أيها المؤيد مازال لديك أمل في تغير الصواب الذي هو وبرأي الأغلبية القصوى باطل باطل باطل ، ومازال لدي أمل في أن أغير وجهة نظرك لتكون على الحياد بأقل تقدير. فما زلت تستخدم هذا الكلام المنمق الذي يستخدمه جهابذة المتحدثين في أروقة وزارة الخارجية والحجج الخارجة عن الموضوع الأساسي للممثل في بلاط الأمم المتحدة ولكنه المبطن بكلمات ثقيلة لا تكسر الميزان فحسب وإنما القبان.
يا أيها المؤيد سأجاريك بهذا المناقشة وأوافقك بأن مستوى عصر الظلام العربي فاق عصر ظلام أوروبا بسنين ضوئية، ولكن أقول لك أن تقدم الأمم الأُخرى والتخلف (العلمي) الحاصل عند العرب قد تم بهجرة العقول العربية على مدى أجيال من بلادها التي قد رزخت لعقود تحت منظومات عفنة إلى بلاد الله الواسعة.
فأنت عندما تنعت الشعب بانه لا يقرأ لمجرد أنه ربما لديك مكتبة حافلة بكتب البرمجة اللغوية والإدارة واستاذ مريم نور اوشو، فهذا لا يعني أنك ترى الشمس في وضح النهار. حتى أنني أشك في أن توصيف وتعريف الشمس لديك هو ذالك النور الذي ينبعث في كبد السماء ليضيء بنوره كل ما يقع عليه وأن ألوان الطيف الناتجة عنه هي ليست أبيض وأسود، وإنما هي ألوان متعددة مختلفة ولكن مهما اختلفت تبقى مُكمِلة لبعضها البعض وتتعايش مع بعضها البعض وعند تمازجها يولد النور الوضاح.
عندما تتحدث عن ما يجري في العراق الآن فإنه لم يكن نتاج ثورة وإنما كان نتيجة احتلال، وهذا الاحتلال قد زرع وسقى بذور الاختلاف القائم على التعصب والكراهية والحقد المصبوغ بالأحمر.
أما ليبيا ما بعد أسد الصحراء فلم يعرف التاريخ من انجازاتها إلا بأنها صحراء خاوية على عروشها تطفو على بحر من الثروات الذي اجتره الغرب برعاية تلك المنظومة العفنة التي ندعوا الله انها ذهبت دون عودة.
لانختلف حين نقول أن كافة أرجاء وزوايا الوطن العربي قد رضخت للحاكم ولعقود طوال، وماذا كانت النتيجة؟
النتيجة كانت بأن تأتي أيها المؤيد "تقرأ وتفكر وتحلل ومن ثم تستنتج" ثم "تتحفنا بانك تشك ولن تقتنع" إلا بأننا أمة لا تقرأ وتستنتج كما فعل دارون أننا من نسل القردة المتوحشة، لا بل أصبحنا أحط من الحيوان بالقتل واستباحة دم الأخرين.
إن الرسول العربي المبين خاتم الأنبياء والرسل والذي اُنزِل عليه القرأن بلسان عربي مبين قال: بأنه لافرق بين عربي واعجمي إلا بالتقوى. وبهذا نسف مقهوم القبلية والقومية وكافة المصطلحات القائمة على تفريق بين الناس.
لكن الخبثاء مستشاروا الملوك والرؤساء على مدى العصور عرفوا أنه ليتم الحكم والاستبداد لابد من ارساء مفهوم السوقة والعامة، المختار والعبيد، العرق الآري وغيره، إلى أن تطور المفهوم ليصل إلى الحزب وباقي الشعب.
إن مفهوم الحزبية النخبوية قد وضعت التباين والاختلاف بين كافة الألون والأطياف تحت المجهر وجعلت ذلك التباين غير متساوي كما هو في الحالة الطبيعية. لقد اصبح للحزبي مميزات عن اخيه غير الحزبي ضاربين عرض الحائط الخبرات والكفاءات واخلاق العمل ومدى اتقانه، ومن هنا انتشر مفهوم اللا عدل والمحسوبيات والقبليات وأصبحت الانتماءات لأشخاص، وذهب مفهوم المواطنة على اساس الجماعة من محبة وايثار إلى مفهوم الشخصنة المتعصبة الأنانية والحقد والاحتكار.
يأيها الؤيد لقد جعلت من الجيش النخبوي أهلي وأقربائي وجزء لا يتجزا مني، وكل ماهو دون ذلك فهو مجهول المصدر والهوية. بالله عليك أهذا كلام معقول.
يأيها المؤيد إنك ترى حالات فردية من هنا وهناك على جور وظلم فئة لاتُذكر ممن ينتسبون لهذه الثورة الكبيرة لكن هذا الحراك هو حديث العهد مقارنة ب50 عام من التاسيس لمجتمع لم يعرف فيه عدل.
يا أيها المؤيد لا تبني تحليلاتك وتستنتج المستقبل بناءً على معلومات ماهي الا نظرية.
أيها المؤيد لقد اهترأت السفينة لم تصل بنا حتى إلى قبرص، لقد اهملها طاقمها على مدى 50 عاما فنخرها الصدأ حتى أمست قشرة من الطلاء الزاهي والذي تساقط عند هبوب أول نسمة ربيعية.
يكفي الالتفاف والغزل والدوران على مغزل خائلي، لقد غاب العدل واستبيحت الحرمات، وسيبقى هناك حراك ضد الظالم كائن من كان جيش حر أم جيش غير حر.
أيها المؤيد لنترك الفروع ونبحث في الأصول، فهل يستوي تباين واختلاف على قتل وسفك دماء؟ اعتقد أنك ستوافقني أنه لا مجال للمقارنة فمهما اختلفنا فإنسانيتنا لن تسمح باتخاذ قتلنا بعضاً لبعض عذراً إلا في حالة واحدة...وهي انعدام الأخلاق والضمير. فلنُحكم ضمائرونا وقلوبنا وعقولنا ونبحث عن أصل المشكلة ونعالجه، أما الفروع فيمكن المعالجه بقصها بسهولة.
في النهاية لايصح إلا الصحيح، إن من نعرفه الآن لم يعد يجدر الثقة به، ومن غير الممكن أن نرضى بأن نغزل على انيابه مستقبل أبنائنا، إن طائرات الميغ ناهيك عن الدبابات والمصفحات والراجمات والتي كانت مركونة لحين الحاجة اليها في الدفاع عن الوطن والشعب قد استباحت اجواء مدننا وقرانا، هذه المدن التي من المفترض أن تكون المدن المحرمة عن كل طامع وغاشم وقاتل ومستعمر قد دُنِست شوارعها باثار المجنزرات الفولاذية ولوثت سمائها دخان نار القذائف. ولكن هيهات اطمئنك واطمئن كل من هو مؤيد ويرى النور على أنه لونان فقط، بأن غول التجزئة لن يدخل على أقدم حاضنة للحضارات قد عرفها التاريخ وسقوط جدار الممانعة لن يسقط بوجود شعب أبيّ. فما يحدث الآن هو مسح للغبار عن الرفوف لسنوات قد خلت. ولقد حان الوقت لفتح ذلك الستار حتى يدخل نور الشمس ونخرج من ذلك الظلام ونعود للقراءة من جديد.