news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
تحت غطاء الزواج السري ..المرأة إلى أين؟؟...بقلـم : ريـما الزغـيّـر

ليست السماء هي التي ترسم أقدار النساء ومصائرهن كما يقول البعض، وليست القبور هي المعتقل الأخير لهن في هذه الحياة فالكثير من النساء يعشن قهر المعتقل وهن على قيد الحياة فيكون الموت ليس إلا الراحة الأبدية لأجساد بلا أرواح هكذا عاشت على هامش الحياة تتوق إلى الحرية ولا تجد إليها سبيلا!


في مكان ما بهذا العالم تم اختراع ما يسمى "بالزواج السري"، حيث يتم الاتفاق بين الشاب والفتاة على الزواج بشهود أو بدون شهود، وتتم كتابة ورقة يوقعها الطرفان تقول أنهما زوجان دون اللجوء إلى المحكمة، لقاءات جنسية عاجلة ومتعة مسروقة وعواطف جياشة ومحمومة لا تهدئ نفساً ولا تقنع عقلاً ولا تشبع ظمأنا، هذا هو ما يعيشه كل من يُقدم على الزواج السري وخصوصاً المرأة، حيث يخبئ هذا الزواج خلف متعته الآنية شعور بالإثم يقترن بالخوف من المستقبل والقلق والاضطراب .

 

في حالات قليلة تشير إليها الدراسات القانونية والمحاكم الشرعية في سورية يتم تثبيت هذا الزواج، لكن النسبة الأكبر من هذه الحالات تكون في مهب الريح والظروف الخارجية لتكون المرأة أول من يدفع فاتورة هذا الفشل إما من كرامتها أو صحتها أو حالتها النفسية، والأهم من ذلك كله أن نسأل ما هو مستقبل هذه المرأة التي عاشت تجربة الزواج السري وفشلت بالاستمرار فيها؟ هل سيتحول جسدها إلى حقل تجارب أو شقة للإيجار؟ أم أنها ستكتنف الوحدة وتزج بروحها في مستنقع حياة مظلمة بعيداً عن إحساسها بأنها أنثى؟

 

السؤال تجيب عنه التجارب التي ترويها نساء في المعتقل ...

أي شيء معلق بين السماء والأرض هو شيء يحمل موته معه..

 

الخوف من المجهول والعنوسة هو ما دفعني للقبول بالزواج السري لأنه على الأقل ليس بالحرام، لم أكن أعرف أنها سعادة مؤقتة ولا مستقبل لها. هذا ما بدأت به "روان" قصتها مضيفة : "بعد أن استمرت هذه العلاقة أكثر من ثلاث سنوات تخلى عني وعاد لزوجته، وفي الوقت الذي كنت أظن فيه أني أبحث عن حل لمشاكلي وجدت نفسي أغرق في الأسوأ، لقد أحببته لذلك وثقت به وصدقت وعوده لي بتثبيت الزواج لكنه كان مخادعاً وكاذب".

 

اكتشفت "روان" متأخرة أن هذا الزواج ليس حلاً لمشاكلها، بل هو نقطة أساسية لسلسلة من المشاكل المفصلية التي ستطفو يوماً على سطح هذا المستنقع وهي تغادر من عيادة طبيب أمراض نسائية إلى عيادة طبيب أخر تقول: "في المرة الأولى التي ذهبت فيها إلى عيادة الطبيب شعرت بالخجل الشديد، لكن الخوف من أهلي والفضيحة من الحمل كانا أقوى من خجلي، ورغم أن زوجي كان معي وتكفل بالمصاريف إلا أني شعرت حينها بأني أصغر من نملة، إنسانة بدون كرامة، وأضحي بقطعة من روحي، كل ما حولي كان يقول لي ليس من حقك أن تصبحي أم أنت عشيقة فقط وليس أكثر، لم يعد عندي ثقة بنفسي ولا حتى بأي رجل، وصرت أخرج من تجربة لأدخل بغيرها لأجل الحاجة الجنسية فقط، أحلم كل يوم أن يصبح لدي عائلة وأولاد، لكن الظروف أصعب من تحقيق هذا الحلم، من سيتزوج من فتاة عمرها 39 عاماً، لقد فاتني قطار الزواج"! 

 

دمي ودموعي وابتسامتي

قبل أن ألتقيه كانت أيامي أكثر سعادة فقد كنت إنسانة مرحة جداً لا أترك أمراً إلا وأعلق عليه بروح النكتة والمداعبة حتى أن كل من حولي كانوا يقولون لي "نيالك ما عندك هم"، وعندما التقيته للمرة الأولى حاول بأكثر من طريقة التقرب مني دون أي تجاوب من طرفي ومع مرور الوقت وكثرة اتصاله بي شعرت بأني تعلقت به وبأنه يحبني، تتالت اللقاءات بيننا وتعمقت المشاعر، لكن أهلي كانوا يرفضون أي عريس يتقدم لي قبل أن أتخرج من الجامعة، وإذا كان لا يملك بيتاً، لهذه الأسباب اتفقنا على الزواج السري بيننا حتى انتهائي من دراستي الجامعية ثم نتزوج بشكل علني

 

بهذه السطور تحدثت "سيرين" عن تجربتها وتابعت: "عشت معه أجمل أيام حياتي، كان شخصاً حنوناً ومخلصاً وكريماً معي بكل شيء، عندما كنا نختلف كان يقبّل قدماي ويتوسل إلي أن أسامحه فأتعجب من هذا الحب الكبير وأعود إليه وأنا أحبه أكثر من السابق. دفعت ثمن هذه التجربة من صحتي الجسدية وكثرة الأمراض التي عانيت منها بسبب الحالة العصبية التي وصلت إليها، ودفعت الثمن من دمي ودموعي وكرامتي، فقد كان ينهال علي بأبشع الشتائم عندما نتشاجر ثم يعود ليعتذر ويطلب السماح، كان إنساناً شكاكاً بدرجة لا تصدق ويتهمني بالخيانة كل يوم، ثم يبرر بأنه يتوهم هذه الأفكار من شدة حبه لي وغيرته علي

 

تحولت كل مشاعر الحب في داخلي إلى كره، وصرت أخاف منه، وبعد مرور سنتين على هذه المعاناة طلبت منه الانفصال والطلاق، لكنه رفض بشدة وجن جنونه فحطم كل ما في الغرفة من محتويات. الآن أنا إنسانة تعيش على هامش الحياة، لا أستطيع الزواج من أي شخص لأنه رفض أن يطلقني، ولا أستطيع الزواج منه لأنه تركني وسافر بعد معاملتي السيئة له. البكاء صار عادة يومية في حياتي والحبوب المهدئة من ضروريات النوم، فما الذي جنيته من هذا الحب والزواج سوى العذاب".

 

أحبيه كما لم تحب امرأة.. وانسيه كما ينسى الرجال

 

عندما بدأت حواري مع "نارة" وهي "مضيفة طيران" كانت تروي قصتها بحذر وبصوت خافت، لكنها نسيت خوفها تدريجياً وعلا صوتها بعد أن انهمرت دموعها، ثم باحت بكل ما بنفسها من ألم ومعاناة، لقد دفعت ثمن تحررها الذي كانت تتفاخر به أمام صديقاتها، لأن أكثر الرجال "على حسب قوله" ينظرون للمرأة المتحررة على أنها مباحة للجميع ولا تصلح للزواج، وأمام هذا إما أن تصمد المرأة وتقاوم لإثبات عكس هذه الفكرة الظالمة، أو أن تستسلم

 

 وما فعلته "نارة" هو الحالة الثانية!! تقول: "حياة التحرر التي أعيشها في مظهري الخارجي وطريقة تفكيري جعلت كل الرجال الذين حولي يخافون الزواج مني رغم إعجابهم بأفكاري وشخصيتي وشكلي ما أوقعني بمشكلة لم أعرف التخلص منها حتى الآن وأنا أدفع ثمن تحرري كل يوم، فبعد أن عشت أكثر من قصة حب فاشلة بسبب هذه النظرة الظالمة استسلمت لخيارات الرجل بأن أكون عشيقة أو زوجة سرية بأحسن الأحوال لأني بحاجة لهذه العلاقة فأنا إنسانة من لحم ودم، لكني رغم ذلك لا أشعر بالسعادة أبداً ولا حتى بالأمان، هي رغبة جنسية ليس أكثر وبعد فترة ينتهي كل شيء ويرحل هذا الرجل الهارب من زوجته لأعود إلى ما كنت عليه".

 

الجامعات .. أكبر بؤرة للزواج السري!!

 

اللافت للانتباه هو شيوع "الزواج السري" بين أوساط الشباب "في الجامعات" لأسباب اقتصادية بالدرجة الأولى ولعدم الرغبة في تحمل المسؤولية، مع حاجة كبيرة للمتعة الجنسية التي لا يبدو التصريح عنها أمراً مخجلاً بالنسبة لأغلب الشباب كحال "يامن" الذي قال إنه يعيش أوقاتاً سعيدة مع زميلته في الجامعة التي يحبها دون أي التزامات مادية تجاهها وأضاف : "التفكير بالمستقبل أمر مرهق للغاية ويدل على العقلية التقليدية أنا أعيش يومي فقط وأترك الزمن يقرر مصير هذه العلاقة على الأقل هذا زواج شرعي وأفضل من الانحراف والرذيلة".

 

ولا يجد  صديقه "ماهر" حرجاً من رواية قصته حيث قال: "لقد عشت هذه التجربة منذ ثلاث سنوات بغاية المتعة فقط حيث لم تستمر العلاقة أكثر من ستة أشهر ثم ذهب كل واحد بحال سبيله وهي وافقت على هذا الزواج  لتتخلص من الفراغ العاطفي الذي كانت تعيش فيه، أنا لم أظلمها لو كانت حريصة على نفسها لما وافقت".

 

تقليد الغرب ليس أمراً محموداً في كثير من الحالات وفي "الزواج السري" تحديداً لأن اختلاف المكان مرتبط بالضرورة باختلاف نهج التفكير فكلام "ماهر" هو إحدى الأفكار الموجودة عند الشباب عن الفتاة التي تقوم بالزواج السري في مجتمعاتنا، إذن هو زواج ينقصه احترام الرجل للمرأة قبل كل شيء.

 

ومن ناحية أخرى يفضّل بعض الأثرياء هذا الزواج لأسباب تتعلق بمراكزهم الاجتماعية بحثاً عن الحاجة الجسدية فقط، وهذه الحالات منتشرة بشكل كبير جداً تدل عليها القصص والحكايات التي نسمعها بين يوم وأخر.

في حالات لا تبدو نسبتها قليلة أيضاً تلجأ بعض الفتيات للزواج السري من أجل الحاجة المادية، وإذا اعتبرنا أن هذا السلوك المنافي للأخلاق هو سلوك مرفوض في المجتمع وهو دعارة فعلية، لكن هذه الظاهرة دخيلة على مجتمعنا الذي يعطي للشرف قيمة أعلى من المال، والأولى بنا أن نبحث عن الأسباب التي تدفع هؤلاء الفتيات للجوء لمثل هذه الطرق الدنيئة للوصول إلى غاياتهم، لو وجدوا حياة شريفة كريمة لما فكروا بهذه الطرق المنحرفة.

 

رأي مختص:

المحامي الدكتور "محمد خير أحمد الفوال" أستاذ في جامعة دمشق- كلية التربية- اختصاص علم النفس يتحدث عن هذا الموضوع قائلاً : "هناك عدة أنواع لهذا الزواج الأول هو الزواج العرفي الذي يكون بدون شهود والثاني هو الزواج السري الذي يحتاج إلى شهود لكنه يبقى دون إشهار والثالث زواج المتعة الذي تحدد مدته من ساعة إلى أشهر وسنوات".

ويوضح: "بعض الظروف قد تحتم على الإنسان أن يتبع هذا الزواج كحال الأزواج الذين لا تلبي لهم زوجاتهم متطلباتهم ورغباتهم ولا يريدون القيام بالزنا فيلجئون للزواج السري، لكن نسبة الحالات التي يتم فيها تثبيت الزواج السري لا تتعدى 10% بسبب غياب النية للقيام بذلك".

 

ويضيف: "المرأة تخسر بهذا الزواج حقوقها الشرعية، وتترك هذه التجربة في داخلها أثاراً نفسية مميتة، وهي تنظر إلى نفسها على أنها ليست إنسانة سوية، وتتساءل كل يوم لماذا فعلت كذا وكذا في ساعة لا ينفع فيها الندم، وأحياناً تصاب المرأة بحالات شديدة من الاكتئاب وتصل إلى الانتحار، أو أنها تصبح امرأة عاهرة تغرق في هاوية الخطأ، هذا ما تجنيه المرأة من الزواج السري غالباً. إن أكثر ما يجعل الفتاة تقبل بهذا الزواج هو وقوعها في الحب، فإذا ما حالت الظروف بين تحقيق زواجها العلني من الرجل الذي أحبته نراها وقد بدأت بالتنازل تدريجياً عن متطلباتها وشروطها حتى تصل إلى القبول بالزواج السري وهي تعيش على أمل أن تتغير الظروف ويتم إعلان هذا الزواج، فإذا كان الشاب أنانياً دمرها وضيع حياتها، وإن كان رجلاً حقيقياً حافظ عليها، لكن الأغلبية للأسف يستغلون ظروف الفتاة المادية والنفسية والجنسية لتحقيق رغباتهم ويتلاعبون بمشاعره".

 

أتمنى من كل أب وأم أن يتساهلوا وييسروا زواج بناتهم دون تعجيز وتعقيد في المتطلبات المادية وغيرها التي تشكل عبئاً كبيراً على كاهل الشباب، وأن يفتحوا قناة للتواصل بينهم وبين أبنائهم حفاظاً عليهم من التهور والضياع فالدين الإسلامي هو دين التسامح واليسر لا العسر، أتمنى أن يتذكر الأهل دائماً هذا الكلام.

ومضة:

الزواج السري كثير من الجنس قليل من الأمان، إنه غفوة إرادية والمرأة هي الخاسر الوحيد!!

 

2012-05-03
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد