news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
هل يوجد صداقة حقيقية بين الفتيات؟؟ ...بقلم: ريما الزغيـّر

للصداقة معان جميلة ومقدسة قرأنا عنها الكثير وعشنا بعضها، وفي العديد من القصص كانت عبارة "الصديق أغلى من الأخ" هي عنوان هذه القصة أو تلك


تختلف العصور والأزمان وتبقى القيم والمثل السامية للحياة عنواناً، لكن هذا الاختلاف يحتم علينا أحياناً أن نستبدل أفكارنا بأخرى جديدة وربما نتهم الزمن بأنه تغير فنقول: "في هذا الزمان لا يوجد أصدقاء"، فهل حقاً الزمن هو الذي تغير أم أن الأشخاص أرادوا لهذه الحياة أن تكون قاتمة وخالية من وجود إنسان صادق وصدوق نلجأ إليه عند الأزمات ونفرح معه وقت المسرات.

لقد اتهمت الصداقة بالكثير من الصفات السلبية وخصوصاً صداقة المرأة للمرأة التي يقال إنها تتلاشى مع الوقت بسبب الغيرة والحسد والتنافس، وغيرها من العبارات، لكن اختيارنا للصديقة أحياناً قد يكون خاطئاً أو متسرعاً ولا ينبغي أن نلقي بالتهم واللوم دائماً على الآخرين، ومن كلام الإمام علي بن أبي طالب "كرم الله وجهه" قوله في الصداقة:

لا تَصحَب أَخا الجَهلِ َوإياكَ وَإِيَّاهُ فَكَم مِن جاهِلٍ أَردى حَليماً حينَ آخاه يَقاسُ المَرءُ بِالمَرءِ إِذا ما هُوَ ماشاهُ وَلِلشَّيءِ من الشَيءِ مَقاييسٌ وَأَشباهُ وَلِلقَلبِ عَلى القَلبِ دَليلٌ حينَ يَلقاهُ.

للإجابة عن سؤال "هل يوجد صداقة حقيقية بين الفتيات"؟كانت هذه الآراء والقصص:

صداقة مع وقف التنفيذ!

قد تلخص عبارة "الصديق وقت الضيق" أجمل مشاعر التضحية والتفاني من أجل شخص يحتاج إلى مساعدة ويطلب العون ممن اعتبرهم أقرب إلى نفسه من روحه، لكن بوجود أشخاص يفتقدون العطاء ويطلقون على أنفسهم صفة الأصدقاء هم بحق أناس يستحقون نظرة تأمل واستغراب، كحال "نسرين" التي تحدثت عنها صديقتها "رنا" قائلة: "استمرت صداقتي مع "نسرين" لسنوات، ولأنني وجدت فيها الإنسانة الهادئة المتزنة صاحبة المبادئ والأخلاق تمنيت أن تقوى علاقتنا فهي تشبهني بشكل كبير، وبالفعل مع الأيام أصبحنا أصدقاء بل أعز من الأخوات، وكنت بكل طيبة وسذاجة أحكي لها أسراري ومشاكلي وأطلب رأيها في أي شيء يحدث معي، وكانت تنصحني دائماً وتستمع لي بإصغاء، وتصارحني هي أيضاً بمشاكلها.

أذكر مرة أنها وجدت فرصة عمل في دولة خليجية وسافرت إلى هناك، ولا أنسى ماذا حل بي بعد أن سافرت، لقد عشت أسبوعاً كاملاً من البكاء وأصابتني حالة مرض وإعياء شديدين بسبب حزني على سفرها، لكنها لم توفق بعملها وعادت إلى سورية بعد أشهر، وأصبحت صداقتنا أقوى من السابق، وفي يوم من الأيام اتصلت بي وأخبرتني أنها ارتبطت بشخص يحبها وقد خطبها من أهلها، وقالت لي: " ألن تقومي بزيارتي"؟ لا أنكر أني صُعقت من الخبر فهي لم تحدثني عن عريس أو حبيب يريد خطبتها فكيف حدث ذلك بسرعة، وعندما عاتبتها بررت بأن الأمور حدثت بسرعة ولم يكن عندها وقت لتحكي لي عن هذا الشاب، حاولت أن أمتص غضبي وتعاملت مع الموقف على أنه أمر طبيعي لكنني انزعجت بشدة، وشعرت أنها أخفت عني الموضوع خوفاً من غيرتي أو حسدي، رغم أني أتمنى لها دائماً الخير، لقد مرت صديقتي بظروف صعبة كثيرة بعد خطبتها وكنت دائماً إلى جانبها، فقد تركها خطيبها وسافر، وقد أصيبت بحالة نفسية سيئة، لكنها تغلبت على المشكلة بعد فترة وعادت كما أعرفها متفائلة وصاحبة نكتة.

بعد فترة ازدادت المشاكل بشكل كبير بيني وبين الشخص الذي أحبه ويريد الزواج مني لدرجة أني فكرت بالانتحار، واتصلت بها أخبرها أنني سأرمي بنفسي تحت أي سيارة، وكنت أبكي بشدة ومنهارة بشكل كامل، وبالفعل خرجت إلى الشارع أمشي مسرعة دون أن أرى أي شخص أمامي، وبعد لحظة تسمّرت في الشارع دون أن أتحرك، وقلت في نفسي: "سامحني يا ربي لقد وهبتني الجسد والروح فكيف فكرت بالانتحار دون أن أخافك"، وعدت إلى المنزل وأنا أبكي وأطلب المغفرة من الله، وجلست أقرأ بعض الآيات من "القرآن الكريم" لعلني أرتاح وأشعر بالطمأنينة، وفي المساء تذكرت أن صديقتي لم تفكر حتى بالاتصال بي لتمنعني من الانتحار، فلمعت الدموع بعيني وقلت لنفسي يكفيني أن الله معي، عشت حالة نفسية صعبة دون أن أراها وكانت تكتفي بالاتصال أحياناً للاطمئنان عني ببضع كلمات، أو لتطلب مني الذهاب إلى السوق أو المطعم لكني قررت أن أتعامل معها بشكل رسمي، وهي الآن صديقة مع وقف التنفيذ".

لقد صدق من قال:

لا تشكي للناسْ جرحاً أنتَ صاحبهُ لا يؤلمُ الجرحَ إلا منْ بهِ ألمَ

يأتي الزواج فيتلاشى معنى الصداقة!

أحياناً نعيش وهم الصداقة كما نعيش وهم الحب تماماً فننخدع بأشخاص كنا نتصور ولفترة طويلة أنهم الأقرب إلينا والأصدق والأوفى، لكن الأيام تثبت عكس ذلك، خصوصاً إذا كان للصديقة ماضٍ سيئ تخاف من افتضاحه يوماً ما، هذا ما قالته "جميلة" التي تخلت عنها صديقتها فجأة تاركة وراءها الكثير من علامات الاستفهام والتعجب؟! حيث قالت: "كنا أعز صديقتين ونحكي لبعضنا كل صغيرة وكبيرة، أربع سنوات ونحن صديقتان في الجامعة، لم أتوقع يوماً أن تصبح صديقتي هي عدوتي الوحيدة، لقد أعطيتها كل أسراري، وهي أيضاً أعطتني أسرارها، لكنها بعد أن تزوجت قطعت علاقتها بي بشكل سريع ولم أعرف السبب!! لكني تأكدت بعد ذلك أنها كانت تغار على زوجها مني رغم أنه يحبها جداً ولا ينظر إليّ إلا نظرة التقدير والاحترام، واكتشفت أنها تريد أن تبتعد عن أي إنسان يذكرها بماضيها السيئ، وربما خافت أن أقول شيئاً لزوجها عن علاقاتها السابقة، لذلك خضعت لرغبتها واحتفظت بصورتها حتى الآن، فما زلت أحبها وأحن إلى أيامنا الجميلة التي قضيناها معاً وكلما خطرت على بالي أو سألني أهلي عنها أبكي وأنزعج لأنها لا تستحق صداقتي".

وتروي لنا "مها" قصتها مع صديقتها الوحيدة قائلة: "تزوجت صديقتي الغالية جداً على قلبي وفرحت لها كأنني أفرح لنفسي، لكنها لم تعد كما كانت تغيرت تماماً، لم تعد ترد على اتصالاتي، وشيئاً فشيئاً أصبحنا نجتمع فلا نجد موضوعاً نتحدث فيه، أو تتحدث بملل معي، وأحياناً يكون الصمت عنوان جلستنا، حتى أصبحت لا أراها!! لماذا تغيرت معي لا أعرف هل أصبحت مشغولة بزوجها أم أن اهتماماتها ومشاكلها أصبحت مختلفة عن اهتماماتي؟؟ مرت سنتان الآن على زواجها ولا أعلم عنها شيئاً"!!

المصلحة هي التي تؤدي الدور الكبير في علاقات الصداقة بين الفتيات أو النساء بشكل عام، وحتى لو وُجدت صداقة بين فتاتين فإنها لا تستمر بسبب ظروف الحياة والزواج، هذا ما قاله "شادي السعدي" وأضاف: "أنا متزوج ولا أحب أن يكون لزوجتي صديقات، والأفضل أن تتفرغ لبيتها وأولادها، وأعتقد أن 80% من الرجال يتصرفون مثلي، لأن الاحتكاك الزائد بالناس يولد المشاكل، ومن يتحدث عن صداقة بين فتاة وشاب إما أن يكون إنسان يعيش في وهم أو أنه يحب مشاهدة الأفلام الرومانسية كثيراً".

الأم.. هل تكون صديقة حقيقية؟؟

يقولون: "أفضل صديقة هي الأم أو الأخت، وإذا صادقت الفتاة غير أختها أو أمها عليها أن تكون متوسطة في البوح بأسرارها ولا تبالغ فيها أبداً "لا إفراط ولا تفريط"، وصدق الأالأمام علي بن أبي طالب رضي لله عنه عندما قال

"أحب صديقك هوناً فربما يكون بغيضك في يوم من الأيام"،

والسيدة "نبيلة النعمة" تعلق على هذه العبارات قائلة: "أنا صديقة ابنتي وقد أصبحنا صديقتين لأنني لا أتعامل معها بعناد أبداً بل أتركها تكتشف الخطأ بنفسها وتتعلم منه، لكن إذا تجاوزت حدها أوقفها عنده، لقد عوضت ابنتي عن كل ما حرمتني منه والدتي التي كانت تربطني بها علاقة خوف، وبالنسبة للصديقات فأنا أرى أنه لا يوجد فتاة تحفظ سر فتاة أخرى بشكل كامل، لذلك لا أثق بأي صديقة ثقة عمياء، وأؤيد علاقة الصداقة بين الفتاة والشاب طبعاً عندما يكون الشاب مدركاً المعنى الحقيقي لهذه الصداقة".

وبالمقابل هناك آراء أخرى تقول: "تأثير الصديقة أكبر من تأثير الأم، فالأم يقتصر دورها في التوجيه وتقديم النصيحة حتى لا تقع ابنتها في الخطأ، لكن الصديقة تقاربها في العمر، وتفهمها بدرجة أكبر، وتقول لها ما تخجل أو تخاف أن تقوله لوالدتها، أما صداقة الفتاة والشاب فهي فاشلة بالتأكيد، لأن الرجل يحب أن يؤدي دور البطولة دائماً، لذلك يرفض أن يكون الشخص الثاني في حياة الفتاة".

للصداقة حدود..

السيدة "فاديا زريق" عملت لمدة عشرين سنة بالمراسلات في المحافظات ولديها العديد من الصديقات لكنها أصبحت الآن لا تثق بأي إنسانة ورفعت شعار "للصداقة حدود"، تقول: "صديقتي المقربة والعزيزة على قلبي غدرت بي، وليس أصعب من غدر الأصدقاء، لقد اعترفت لزوجي بإعجابها به، وعندما رفض التجاوب معها زارتني في المنزل وحاولت الإيقاع بيني وبينه، وقالت لي: "قولي لزوجك إنه رجل كاذب"، استغربت كلامها وعندما واجهت زوجي قال إنها اتصلت به أكثر من مرة وأبدت إعجابها به، ثم طلبت منه مبلغاً من المال فرفض أن يعطيها المبلغ، لذلك حقدت عليه وقررت الانتقام، لقد قطعت علاقتي بها واتخذت قراراً بعدم مصادقة أي إنسانة بعد اليوم".

النظرة الإيجابية مطلوبة..

ورغم كل الآراء السابقة هناك من ينظر للحياة نظرة مشرقة مملوءة بالتفاؤل كحال "منال فارس" موظفة في الإشراف الزراعي على ملعب نادي الجلاء: قالت: "أفضل أن أنظر نظرة إيجابية إلى الأشخاص، ولا أحب التعميم الإنسان الواعي والناضج هو الذي يستطيع اختيار أصدقائه بطريقة صحيحة".

رأي علم الاجتماع:

الدكتورة "هنا برقاوي" اختصاصية علم الاجتماع في جامعة دمشق تقول:

"في مرحلة المراهقة نرى الفتيات يهربن من جو الأسرة المشحون ويبحثن عن صديقة خارج المنزل، خصوصاً إذا لم تتوافر أم أو أخت كبيرة لتكون بمثابة الصديقة، و"علم الاجتماع" يؤيد أن يكون للفتاة بعمر المراهقة صديقة، شرط أن تعرف الأم أو الأهل من هي هذه الصديقة، وما هي بيئتها الاجتماعية، ولكن ما يُخشى في هذا السن هو تحول الصداقة إلى غيرة، وبالتالي إلى فضائح وكشف أسرار، لذلك يجب على الأم أن تكون قريبة من ابنتها وأن توضح لها أن الصداقة في سن المراهقة تكون غير حقيقية، وبنفس الوقت تتركها لتكتشف ذلك بنفسها وتتعلم من خطئها، مع مراقبتها وتوجيهها، لكن للأسف وجود أهل من هذا النوع قليل جداً".

أما بعد سن المراهقة تقول د. هنا: "علاقة الصداقة بين الفتيات بعد انتهاء مرحلة الثانوية وما بعد تكون أعمق وأنضج وأكثر وعياً، طبعاً إذا كانت الفتاة مترعرعة في بيئة سليمة، لكن للأسف الصداقة في مجتمعنا عمرها ليس طويلاً لأن مجتمعنا شرقي وتتحدد فيه علاقات الصداقة بعد الزواج بسبب ضيق الوقت أحياناً، وأحياناً بسبب رغبة أغلب الأزواج بأن يحددوا لزوجاتهم هذه الصداقات بحثاً عن راحة البال وابتعاداً عن المشاكل".

وتضيف: "بشكل عام أقول إن لم تكن الصداقة مبنية على أسس صحيحة فهي عامل خراب للبيوت، لأنها صداقات مملوءة بالأسرار وبأي لحظة ممكن أن تدمر مصير عائلة بأكملها بسبب كلمة من امرأة، وبالمقابل فإن صداقة الفتاة مع الشاب لا تنجح غالباً وتنجح بشكل كبير عندما تكون علاقة زملاء في العمل فقط، ونحن بدورنا وإن كنا في إطار "علم الاجتماع" نؤيد الصداقة "لكننا" نقول إنه من المهم جداً أن يعتاد كل إنسان ألا يبوح بكل شيء لأصدقائه ".

وبالنهاية نقول: لقد أوصى أحد الصالحين ولده قبل وفاته قائلاً: "يا بني إذا أردت صحبة إنسان فاصحب مَنْ إذا خدمته صانك، وإن صحبته زانك، وإذا مددت يدك للخير مدها، وإن رأى منك حسنة عدها، وإن رأى منك سيئة سدها"، ومن واجب الصداقة أن يكون الإنسان سهلاً في محاسبته لأصدقائه، ويتجاوز ما قد يقع منهم أحياناً من خطأ ليحافظ على بقاء محبتهم ولا يفرقهم من حوله، وليقل دائماً:

"يا رب علمني كيف أعفو ولا تعلمني كيف أنتقم".

 

http://syria-news.com/pic/articles/rimazghir.jpg

 

 

تحقيق : ريما الزغيـّر

2012-02-05
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد