news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
مبادرة هادئة، سورية الطابع ...بقلم : عمار وقاف

أنا مثلكم، إخوتي.

أقعدتني أحداث الأسابيع التي مضت ورمتني فريسة انتظار مقيت.


أمعن الترقب في قضم أعصابي وتركني جثة لا تحسن سوى التماس الأسى من شاشة حاسب أو تلفاز.

ذهبت الأحداث بي وأتت، إلى أن اعتلى شيخ المنبر فجأة، فخطب بالناس وأرغى وأزبد، وهلل الناس له وكبروا.

تقمص روح طارق بن زياد، وأحرق سفناً، إلا أنها ما كانت خاوية فقد كان له أهل فيها.

أفقت لحظتها، ونظرت حولي، وإذ بغول الفتنة مكشراً عن أنياب ظنناها قد ثلمت منذ عهد بعيد.

وإذ ببلدي، التي لطالما ضخت الحراك في عروق من حاول الجميع إقعادهم، كسيحةً.

وإذ بواحدنا، بعد أن كان فاعلاً مرفوع الرأس، صار مفعولاً به، منصوباً عليه.

....

لا يا إخوتي، لا،

لسنا ممن يرضون بأن يجر الآخرون بلدهم إلى حيث لا تريد.

قد قلنا كلمتنا وانتهى الأمر.

قلناها بشكل سوري بحت.

فمقابل الجموع التي خرجت في تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين خرج منا بضعة فقط، قالوا جملتين أو ثلاثاً عبرت عما يجول في خاطر الجميع.

خرج غيرهم، بعدها، وقالوا ما لا نوافق عليه وأفسدوا في الأرض. لكن هذا يمكن نسيانه، فالمهم أن غالبيتنا تنشد إصلاحاً واحداً.

ولئن تفلسف علينا فلان بأنا خائفون، فهذا صحيح، لكنّا على بلدنا لا منه، خائفون.

لم تفلح كل الآمال التي فرشت وتفرش في دربنا في جر ملاييننا إلى الشارع ؛ لا الآمال بانشقاق النظام أو انهياره، ولا بتقسيم الجيش أو اقتتاله، ولا ترقب خروج هذه المدينة أو تلك، ولا قدسية هذه الجمعة أو تلك، ولا الوعد بدعم أممي، سياسياً كان أو عسكرياً، ولا حتى إلغاء دعواتنا لحفلات الزفاف.

لا، يا إخوتي، لا،

لن أسهم في سفك المزيد من الدماء، فما أريق منها قد كفانا أجيالاً.

ولن أصدق أن من في عواصم الغرب حريصون على سؤددنا ومجدنا، فضعفنا ما يفيدهم، لا قوتنا.

واعلموا، إخوتي، أن ما نمر به سيمسي ماضياً، طال الوقت أم قصر، وأن انتهاءه ليس بذي أهمية إذا ما قورن بما سينتهي عليه.

وأننا إن لم نفعل شيئاً غرقنا في دوامة شك وبغضاء واتهامات متضادة كتلك التي خبرناها منذ ثلاثين عاماً.

فالشك والتوتر، إخوتي، لا يقتاتان إلا على صمتنا تجاه بعضنا.

....

سأكتب فيما يأتي بضعة أسطر، أرى فيها ما يجمعنا اليوم، وما يمكن أن نبني عليه غداً.

  • أنا أؤمن أن الإصلاح الهادئ من الداخل هو الأسلوب الوحيد للوصول لإصلاح ذي ديمومة.

  • وأرى أن الحكومة قد فهمت ما أريد، وأنا مستعد أن أعطيها من الوقت ما يلزم للوصول إلى نتائج حقيقية، لا شكلية.

  • وأرى في نزولي للشارع بعد هذا الوقت عوناً لمن أراد بي الشر، لا الخير.

  • وأرى فيمن خرج ينشد الحرية والإصلاح فقتل، شهيداً، ومن قتل لأنه ينتمي لهذه المؤسسة العسكرية أو تلك، أو لهذا المذهب أو ذاك، شهيداً. ولست أرى فيمن حمل السلاح في وجه بلده، أو حرض على جهاد أو فتنة، إلا عدواً.

  • وأرى في التطرف الديني مقتلاً، وفي الاستبداد قهراً، وفي الفساد ذلاً.

  • وأرى في سوريا وطناً؛ يجمعني مع من أختلف معه في القليل، وأشبهه في الكثير. وإن كنت مستعداً لبذل دمي، فإنما في سبيل تقويته وتوسعته، لا إضعافه وشرذمته.

......

سأمد يدي لأخي اليوم، لئلا أخجل من النظر في عينه غداً.

وسأقف في وجه من يحرضني، لئلا يأتي يوم أخجل فيه من النظر في وجه من يقف في المرآة.

وسأبتسم في وجه الجميع، علّهم يشعرون ببعض من تفاؤل ...

... فأشعرَ أنا به أيضاً.

2011-05-05
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد