صديقي العزيز :
السلام عليكم و ر حمة الله و بركاته.
أما بعد:
أدعو من الله عزّ وجلّ أن تصلك كلماتي هذه و أنت و أهلك و جميع أحبائك بخير و نعمة من الله سبحانه و تعالى .
و أن تكون أيامُكم هناء, و عيشكم رخاء ,و أن تظللكم سحابة السلامة و الأمان , فتقيكم حرّ القهر و لهيب الظلم.
أظنك يا صديقي تتساءل عن سبب كتابة رسالتي هذه في زمن لم يعد فيه الناس يتراسلون برسائل الورق.
هي رسالة عتب صديق على صديقه, و العتاب جلاء للقلوب , و راحة للنفوس , و طرد للضغائن, و محوٍ للأحقاد.
كنتُ و إياك صديقين عزيزين, نمشي درب الأيام سوية , نتقاسم أتراحها , و نتشارك أفراحها , متناسين , بل ناسين انتماءنا لطائفتين مختلفتين , فما كان هذا الأمر يشغل بالنا أو يعكر صفو صحبتنا.
كم كان ذلك اليومُ سعيداً عندي, يوم تقدمتَ أنت لخطبة فتاة وجدتَ فيها أمّاً لأولادك. صدقني يا عزيزي أن فرحتي لم تكن أبداً أقلَ من فرحتك , و أنا أراك تخطو الخطوة الأولى على طريق بناء أسرة تكون قرة عين لك و لأمك و لأبيك.
و منذ ذلك اليوم, و نحن نخطط و نحضّر سوية لليلتك الأجمل في هذه الدنيا, ليلة عرسك , و هل أحلى منها ليلة..!؟
كم كنتَ يا صديقي تقول لي إنه لابد من حضوري ليلة زفافك , رغم بعد المسافة بين مدينتي و مدينتك , و كم كنت تقول إنها دوني لا تكتمل فرحتُها, و إنّك بغيابي لن تكون سعيداً , و كم كنت تقول إني لو تخلَّفت عنك و لم أحضر ليلة زفافك فسيكون هذا فراق بيني و بينك للأبد.
ألم تطلب مني يا صديقي أن أكتب لك قصيدة ألقيها في ليلة العرس...؟ منذ ذلك الحين و أنا ألتقط الصور و أتصيّد الأفكار لكي تكون قصيدةً على قدر حبي لك و حبك لي, لقد كتبتها و هي موجودة في قلبي قبل دفتري
كنتُ سعيداً بقدر ما كنتُ تعيساً عندما تسلل إلي خبرُ زفافك منذ بضعة أيام, صدقني يا عزيزي أنني لم أستطع أن أتصل بك مباركا, و لا أدري ما الذي منعني, فلم أجد لي ملجأً سوى هذا القلم و هذه الورقة اللذان ألفا حماقاتي , و أصبحا يتحملاني مهما أغلظت عليهما القول.
فألف ألف مبارك أيها العزيز, مع أطيب الأمنيات لك بالسعادة و الهناء مع شريكة عمرك و رفيقة دربك, راجياً من المولى عزّ و جل أن يرزقكم الذرية الصالحة التي تقرّ عيونكم , و يكللكم جميعاً بتاج الصحة و العافية.
و أما العتب ... فهو على عدم دعوتي لحضور زفافك , و صدقني لو أنني عرفت موعده لأسأت الأدب و أتيتك بلا دعوة, رغم بعد الطريق بيني و بينك.
لعلي أجعل من الأوضاع الراهنة التي يمرّ بها وطننا الحبيب عذراً لك على عدم دعوتي, ربما يكون اسمي سقط من قائمة المدعوين سهوا, أو أنني بتّ شخصاً غير مرغوب فيه بينكم , أو أنّ عدم دعوتك لي هو خوف مني , أو خوف عليّ.
أيا كان السبب فإني أعذرك,و إن لم يجمعْنا عرسك ,فإني أدعو من الله العلي القدير , أن يجمعنا عرس هذا الوطن الغالي , يومها سنغني جميعاً موالاً واحدأً , وسنعزف كلنا على وتر واحد , و سنشرب نخب الأمن و الأمان و الحب و الوئام, و سنرقص على لحن التسامح و نشبك أيادينا سوية في دبكة تجمعنا كلنا بلا تفريق.
أما القصيدة فأعدك أنني سأحتفظ بها حتى أتزوج و أرزق بولد , و سأوصي ولدي أن يلقيها بعرس ولدك , شريطة ألا تنسى أنت أن توصيَ ولدك أن يدعوَ ولدي ليحضر عرسَه.
مباركٌ لك و لعروسك و دمتم بألف بخير
صديقك المشتاق للقائك