news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
العقوبات الاقتصادية !... بقلم : نزار علي

لنفرض جدلا أن هناك ظلم و اضطهاد يمارس من قبل الدولة على الشعب (مع العلم أن هناك ارتباط عضوي بين الدولة و الشعب ) , و أن هناك حقوقا يجب أن تعاد لأصحابها , حسناً


باعتبار أن دول الخليج و الإمبراطورية العثمانية التي أحد معالمها الرئيسية (أساليب منحلة و مريضة ووحشية في القتل كالخازوق العثماني ) مثلا مهتمة جدا بموضوع دماء و كرامة المواطن السوري ولقمة عيشه لدرجة  أنها قررت معاقبة الشعب السوري ...

 

لم أفهم كيف يمكن معاقبة الحكومة السورية  و المصرف المركزي المسؤول عن إدارة النظام النقدي للبلاد و تمويل المستوردات من دون معاقبة الشعب السوري .

 

بصراحة أعتقد أن هذه العقوبات موجهة للنيل من المواطن السوري العادي و بالأخص الفقراء .

كيف ستؤثر العقوبات الاقتصادية العربية الدولية (العصملية) , على المواطن السوري العادي ؟

سيكون للعقوبات جانب مظلم و جانب مشرق :

 

الجانب المظلم :

لاشك أن المواطن السوري العادي هو المتضرر الرئيسي في هذه العملية  من عدة جوانب

من المعروف أن النمو السلبي للدخل القومي سينعكس بشكل مباشر على المواطنين باعتبار أن معدل دخل الفرد ليس إلا ناتج قسمة الدخل القومي على عدد السكان و سيتحقق هذا النمو السلبي بسبب هروب الاستثمارات من البلاد و حتى الاستثمارات التي ستبقى في البلاد ستواجه صعوبات تمويلية هائلة مما يخفض معدل العائد على الاستثمار الذي سينعكس بدوره على الدخل القومي سلباً

 

من ناحية أخرى من المؤكد أن العقوبات ستشكل ضغوط على العملة السورية مما يؤدي إلى إضعافها و انخفاض قيمتها أمام العملات الأخرى  (انخفاض القيمة الخارجية للعملة )

 

كما أن هذه العقوبات ستؤدي حتما لارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية المستوردة و غير المستوردة  (انخفاض القيمة الداخلية للعملة ).

المستوردة بسبب صعوبة تمويلها بالعملة الصعبة و غير المستوردة بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج حيث أن جزء هام من عناصر التكلفة قد يكون مستورد .

التصرف الطبيعي للإدارة الاقتصادية و النقدية في البلاد سيكون الاستجابة لهذه المعطيات عن طريق زيادة الأجور (لتفادي كارثة اجتماعية ) و ستحاول الدولة أيضا اللجوء لعملية التمويل بالتضخم لسد فجوة التمويل الاستثماري التي تشكلت بسبب العقوبات , أي أن التضخم سيكون إجراء إسعافي .

 

كما سبق إن انخفاض الدخل القومي للدولة سينعكس على الدخل الفردي و سيأتي التضخم ليلتهم جزء آخر من هذا الدخل و بالتالي هناك ضرر سيحيق بذوي الدخل المحدود (الجزء الأكبر من القوة العاملة في البلاد ) .. أما بالنسبة للعاطلين عن العمل فالمشكلة ستكون مضاعفة ناهيك عن زيادة معدل البطالة الذي يتناسب عكساً مع الاستثمار و النمو الاقتصادي ..

 

وبالتالي هذه العقوبات ليست إلا إجراء انتقامي بحت بحق الشعب السوري و تقترب عمليا من مفهوم الإرهاب الاقتصادي و هي أي هذه العقوبات لا تعدو كونها إجراء يائس ينضح بفشل كل من ساهم بإبرامها.

 

بناء على ما سبق سيكون الموضوع مسألة وقت حتى يدرك الجميع في سورية خصوصا (المعارضة) أنه تم التلاعب بهم و أنهم استخدموا كوسيلة رخيصة و تم استهلاكهم بشكل بشع من قبل الدول العربتركية و الغربية, ولو كان هؤلاء فعلا يهتمون بالشعب السوري (أي الدول العربعصملية و الغربية ) لكان عندهم على الأقل احترام للقمة عيش  هذا الشعب ..كيف تدعم شخصا عن طريق تجويعه و التضييق عليه ؟ ألا تجدون معي أن المعادلة غير متوازنة ؟؟؟

إذا كان الهدف هو ( إيقاف القتل ) كيف يكون تجويع من لم يقتل بعد حل لمشكلة القتل في الأساس , كيف يكون انتهاك كرامة المواطن السوري هو حل لمشكلة ( القتل ) .. مجرد استخدام مصطلح (عقوبات ) هو إهانة سافرة لكل سوري .

 

الجانب المشرق للعقوبات :

هذه العقوبات ستشكل صدمة إيجابية لكل السوريين بغض النظر عن انتماءاتهم, الموالون و المعارضون, إذا سلمنا جدلا أن هناك معارضه بالمفهوم الطبيعي للمعارضة  قد يكون مصطلح المحبذون و غير المحبذون in favor with or not in favor with  أكثر تعبيرا. ستجعل الجميع يتوقف لحظة للتفكير و ستعطي فرصة للجميع لتقييم حجم الخراب الذي حل بالوطن , ستعطي الجميع فرصة للإجابة على السؤال   من هو العدو ؟؟؟

 

إذا كان انتماؤنا السوري موضع شك قبل هذه العقوبات , بعد العقوبات سيتأكد هذا الانتماء , إذا كان الفخر الوطني موضع شك, بعد العقوبات سيتأكد الفخر .

هذه العقوبات لن تميز بين طائفة أو منطقة في سورية .... هذه العقوبات لن تمييز بين رجل أو امرأة أو طفل يحتاج إلى حليب أطفال.

هذه العقوبات لن تميز بين موظف أو عامل أو مهني

 

هذه العقوبات ستلعب دوراً في تعزيز الوحدة الوطنية و إعطاء الهوية السورية بعداً جديدا و عميقا ملامسا للواقع.

من الناحية الاقتصادية  إن قوة اقتصاد معين لا تقاس بأي رقم أو مؤشر واحد يتم تداوله في سياق الحسابات الاقتصادية القومية , كالناتج المحلي الإجمالي , أو الدخل القومي وإلى ذالك من مؤشرات ..إن قوة اقتصاد معين تقاس بمدى اعتماد هذه الاقتصاد على نفسه و هذا ما يفسر قوة الاقتصاد الأمريكي فقوة الاقتصاد الأمريكي لا تنبع من أن الولايات المتحدة تتمتع بأكبر دخل قومي بل بسبب اعتماد الاقتصاد الأمريكي على نفسه . و إمكانية زيادة هذه القدرة بأي وقت . أي أن قوة اقتصاد الدول لا تتبع مؤشرات الدخل القومي لهذه الدول وإنما يخضع تصنيف هذه القوة إلى عدة عوامل أخرى أهما قدرة الاقتصاد على الاكتفاء الذاتي ,حتى لو تراجع ترتيب الدخل القومي الأمريكي إلى المرتبة الثانية سيظل الاقتصاد الأمريكي هو الأقوى في العالم (هذه الكلام لن يعجب المنظرون ) نظرا لتنوع هذا الاقتصاد و توفر الطاقة و المواد الغذائية و الصناعة و القوة العاملة داخليا و لا ننسى القوة العسكرية الهائلة و هذا ما يفسر عدم اكتراث الولايات المتحدة بموضوع عجز ميزان المدفوعات لديها  لأنها لا تعول كثيرا على الخارج ..بسحب هذه المعطيات على الوضع السوري نلاحظ أن هذه العقوبات ستوجه الاقتصاد السوري للاعتماد أكثر على نفسه و بالتالي ستوجهه إلى مقدار أكبر من الاكتفاء الذاتي أي مقدار أكبر من القوة حتى لو تراجع الدخل القومي مؤقتا . و نلاحظ أن الاقتصاد السوري يتمتع أكثر من أي اقتصاد آخر في المنطقة بالقدرة على الاكتفاء الذاتي فالطاقة موجودة و المواد الزراعية موجودة و أدوات الإنتاج يمكن توفيرها بسهولة من عدة مصادر ( الصين  ,روسيا ,,....) أي أن الموضوع يختلف عن فترة الثمانيات من ناحية القدرة على توفير أدوات الإنتاج.

 

و بالتالي هذه العقوبات سيكون لها أثر إيجابي على المدى المتوسط و الطويل من الناحية الاقتصادية .

 

2011-12-11
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد