أيها المجرمون .. أيها الجبناء .. أيها المعتوهون .. يا من قست قلوبكم فصارت كالحجارة أو أشد قسوة .. هل تجمدت عيونكم فعميت عن رؤية ما تفعلون ؟! أم أن عقولكم ذهبت إلى غير رجعة فصرتم كالمجانين تضربون الأرض جيئة ً وذهاباً على غير هدى ..
لا أدري هل أضحك عليكم وعلى خيباتكم أم أبكي هؤلاء الأبرياء ؟! هل أصرخ غضباً أم ألماً أم حزناً ؟! أما انفطرت قلوبكم على ذلك الطفل الذي تفحمت جثته تحت حقيبته المدرسية ؟!
أما حفر الحزن أخاديده على رؤية أولئك الرجال الذين قصدوا منذ الصباح الباكر باب ربٍ كريمٍ ليؤمنوا لقمة العيش الكريمة لأسرهم فأعدتموهم إليهم جثثاً هامدة ؟! أما سالت دموعكم لدموع الأطفال اليتامى والأرامل والثكالى ؟!
هل تخيلتم كيف وأين قضى أولئك المنكوبين ليلتهم الباردة وأنتم تنعمون بأسرتكم الدافئة وأغطيتكم الحريرية ؟!
أين أنت يا رايس ؟! وأنت يا أردوغان ؟! وأنت يا حمد ؟! يا من كنت عدو نفسك قبل أن تكون عدو الشعوب أين أنتم يا من ادعيتم صداقة الشعب السوري واجتمعتم خوفاً عليه وحرصاً على حياته ؟! هل أثلج صدوركم الملتهبة بنار الحقد والكراهية رؤية رجاله ونسائه وأطفاله وهم يفترشون الأرض ويلتحفون السماء مضرجين بدمائهم ؟!
أما ارتويتم وسكرتم من دماء السوريين حتى الثمالة ؟! أما شبعتم من لحومه وأشلائه المتناثرة هنا وهناك ؟! إلى متى وماذا تريدون ...
إن كنتم تريدون إذلالنا فنحن منذ آلاف السنين وإلى يوم الدين سنبقى أباة شامخين شموخ جبالنا العالية وأعلامنا الخفاقة لا لشيء إلا لأننا مؤمنون وربنا يقول : ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين..
وإن كنتم تريدون إخضاعنا عن طريق إضعافنا ودب الرعب في قلوبنا فنحن أقسى من الحجارة التي دمرتها قنابلكم وأصلب من الحديد الذي صهرته نيران أحقادكم ونقتحم الصعاب بثقةٍ بلا خوف ونموت كما الشجر واقفين وعيوننا إلى السماء .
وإن كنتم تريدون تجويعنا ومحاربتنا بلقمة عيشنا فإن الله الكريم جاد علينا بأمطار وخير كثير لم نشهده منذ سنوات وأرضنا المعطاء استجابت لجهود فلاحينا وأثابتهم بأنواع شتى من الخيرات تكفينا لسنوات فإرادة الحياة في شعب حي لابدَّ أن تنتصر وتقهر الموت القادم من أمثالكم يا موتى الضمائر والقلوب .
وإن كنتم تريدون سلب الحب الذي يجمع قلوب شعبنا فلن تفلحوا لأننا وبجميع أطيافنا تعودنا منذ نعومة أظفارنا على الحارات الدمشقية القديمة التي تعانقت نوافذها وتصافحت شجيراتها والتصقت أبوابها ببعضها كما التصقت قلوبنا وتعانقت صدورنا وتصافحت أكفنا ومن شبَّ على شيء شاب عليه فكنا وما زلنا نقتسم اللقمة وشربة الماء بحب ووفاء ..
وإن كنتم تريدون غزو أرضنا فسنقف جميعاً في وجوهكم يداً واحدةً كما وقف يوسف العظمة ورجاله في وجه الحملة الفرنسية وقال قولته المشهورة : ( لن يدخل الفرنسيون دمشق إلا على جثثنا ) وهو يعلم أنه لن يستطيع بعددهم القليل وعدتهم المتواضعة أن يقفوا في وجه جيوش غورو الجرارة بعددها وعتادها ولكنه صمد وجاهد فخلده التاريخ في صفحات الشهداء المشرفة ونحن جميعاً أحفاد يوسف العظمة وطريقنا هو طريقه ...
وهكذا مهما كانت أهدافكم فلن تنالوا إلا الخيبة والفشل الذريع وهدر الأموال التي لو أردتم استثمارها بما يرضي الله لنلتم خيري الدنيا والآخرة وذلك بإطعام جياع العالم وسد رمقهم بلقمة عيش تضمن لهم الحياة أو جرعة دواء تنسيهم آلامهم أو بثوب يرد عنهم حرَّ الصيف وبرد الشتاء ولكنكم اخترتم أن تنالوا لعنة الدنيا والآخرة لعنة الشجر والحجر والبشر فإن لم تحترقوا بنار أحقادكم أو نار دموع المفجوعين فلا بدَّ أن تحترقوا بنار جهنم فإلى الجحيم وبئس المصير..
وإن لم تصل دعوات المنكوبين واليتامى والأرامل والثكالى إلى آذانكم فلا بدَّ أن تجد طريقها إلى رب السماء لينتقم لهم إن عاجلاً أو آجلاً
فانتظروا حكم ربكم إنا معكم من المنتظرين .