بالمناسبة الأغلى والأجمل وهي بدء انسحاب الاحتلال الأمريكي لبلاد الرافدين الذي ينتهي بخروج آخر جندي أجنبي منها في نهاية هذا العام، نتقدم بأصدق التهاني والتبريك لشعب العراق العظيم
داعيين له بالمجد والسؤدد والاستقرار والازدهار بعون الله تعالى، ولعله بعد الانسحاب الكامل للأجنبي يتكشف اللغز بالإجابة الشافية على السؤالين ....
كيف سقطت بغداد بهذه السرعة والسهولة في 9 نيسان 2003؟!
أين ذهب الجيش العراقي بجحافله وعديدة وعتاده؟!
ونقدم الدراستين التاليتين
لُغْـــــــزُ العـــراق ؟
دراسة تحليليــة
// حلقة 1 //
كثرت التحاليل والتوقعات والاستنتاجات والتكهنات والسيناريوهات، التي ساقها محللون وصحفيون وكتاب سياسة وباحثون استراتيجيون سياسيون وعسكريون حقيقيون ومدّعون، حول الكيفية التي سقطت فيها بغداد في 9/4/2003 بيد القوات الأكثر همجية من هولاكو، السقوط المذهل والمدهش وغير المبرر في كل الأحوال والظروف والعوامل المختلفة، ولا حتى في أبسط المقاييس والعلوم العسكرية، خاصة بعد صمود رائع وبطولي لقرى وبلدات ومدن العراق، التي تعرضت لموجات الغزو المتتالية، التي أصبحت من الأحاجي والألغاز الصعبة وربما المستحيلة الحل!
فمما ساقوه ومما ساقته وسائل الإعلام المختلفة بأنواعها المرئية والمقروءة والمكتوبة والإنترنت أيضاً، نعرض بعضاً منها بإيجاز كما يلي:
أولاً: قيل أن صدام حسين ونجليه وبعضاً من قيادته، بينما كانوا يعقدون اجتماعاً في مكان ما في حي المنصورة في بغداد، قد قتلوا جميعاً، بنتيجة القصف الصاروخي بمختلف الوسائل، المبني على معلومات استخباريـة موثوقة، وبنتيجـة ذلك سقطت لاحقاً بغداد بالكيفيـة التي سقطـت بها. لكن لم يعثروا لا على جثثهم، ولا حتى على أي أثر يدل على حدوث هذا الأمر. وربما يُكشف المستور مستقبلاً، هذا إن وجد أصلاً!.
ثانياً: قيل أن انقلابا داخلياً قد حصل على سلطة صدام حسين، قاده بعض من قيادته العسكرية والسياسية، بما فيهم بعض من الحرس الخاص والحرس الجمهوري وقيادة الجيش العامة، وقام الانقلابيون بالتفاوض مع الأمريكان، واتفقوا معهم على إخلاء بغداد من المقاومة ودخول القوات الأمريكية الغازية بأمن وسلامة إليها. مقابل ماذا ...؟! الله أعلم.
فلا أحد يعرف مضمون الاتفاق الذي حصل لا بالعموميات ولا بالتفاصيل، هذا إن كان قد حصل أصلاً. ولم يؤكد أحد أن هذا الانقلاب قد جرى فعلاً، ولم ينفه أحد أيضاً. ولا أثر عملي لحصوله إلا تبريراً لسقوط النظام وسقوط بغداد بالكيفية التي سقطتا بها، أو تفسيراً له.
فأين صدام ومن معه؟ قُتلوا؟ أين جثثهم؟ سُجنوا؟ أين؟ سُلموا للأمريكان؟ كيف ومتى؟ لماذا لم يعلن أحد شيئاً من هذا...؟!
ثالثاً: قيل أيضاً أن السفير الروسي الذي وصل دمشق، وعاد إلى بغداد ليلة 9/4/2003، قد اتفق مع الأمريكان على إخراج صدام حسين وقادته، وعددهم حوالي السبعين من بغداد إلى روسيا. وقد حدث ذلك وفق السيناريو التالي: حيث انقطعت الكهرباء عن بغداد....من قطعها؟ ومنع التجول فيها.... بأوامر من؟ وحطت طائرة روسية ضخمة للنقل في مطـار صدام الدولي ( بغداد ). بعد أن استولت القوات الأمريكية عليه، بعد معارك ضارية وشرسة، سقط فيها المئات إن لم يكن أكثر من الأمريكيين، حسب رواية بعض المتطوعين العرب، الذين كانوا يقاتلون المعتدين هناك، حتى انهم يروون بمرارة و ألم، انهم بقوا لوحدهم يجاهدون، بعد اختفاء المقاتلين العراقيين من هناك، ولم يدروا أن هؤلاء المقاتلين العراقيين، قد قتلوا بمجزرة تُعد من جرائم الحرب الموصوفة، زاد عددهم عن أربعة آلاف شهيد، مازالت جثثهم هناك، وحتى تاريخه لم تسمح القوات الأمريكية لأحد من الاقتراب من المنطقة، تعتيماً على المجزرة.
هنا أيضـاً لا دليل إثبات على حدوث هذا السيناريو، ولا حتى أي اثر عملي له، إلا اللهم كتفســير لسقوط بغـداد، وبالكيفيـة التي حصلت.
رابعاً: قيل أن اتفاقا قد تم إبرامه بين قادة الحرس الجمهوري من الصف الأول مع الأمريكان، على إخلاء قواتهم من بغداد، وتسهيل دخول القوات الأمريكية إليها بدون قتال، وبأمن وسلام لهذه القوات، وبعبارة أدق تسليمهم بغداد. مقابل إعطائهم الجنسية الأمريكية، إن رغبوا وأموالا طائلة، ونقلهم مع عائلاتهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية، أو إلى أي مكان يرغبون. على أن ينقلوا للصف الثاني من قادة الحرس الجمهوري أمرين:
أولهما: التزام القوات الأمريكية بنقل هؤلاء مع عائلاتهم إلى أماكن آمنة، تقع تحت سيطرة هذه القوات لضمان أمنهم، وحياتهم مع إعطائهم أموالاً مغرية.
وثانيهما: أن ينقل هؤلاء إلى مرؤوسيهم المباشرين، بان إخلاء بغداد وعدم محاربة القوات الأمريكية الغازية، هو خطة سرية وفخ مضروب للقوات الأمريكية المعتدية هذه، كي ما تدخل بغداد وهي مطمئنة وآمنة، ومن ثمّ يصار إلى مهاجمتها وسحقها وتدميرها تدميراً كاملاً، وحسب هذا الاتفاق وحسب هذا السيناريو، سقطت بغداد بالكيفية التي سقطت فيها بأيدي المعتدين.
أقول في هذا المجال قد يكون هذا قد حصل فعلا أو ربما لم يحصل أبداً. لكن أين الدليل على أن هذا الاتفاق قد تم فعلاً؟. فلا أحد أكده، أو صرح به ممن يهمهم الأمر.... فقد يقول قائل، لا أحد له مصلحة بذلك. وأقول بالعكس، الولايات المتحدة الأمريكية لها كل المصلحة بذلك، إحباطاً لمعنويات الشعب العراقي العظيم عامة ولجيشه خاصة. ورفعاً وتعظيماً لقدرة المخابرات الأمريكية على الفعل الكبير في الوقت المناسب والضروري جداً أيضاً. وربما تغطيةً لفشل هذه المخابرات المتكرر والخطير، بدءاً من أحداث 11 أيلول الشهيرة، إلى غزو العراق. فقد قدمت هذه المخابرات معلومات ضللت فيها القيادة السياسية والعسكرية الأمريكية والمتحالفين معها، مفادها أن شعب العراق سوف يرحب بقدومهم ترحيب المُحرِرين، ويلاقيهم بالورود والرياحين، كما وكأنهم عائدون إلى بلادهم منتصرين.... لكنهم فوجئوا منه، أي من الشـعب العراقي بقتال شرس وعنيد، ومقاومة ضاريـة وجبارة، وعمليات استشهاديـة مشرفة ومباركــــــة. أرعبتهــم وأذهلتهم، لا بل وأجبرتهم على إعادة النظر بكل خططهم العسكرية الموضوعة، وحتى على طلب الإمدادات اللازمة، والانتظار لالتقاط الأنفاس والمراجعة المستمرة والسريعة لكل ما حصل.
- وربما تكون رواية أمريكية من ألفها إلى يائها، سربتها المخابرات الأمريكية، كدليل على نجاحها في اختراق أمني بهذا الحجم الكبير، تتويجاً لعمل حثيث ومضني، لعدة شهور من التفاوض مع بعض قادة الحرس الجمهوري الفاعلين قبل الحرب وأثناءها. وأثمرت بهذه النتيجة المذهلة..... سقوط بغداد وسقوط النظام فيها بأبسط وأيسر، مما لا يتقبله عقل أو يتصوره عاقل.
- وربما تكون رواية متخيلة، كتفسير للكيفية التي سقطت بها بغداد، بهذه السرعة والسهولة المفاجئة لكل الناس عامة وخاصة، والذي لن يكون تفسيراً حسبما اعتقد إلا بأحد أمرين:
أ- بالخيانة الوطنية العظمى لشعب وجيش العراق، بالاتفاق على التسليم والاستسلام للأعداء بدون قتال، ودخول بغداد بالأسلوب الذي حصل.
ب- بالقرار الصعب والمرير، أياً كان صاحبه، بإخلاء بغداد من كافة المقاتلين مهما كانت صفاتهم، وعدم القتال والصمود، كما يفترض أن يكون، وكما كان متوقعاً، أن تكون معركة بغداد هي الأصعب والأشرس والأطول.... وكانت غاية القرار إن وجد، تجنيب بغداد التدمير والحرق، وتجنيب سكانها الآمنين، الإبادة المتوقعة، استناداً لما قاله الأمريكان بصريح العبارة والقرار، بأنهم لن يخوضوا حرب مدن وشوارع إطلاقاً، و أنهم عازمون جداً على احتلال بغداد وإسقاط النظام فيها، حتى ولو اضطروا لإتباع سياسة الأرض المحروقـة، بكافة الوسائل المتوفرة لديهم، بما فيها استخدام أسلحة التدمير الشامل، التي لوحوا بها، أو ما يشبه أسلحة التدمير الشامل. وقد فعلوا بالثانية ما فعلوا. ويا هول ما فعلوا.... !!
جـ- وقد يكون الأمران قد حصلا فعلا حتى وقع ما وقع. فمن الممكن أن يكون اتفاق الخيانة قد حصل بالسيناريو الذي عرض كحقيقة من جهة، وكطعم من جهة أخرى أيضاً أي:
1- تسليم بغداد كخيانة حقيقية أو وهمية وقد حصل.
2- السماح بدخول القوات الأمريكية المعتدية إلى بغداد، بدون قتال يذكر كطعم، والحفاظ على سلامة بغداد وسكانها من التدمير والحرق المؤكدين وقد حصل، والنهوض من جديد تحت أي راية وأي قائد وطني، بالأسلوب الذي عرضه السيناريو المذكور، ولكن هذه المرة أقول كحقيقة، وليس كخدعة للتضليل كما مر. بل كخدعة جدية للأمريكان وقد بلعوا الطعم. ربما هذا آت لا ريب فيه أياً كان شكله، وبأي أسلوب كان، لكنه آت أكيد. والله أعلم.
خامساً: بعد استعراض أغلب السيناريوهات التي قدمت ما قدمت لتبرير أو تفسير سقوط بغداد، بالكيفية التي سقطت فيها. يتبين أن أياً منها قد يكون له نصيب من الصحة والحقيقة، لكن يبقى السؤال الذي طرحه العالم ولا يزال، والذي طرح نفسه على العالم ولا يزال، أين ذهب الجيش العراقي بكل عدته وعتاده وسلاحه وقواه البشرية التي لا يستهان بها؟!! وأين الحقيقة؟!!
قيل كجواب على السؤال؟
أ- أن جزءاً كبيراً من الجيش، قد دمر من قبل القوات المعتدية، لكـن أين وكيـــف؟! يعني أين العتاد والسلاح المدمر؟ لماذا لم يعرض سوى الأقل من القليل منه ومن المستولى عليه؟ صحيح أن الغزاة قد فجروا أيضاً بعض مستودعات الأسلحة والذخائر، ضمن الأحياء السكنية في بعض المدن العراقية، عن عمد، لإرهاب الشعب العراقي وشل قواه، تحت ذرائع لم يصدقها أحد، وكذبها شهود عيان. فهل هذا هو كل عتاد وسلاح الجيش العراقي، الذي تم تدميره، كما يدّعي المدعون؟
ب- وأن جزءاً منه قد أُسر، أين وكيف؟ يوجد أسرى صحيح!! لكــن ليس بالحجم الذي يجيب على السؤال، أين الجيش العراقي الذي يعد بمئات الآلاف؟
جـ - وأن جزءاً منه قد استسلم. صحيح أن بعضاً من قيادة القوات العراقية، قد استسلم كأفراد قادة، ولكن أين القوات التي كانت بإمرتهم، عتاداً وسلاحاً وأفراداً؟
د - وأن جزءا من أفراد الجيش، قد تركوا وحداتهم، وتخلوا عن لباسهم العسكري، وعادوا بلباس مدني، إلى قراهم وبلداتهم ومدنهم وأهاليهم. لكن وباعتراف الأمريكان أنفسهم، انه لا يزال مئات الآلاف من الجيش العراقي مع أسلحتهم مختفين، ويشكلون خطراً جدياً عليهم.
- ومازال السؤال مطروحاً: أين الجيش العراقي البطل؟ لم يستطع أحد حتى الآن الإجابة المقنعة على السؤال. إما لأنه لم يعرف، وليس هذا عيب، أو انه يعلم وآثــر ألا يُقدم خدمةً مجانية لأعداء أمته، سواء كان علمه حقيقة، أو بعضاً منها، أو خيالاً، لا فرق بالمطلق.
و أقول في هذا المجال، انه خطرت لي حكاية الجن التي تعرفون... وكيف يتراؤون... وكيف يختفون في الأرض... وكفى. فهي حكاية خرافية، ولكونها كذلك، فان هؤلاء المحتلين، يمقتون الخرافات، ويخشون الأساطير، لذلك يتصرفون بهمجية حقيقية، وبقلق وارتباك وفوضى واضحة، لا بل برعب حقيقي، فهم لا يعرفون متى تقوم في هذه البلاد القيامة عليهم؟ ومن أي ارض وكيــف...؟!
سادساًً: العراق الآن محتل من قوات غازية معتدية، جاءت إليه بالأباطيل والأساطيل، وبالخراب والدمار، لتاريخه وثقافته ومدنيته ومدنه ومؤسساته وإنجازاته الكبيرة، وحضارته الإنسانية الخالدة، بل وإنسانيته نفسها.... عن سابق قرار، تنفيذاً لإرادة صهيونية ثأرية تاريخية، بحجج وذرائع كذبتها الوقائع، وشهادة الشاهدين من أهلهم كما يقال، فقد اعترف في نهاية أيار 2003 الجنرال ريتشارد مايرز رئيس هيئة أركان الجيوش الأمريكية المشتركة علناً "انه لم يتــــم العثور على أية أسلحة دمار شامل عراقية" هذا بعد أكثر من ثلاثة اشهر على بدء الحرب، وأكثر من شهرين على سقوط بغداد والنظام، وكما صرح بالأمس أيضاً نائب وزير الدفاع الأمريكي بول ولفوتيز، والذي يعتبر أحد المنظرين لهذه الحرب،
والأكثر حماسة لشنها، يقول "إن أسلحة الدمار الشامل في العراق، جاءت تلبية لأسباب بيروقراطية" وأضاف "اتفقنا على أن هذه المسألة هي الحجة الوحيدة التي يمكن للجميع الاتفاق عليها".... فمن هذا التصريح ومن الكثير قبله وبعده، يتبين بوضوح أن هدف الحرب، كما عرف ويعرف العالم في جهات الأرض الأربع، لم يكن إزالة أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة، ولا إسقاط صدام حسين ونظامه، إلا كهدف معلن ليس إلا.... وان الهدف الحقيقي لهذه الحرب كما هو متداول ومؤكد:
1 احتلال العراق، وسلب ثرواته الضخمة عامةً والنفطية خاصةً، والسطو على مقدراته كافة كالقراصنة....
2 الاستيلاء على العراق، كموقع جيو- استراتيجي هام جداً، في المنطقة الأكثر تأثيراً واضطراباً في العالم.
3 القضاء على حضارة العراق، وتراثه التاريخي الإنساني الكبير، وعلى علومه وعلمائه، وعلى ثقافته الزاخرة بالإشعاع الإنساني و.... الخ، تنفيذاً لغرض صهيوني خبيث، ولأغراض أمريكية أخبث....
4 مصادرة قرار العراق السياسي مصادرة كاملة ونهائية، و نقله، من خانة أعداء الكيان الصهيوني، إلى خانة الأصدقاء، وإلغاء كونه عمقاً استراتيجياً عربياً في معركة المصير والوجود مع هذا الكيان، وفي اقله تحييده نهائياً عن الصراع العربي الصهيوني.
5 بث موجة تهديد وترهيب، إلى الأنظمة العربية والإسلامية وشعوبها كافة، كرسالة واضحة الأهداف والمرامي، فالذي جرى في العراق، ممكن أن يجري، ببساطة في أي مكان آخر، من هذه المنطقة كلها، وفي أي زمان.
- وباختصار لم يعثر المحتلون، لا على أسلحة الدمار الشامل في العراق، ولا على أية وثيقة تثبت علاقة العراق بالقاعدة، بالمطلق، لكنهم قد يجدون تزويراً، وهم عازمون وقادرون.... تبريراً لحربهم القذرة والظالمة، وغير المبررة، وغير الشرعية، وغير القانونية، والمناقضة لرأي و إرادة شعوب الكون، بما فيها شعوبهم. لذلك لا بد أن يجدوا المبرر مهما كلـف، وبأية وسيلـة مهمـا كانت..... وقد يخترعون مخرجـاً لورطتهـم الكبيـرة هذه بالكـذب والخداع، "بالزعم أن العراق ربما يكون قد دمر أسلحة الدمار الشامل قبل بدء النزاع" كما قال بالأمس وللمرة الأولى وزير الدفاع الأمريكي نفسه.
- وكذلك لم يكونوا محررين لشعب العراق من نظامه الاستبدادي وجلاديه كما ادعوا.... بل هم استعماريون محتلون، يتصرفون كأنهم أصبحوا مُلاك العراق أرضاً وشعباً وخيراتً، ويتصرفون مع هذا الشعب بأساليب أكثر قذارة ونذالة مما عهده، لا بل بعنصرية متعالية متغطرسة، متباهية بقدراتها الهائلة على البطش والتدمير والقتل التي ربما يكون فيها مقتلها آجلاً.... ومما زاد الأمور سوءاً، قيام ممثل قوات الاحتلال، والحاكم الفعلي باسمها السيد بريمر، بحــل الجيش العراقي والشرطة وأجهزة الأمن، وحـل وزارة الدفاع والإعلام...، أي جرد الوطن من رمز سيادته واستقلاله، بالإضافة إلى الإساءات اليومية المتكررة للمواطنين، وانتهاك حرمة المنازل والمساجد وحتى المقابر، واستباحتها بالمداهمات السريعة والمفاجئة بحثاً عن مطلوبين وتفتيشاً عن أسلحة ومسلحين.... لكنهم لا يعلمون أن هذا سيفجر غضب الشعب الماحق.
- ويتبين من التقارير الصحفية الأمريكية والبريطانية التي تتوارد، انه لم ينته مسلسل التضليل والتزوير والخداع، بل والكذب الموصوف، على شعوب العالم عامة وعلى الأمريكية و البريطانية خاصة. فالحقائق سطعت.... والألاعيب انكشفت.... والفضائح تتالى... وتتالى... ولربما أطاحت برأسي الشر ومن معهما عاجلاً.
- رغم قناعتي أو هكذا أتصور، أن مقاومة شعب العراق العظيم لم تبدأ بعد، ولن تبدأ قبل أن يستتب الأمن ولو جزئياً في الوطن، وليس قبل أن تعاد له ولو جزئياً البنى التحتية أيضاً، إلا إذا ازدادت الأمور سوءاً وهذا الأرجح. وكما يقال المعارك انتهـت، لكن الحرب لم تنته بعد.... لا بل وكما يقول العراقيـون
الأماجد، أن الحرب لم تبدأ بعد.... فإذا ما زلزلت الأرض زلزالها، واشتد أوارها، دفنت المعتدين في باطنها، كما دفنت الكثير من أمثالهم عبر تاريخها... .
ويقولون أيضاً، هذه أرض العراق العظيم، وهذا شعب العراق العريق، الشعب الذي لن يرضى بالاحتلال، ولن يسكت عليه، وسيقاوم المحتلين بكل الوسائل والأساليب المتاحة، حتى يرحلوا عن أرضه المقدسة، أرض الشهداء والأطهار، أرض الأبرار والأحرار.... وما تشاهدون هذه الأيام من مقاومـة باسلـة مبعثرة هنا وهناك، ليست إلا أول الغيـث، والوابل بالانتظار.... رغماً أن المحتل يعتبر هذه المقاومة إما من فلول النظام البائد أو بفعل خارجي، ليعزلها عن رحمها الحقيقي وهو الشعب، وليبرر عجزه عن إخمادها أيضاً. فاحذروا أيها المحتلون، وارحلوا عن أرض العراق، بأقصى ما تستطيعون من السرعة، حفاظاً على دمائكم ودماء شعوبكم، وهذا الأفضل لنا ولكم وللعالم أجمع.... وإلا فالبركان يتململ، والإعصار يتهيأ، والطوفان يتحفز، والموت يتجول بحرية، وطالبوه أكثر مما تتصورون، ولا طاقة لكم بهم ولا بما سيفعلون... !!!.
وأخيراً: أيها القارئ العزيز، عذراً، لقد أطلت عليك، ولم أضف لمعلوماتك الكثير، لكنني حاولت.. .. فما زالت الأحجية قائمة، وما زال اللغز محيراً، وما زال السؤال مطروحاً بلا جواب شافٍ:
كيف سقطت بغداد بهذه الكيفية والسهولة والسرعة.. .. ولماذا؟!!!
وأيـــن الجيش العراقي الكبيـر بجحافله وفرقه وقواه المختلفــة؟!!
اعتقد أن الزمن كفيل بالجواب الحق.... اليــــس كذلـك؟.