news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
هل يجوز للخصم أن يكون حَكَماً ؟؟ الجزء الثاني ... بقلم : د. عبد الحميد سلوم

إذا الأمور باتت مفضوحة في الحالة السورية ،، إن الخصم هو الحَكَم ، وهذا يعني أحد أمرين : إما استسلام الجانب السوري بالتمام والكمال للخصم بكل ما ينجم عنه من تداعيات ،، وإما رفض الإستسلام ،،


وهذا يعني المزيد من التصعيد من جانب الخصم بشتى الوسائل من الخارج والداخل ،، والمزيد من التحريض للقتل والعنف ، وضرب الأمن والإستقرار ، واستمرار نزيف الدم !!!.

 

 وقد جاء بروتوكول مجلس التعاون ،، باسم الجامعة العربية حول المراقبين ،، والذي طالبت سورية بتعديلات عليه لا تمس الجوهر ، ورفضوها ،، أكبر برهان على ذلك !!. فهذا البروتوكول من حيث الفرض والقسرية والإملاء ، كان صورة أخرى من شروط إنذار – الجنرال باول – أي المطلوب من الجانب السوري هو التنفيذ فقط دون اعتراض ولا نقاش ، وضمن المهلة التي يحددونها ،، وكل هذا يؤكد أن الخصم ذاته هو الحَكم وأن هدفه ليس المساعدة في إيجاد حل للوضع السوري ، وليس أكل العنب ،، وإلا لكانوا التزموا بأبسط القواعد القانونية الدولية بالتشاور مع الجانب المعني قبل صياغة أي بروتوكول ، والتوصل معه إلى صيغة مقبولة للطرفين ،، فما فعلوه يصلح في حالة واحدة وهو عندما يكون طرفان  متحاربان وينهزم أحدهما ،، فيفرض المنتصر شروطه كما يشاء ،، وما على الطرف الآخر سوى الإذعان والقبول والتوقيع ،، كما حصل في بعض مراحل التاريخ مع بعض البلدان !!! وهنا تكمن المعضلة ، فهناك من يتعامل مع الحالة السورية مُفترضا أن سورية بحكومتها  الحالية  مهزومة ،، وما عليها إلا أن تبصم على شروط  استسلامها أمام أمريكا ومعسكرها !!!.

 

طبعا هذا النهج والتفكير لن يقود إلى حل ، بل إلى تحطيم البلد ،، والواضح كل الوضوح أن هناك مُعارضة تستمد كل قوتها ودعمها ، وحتى قرارها ، من الخارج الذي لم يكن في أي يوم إلا ضد  مصالح  الشعوب العربية ، وهذا الأخطر !!!. ومهما كان الحديث عن الإعتماد على المتظاهرين في الشارع فإنه  يبقى كلاما خطابيا ، أولا : لأن هذا الشارع مقابِله يوجد شارع أكبر ، وثانيا لأن هذا الشارع سوف يتراجع تلقائيا مُجرد تراجع الدعم الخارجي ،، وهذا ما نلمسه دوما ، إذ يتفعَّل احتجاج  الشارع كلما زاد التحريض الخارجي فقط  والعكس صحيح ، والإيقاع واضح !!!.

 

وهذا بدوره يؤكد النوايا المُبَيَّتة لهذا الخارج ضد سورية واستخدامه لأبنائها وقودا لأطماعه ومخططاته وأهدافه ،، وهذا ما فعلته الولايات المتحدة في عدة أماكن ، لاسيما أمريكا الوسطى حيث حرَّضوا أبناء الشعب الواحد  للتقاتل خدمة لمصالحهم ( وخيار السلفادور الذي طبقوه في نيكاراغوا ما زال ماثل في الأذهان )    ومهما سعى البعض لإنكار ونفي ذلك فإن الشعب السوري ينفي هذا النفي ،  وهو مؤمن أن ما يحصل بحق وطنه هو مؤامرة  ،، وإن من ينفي حتى اليوم أن الأرض تدور حول الشمس لا يمكنه أن يُغَير من الحقيقة شيئا !!!. فالمسألة تجاوزت بكثير المطالب المُحِقّة والمشروعة التي ندعمها ونساندها جميعا ، وتجاوزت مسألة الحزب الواحد وبعض مواد الدستور وتداول السلطة  والحديث عن التعددية التي ننشدها جميعا ،، لتنتقل الى حالة خطيرة تهدد وحدة الوطن ، ووحدة ترابه وأبنائه !!! وإن التغطية من قبل المعارضة على الممارسات الطائفية العُنفية  والقتل والخطف على الهوية المذهبية في بعض المناطق ، من قبل الجماعات المسلحة ، هو مساهمة مباشرة وتشجيع مباشر لهذه الجماعات على أفعالها وهذا أخطر ما تتعرض له سورية   واستهانة المعارضة بهذا الأمر يعني ببساطة استهانة بوطن ، واستهتار بوحدته ووحدة ابنائه !!!. وليسمح لي  من يظهرون على الشاشات وينكرون ذلك – وأتمنى لو كان نكرانهم في مكانه لكنت سعيدا – إلا أني  لا استطيع ان أقتنع وأنا أعرف وقائع بالأسماء والأشخاص ، ومنهم من طلبوا فدية لتحريره واضطرَّ ذويه أن يجمعوا من كل الأقارب المبلغ المطلوب على حساب لقمة عيش الإطفال والعجائز !!!.

 

والسؤال ما هو الحل ، في ظل نية الولايات المتحدة وشركائها بالأطلسي في تحطيم سورية ؟؟  الجواب بتقديري له شقين : الأول على الصعيد العربي ، وهذا يتجسد بالتأكيد على حسن النية ، والتراجع عن قرار تعليق عضوية سورية في الجامعة ،، والإعتراف بحقيقة وجود مسلحين يخطفون ويقتلون ويجابهون قوات الجيش والأمن ، والطلب إليهم التوقف عن ذلك فورا ( والغريب أن وزير الخارجية الروسي يطلب ذلك بينما العرب لا يُشيرون لذلك بكلمة ،  فماذا يعني هذا ؟ ) والتشاور والتنسيق مع الجانب السوري قبل الإقدام على أي خطوات تتعلق بالداخل السوري ،، فهل يُعقل أن نطالب أية دولة عربية بتسوية أية مشكلة لديها ونحن نتجاهل حكومتها ونتجاوزها وكأنها غير موجودة  ؟؟. هل هناك من حكومة عربية تقبل ذلك إن تعلق الأمر ببلدها ؟؟  طبعا  كلّا !!.. وهل يقبل الشقيق السعودي  ، على سبيل المثال ، أية مبادرة تتعلق بالمناطق الشرقية لا تتم مناقشتها مع الحكومة الرسمية ؟؟؟ بل هل يقبل أصلا من أحد أن يتدخل بالشأن السعودي الداخلي  ؟؟ ألَم نسمع التصريحات النارية بهذا الخصوص ؟؟  وكيف يتم التعامل مع المعارض السعودي المرتبط بأية جهة خارجية ؟؟.  وأليس هذا نفس موقف أي بلد خليجي أو غيره  ؟؟؟

 

أما الشق الثاني للحل ، فهو داخلي ، ويتجسد بالإستمرار في عملية الإصلاح والتحول نحو الديمقراطية والتعددية بدأب وعمل متواصل في الليل والنهار ،، والحوار مع أطياف المعارضة التي ترفض ، أو ،  تتبرأ من أي استقواء بالأجنبي واستخدام العنف والقتل وسيلة للتغيير ،، فهذه ببساطة معارضَة غير مقبولة لدى السواد الأعظم من الشعب السوري لأنها تقود إلى نهايات سيندم عليها الجميع ، ولكن بعد أن لا ينفع الندم  !!!.

 

وبعد هذا العرض يمكن التوجه بالسؤال التالي  إلى الجامعة العربية  : إن كنتم لستم طرفا كما تُصرحون ،، وإن كان هدفكم مصلحة الشعب السوري ، كما تقولون ، فعليكم أن تُثبتوا ذلك بالأفعال وليس بالأقوال ، وتتراجعوا عن قرار تعليق العضوية السورية ، وتتعاملوا مع حكومتها بعيد عن الإستفزاز والإملاء ، وتُوقفوا التحريض الإعلامي في اعلامكم وفضائياتكم ، وتشويه الوقائع وقلب الحقائق ، التي أصبحت بائنة للقاصي والداني ،، فهذا حرام عليكم ، وأنتم لاتتلاعبون في الأسهم بأسواق البورصات ،، أنتم تتلاعبون بدماء بشر من أبناء شحمكم ولحمكم  !!. فهل يُعقل أن يكون الروسي أحرص منكم على وحدة الوطن السوري ودم أبنائه  ؟؟؟!!.

 

وأقول مجددا لأبناء سورية الحبيبة لنضع مصلحة الوطن فوق كل المصالح الخاصة والكيديات ، وأن لا تعمي بصائرنا روح الثأر والانتقام ، ومن يريد مصلحتنا كشعب  لا يعمل على تجويعنا ، ولا يفرض عقوبات اقتصادية  بحقنا ، وأستغرب كيف ينشرح صدر أي سوري لقرارات تضر بلقمة عيش شعبه ، وبنفس الوقت يتحدث عن حرصه على هذا الشعب !!.  فعودوا واقرؤا كيف ذهب ضحية تلك العقوبات نصف مليون طفل عراقي  في الماضي !!.  وان من يرسل طائراته (العروبية ) لقصف أي بلد عربي  مع طائرات الناتو لايمكنه أن يكون غيور على الدم العربي ، بينما لم يجرؤ في حياته على اطلاق ذبابة نحو من يغتصب الأقصى ، فماذا نُسَمي كل ذلك؟؟

 

دعونا نبرهن أيها السوريون  للعالم ،، ونحن أهل الحضارة ،، أننا شعب يعرف كيف يُحيل المرّ عسلا  ، بالجلوس والحوار مع بعض حباً بالوطن ومستقبل الأبناء ، فما ذنب أولئك كي يرثوا الآلام والأحزان والمعاناة ، وأن ينشأوا على مفردات القتل والكمائن والقناصة والجنازات ، والبومبكشن ( التي لم أسمع بها في حياتي بالماضي ) ، أليس من واجبنا جميعا أن نؤمِّن لهم مستقبلا آمنا واعدا مستقرا قبل أن نرحل !!!. وأن نورثهم وطنا  متلاحما متماسكا  متحابا ومنيعا يعيشون به بأمن الله وأمانه  ؟؟!!!.

 

2011-11-30
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد