news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
خواطر
أحلى عرسان ..! ... بقلم : عصام حداد

ما أحلاكم أيها العرسان .. ما أجمل طلتكم وما أعظم أعراسكم المهيبة .. عرسان مرصودين بعين الله جهزوا أنفسهم واختاروا عروسا واحدة تسابقوا عليها وفازوا جميعا بها ..  


عروس ولا أجمل صنعها الله بيده وحماها وخلق كل شيء بعدها بكلمة ( كن ) عرسان تعبوا وبذلوا جل جهدهم وأنفقوا كل ما ادخروه لهذا اليوم العظيم الذي طالما تمنوه وأقدموا عليه بإرادة وحب كبير .. ولم يعجزهم مقدمها ومؤخرها لأن عروسهم لا تقبل المساومة .. فهي لا تريد صالات أفراح لأنها أعظم صالة في الدنيا ولا تطلب ذهبا ولا ألماس لأنها حجر كريم بأصلها ولا مال يغريها فهي من تغري الجميع .. ومع كل تواضعها لا يستطيع إرضائها إلا النخبة من الرجال الشجعان أصحاب العزة والكرامة الذين أدركوا أن مهر جميلتهم لا يتعدى شقيقة نعمان حرة خضبت بتراب الوطن وسقيت بنقطة دم زكية طاهرة لغسل فسق ومجون ونفاق عالم بأكمله .. هؤلاء فقط من أحبتهم وحضنت لآلئ سقطت من جباههم وسواعد حموا بها سياج أوطانهم وخبأت دمائهم وراء حجاب .. لكنها اعتذرت منهم على ضم أرواحهم الطاهرة فالباري وعدهم بالرزق عنده وهو لا يخلف الميعاد ..

 

إنهم أحلى عرسان الكون وأعظم أخلاق البشر وأوسم شباب الخلق وأرفع آداب النبوة وأسمى قيم تعارف عليها الخلق منذ آدم وحتى القيامة .. وشهدنا لهم أجمل الأعراس وأبدع الزغاريد وأنقى الدموع .. دموع فرح الفراق وسعادة الإشتياق وأمل اللقاء وتعب الانتظار .. فحملوا على الأكتاف من قبل الأحباب بأروع عراضة وهتاف وطوق الأسكي الذي حملوا عليه أكاليل غار غارت من طيبهم الزكي وعطرهم الفواح ومجدهم الصداح .. تحضنهم عروسهم بعلمها الرمز فشهد الأحمر على دمائهم الزكية الممزوجة بغسق بديع ليلة الشهادة ..  

 

وشهد الأبيض ختام أعمالهم بالمسك والعنبر والطهارة التي أعادتهم كما ولدتهم أمهاتهم .. وافتخر الأخضر بتضحياتهم وعطائهم الذي طغى على عطاء الأرض الطيبة .. واستحى الأسود وخجل من استمرار الظلم من بعدهم لكنها أراده الله في خلقه .. وكانت ضيافة أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر أكلة بسيطة شعبية معروفة وهي ( رز بحليب ) رز نقي نثر بزغاريد على عروشهم المحمولة بفرح وغبطة لا توصف .. وحليب رضعوه من أصالة أمهاتهم العظيمات ممزوج بالشجاعة والتضحية وحب الوطن ..                                  

وماذا أحكي لكم عن ليلة دخلتهم .. إنها ليست كأي ليلة بل نور وأنوار وأهازيج وأسهار تحملهم ملائكة بعراضة لا مثيل لها ويعبرون بهم سرمدا خلف آفاق الأحلام البشرية وبعيدا عن أرض الأوهام المادية .. ولا يشعر بعظمتهم الحقيقية إلا عالم طاهر مطهر عفيف وقلوب أمهات أخذها العرسان معهم وابتعدوا لعالم الغيب والشهادة .. فليبارك الله أمهات الشهداء وقلوبهم لأنها تدخل جنات النعيم قبل أرواحهم .. فيهنأون منذ ولادة شهدائهم وبزوغ شقائق النعمان على أضرحتهم ما يخفف عنهم ويصبرهم على فقدان عرسانهم مع كل لوعة الفؤاد لفراقهم .. 

 

فلا ضريح حقيقي لشهيد على الأرض ولا تجرؤ تربة على احتضان طاهر عفيف ولا زيارة له إلا للذكرى        ( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ) فمرقده ليس معنا ولا بكوننا حتى عروسه التي أحبها وتعشقه لا تسطيع ضمه ليوم الدين .. إنه بكل فخر في مكان أمين مهيب تحت عرش عظيم يسبح والملائكة ربهم فرحين .. فهنيئا لعرساننا الطيبين بأعراسهم وعروسهم وعراضاتهم ودخلتهم وعروشهم وشهاداتهم .. قال جلّ وعلى         ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ) وقال ( وَلَا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوفون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السماوات والأرض والله بما تعملون خبير ) صدق الله العظيم .. ورحم شهدائنا الأبرار أجميعين .

 

2011-06-16
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد