news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
خواطر
زير النساء ... بقلم : أنجاد قصيباتي

هي:


هل أحببت قبلي؟

هو

دون لحظة تردد: بالتأكيد.

هي

بفضول المرأة الشرقية التي تهوى نكش تاريخ الرجل قبلها، لتقيم نزاهته ونظافة قلبه:

كم واحدة أحببت؟

هو

ببساطة: لا أدري.. لم أسمح لقلبي بترف العد من قبل..

هي

تصمت قليلاً وقد باغتتها هذه الإجابة، ثم تقول: هل هنَّ كثيراتٌ إلى هذه الدرجة؟!!

هو

ببساطة: نعم.

هي

بهجوم مستفز: قد حذروني من قبل بأنك زير نساء.. تترصدهن وتغويهن وتوقعهن ثم تتركهن حيارى ومعطوبات أحلام..

هو:

أعلم.. سمعتهن يهمسن في أذنك من ورائي.. ولكن إذا كان هذا صحيحاً لماذا جئتي لرؤيتي اليوم؟

هي

تتجاهل سؤاله: لماذا تفعل ذلك؟!

هو

بجواب مستفز: حتى أرضي عقدة شهريار في داخلي.. وعقدة الرجل الشرقي المشبع بالفوقية على الجنس النسائي.. وعقد دون جوان وروميو والدون كيخوت والماركيز دو ساد..

هي

بحدة: وتقولها هكذا دون حياء.. أنت مريض..

هو

بهدوء مستفز: ربما..

هي

وقد بدأت تحمر وجنتاها من الغضب: بدأت أكرهك وأخاف منك..

هو

يهز رأسه مؤكداً: ردة فعل طبيعية.. طبيعية جداً..

هي

تشد على أسنانها بغيظ: أنا احترق عند خط الإستواء.. وأنت تسبح مع الدببة القطبية في القطب الجنوبي..

هو

يبالغ في إغاظتها: ربما أنا ألبس قناعاً من الجليد.. ولكن اتظنين أن شخصاً بارداً من الداخل سيحب كل هؤلاء النسوة؟؟؟

هي

تكاد تصرخ لولا الحاضرين: ألا تستطيع الإجابة على أي سؤال هكذا مباشرة دون مواربة؟!!

هو

مازال هادئاً: ها أنا ذا أجيبك!!

استبد بها الغضب.. فخطفت حقيبتها الجلدية السوداء وهمت بالمغادرة..

هو

يمسك يدها ويمنعها من الذهاب والابتسامة تعلو شفتيه.. ويقول بلهجة استرضاء:

حسناً .. حسناً سأكف عن إغاظتك وسأجيب عن أسئلتك بصورة مباشرة..

هي

تجلس عاقدة ساعديها وزامة شفتيها وتنظر إلى اللامكان متجنبة النظر في عينيه..

هو

يطلب لها وله - دون أن يسألها - فنجانين من القهوة السوداء كما تحبها هي وكما لا يفضلها هو..

يخيم عليهما الصمت حتى تأتي القهوة فيرتشفانها على مهل دون أن ينبسا ببنت شفة..

ثم تقطع الصمت لتسأله فجأة: من كانت الأولى؟

هو:

فلانة..

هي:

ومالذي جرى؟

هو:

عندما تعرفت عليها كنت لم أزل شاباً فاتياً، وقلبي كان لم يزل غضاً طرياً.. عشقتها كالمجنون.. وصرت أهذي باسمها صاحياً ونائماً.. وتعلمت بسببها صحبة الليل ومسامرة القمر وتأمل النجوم.. ولم أستطع تدارك لساني ولا قلبي عن الحديث عنها واللهج بذكرها فعرف بقصتي القاصي والداني وصرت مادة للتفكه في المجالس، لكنني لم آبه لذلك..

وقد وعدتها أن لا أتوقف عن حبها حتى آخر ثانية في عمري.. وذات يوم صيفي حار.. أردت مفاجأتها بزيارة.. فوجدتها قرب مدرستها في فيء ردهة أحد المباني.. بين أحضان حبيبها القديم يتعانقان ويهمسان لبعضهما بكلمات لم أستطع ولم أرد في الأصل تبينها..

هي

بفضول لم تستطع إخفاءه: وماذا فعلت عندها؟!

هو

رأتني.. لكنني لم أشأ إحراجها فتصرفت وكأني لا أعرفها البتة.. بعدها بفترة التقت عينانا مرة واحدة فنكست رأسها وبكت ولم تستطع أن تنطق بكلمة.. وأنا بدوري لم أقل شيئاً.. سامحتها ومضيت في حال سبيلي غير دارٍ لماذا أهدرت سنتين من عمري على قدميها..

هي:

ومن الثانية؟ وماذا حدث معها هي الأخرى؟

هو:

عندما أحست بغريزتها الأنثوية أنها تعجبني.. دلت شباكها وظلت تحركها حتى وقعت.. فلما وقعت.. تمنعت وقالت: أنت لم تفهمني على النحو الصحيح.. ولكن بإمكاننا أن نظل إخوة أو أصدقاء إن شئت.. وسمعت بعدها مصادفة أنها كانت قد راهنت صديقتها على الإيقاع بي.. لغرض التسلية وتزجية الوقت.. ولتثبت لنفسها أنها تستطيع فعل ذلك..

هي:

ومن الثالثة؟ وماذا فعلت معك هذه أيضاً؟

هو:

كان موضوع عفة..

هي

بحدة: طبعاً إذا تجملت الفتاة بالعفة ولم تعط الشاب ما يريد خانها مع من قد تتنازل عن عفتها.. أما إذا منحت الشاب مطلبه عافتها نفسه، وبات يعاملها على أنها قذرة ويرجمها بنظراته وكلماته وكأنها زانية في ساحة الرجم وهو أشرف الشرفاء، مع العلم أنه هو الذي في الأصل راودها عن نفسها..

هو

يبتسم بهدوء: أكره أن أخيب أملك لكن الموضوع جاء معاكساً تماماً لما تظنين.. هي التي أرادتني لإرضاء شهوات الجسد وأنا الذي تمنعت وعافتها نفسي.. وتركتها على ما هي عليه خوفاً على نفسي من الفتنة..

هي:

والرابعة؟

هو:

كانت طفلة لعوب لا تفقه من الدنيا شيئاً ولا يعنيها في الأصل أن تفهم أو تتعلم.. أحبها القلب لكن العقل اجتواها..

هي:

والخامسة؟

هو:

أحبها العقل لكن القلب ما مال معها ولا تحرك.. وهي لم تبذل جهداً يذكر لاستمالته إليها..

هي:

والسادسة؟

هو:

حولتني إلى آلة للضم والتربيت وكفكفة الدموع والتهدئة والاحتواء والاستماع إلى الشكاوي والمآسي.. وحملتني همها وهم كل ماكان وكل ماهو الآن وكل ما سيكون.. وحاولت كثيراً أن أجد لنفسي مساحة صغيرة بين كل هذا الحشد من الأحزان فلم أستطع..

هي:

والسابعة؟

هو:

عندما كانت بحاجتي كانت تتفنن في كيل المديح والثناء لي.. حتى إذا انقضت حاجتها باتت لم تكد تعرفني.. وتتجنب النظر في وجهي أو ملاقاتي وإذا صدفتني عاملتني كغريب أو عابر سبيل..

هي:

والثامنة؟

هو:

كانت كما قال نزار: تنتظر المنتظر كما ينتظر الكتاب من يقرؤه.. والمقعد من يجلس عليه.. والإصبع خاتم الخطبة.. تنتظر رجلاً يقشر لها اللوز والفستق.. ويسقيها لبن العصافير.. ويعطيها مفاتيح مدينة لم تحارب من أجلها ولا تستحق شرف الدخول إليها.. أي أنها لم تكن على قدر الحب أبداً.. ولم تستطع أن تفهم يوماً أن معناه الأكبر يكمن في التضحية.. وأنه قرار صعب وعلى الواحد منا أن يكون على قدر هذا القرار وأن يتحمل مسؤوليته.. وإلا فلا بارك الله في هذا الحب..

هي: والتاسعة؟

هو:

كانت مثقفة وذكية.. لكن ثقتها في نفسها وفي من حولها تكاد تكون معدومة.. تشك في الجميع وتتوهم.. وتظن أن الكل يقصدها لأنه يريد سوءاً بها.. تحسب كل صيحة عليها.. وكل كلمة موجهة إليها.. لم تستطع يوماً قراءة السطور.. وما همها إلا البحث بينها عن معاني خفية قد يكون القصد منها القدح بها أو ذمها أو إيذاءها.. لم أستطع التكلم معها يوماً على طبيعتي.. فتعبت وأتعبتني..

هي:

والعاشرة؟

هو:

كانت جميلة ولا توفر جهداً في الاعتناء بنفسها وملبوسها وزينتها ورشاقتها.. وكل من حولها يتسابقون في كيل المديح والثناء لها.. وإفاضة كلمات الإطراء والإعجاب عليها.. حتى أصابتها لعنة الغرور والنرجسية...... أدركت في النهاية أنها لم تتقرب إلي من أجلي ولكن ببساطة لأنها كانت قد ملت المرآة وأرادت استبدالها بنثري وقصائدي كي تتأمل نفسها ملياً في كلماتي وترضي غرورها العاتي.. وأنا لا أخفيك.. منحتها أجمل قصائدي وأغلاها ولم أستدرك الأمر إلا متأخراً.. أنا لم أكن أعنيها وهي لم تكن تحبني في الأصل.. بل هي كانت تحب حبي لها وكلماتي إليها..

هي:

والحادية عشر.. والثانية عشر.. و.. و.. و..

وهو

لم يتردد في الإجابة..

...

هي:

هل تريد أن تقنعني أن المشكلة كانت في كل هؤلاء النسوة ولم تكن فيك؟! يبدو لي أنك تبحث عن المرأة الكاملة ويؤسفني أن أقول لك أنك لن تجدها إلا في أوهامك..

هو:

كيف لي أن أبحث عن المرأة الكاملة وأنا نفسي لست بكامل.. لكني ببساطة أبحث عن مكملتي.. عن المرأة التي ترغمني حسناتها عن التغاضي عن سيئاتها.. والتي ترضى أن تتغاضى عن سيئاتي لتخرج أحسن ما في داخلي..

هي:مممممممم..

حسناً وماذا عني؟

هو:

آه منك أنت.. نكشت تاريخي.. وأبيت إلا أن تعلقي خطافات أسئلتك في أعشاش النحل داخل قلبي.. وأنا الذي لا أقوى على مواجهة الماضي وتحمل لسعات الذاكرة وجدتني مضطراً بسببك للبوح والإجابة كمتهم في قفص الاعتراف.. أو كرجل يريد التكفير عن خطاياه أمام الكاهن..

هي بارتباك: أنا آسفة.. ولكن كان علي أن أسأل..

ثم أضافت بخيبة أمل: أتعرف.. كنت أتمنى أن أكون المرأة الأولى في حياتك..

هو:

وأنا أيضاً كنت أتمنى أن أكون الرجل الأول في حياتك..

هي:

وماذا بقي لي أنا إذا كانت كل واحدة منهن قد أخذت شيئاً منك؟!!

هو:

لا أظن أن عليك أن تشبهي قلبي ببئر أدلت كل واحدة منهن دلوها فيه وأخذت منه حتى شارف على النفاذ ولم يبق لك منه شيء.. بل عليك أن تعامليني كما لم تعاملني أي واحدة منهن من قبل.. أشبه بأرض خصبة.. وعلى عاتقك يقع اختيار البذور وبذرها والاعتناء بها.. وأضمن لك في النهاية أنك ستحصدين ما تزرعين..

هي:

أحبك..

هو

ببساطة: أنت مجنونة..

هي

باستغراب: لماذا؟!!

هو

بابتسامة مستفزة: كيف تحبين زير نساء وترضين بأن تلطخي تاريخك بقصائده السيئة السمعة؟!!

هي

بلهجة صادقة: هذا خياري.. وسأدافع عن قراري..

هو:

هل أنت متأكدة من هذا؟

هي:

بالطبع..

هو

يهز كتفيه: أنت حرة.. وأتمنى أن لا تندمي على هذا القرار..

هي

وقد استفزها بروده: أهذا كل ما تريد أن تقوله لي؟

هو

يصمت برهة من الوقت.. يبتسم ويتأملها بحنان.. ثم يعتدل فجأة في مجلسه.. يمد يديه ليحتضن

يدها بينهما ثم يطبع قبلة صغيرة عليها كمن يزرع وردة جورية على غيمة قطنية بيضاء..

ثم يقول بدفء:

أنا

أحبك.. ويؤسفني كثيراً أنك لست أول امرأة في حياتي.. ولكني أتمنى من كل قلبي أن تكوني الأخيرة..

2011-04-11
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد