يُمكن أن يتفق العّرافون والنقاد ورجال الدين
والعاملون في الأرصاد الجويةعلى شيء واحد هام : 2018 سيكون عاماًمثيراً للإهتمام ،
وربما يكون أكثر إثارة من العام الذي انقضى ، أو ربما حتى من عام 1918، قبل قرن
واحد، عندما ساد الهدوء الجبهة الغربية وصمتت أخيراً المدافع التي يُمكن أن تطلق
قذائف ثقيلة بوزن سيارة صغيرة تمحي البشر من الوجود على بعد أكثر من مئة كم ، وبرز
بعد ذلك نظام عالمي جديد.
لقد تسببت الحرب العالمية الأولى، والتي انتهت في تشرين الثاني من ذلك العام، في
زوال إمبراطوريات كانت تحكم أجزاء واسعة من العالم ــــــالنمساوية والروسية
والألمانية والعثمانيةـ ــــ كما وشكلت بداية زوال طويل الأمد لإمبراطوريات أُخرى
وعلى رأسهاالبريطانية والفرنسية .
وفي الولايات المتحدة، انكفأنا على أنفسنا بعد
مشاركتنا في الحرب، على الرغم من أن تدخلنا الصغير والمتأخر كان ربما العامل الحاسم
في وضع نهاية لها . لم ننسحب نحو الانعزال فحسب، بل أيضاًنحو نوعمن كراهية الأجانب
والتعصب القومي والعنصري . وأدى ذلك إلى حدوث تراجع حاد في معدلاتالهجرة وإلى فرض
قيود كان لا يُمكن تصورها في السابق على المواطنين الأميركيين من قبل منظمات أهلية
تقوم بتطبيق القانون بنفسها ومن قبل الحكومة الاتحادية وبشكل خاص وزارة العدل مع
مدعٍعام لا يرحم.
وفي الوقت نفسه، فإن البلد الذي بدا وكأنه خرج من الحرب العالمية كقوة صاعدة في
العالم، ورأى نفسه منذ إدارة الرئيسينجورج واشنطن وأبراهام لنكولن كمثال
للديموقراطية ، تخلى عن جهود كبيرة في المشاركة والتعاون الدوليين. ومع ركود
التجارة في الكساد الكبير، تحولت البلاد إلى الحمائية التجارية، مما أدى على الأرجح
إلى تفاقم الأمور.
وفي أوروبا، تعرضت بلدان كثيرة لتأثير القومية العرقية والأيديولوجيات الشمولية،
مما أدى إلى المذابح المروعة والاقصاء والهجرات القسرية الجماعية تحت أنظار حكومات
استبدادية رأى العديد من المواطنين الأمريكيين أنها موجة المستقبل.
لقد أقنعت الحرب العالمية الثانية أخيراً رؤساء هذا البلد بدورنا الحيوي لقيادة
العالم الحر، وهو موقف حافظت عليه الولايات المتحدة بثقة وتصميم لأكثر من نصف قرن.
ولكن يبدو في الوقت الراهن أننا غير متأكدين تماماً من ذلك. فقد أصبحت القومية
الضيقةرائجة لدى بعض المثقفين المزيفين وغيرهم ، وبات الخوف من الأجانب يُزرع من
قبلأشخاصفي أعلى المستويات ، وأخذت الولايات المتحدة تتخلى عن مواقعها القيادية في
العديد من المجالات التي بدتأن أنظمة استبدادية حديثة مليئة بالثقة سعيدة بأن
تشغلها.
كان تشرين الثاني 1918 نقطة تحول حاسمة بالنسبة للعالم. وقد يكون تشرين الثاني
المقبل 2018 أيضاً كذلك عندما ينتخبالأمريكيون كونغرس جديد ويبدأون النظر في ما إذا
كان يُمكن لمثل هذا التغييرفي الاتجاه المثبط للعزيمة أنيستمر. الواشنطن بوست .
الاثنين 1-1-2018.
الرابط : https://www.washingtonpost.com/opinions/1918-was-a-turning-point-is-2018/2017/12/31/947ae72a-ecae-11e7-8a6a-80acf0774e64_story.html?utm_term=.9eec8a8743e5