أما والله إنك لقلبٌ كلبْ..

بل الكلب أوفى صاحباً ورفيقاً.. ومنه قد يرتجى ما لا يرتجى منك.. ويعول عليه ما لا يعول عليك..

ألا لحاك الله وقبحك من بين القلوبْ.. أوردتني المهالك وبعثرت شملي بين الدروبْ..

حملتك بين جنبيّ -كما تحمل الأم ابنها- أكثر من عشرين ربيعاً.. فشققت عصا الطاعة، وأدرت لي ظهرك، ولفحتني برداً وصقيعاً..

أردتك حراً لا قيد عليك.. فأردتني عبداً ووضعت القيد بين يديك..

أردتك سيداً تأمر فتطاع.. فأردتني خادماً تؤمر فتطيع..

أردتك موحداً لا تسجد هامتك إلا للمعبود.. فنسيت الذي كان ومرغت أنفك للعبيد..

أردتك تقياً.. فكنت عاصياً وشقياً..

أردتك وفياً وخلاً صفياً.. فكنت جاحداً وعاقاً وذئباً غادراً بربرياً..

قد أفهمتك بأن الطريق إلى الله طويل.. والزاد في هذه الرحلة قليل..

وأمرتك بالصبر أن تتجمل.. وفي سبيل نيل المنى أن تتحمل..

فإذا بك من يومها ممسكاً بخناقي.. لا أمشي بك خطوتين حتى تقعد بي عن المضي قدماً.. وتشتكي وتنوح قائلاً اذهب أنت وربك فقاتلا أنا هاهنا باقي..

دينك للشتم والقدح مباح.. وظهرك للركوب و الحرث مستباح.. وعرضك الخوض فيه متاح.. ووطنك العربي الكبييييير – وا أسفاه- لكل يهودي وأجنبي غاد ورائح مستراح.. وما رأيتك يوماً تزفر زفرة أو تسكب عبرة..

أما إذا تخلّعت غانية وغنّت لحبيبها تدعوه للوصل الحرام ونيل الوطر.. ألفيتك تبكي وتشنهق كمن عذّبوه ووضعوا بين يديه الجمر.. 

أما والله إنك لعجب عجابْ..  وصنف جديد من القلوب.. ما سمع به بشر.. ولا ورد ذكره في كتابْ..

ما حذرنا منك نبيٌّ.. ولا رسول سماويٌّ.. ولا حكيم صينيٌّ.. أو راهب هنديٌّ..

أم أن الساعة أزفت وأنت عليها علامة..  وما أنت يا جبان لجهنم بندٍّ إذا ما جاء يوم القيامة..

غراب ووجه نحسْ.. ونعيقك –لعمري- يسوِّد بقبحه الشمسْ.. 

فو الله لأؤدبنك بالعصا يا رعديدْ.. كما يؤدب الأنجاس والمناكيدْ..

ولأحاربنك بالسيف والرمح والترسْ.. وما ضرني لو وصل عواؤك إلى بلاد الروم والفرسْ..

ولأربينك حتى يبكي عليك الحجر.. وتصير عبرة لمن اعتبر..

ولأخالفنك كما يخالف القطيع العجل المجذوم.. فإن ذهبت إلى الشمال لأذهبنّ إلى الجنوب.. وإن سعيت إلى الشروق لأسعينّ إلى الغروب.. وإن أحببت لأكرهنّ.. وإن كرهت لأحبنّ..

حتى أراك تمشي مستقيماً على الطريق القويم.. كما أُمرت على لسان النبي العربي الكريم..

قد فاض بي الكيل منك يا قلب.. والأيام بيننا إما أنا وإما أنت يا كلب..

24-2-2011