مرّت ستّةُ أشهر على لقاءهما الأول ثمَّ تتالت اللقاءات المتكررة لهما في رحابِ جامعةِ دمشق التي شاركاها أنفاسها المعتّقة ، بحُكمِ مشروع التخرّجِ الذي جمعهما بالصدفة ، ويالها من صُدفة ، وهما اللذان طوال السنين الماضية ما التقى خطاهُما المتوازيان أبداً .
قرّرَ في مساءِ حيرتهِ بعد أن أمضى أُمسيتهُ المتخبّطة بالمشاعرِ المجنونة ، وبعد وقوفهِ على شاطئ عاطفتهِ يستجمع قُواه ويعصُرُ أفكارهُ ، بأن يخبرها غداً بكلِّ أسراره التي احتفظَ بها نحوها داخلَ أسوارِ قلبه ، والتي ظلّت تدقُّ كلَّ يومٍ من الداخل كي يفتح لها الباب ويتركَ لها عِنانَ الكلمات الثائرة .
كانت هي طوالَ تلكَ الفترة تحتفظُ بمساحة الأمان الحارقةِ بالنسبةِ لهُ كبركان ، فقد كانت تتقنُ فنَّ المسافة ، فلم تفتح جميعَ بوّاباتِ أفكارها ، وهذا ماجعلهُ يغرقُ أكثر فأكثر في هيامهِ بها ، فخصوصيةُ احترامها لذاتها أذابت كل الحواجز أمامَ حُبّه .
قليلاً ماانتفضت الأسئلةُ بداخلها فلم تكن بحاجةٍ للكثير من التفكير كي تسمعَ دقّات قلبهِ وصهيل أعماقه ورقص مشاعرهِ على أنفاسها .
كانَ يخططُ لكلِّ
كلمةٍ ولكلِّ همسةٍ ، فقد أدركَ منذُ البداية قدرتها على التقاطِ أقل الذبذبات
للكلمات التي قالها والتي لم يقلها ، فلم تكن تنقصها تلك الفطنة لتدركَ ذلك البريق
المميّز الذي أخذ إشعاعهُ يزدادُ يوماً بعد يوم نتيجة احتراق غابات قلبه ،
ولكنّها ليست ممّن يستعجلون القدر ويحرقون المراحل بنارِ التّسرُّع .
كثيراً ماتأمّلَ شلّال شعرها البنّي الطويل المتهدّل على أكتافِ رغبته ، وذاكَ البريق الخاطف لعينيها اللتين يخطُّ الكحلُ الأزرقُ خطّهُ الرائع تحتهما فيشعُّ منهما سحر لا نظيرَ لهُ يتجوّل في أعماقهِ ، ويطرقُ كل الأبواب الموصدةِ لمشاعره ليسرقَ كل أفكاره ويحتلُّ كلَّ مداخل أيامهِ .
خطرت في بالهِ
تلك الفكرة – والتي لطالما انتظرها – بشهقةٍ مباغته ، بعد أن فكّرَ طوالَ الليل حتى
أتاهُ ذلك الإلهام بالفكرة التي يعلمُ أنّها لن ترفضها لفرطِ محبّتها وتمسُّكها
بذلك المكان المقدّس.......................
https://www.facebook.com/you.write.syrianews