news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
محاولة لفهم البعد الدولي للأزمة السورية ... بقلم الدكتور: هيثم محروس

الكثيرون , و أنا منهم , يحاولون إيجاد تفسير للمواقف الدولية من الأزمة السورية , لماذا يقف الغرب هذا الموقف المتشدد و " ينزع الشرعية " و يدّعي " الدفاع عن حقوق الإنسان " و يستعد للتدخل العسكري " دفاعاً عن المدنيين "


 و في المقابل تقف روسيا والصين موقفهما المعروف المعارض للتدخل العسكري الغربي ؟

في البداية لابد أن نقر بأنه للأزمة السورية بعد داخلي يتعلق برغبة السوريين بالتغيير و الانتقال نحو مجتمع تعددي ديمقراطي يحكمه القانون و يملك آليات كشف الفساد و محاربته , و بعد دولي هو موضوع مقالة   اليوم .

 

برأي يجب البدء في تحليل ما يجري من تركيا " الدولة الجارة " التي يحكمها منذ عدة سنوات حزب العدالة و التنمية المعروف بانتمائه إلى الحركات الإسلامية , و هنا يطرح نفسه السؤال التالي : متى كان الجيش التركي , حامي العلمانية الأتاتوركية , يسكت عن هذا " الاختراق الخطير " و كلنا يذكر مصير الوزارات الإسلامية السابقة من المرحوم اربكان إلى من تلاه ؟ شيء ما تغير في سلوك الجيش التركي الذي هو أحد أهم جيوش الناتو , و محط رعاية و اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية , و يخطئ من لا يدرك أن سكوت الجيش التركي عن الحكومة الإسلامية يجري بموافقة و مباركة الولايات المتحدة الأمريكية  , التي رعت اقتصادياً النموذج التركي و سعت إلى نجاحه .

 

 و لا يخفى على المتتبع كيف أخذت الحركات الإسلامية المختلفة في الدول العربية تتبنى خط الحركة الإسلامية التركية كنموذج .

تزامن هذا الأمر مع الغزو الأمريكي لأفغانستان و العراق و الحديث عن ولادة شرق أوسط جديد , و في نفس الفترة تصاعدت و وتيرة الحديث عن التناقض" السني – الشيعي" عبر عشرات الأقنية الفضائية المروّجة لشيوخ يحضّون صباح مساء على الكراهية الطائفية و ينفخون في نار الفتنة الخامدة منذ أمد بعيد . و تكاثرت الاقنية الفضائية الإخبارية التي سعت , و لمصلحتها , لسد فراغ مهم تركه لها الإعلام العربي الرسمي بقصر نظره و فقدانه للمصداقية لدى الشعوب العربية . و أخذت هذه القنوات الإخبارية تصور التناقضات في المنطقة و كأن التناقض" السني – الشيعي" هو احد التناقضات الأساسية فيها , و شيئاً فشيئاً بدأت تقنعنا بأن أهميته تفوق التناقض العربي – الإسرائيلي .

 

و هنا يجب أن نطرح على أنفسنا سؤالين :

الأول : لماذا هذا الإبراز و تمهيد الطريق أمام الحركات الإسلامية في البلدان العربية ؟

الثاني : لماذا سوريا و هذا الضغط الهائل الذي يهدف إلى تغيير نظامها نحو نظام يشبه تركيبة المجلس الوطني السوري المعروف بالتمثيل المهيمن للحركات الإسلامية فيه ؟

 

من الواضح أن سياسة الغرب في منطقتنا تقوم على خلق, و من ثم,  تأجيج صراع" سني – شيعي" , سيشعل " حرباً مقدسة " مقدّراً  لها أن تمتد لسنوات طويلة , مستنزفة المنطقة بشرياً و مادياً , و محوّلة الصراع من صراع عربي – إسرائيلي إلى صراع" سني – شيعي" سيكون فيه  لإسرائيل دور " الحليف " و ليس العدو .

 

و تداعيات هذه الحرب ستمتد على  رقعة جغرافية واسعة , على امتداد العالم الإسلامي كله , و لا ننسى أن روسيا الاتحادية تضم أقلية مسلمة كبيرة و كذلك الصين و الهند , و انتصار الحركات الإسلامية في الوطن العربي و انتصار إيديولوجيتها الطائفيّة القائمة على احتكار" الحقيقة كاملة"

و رفض أي تأويل غير تأويلها للإسلام , سيؤدي إلى قلاقل ستمدد على مدى انتشار الإسلام , و ستشكل هذه الحركات الإسلامية رأس حربة للغرب يستخدمها للضغط على الاقتصاديات الناشئة في شرق آسيا .

 

و هكذا اكتمل المثلث : الدولة النموذج " تركيا " , قنوات فضائية تقولب  الرأي العام العربي و توجهه  نحو القبول بالحركات الإسلامية و تقديمها و كأنها تملك الحل لما يواجهه الوطن العربي من مشكلات , استثمار للانتفاضات الشعبية العربية ذات المطالب المحقة لتكون درجاً تصعد عبره الحركات الإسلامية إلى سدة الحكم مدعومة بقوانين انتخابات صيغت خلال  الفترة الانتقالية توفر الظروف الأنسب لتحصل على أغلبية مريحة ( انظر المغرب , تونس , ليبيا , و قريباً مصر )

 

و سنجد أنفسنا قريباً أمام أنظمة حكم , بطبيعتها العضوية , ستقبل ما يروج له الغرب عن" التناقض السني – الشيعي" و تغلّبه على الصراع العربي – الإسرائيلي .

 

و في هذا الإطار أنا افهم لماذا سوريا الحالية مرفوضة من قبل صنّاع السياسة الغربيين و من يمشي على هدى سياساتهم من العرب , و لماذا تقف روسيا و الصين هذا الموقف من الأزمة السورية, و في النهاية هذا رأي قد يصيب و قد يخطئ , و لكن اعتقد أنه يستحق المناقشة من قبلكم .         

2011-12-15
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد