في زمن عادي مضى، وأثناء أيام العدوان الثلاثي على مصر جاء نخبة من الضباط وعلى ما يبدو كانوا يومها عاديين وبشر طبيعيين بل سذج ربما ! كانوا خائفين من أن يصبح العدوان الثلاثي نقطة غير اعتيادية في كتب تاريخ مصر الحديث.
وصرخوا كالحزانى المفجوعين لقد هزمنا يا سيدي .. والأغلب ان سيدهم لم يكن اعتياديا ولا عاديا ولا ساذجا .. فاكتفى بابتسامة تاريخية صفراء وبالتفوه بكلمة عادي!! والله أعلم أنه من هناك كانت البداية .. إذا يسجل لذلك البطل الفطري نقطة فاقعة في قاموس اللغة العربية الحديثة وهو ابتكاره لمعنى جديد وموارب جدا بل ومتطرف أيضا لكلمة ( عادي)!
من هناك وإلى زمن حاضر أتى ويأتي شئنا ام أبينا، صارت كلمة ( عادي ) وتصورت، صارت كحبة بنادول يومية، وكوجبة (مضاد اكتئاب) مسائية، فيها يزول الصداع والشقيقة وينام الاكتئاب مخدرا حتى الصباح العادي التالي.
نعم هذا بداية الغزل وطريق الألف ميل يبدأ بحبة ( عادي) يومية، فبعد يوم لا يتكرر سوى من عام لعام تشتاق فيه للأصدقاء والصديقات يجب أن تكون قادرا على النوم حتى لو سمعت وتأكدت من قصة زميلة الدراسة الابتدائية التي جلست إلى جانبها في مقعد صغير ونمت معها في خيمة صيفية والتي تحولت بقدرة فعل أرضية إلى تاجرة مخدرات دولية.
أثناء الجلسة قد تذكر سيارتها الاخر موديل وشهادتها الجامعية المتألقة وقد تدمع عيناك لأنك كنت يوما تحبها ثم تذهب للنوم متعبا من الأكل فتجد نفسك مضطرا للتقيؤ.. تقيؤ ماذا .. الصديقة، الذكرى، الحاضر أم الماضي .. ببساطة لا تسأل نفسك أيا من الأسئلة الصعبة .. كل ما عليك هو استقدام الحل السحري وإتخام ليلتك بكلمة ( عادي )!!!! صدقني لن تضطر لأخذ قبلة من أبنائك ولن تضطر للصلاة ربما .. كلمة ( عادي ) ستكون كافية تماما ...
وفي استمرار الغزل بواقع (العادي)..سأطلب منك أن تتذكر قولة (العادي) عندما تأتيك من صديقة تطلب منك مرافقتها لإجراء عملية تجميلية في أكثر من منطقة حساسة من جسدها ..ستسأل الصديقة .. بالله عليك لم كل هذا العذاب وأنت الأم الحنون والزوجة الرائعة .. هنا أرجوك امسك أعصابك أو تماسكي قهرا وقولي عادي واقبلي التبرير (العادي) من صديقتك حاولي أن تكوني غبية أو حتى أن تتغابي وقولي نعم فالصيف في تركيا أو بلغاريا يتطلب جسدا منفوخا ..
ولكن لِمَ نفخ الجسد إن كان زوجك لا يذهب للصيفية .. حينها وعلى نحو ( عادي ) تماما افرضي على نفسك وصفة ( إجابة عادية) بان النساء اليوم يتطلبن وعلى عكس أمهاتهن اهتماما غير عادي .. لماذا ؟ ببساطة لأنهن ( غير عاديات ) أبدا !! بالله عليك وهل أجمل من هكذا تبرير .. بعد هذا ستنامين بعمق وراحة ... أنت تزعجي زوجك أو أمك أو اطفالك .. ربما تزعجين المخدة بدمعات .. بينما تحلمين بكلمة ( عادي) تركب حنطورا وتسير في شوراع الحلم على نحو احتفالي ساخر.
ولماذا ( العادي ) أيضا وأيضا ؟ بالعادي تجيبين صديقتك عندما تتورم خدودها وعيونها من البكاء لأن زوجها لا يهتم لأجلها أبدا .. فتقولين مع ضمة وشهقة .. ( عادي يا صديقتي ).. وتذكري أنك حينها لا تكذبين على صديقة عمرك .. أنت فقط مقتنعة أنه بات ( عادي ) بل ( عادي جدا) أن تعاشر صديقتكم الثالثة زوج الصديقة الحالية .. وأن يسافرا معا هنا وهناك ... فهذا (زمن العادي! )
وأنت لا تكذبين ولكنك لا تريدين أن تقتلي صديقتك الحبيبة بحقيقة مؤلمة حتى لو كانت عادية.. كما وأنك تعلمين أن صديقتكم الثالثة لم تسرق زوج الثانية ولكنها بحثت عن الحنان بعد حادث سيارة صدمت فيه أما وطفلة وهربت .. فلم تجد صدرا عاديا يقبل فعلتها الشنيعة سوى صدر ذاك الزوج العادي جدا ...
بالطبع مع حبة عادي مسائية .. قد تستفيقين في اليوم التالي ولديك الكثير من الطاقة الإيجابية لسرقة زوج صديقة رابعة! ولدهس رجل ختيار دون مسؤولية، وربما لقتل صديقتك الحبيبة بحقيقة مؤلمة ومرة وهي أن صديقتكما حامل من زوجها ... ولكنك البارحة كنت أنت غير عادية أبدا ..فتللت على الحقيقة 1..!!!
وهنا سأقف .. نعم لن أستمر .. أو ليس من العادي اليوم ..أن تكتب ما هو ( غير عادي) وكأنه ( عادي جدا) وأن تترك الكلام لمن يحب أن يقرأ وبالطبع من يقرأ (بات اليوم أقل من عادي) سيما وأن صديقتنا المهووسة بالتميز المريض قد علمت صغيرها الكندي على القراءة عندما كان في عمر الستة أشهر .. طبعا ( كان إنجازا غير اعتيادي) أما العادي في الموضوع فهو أن يتلف دماغ صغيرها مبكرا.. ولم لا .. فقد أصبح العلم خارقا اليوم وحل المشاكل المعرفية للطفل والنفسية العصابية للأم أمرا ( عاديا ) جدا ...وعادي جدا أن يمرض الطفل ويتكفل بعلاجه التأمين .. والعادي لن يسأل الأم عن جريمتها ... فمنطق العادي يضع دوما (النية الحسنة ) نصب الأعين وينام أمام حقوق الطفل في عيش المرحلة ...
أرجوكم.. لا بد وأن أنصرف الان.. جاء وقت حبة ( العادي).. بالطبع هي لا تحتاج كأسا من الماء ولا نوما بالمقلوب وهي فعالة حتى أثناء تصفح أخبار الشبكة المليون التي تصف حدثا وحيدا .. ولكنها تحتاج طقوسا لتصبح دواء ذو فعالية ... أما الطقوس .. فهي تعتمد على شخصية مستخدم الدواء ( العادي) والجرعة تتوقف على حالة النهايات العصبية وزمن الاستخدام هل يوم ( عادي) أو يوم ( عيد عادي ) أم يوم ( سقوط مدينة عادي !) .. . أما شخصيا .. فهي ترتبط بحالة تقيؤ كاملة وشاملة .. لواقع .. عادي!!! يمشي فيه (العادي ) ملكا .. طاووسا ..نصفق له مجبرين .. ونذبح ألم صدورنا بأنفسنا .. أو لا يؤلم هذا (العادي!!) .. سامحك الله يا سيدي على هذا الابتكار !!!
انتظروا قليلا .. ربما عدت باستنتاج ( عادي !!) بعد ثوان قليلة ...
بعد الحبة ... والله عفن قلبي .. من هذا المجتمع المعقد نفسيا ... والله عادي .. عادي أن يحب الرجل كل يوم امرأة وأن تعشق الفتاة عشرة في ذات الوقت .. عادي أن تحصل الفنانة على عشر جوائز لأنها عرت أكتافها وسيقانها وأن لا تخاف الصحافة من تكرار اسمها ومن صيت التحيز.. عادي أن يذهب أطفال العاشرة ليحتلفلوا بعيد ميلادهم في البارات .. عادي أن تفوز قمامة الأفلام في المهرجان .. عادي أن تلغي طائة حلب رحلتها الهيب هوبية !!!
لا والله ............ غير عادي .......... عندها أعلم أنك بحاجة لمضاعفة جرعة الدواء ........ هذا الحل العادي !!!!!!!!!!!!!!!!!!