news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
فشة خلق
الجيل الذي مزق سوريا... بقلم : يزن

بعد مرور ما يقارب العام ونصف العام على بداية الأزمة.. ومن ما نراه من تصعيد في الحراك وتسارع في الأحداث.. يبدو أن النظام في سوريا استطاع وبجدارة أن يضع الحراك الشعبي حيث أراده منذ البداية..
منذ أوائل الأزمة وبداية التظاهرات السلمية.. وقبل أن يلمس أحد السلاح.. تحدث النظام عن "الجماعات المسلحة" التي ترهب المواطنين وتروع الأهالي..


يومها استغرب الجميع من هذه الرواية.. فلم يكن يعرض على الشاشات إلا متظاهرين سلميين سلاحهم اللافتات والهتافات..
واليوم نرى هذه الجماعات موجودة حقا على الأرض تمارس أعمال العنف والتخريب بأبشع الصور في مختلف المناطق.. تقتل وتشرد وتعذب باسم الحرية والعدالة..
منذ البداية تحدث النظام عن الدوافع الطائفية والإسلامية للثورة.. يومها هزئ البعض من هذا الكلام.. واعتبره محاولة يائسة للسيطرة على الشعب والتستر عن الأسباب الحقيقة للثورة..
واليوم نشاهد بأعيننا كيف تحول الحراك إلى حرب أهلية طائفية.. يرى كل من يشارك فيها أنه يدافع عن وجوده وكيانه.. يسمح لنفسه أن يريق الدماء كيفما أراد بحجة الدفاع عن نفسه وطائفته..


منذ البداية تحدث النظام عن الجماعات الإسلامية الجهادية التي تخطط لتطبيق الحكم الإسلامي السلفي في سوريا..
يومها لم يكن أحد منا يصدق وجود مثل هذه الجماعات .. كنا نسخر من قصص "الإمارات" والخلفاء المزعومين..
اليوم نرى حقا كيف يأتي المجاهدون من مختلف أصقاع الأرض ليشاركوا في معركة نصرة الدين والإسلام.. في معركة "فتح سوري" وتحريرها من الكفار..
هل كانت هذه الجماعات موجودة حقا منذ البداية..!! وكنا مخطئين في سخريتنا من رواية النظام عن الإرهاب والمؤامرة..!!!
أم أن الشعب اضطر أن يتسلح للدفاع عن نفسه وأرضه..!!!


ولو أننا قلنا أن الشعب حقا أجبر على حمل السلاح.. من أين يأتي هذا السلاح وكيف تتطور أدوات الجيش الحر والمعارضة المسلحة يوما بعد يوم..؟!!
يبدو أن ما نعيشه اليوم ليس مجرد انتفاضة شعبية في سبيل الحرية.. وليست مؤامرة خارجية لإسقاط حكم الأسد..
يبدو أننا اليوم مجرد أدوات في أيدي تجار السلاح..تساهم في تحريكنا الدول المتقدمة وتلعب أدوارا مختلفة..
البعض يدعم النظام ويضمن تمويله بالسلاح.. ويحرص على تأجيج المشاعر الوطنية لدى الموالين للدفاع عن أرضهم ووطنهم ومواقفهم القومية ضد المؤامرة الخارجية..
والبعض الآخر يدعم المعارضة المسلحة.. ويلعب على اوتار الدين والإنسانية وأحلام الحرية والعدالة.. ليؤجج غضب المعارضين ويضمن استمرار اقتتال السوريين وحاجتهم للسلاح أطول فترة ممكنة..
هم لا يهمهم من يقتل منا ومن يتشرد.. لا تهمهم أعداد النازحين التي تتزايد يوما بعد يوم.. لا يهمهم الضغط الذي يتعرض له الشعب في كل لحظة..
تهمهم زيادة ارباحهم مهما كلف ذلك من أرواح ودماء.. مهما نتج عن ذلك من خراب ودمار..
أشعلوا الطائفية في قلوبنا لأنها أثبتت وبجدارة أنها أكثر وسيلة تضمن استمرار الصراع شهورا وسنينا طوال..


أأسف أن أقول ان سوريا اليوم هي ساحة القتال في المعركة الأزلية بين السنة والشيعة.. اليوم تقوم هذه المعركة على دماء السورين.. ولن يخسر منها أحد إلا السوريين..
اعرف ان العديد منكم لا يعنيه ما أقول.. وأعرف أنكم اتخذتم مواقفكم ولا مجال أبدا للتراجع.. وأعرف انكم أغلقتم آذاناكم واعينكم عن أي كلام يخالف معتقداتكم وآاراءكم..
فقط أردت أن أقول إلى أولئك الذين لا يزالون حتى اللحظة يتفاءلون بالنصر من جميع الأطراف.. أنه كيفما انتهت هذه المعركة.. ومهما كانت النتيجة.. وأيا كان الطرف المنتصر..
أصبح اليوم بين ابناء سوريا شروخا ومساحات وفروقات كبيرة.. لن تلتئم مع الزمن.. لأننا سنورثها لأبنائنا وأبنائهم من بعدهم.. وستزيد هذه التفرقة والتشتت يوما بعد يوم..
سيذكرنا التاريخ على أننا نحن من هدمنا سوريا.. ستسرد عنا القصص والحكايات كيف دمرنا وطننا يوما بعد يوم بسبب اقتتالنا وكرهنا لبعضنا..
فإما كنا طرفا في هذا العراك.. أو أننا جلسنا صامتين نشاهد ما يحدث دون ان نحرك ساكننا.. فكنا جميعا جزءا فاعلا في القضاء على سوريا..


لم أعد أشعر أنني في وطني اليوم.. أصبحت سوريا وطن أولئك الذين يتقاتلون عليها -ليس من أجلها-.. لن يكسبوا منها لاحقا إلا أنقاضا وأشلاء..
لن يكسبوا منها إلا شتات شعب أنهكه القتال وتشرب عقله بأبشع مظاهر العنف والدماء.. تشربت روحه  بالحقد والكراهية وزاد إيمانه بضرورة إقصاء من يعارضه..
تشرب قلبه بالطائفية والمناطقية وزاد تمسكه بأفكاره ومعتقداته وأصبح من المستحيل ان يناقش في "إمكانية وجود احتمال أن يكون على خط"..
هنيئا لكم بما بقي من أشلاء هذا الوطن.. استمعوا فيه واستهلكوه كما شئتم..
ولكن فلنتذكر جميعا أن من بعدنا لن يسامحونا على ما فعلناه بأرضنا.. لن يذكروا أي شيء جيد فعلناه سابقا في سبيل بلدنا.. لن يذكورنا أمجادنا وإنجازاتنا..
سيذكرونا فقط على أننا "الجيل الذي مزق سوريا "
 


 
2012-08-05
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)