنسان قد عاش حياته في مرحلة المراهقة والشباب وبعد الزواج بشكل طبيعي ومتوازن قد يتعرض لهذه الأزمة نتيجة التقليد لرفاقه كما أن  "الجاهل " لا يعرف أنه  "جهلان " ويبرر لنفسه ويرفض أن ننعته بالجاهل ويقول أنا أتصرف بشكل طبيعي رغم أنه يتعرض للكثير من النقد اللاذع والسخرية من المحيطين،  وأحياناً يقول إن الآخرين يغارون منه وقد يكون الرجل قد وصل إلى مرحلة حرجة جنسياً  فيحاول أن يثبت للآخرين أنه ما زال قادراً. العاقل هو من نظر إلى نفسه ويكون واقعياً مع نفسه ومع الآخرين، الإحصائيات تقول إن نسبة الرجال الجاهلين 75% أما النسبة المتبقية 25% فهم لا يمرون بهذه المرحلة بسبب وجود العقلانية اللامتناهية عندهم، أو التسامي أو الخجل أو أنهم لا يستطيعون ذلك كأن يكون الرجل ليس لديه المال أو غير وسيم أو ضعيف الشخصية للإقدام على علاقة جديدة فنراه يقبل بواقعه لكنه يعيش في داخله حالة من التمزق النفسي لعدم قدرته على إرضاء رغباته ".

 

أما عن العلاج فقد قال:  "يكون بالإرشاد من خلال وسائل الإعلام والتوعية الاجتماعية والاقتداء بالآخرين ودور الأبناء والزوجة أن يتقبلوا الوضع ويحاولوا أن يلفتوا انتباهه بشكل تدريجي إلى سلوكه غير الطبيعي دون الضغط عليه لأن الضغط يولد عنده ردة فعل عكسية تزيد من حالته فمن تقول لزوجها مثلاً  "استحي على شيبتك " لا تستطيع أن تتوقع ماذا سيفعل انتقاماً منها على هذه العبارة. الرفق واللين والتوعية بشكل غير مباشر هو الحل المناسب، وبالنهاية أقول إن استمرار زمن هذه الحالة يعود إلى شخصية كل رجل ".

 

وعن نسبة الحالات التي يصل بها الأمر إلى الزواج يوضح:  "النسبة كبيرة ويكون طبعاً زواجاً سرياً وأحياناً يكون علنياً إذا تقصد الزوج إغاظة المحيطين ومع توفر المال لديه الذي يساعده على ذلك أما حالة المرأة التي تصل إلى جهلة الأربعين فإنها تكون أصعب من حالة الرجل لأن ما يُسمح للرجل في مجتمعاتنا لا يُسمح للمرأة إذاً فالحالة طبيعية، وتحتاج فقط إلى النضج والوعي والاستيعاب من الآخرين ".

 

2011-11-17
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد