علمنا من قصص البرمجة اللغوية العصبية والتطوير الذاتي" NLP"، أنه لو أردنا أن يصبح بناؤنا الأعلى من حولنا، فما علينا سوى أن نسلك أحد الطريقين التاليين:
الأول يكون بأن نرفع بناءنا لمستوى أعلى من سوية الأبنية المجاورة .. والثاني أن نهدم كل الأبنية من حولنا لمستوى أقل من سوية بنائنا.
ولاعتبارات هندسية محضة .. يكون الهدم دائماً أسهل من البناء. وهذا بالحرف الواحد ما يحصل!!!
ما سبق كان مقدمة لا بد منها للجواب على السؤال الملح، والذي بات يشغل بال الكثيرين ممن يتتبع الحالة السورية والذي يطرح على الشكل التالي:
ما السر الكامن وراء تكالب مشيخات الخليج للنيل من قوام الدولة السورية، بفعل مخطط مرصود لذلك؟. والجواب على مثل هكذا سؤال يكمن بإعتقادي في جوهر المقدمة التي ذكرتها في البداية!!!
إذاً كلنا بات على بينة مما يضمره لنا كل أولئك الذين كانوا يكنون لنا ومنذ أمد ليس بالبعيد كل الود والإحترام، وليغدوا اليوم ألد الأعداء بإعلانهم كونهم مستعدين للتعاون حتى مع الشيطان بغية الفتك بهذه الأمة - وذلك ليس بالغريب ولا المستهجن - أما ما يدعو للتساؤول هو حال "دود الخل" الذي أحسنوا توظيفه لتحقيق غايتهم العدوانية، حيث شهدنا ومن بعض المنضوين تحت مظلة هذا الوطن بأن الولاء للدرهم والدينار أكثر حظوة من الحفاظ على الكرامة وصحوة الضمير.
والرهيب في الأمر، هو النجاح في تجنيد ثلة من الأفراد نقرأ في وجوههم معالم الدراسة والتدبر، لينتعلونهم كبيادق على رقعة شطرنج يديرها بعض المارقين مسدلي اللحى، رغم الحنكة والشطارة التي كان أبناء الوطن يوسمون بها، لدرجة أنه قيل عنا ( مناخدهم للبحر وبيرجعوا عطشانين ).
عندما نراقب تجمعاً لما يسمونه بالتظاهر السلمي، نلحظ فيه طقوس وحركات لا تحاكي الفطرة الإنسانية، فالصفوف متراصة، والولدان مع الرجال متحاذون أو متشابكون، ومن فوق منصة لا نعرف من يعتليها تبدأ الهمهمات والغمغمات، وعلى إيقاع متصل تجد الجموع يقومون بحركات متتالية منظمة، كفريق من فرق الرقص البدوي، ليظهروا وكأنهم تدربوا على تلك الحركات مراراً وتكرارا ...
ثم تتوالى الهتافات والأهازيج التي لا تصدر إلا عن رعاع منحلين خلقياً قد خلعوا رداء الحياء، لا مشترك بينهم غير قلة الأدب مع الخالق قبل المخلوق، فالعبارات - وإن احتوت بعض الصيغ الدينية - إلا أنها لا تعبر إلا عن إجرام مدقع، لا يرقى ولا بشكل من الأشكال لمرتبة إنسان، وما يلفت النظرويثير الإهتمام أنهم يستغلون في مجمل التجمعات براءة الأطفال، فيزجوا بهم في أتون هذا اللهيب الحارق، ليجعلونهم أبواقاً لهم.
ذاك من فعل الرجال .. أما من جهة الحريم فحدث ولا حرج! فالعهر والمجون يستره غطاء يتجلببن به ليستبحن كل ما حرم الله عليهن، وليفجرن في لحظات أوهموهم بأنها جهادية، والمقابل بضع ليرات يستحللنها، فيخلعن من أجلها كل مظاهر العفة والحشمة. ولا ألومهن فقد وصفهن الحق بأنهن ناقصات عقل، ولكني أعتب أشد العتب على محاريمهن الذين باتوا يفاخرون بإخراجهن بغية زيادة الولاء والمال.
ما ذكرنا ينحصر بمشاهدات حال عدم وجود نعوش،أماعن طقوس تشييع القتلى ( هذا إن وجد في النعوش قتلى ) فالأمر مغاير.. حيث يدار بالنعش على أكتاف الحملة إلى ما شاء الله، وكل يكبر على ليلاه، ولتنفضح على وجوه المشيعين ملامح الإستهتار بهول هذا المشهد الرهيب الذي يعلمون علم اليقين بأنه لا يستخدم إلا لمزيد من التشهير والتلاعب بالمشاعر لتحقيق غايات لا إنسانية.
وفي التطرق لمشهد آخر يحرصون اليوم على الإكثار من التعرض له، نرى فيه مخيمات اللجوء في تركيا ولبنان وما آلت إليه هذه الأيام، فبعيداً عن الفبركات واللعب على الأرقام، يمكننا أن نلحظ بأن العدد الغفير من القاطنين - تحت الخيام - هم من العوائل كثيرة العدد ( عشرة أفراد أو أكثر ) ومعظمهم من الأطفال الصغار، وبفطنة المتفكر يمكن أن نربط حركة اللجوء هذه بسوء الأحوال المعيشية لتلك الأسرة، والناجمة ليس عن الوضع الأمني في منطقة ما - كما يشاع - وإنما عن التعسر في تأمين لقمة العيش لذلك العدد الكبير من الأفراد، فعندما يعجز رب الأسرة عن تأمين متطلبات أولاده اليومية، ولحظ سماعه بوجود مخيمات ينطبق عليها المثل القائل ( أكل ومرعى وقلة صنعة ) يهرع وعائلته لذاك الملاذ الآمن الذي يصور له بأنه الجنة بحذافيرها، فينصدم هناك بما يصلنا من أخبار لا مجال للتذكيربها في هذه العجالة.
إذن يشارك السوريون - ومن دون أن يدروا - مشيخات الخليج في العمل على هدم صرح من صروح المجد في المنطقة، ليغدوا بنيانهم الأعلى في المحيط - ولا نعني برج دبي وما شابه - وإنما نتكلم عن صرح من صروح المجد مقابل كثبانهم الرملية الواهية... فهل وصلت الفكرة حياكم الله؟