news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
راتب الزوجة.. هل هو شبح يهدد الأسرة؟؟ ...بقلــم: ريمـا الزغـيـّر

تعاني الكثير من الزوجات العاملات من قضية الراتب والذي يمثل هاجساً للعديد من الأزواج فالبعض ينظر إلى الراتب على أنه ملك للزوجة ولها وحدها حق التصرف به، أما البعض الآخر فينظر للراتب على أنه من واجبات الزوجة وعليها أن تساهم بما تتقاضاه من مال في مصروف المنزل، حتى أن الكثير من الشباب اليوم أصبحوا يفكرون بالزواج من فتاة موظفة.


 الاختلاف حول راتب الزوجة وخروجها للعمل يمثل اليوم أحد أهم الأسباب الرئيسية التي تهدد استقرار الأسرة ويؤدي في حالات كثيرة للطلاق فضلاً عن آثار الانعكاس السلبي لهذا الموضوع على مستقبل الأبناء.

 

عن كل هذه التفاصيل كان لنا التحقيق التالي..

الزوجة العاملة تطلب الاحترام.. وتنقصها المبادرة من الزوج

السيدة "رنا الشامي" حاصلة على شهادة "بكالوريوس في الهندسة المعمارية" وتدير العديد من المشاريع في مجال تخصصها بالإضافة لكونها تتابع تحصيلها العلمي حيث تحضّر للحصول على "ماجستير في ترميم وتأهيل الأبنية الأثرية" بالإضافة لأنها موظفة وفوق كل هذا هي زوجة وأم لطفلين يحتاجان الرعاية والاهتمام. والسؤال كيف تستطيع التوفيق بين كل هذه الأعباء وبين الاهتمام بزوجها وأسرتها؟ والسؤال الأكثر أهمية كيف ينظر زوجها إلى مسألة العمل والراتب الذي تتقاضاه؟؟ تقول: "أنا موظفة قبل أن أتزوج وهذا الأمر يدركه زوجي منذ تعارفنا ولا مانع طبعاً عنده من أن أعمل، وأنا أرى ومن وجهة نظر منطقية أن عمل الزوجة أمر جداً إيجابي ولا أجد أن فكرة إنفاق الزوج على المنزل بمفرده هي فكرة صحيحة دائماً وبالعموم فإن متطلبات البيت والزوجة والأولاد قد تغيرت عن السابق وأصبح العبء كبير على الزوج ففي مرحلة من الحياة يجد أي شخص أنه يحتاج لجهد كبير ليستطيع أن يؤسس لحياة مادية جيدة لذلك يحتاج الأمر لتشارك الزوجين في تأسيس حياتهما من الناحية المادية وهذا ليس أمراً خاطئاً أو يقلل من قيمة الزوجة".

 

وعن وجود مشاكل في الحياة الزوجية بسبب راتب الزوجة أكدت السيدة "رن" أن المسألة تتعلق بمدى التفاهم بين الزوجين بمعنى "إلى أي مدى يقدّر الزوج أن زوجته تعمل وتتعب مثله تماماً وربما أكثر منه أو أنه يعتبر عملها بمثابة فرض لتساهم في راتبها بمصروف المنزل؟" وتتساءل قائلة: "هل يعوضها زوجها عن تقديم راتبها للمنزل بأشياء أخرى "مادية ربما أو معنوية"؟ هل يُشعرها أنه يبادر بأي تعاون بسيط في المنزل؟ هي تفاصيل صغيرة تحدث في الحياة الزوجية لكنها تترك أثراً داخل المرأة وتؤذي مشاعرها أحياناً سواء أفصحت للزوج عن ذلك أم لم تفصح الموضوع حساس جداً ويتعلق بنظرة الزوج لزوجته العاملة، وبشكل عام الرجال أنانيون وسلبيون وفي حالات كثيرة الزوجة تعمل لتساعد زوجها وليس لأنها تحب دخول ميدان العمل وبالمقابل فإن الرجال الذين يتصفون بالإيجابية ويكونون قادرين على أن يتعاونوا ويبادروا ليرفعوا معنويات الزوجة هم قلائل للأسف".

