news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
خواطر
وحيد كحيل...لم يتركني وحيد يوماً للحظة وحيداً..!! ... بقلم : نضال الماغوط

هكذا يا وحيد ..تسبقنا في كل شيء.. حتى في الرحيل !

في العادة كنت تسبقنا في توزيع الجريدة.. في عدد الأصدقاء و المحبين .. في تقديم الخدمات للآخرين..!!

كنت تسبقنا في الابتسامة ..وأتحدى أن يستعيد صورتك أبن امرأة منقوصة الابتسامة الابتسامة كانت عنوانك الدائم.. وعلامتك الفارقة التي ولدت معك في المهد ورافقتك حتى اللحد ..!!


لكن يا وحيد مالم نكن نتوقعه منك أن تسبقنا في الرحيل.. واسمح لي أن أقول لك هذه المرة وبغضب: لقد غدرتنا.. فغادرتنا وهذا ليس من شيمك...! يا وحيد هناك سهرات لم نسهرها بعد.. هناك ندوات وأحاديث ود وسياسة ...وأصدقاء ينتظرونك في كل مساء للعب (البلياردو) وتبادل الدعابات.. وهناك العدد الأخير من صوت الشعب لم توزعه.. ولم تعلق على مقالي فيه كما كنت تفعل في العادة..!..؟

 

في بيتك الحالي الذي استأجرته بعد أن هجّرك المسلحون من بيتك في حمص، المسلحون الذين يعملون على تهجير السوري.. كما هجّر شعب فلسطين.. فهم يحملون نفس زمرة الدم.. في بيتك الحالي في الضيعة التي تزهر الشهداء.. كان يجتمع الأهل والأقرباء والجيران والأصدقاء و الحزب.. وفي كل مرة يجتمع معهم الوطن.. يشرب الشاي ويبادلهم الزهر..

صدقني يا وحيد..رأيت الوطن بأم عيني.. يبكي.. ويقول: لم يتركني وحيد يوماً للحظة وحيداً..!!

 

وأنا هنا يا وحيد لا لأرثيك.. فأنا لا أهوى المراثي، ولا لأمدحك..(فكيف أمدح من مديحه فيه) على حد تعبير محمود درويش.. بل أنا هنا لأدردش معك.. كما كنا نفعل في العادة عندما نسير في شوارع القرية وأنت لا تهدأ من إلقاء السلام على هذا.. ورد التحية إلى ذاك..

في لقائنا الأخير.. في قرية الكافات.. كنا دمعتين على شهدائها وأطفالها الذين مزقهم حقد الضباع.. ولكني لم أكن أدري.. أنه سيكون اللقاء الأخير، ولكن لن أنسى كيف ختمت اللقاء بدعابة.. جعلتني ابتسم وزوجتي رغم غيوم الحزن التي كانت تمطر حولنا وتخترق قلوبنا كالسكاكين..

 

كانت دعابتك كزهرة تنبت... بعد الحريق...

 

هل رأيت يا وحيد كم كانت الجنازة كبيرة.. هل رأيت كم يحبك الناس.. حتى خصومك الفكريين والسياسيين لم يستطيعوا أن يقدموا اتجاهك إلا التقدير و الاحترام.. فأنت وفي لحظة الرحيل كنت قد كلفت نفسك في مهمة لخدمة القرية..!! ولكن القدر كان بالمرصاد ولم يدعك تكفي المهمة.. ومع ذلك فأنا متأكد يا وحيد أنك الآن وفي العالم الآخر.. توزع الجريدة.. وابتسامات الود.. وتلاعب الأطفال .. وتناقش المختلفين معك بالرأي وتحدثهم عن الوطن الأجمل والأقوى(سوريا)..!

 

وماذا أخبرك يا وحيد.. مازالت أصابع ابنتك رشا يبرعم فيها الفن.. وما زال الوطن يقاوم البرابرة ويقدم الشهداء.. وما زالت ريتا تنشد نشيد (طلائع نيسان) وخالد ابن الثلاث سنوات والذي أسميته تيمناً باسم الأخ الكبير الذي رحل باكراً.. وباسم المعلم الكبير الذي أحببت واحترمت.. يخرج كل ما عندكم ويقدمه للضيوف.. ويقدم لهم زهر الحديقة التي كنت تسقيها..

 

وما زال الرفاق.. ينحتون في الصخر.. ويسيرون في الاتجاه المعاكس.. كي لا يضل الناس الطريق..

وما زالت رفيقة دربك.. وحبيبتك.. وأم أطفالك(غيداء) تغني لك في كل زيارة الأغنية الأكثر قرباً لقلبيكما.. والتي غنتها لك يوم الوداع عند التراب الذي التحقت..

 

أنا أتوب عن حبك أنا...

أنا لي في بعدك هنا...

أنا بترجاك الله يجازيك

يا شاغلني معاك وشاغلني بيك

وأن غبت سنة ده أنا برضو أنا

لا أقدر أنساك ولا لي غنى

ولا توب عن حبك أنا

 

بقلم: نضال الماغوط  ................المصدر :  جريدة صوت الشعب

 

 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews

2014-02-27
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد