لم أستطع مشاهدة التلفاز لأكثر من دقائق خلال الأسبوع المنصرم ..فكلما أشغل التلفاز على شاشاتنا الوطنية التي لا ينكر أحد جهودها و إنجازاتها في كشف التضليل الإعلامي الخارجي و إيصال الحقيقة و رفع معنويات الجماهير...
أفاجئ بحجم (الهرطقة ) المبالغ فيه من قبل بعض الضيوف – أقول بعض الضيوف - ..مما يسيء لقنواتنا الوطنية قبل أن يسيء لأي شيء أخر ..
نجد محلل سياسي من جنسية عربية بلهجة محببة يظهر إما على شاشة الدنيا أو الفضائية السورية و يقول ( تقارير أجهزة المخابرات الدولية تؤكد كذا و كذا و كذا ) ..السؤال : ما أدراك بتقارير المخابرات الأمريكية و الروسية و الإنكليزية ؟؟ هل هذه الأجهزة مخترقة من قبلك أيها المحلل الكريم ؟؟ أم أنك عضو في أحد هذه الأجهزة و أعلنت انشقاقك ؟؟ إذا كنت من الصادقين فأين هي هذه التقارير لماذا لا ترينا نسخة مصدقة أصولا من أحد مدراء الأجهزة المذكورة ؟ و عليها ختم الديوان بتاريخ حديث .
نجد على المحطة الأخرى رجالات يتكلمون بنفس طريقة رجالات ما قبل الأزمة .... يبدو أنهم لم يقوموا بعملية تحديث المعلومات منذ أكثر من عشرين عاماً... و حتى لو قرروا تحديث المعلومات الآن قد يستغرق الأمر عشر سنوات أخرى بسبب ضخامة حجم الملفات التي يجب أن يحملّوها على القرص الصلب !!!...
ضيف يطل عبر شاشة وطنية يذكر المواطنين بأنهم مدعومين من قبل الدولة , وأنهم يجب أن يكونوا ممتنين للدولة على هذا العطاء ..الخبز يكلف الدولة كذا و المازوت كذا .و يعبر عن تأفف الدولة من المواطنين و لكنه يغفل أمرا هاما و هو إذا كان متوسط الدخل الشهري لا يتجاوز 300$ و نسبة البطالة تتجاوز ال 20% فكيف من المفترض أن يعيش المواطن من دون دعم ؟.....
ضيف هام جدا جداً يكاد يكون وزيرا ظهر بتاريخ 25/1/2012 , على شاشة الدنيا في برنامج حواري , يطمئن المواطنين على موضوع الطعام و الشراب .و كأن المواطن عبارة عن آلة مستهلكة لا تحتاج إلا للطعام و الشراب ..من قال أن تأمين الطعام و الشراب هو إنجاز هائل للدولة ؟؟ هل وصلنا لمرحلة الخوف من المجاعة ؟؟ و ماذا عن متطلبات الحياة الأخرى ؟ ماذا عن اللباس و التعلم و الصحة و الأمن و النشاطات و الثقافة و الرياضة و تفعيل الحياة الاجتماعية و فرص العمل ؟؟ هل يندرج ذالك تحت بند سلع رفاهية ؟؟؟ ماذا عن الشباب و هموم تأمين المستقبل لهم ؟ ماذا عن العاطلين عن العمل ؟ ماذا عن الوضع السياسي و الأمني ؟؟ ما هي خارطة طريق الحكومة ؟ هل الحكومة نفسها تعرف إلى أين ذاهبة ؟؟
ربطة البقدونس ب 25 ليرة ..سمعت السعر على شاشة الدنيا من قبل ذالك الضيف الهام و الذي نصح المواطنين بتغيير عادات أكل (السلطات ) بفتح السين و اللام و الطاء ..فبدلا من استعمال (سلطة ) بفتح السين و اللام و الطاء , تغلب فيها مادة البقدونس أو البندورة البلاستيكة الضارة حسب أقواله ( وهي إنتاج وطني على فكرة ) و على فكرة كان يتم استيرادها لمحاربة الإنتاج الوطني,, لماذا لا نستعمل (سلطة ) بفتح السين و اللام و الطاء , يغلب على مكوناتها مادة الملفوف مثلا , يسأل الضيف !!!. ألا يشعرك هذا المسؤول باليأس يا أخي المواطن ؟
يحاول الضيف الهام نفسه تمرير موضوع ( الواسطات ) في التعيين, بحجة أن المسؤول لا يستطيع تخجيل أقاربه و جيرانه و بحجة أن الذين يدخلون إلى القطاع الحكومي هم سوريون ! ..فلا بأث إذا دخلوا بشكل ( التفافي) .. ما هذا المنطق الصادم ؟؟ بوجود مسؤولين بمثل هذه العقلية أليس من الطبيعي أن يحصل ما يحصل ؟؟
البلد في حالة حرب حقيقية ضد الإرهاب و الناس تقتل في الشوارع و يتم استنزاف الدولة بشريا و ماديا و مسؤولنا الكريم همه الوحيد تمرير موضوع (الواسطات) .....
نحتاج إلى إعلام وطني محترف و هادف و مراعي للمعايير الدولية .. علمية و واقعية أكثر و انفعال و إرهاصات أقل يفي بالغرض .... ويكون ذالك بالتركيز على النوع و ليس على الكم ....