 

وعن علاقتها بزوجها فيما يخص هذا الأمر تقول: "زوجي تعنيه مسألة أن أكون امرأة عاملة ليس من أجل المردود المادي فقط بل لأكون مستقلة مادياً ومعنوياً، بالإضافة لما يحدثه العمل من تطور على المستوى الشخصي والمعرفي. أنا وزوجي نسير جنباً إلى جنب ونرتقي إلى الأفضل في عملنا وهو يقدر عملي ويتحمّل غيابي عن المنزل وإهمالي لبعض الأشياء ولا أنكر أنه دعمني كثيراً في عملي وشجعني على الدخول في مشاريع عديدة كنت مترددة أو خائفة من تنفيذها وهو من الرجال القلائل الذين يدعمون الزوجة بهذا الشكل، لكني أحياناً أفتقد المبادرة اللطيفة والرومانسية التي أتمناها منه".

 

المساواة أخذت من المرأة أنوثتها

إحساس المرأة بأنها غير مسؤولة من الرجل مسألة مهمة تترك أثراً عميقاً في داخل الكثير من النساء اللواتي يشعرن بهذا الإحساس المزعج والرجل لا يشعر للأسف بوجود هذه المشكلة بهذه العبارات بدأت السيدة "بدر عبد الخالق" - مدرّسة اللغة الانكليزية- حديثها وقالت: "من الجميل أن يحدث التوازي والمساواة بين الرجل والمرأة لكن دون أن ينسى الرجل أنهما ذكر وأنثى وللأنثى أمنيات كثيرة خاصة بها تتمنى أن يبادر بها الزوج كأن يهتم بها ويدللها ويشعرها بأنوثتها حتى لو كانت موظفة مثله فهو يرى أنها تستطيع الإنفاق على نفسها وربما تكون "نداً له" لذلك ينسى أن يبادر إلى شراء هدية لها أو دعوتها لعشاء رومانسي وأنا متأكدة أن الكثير من الزوجات لا يجدن في إنفاقهن على الأسرة مشكلة بل المشكلة بتعامل الرجل مع زوجته بعد أن تصبح موظفة.  

لا شيء يغني المرأة عن إحساسها بدلال زوجها له".

يؤكد السيد "سامر الجلاد" أن راتب الزوجة ليس مشكلة بل حلاً للكثير من المشاكل لأنه يساهم في رفع مستوى الدخل المادي للأسرة ومعيشة المنزل ويشير إلى أن زوجته تساهم في مصروف المنزل وتصرف على نفسها وعلى الأبناء دون أن يطلب منها ذلك مضيفاً إنه لا يعرف حتى الآن كم تتقاضى زوجته من راتب ولا يعارضها لو أرادت أن تدّخر من راتبها ويقول "هذا من حقه" ويقول: "حتى لو كان دخلي المادي جيداً فأنا لا أمنع زوجتي من العمل أنا لم أسعَ لها بالوظيفة من أجل الراتب بل لأنها هي طلبت أن تعمل كي تشعر بذاتها ولأن لديها طموحاً وأفق معينين تريد أن تحققهما، وأنا لا أستطيع أن أمنعها من ذلك خصوصاً أن أولادنا قد كبروا في العمر ولن يؤثر عملها على شؤون المنزل".

 

الرجل متحرر في الأمور التي تناسبه فقط!

مدير الحسابات في الجمعية السورية للمعلوماتية "محمد علي غازي" يقول في هذا المجال إن موضوع "راتب الزوجة" يرتبط بمدى التفاهم بين الزوجين بالدرجة الأولى مشيراً إلى أن الأوضاع المعيشية الغالية جعلت الزوج مقصراً مع بيته من الناحية المادية لذلك أصبح دور الزوجة مسانداً لزوجها. أحياناً نختلف أنا وزوجتي على أمور مادية لكنه أمر طبيعي ونصل بالنهاية لقرار يرضي الطرفين، وأحياناً تكون الحساسية موجودة أيضاً في هذا الموضوع وتفكر زوجتي بادخار راتبها خوفاً من الزمن لكن الأغلبية لا يستطعن الادخار رغم رغبتهن القوية بذلك".

 

خروج الزوجة للعمل زاد من أعباء المرأة لكن أعباء الرجل مازالت هي ذاتها فهل يفكر الزوج أن يساعد زوجته في مهام المنزل أم أن هذا الأمر خلق مشكلة جديدة يقول السيد محمد: "طبعا هذا أمر طبيعي لكنه يحدث حسب العادة وأنا لم أعتدْ أن أساعد زوجتي في عمل المنزل كما أني أعود متأخراً في أغلب الأحيان لذلك لا يكون هناك مجال لذلك. من المنطق أن يساعد الزوج زوجته لكن العادات في مجتمعنا جميعها خاطئة للأسف ونحن توارثنا هذه العادات وأحياناً يدفع الزوج زوجته للعمل لأنه بحاجة إلى راتبها وبالمقابل يتركها تقوم بالواجبات المنزلية والاهتمام بالأولاد دون أن يساعدها. الرجل في مجتمعنا متحرر في الأمور التي تناسبه وتخدمه فقط لكنه مقصر مع زوجته كثير".

 

الزوجة أنانية.. والزوج طمّاع!!

أما زوجته السيدة "صفاء السبسبي" خريجة معهد رياضي ولاعبة في منتخب سورية لكرة اليد فترى أن الدافع للعمل هو إثبات الوجود فهي تشعر أن المرأة دون عمل لا قيمة لها وتقول: "المرأة بحد ذاتها رمز العطاء وهي قادرة على العطاء داخل وخارج المنزل ومتابعة لكل الأمور الحياتية واليومية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية فمن الضروري والهام أن تعمل المرأة وتثبت وجودها على جميع الصعد وفي أي مجال، أما بالنسبة لموضوع الراتب فالزوجة تشعر حتماً بالسعادة لأنها إنسانة منتجة وليست عبئاً على أهلها أو زوجها وترغب في معظم الحالات بمساعدة زوجها وبالنسبة لي ورغم أني موظفة ولدي راتب لكني أختصر الكثير من الأمور والحاجيات التي تلزمني لأوفر بعض المال للمنزل، لكن بعض السيدات يرفضن المشاركة وهذا يسبب الكثير من المشاكل بين الأزواج لأن الزوج عندئذ  يتهمها بالأنانية وهي تتهمه بالطمع وتصبح "وظيفة الزوجة" مسرحاً يومياً للخلافات والمهاترات".

 

الخلاف على الراتب سبب ظاهري والسبب الجوهري العقد النفسية!!

تلعب غيرة الزوج دورها أيضاً في هذا المجال لعدة أسباب كما تقول "السيدة آلاء" وأولها أن يكون راتب الزوجة أكبر من راتب الزوج وثانيها أن يقوم الزوج بإجبار زوجته على تحمل أعباء المنزل ومصروف الأولاد انتقاماً منها لأنها تتفوق عليه بالشهادة العلمية والمكانة الاجتماعية رغم أنه لا يكون بحاجة إلى راتبها وهنا نجد الخلافات الزوجية التي تحدث بسبب راتب الزوجة ليست سبباً رئيساً بل نتيجة. كما أن الزوجة ترفض في حالات كثيرة المساهمة براتبها عندما تجد زوجها عاطلاً عن العمل أو متراخياً في تحسين وضعه العملي والمادي فأي رجل بلا طموح يقلل من تعاطف المرأة معه.

 

الراتب أو الطلاق!

في حالات عديدة تحوّل الخلاف حول راتب الزوجة إلى مشكلة حقيقية تهدد استقرار الأسرة كحالة السيدة "هلن" التي تسبب راتبها في طلاقها بعد أن اكتشفت أن زوجها وافق على الزواج منها طمعاً في راتبها فقط رغم أنها وعدته منذ البداية أن تساعده في بناء بيت الزوجية لكنه أصبح بعد الزواج يفرض عليها تقسيم مصروف المنزل بينهما بالتساوي كل شهر ما أثار غضبها وجعلها تنعته بالكثير من الصفات السيئة التي أثارت غضب الزوج بالمقابل وجعلته يطرد زوجته من المنزل. مضى على وجود "هلن" ثلاثة أشهر في منزل أهلها وهي تنتظر أن يطرق زوجها الباب ويطلب عودتها إلى المنزل لكن الطارق لم يكن زوجها بل قرار المحكمة والشرطي الذي أحضر لها ورقة الطلاق.

 

رأي مختص:

الدكتور "جميل ركاب" اختصاصي الأمراض النفسية يقول: "من المفترض أن يوظف عمل الزوجة في حلاً مجموعة من المشاكل وإذا أردنا أن نتحدث عن العلاقة بين الرجل والمرأة بحد ذاتها نرى أن هذه العلاقة لن تكون سوية إلا إذا كانت ناضجة ومنطقية بين شخصين مستقلين ومستقرين وقادرين على الإنتاج وعلى تحقيق الذات وهذا يفتح المجال للعلاقة بينهما أن تكون جسراً متيناً بين كيانين مستقلين. العمل واحد من الشروط التي تجعل المرأة أكثر نضجاً ومعرفة وتقديراً للوقت وأكثر تحملاً للمسؤولية وأكثر إحساساً بذاتها وبمعاناة زوجها في عمله وبالتالي أكثر قدرة على فهم الحياة بطريقة مختلفة، وبشكل عام يوجد تغيّر كبير جداً في مجتمعنا، على الأقل جزء كبير من مجتمعنا تحوّل من عائلة ممتدة وكبيرة إلى عائلة نووية صغيرة مؤلفة من أب وأم وأبناء وهم إلى حد كبير مستقلون عن بقية شجرة العائلة بسبب الانتقال من الريف إلى المدينة من أجل العمل. بعد هذا التغيير أصبح أكثر الأزواج الذين يفكرون بالعمل وتحقيق الذات يرفضون فكرة إنجاب عدد كبير من الأبناء وهذا يساهم بصورة كبيرة في ضبط الازدياد السكاني الموجود بما يدفع باتجاه تحسين البنية التحتية الأساسية والخدمات الاجتماعية والحياتية المقدمة من تأمين صحي وعقاري وغيرهم".

 

ويضيف: "ضمن هذا السياق نجد المرأة التي أصبحت تفكر بعدد أقل من الأبناء تفكر بالمقابل في العمل، لأنه لم يعد لديها وظيفة كبرى في المنزل، فالطفل بالمطلق يحتاج عناية من الأم لكن في أوقات محدودة فقط وهنا يكون خطأ الأم عندما تعطي كل وقتها أثناء وجودها في المنزل إلى طفلها والأصح أن تعطيه ما يحتاجه فقط وما يطلبه منها ثم تتركه ليعتمد على نفسه ببقية الأمور. الأم مفرطة الحماية هي صورة عن الأم الجيدة بمجتمعنا ولكنها في الحقيقة ليست بأم جيدة والأم الجيدة هي الأم "الطيبة كفاية وكفاية فقط"، بما يضمن تقديم الدعم الأساسي الذي يحتاجه الطفل، وليس إغراقه بالعاطفة والحنان والإشباع الزائد. إذن المعوقات الكبيرة لم تعد موجودة أمام المرأة لكي تعمل وبنفس الوقت عمل المرأة يدعم شعورها بذاتها واستقلاليتها ويخفف ميلها الاعتمادي على زوجها  ويخفف دعمها لاتكالية أبنائها عليها ويزيد استقلاليتهم هذا كله شيء إيجابي يمكن أن يحدث نتيجة عمل المرأة".

 

أما بالنسبة لراتب الزوجة فيقول: "دائماً هناك أهمية للراتب أين سيذهب لكن الفرق أن تكون له الأهمية المطلقة عندما تعمل المرأة نتيجة ظروف مادية قاهرة أو الأهمية النسبية عندما تعمل لتحقق ذاتها، وإذا أردنا الدخول في مسألة مشاركة الزوجة لزوجها في مصروف المنزل أقول إن هذا حقها وليس واجبها لأنها كلما شاركته في ذلك تمتعت بسلطة أعلى في المنزل وكانت أكثر قدرة على إحساسها بحريتها. من حق المرأة أن تكون سيدة في منزلها ولن تكون كذلك إذا ظلت متلقية وتابعة لزوجه".

 

وعن سؤال حول رغبة المرأة الدائمة بالادخار وعلاقة ذلك بخوفها الموروث من الزمن والمستقبل أجاب د. جميل: "هذا الأمر له علاقة بإرث اجتماعي وبعادات مجتمع وبظروف حياة لها علاقة بالمجتمع النامي الذي نعيش فيه والخوف من العجز والمرض، وبشكل عام فإن مخاوف المرأة تكون أكبر من مخاوف الرجل لأن قدرتها وحريتها على الحركة والعمل أقل. إذاً تفكيرها بالادخار له أسباب ومبررات منطقية أحياناً. أما عندما تساعد المرأة زوجها ثم يأتي ويشتكي من بعض الإهمال في المنزل عندها نقول إن المشكلة هنا هي في العلاقة بينهما وفي صورة الرجل عن المرأة، وكيف ينظر إليها؟ وهذا خلل أساسي بالمفاهيم. فالرجل ربما يريد صورة للزوجة مشابهة لصورة أمه وآخر ما ينجح في العلاقة الزوجية هو أن تكون الزوجة في تلك الصورة".

للزوجة: المعرفة المقترنة بالعلم والعمل هي مفاتيح الحرية فلا تطالبي بما بين يديك.

 

للزوج: احترام المرأة وعدم التغافل عن كونها أنثى مفاتيح حياة زوجية ناجحة.
 

 

2012-03-11
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد