بسم الله الرحمن الرحيم
التمزق
جيوش من الأفكار تمتطي خيول المصاعب التي يواجهها المواطن السوري عموماً .
بات الجري واللهاث وراء السكر والخبز والليرة السورية والغاز والمازوت ماراتون يمتد ولا ينتهي . ففي كل يوم نحن الطبقة الفقيرة والتي تدفع فاتورة الانتماء لهذا الوطن دما وأحبة . إننا نعاني الأمرين ونحن نسعى وراء الضروريات من أساسيات المعيشة في البيت . نخرج من بيوتنا . نرتل بعض أسفار الإنجيل العظيم . ونقرأ بعض آيات القرآن الكريم . وربما سألنا بعض الأولياء والصالحين المدد والتسديد والنجاة من غدر المفخخات . والقذائف الضالة التي تسقط كالمطر فقط على رؤوس السوريين . نحن أبناء نهر واحد وضفة واحدة واليوم صار عندنا ضفتين . فإن كنت هنا غضب عليك من هم هناك والعكس صحيح . إن نداء ( يا أخي دعونا نعيش بسلام ) ليس له مكان في فوضى الحريات التي نعاني منها اليوم .
فباسم الحرية : والعدالة والتغيير والتعددية وحقوق المواطن يسحق هذا المواطن تحت أقدام هذه الشعارات . وباسم الدفاع عنه وصون كرامته يسحق أيضا تحت وقع المتفجرات . وباسم الله يذبح . وباسم الوطن يشرد . وباسم المسيح يطرد من بلاده التي عاش فيها قبل الإسلام دهراً . وباسم التنسيقيات والمجالس يخطف ويعذب ويدفع الفدية ثم يذبح كما الشاة . وربما كان ذبح الشاة وتقطيعها أرحم وأهون مما نفعل نحن بأنفسنا .
وباسمكم جميعا : تعالوا نختلف . فيا أبناء بلدي ليس للحوار بيننا مكان . نحن نشعر أننا على حق وأنتم كذلك . نحن نريد التفاهم معكم وأنتم تريدون زوالنا . نحن نعتبر إسرائيل هي عدونا وأنتم جعلتمونا أعدائكم . نحن مستعدون للتنازل والتراجع والإصلاح وأنتم لا تقبلون إلا بزوالنا جميعا : فيا أبناء بلدي إياكم والاتفاق . فالتفرقة دينكم الجديد . والطائفية مذهبكم الجديد . والذبح على الهوية هوايتكم الجديدة . فيا أبناء بلدي تعالوا لنختلف . إياكم والتعاضد والتوحد والذوبان في بعضكم البعض . فبهذا تصبحون خير أمة أخرجت للناس وأنتم لا تريدون ذلك .
تعالوا لنموت جميعا : ونقتل وطنا عمره ألاف السنين.. وطن وقف في وجه أعتا الأعاصير. وعانى شتى أنواع الاحتلال والتهميش والتدمير وما زال حيا يرزق . هل تعرفون لماذا صمد كل تلك الأعوام المؤلفة المديدة ؟ . لقد صمد لأن أعدائه كانوا من الخارج . اليوم الوضع مختلف فعدونا جميعا من داخلنا ونحن نتفانى في قتل بعضنا البعض . نعم هذه المرة الوطن في خطر داهم . لأن أعدائه هم أبنائه جميعا دون استثناء . فيا قوم لا تتصالحوا ولا تتقاربوا موتوا فالموت يحق لكم وافنوا فالفناء كتب على أمثالكم .
لم أشعر في حياتي بالتمزق : كما أشعر الآن فأنا سوري . ثم مسلم . ثم شيعي أو سني . ثم حزبي تبعا للحزب فلان . ثم طائفي . ثم مجاهد . ثم ثائر . ثم شبيح . ثم عنصر أمن . ثم مخبر . ثم تركي . ثم قطري . ثم سعودي . أنا كل هؤلاء . لقد ضعت في زحام الشخصيات . أنا ألعن ألف مرة عمل المخربين ووحشيتهم . وأبكي على تشردي في شوارع بلدي . أنا أصلي مع المسيحي . وأحب السلام الذي عشش فوق رأس كنيسته . وبت أخاف من مساجدنا فلست أعلم ما أنا . صرت أدقق جداً في كل حرف أسمعه من شيخ أو إمام . هذا إن استطعت سماعه .
النتيجة : لقد مال البساط تحت أقدامنا جميعا . فأبشركم إن لم تتداركوا ما بقي فلن تستعيدوا ما ذهب . راقبوا التأريخ وانظروا كيف فنيت الأمم قبلكم .
بكل بساطة وصراحة : أنت اليوم إما أن تكون سوري . عوناً لأخيك السوري المبتلى . بغض النظر عن أي تفاوت بينك وبينه في الدين والفكر والسياسة . وإما أن تكون عدوا لكل السوريين وعلى الله حسابك العسير . لا مكان للنفاق اليوم . والحق بين . والباطل بين . فقط أجلس مع نفسك دقائق قليلة وستكتشف أين هو وادي الحق . وستعرف أين يودي بك هذا السيل العارم الذي يجرف في طريقه الصالح والطالح .
أسئلة على هامش المقال :
س1- هل تعتقد أن أمريكا تحبك وتسهر على مصالحك بينما أنت نائم في العسل ؟ .
س2- هل يجتمع حبين في قلب واحد . حب الله وحب الشيطان ؟ . دقق جيداً في هذه المسألة وأنظر من يسكن قلبك ؟ .
س3- ما هو المبرر لفعل القتل على الهوية وإطلاق العنان للنعرة الطائفية ؟ . وما هي الفائدة وهل عندما تقتل من خالفك في الفكر تكون تبني أم تهدم الحياة ؟ .
س4- هل تعتقد أن ما تفعله وما أنت عليه الآن هو لن ينال ممن تحب وربما كان بيدك دون أن تدري ؟ ! .
س5- هل أنت سوري تؤمن بالقاسم المشترك الأعظم بيننا جميعا وهو قوميتنا السورية أولاً وربما العربية ثانياً ؟ .
س6- هل تؤمن بوجود الله . فإن كان الجواب نعم فافعل ما أمرك به من حفظ الإنسان على لسان نبيه (ص) . ( المسلم من سلم الناس من يده ولسانه ) ؟ .
والختام سلام : تحية أهل الجنة .