news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
خواطر
2012 عام جديد بين القلوب و الأجراس ...بقلم : الدكتور مصطفى ماهر عطري

أستسلم في نهاية كل عام لحالة غريبة من الأمل واليأس وشعور غامض من السرور والحزن ، وأتساءل أحياناً عن مغزى تلك الاحتفالات بالفرح والتي تقام لاستقبال العام الجديد ؟!..


حيث تمضي الأيام والأشهر والسنون والقرون مشكلة بمجموعها ذاك الشيء الغامض المثير للاهتمام والتفكير الذي يسمى " الزمن"، والذي قال عنه الشاعر أحمد شوقي

 

دقات قلب المرء قائلة له                  إن الحياة دقائق وثوان.

 

والأغرب من هذا وذاك أن بعض الناس يحاولون نسيان العام الراحل بمشاكله ومساوئه واستقبال العام الجديد عن طريق الاسترسال بالمشروبات الروحية حتى الثمالة،و هل يساعد هذا في نسيان الماضي والأمل في مستقبل أفضل!؟..  

 

وهل وداع العام الذي مضى بلا رجعة وبكل ما فيه من مآس وأحزان وويلات وانجازات وخيبات أمل، بدءاً من الكوارث الطبيعية وانتهاء بالأزمات الاجتماعية والحروب البشرية المفتعلة، والضائقات الاقتصادية الخانقة، وهل نحن نحتفل بالعام الجديد الذي سيكون له سجله الجديد على ملفات التاريخ ، وهو سجل لن يختلف كثيراً عن سجل العام الذي مضى وانقضى، أم أن تلك الاحتفالات تعبير عصري عن حالات الخروج الجماعي للبشر قديماً وحديثاً، لرصد ظاهرة من ظواهر الطبيعية غير المرئية ؟!... فعلى الإنسان المعاصر المتحضر أن يفكر بكل حكمة وموضوعية وتعقل لما فيه خير البشرية وخير أمنا ( الكرة الأرضية ).

 

وهكذا تمر الأيام تروي بتاريخ مكتوب بحروف مظلمة عن مؤامرات الأعادي والصحاب، ومؤامرة الإنسان على أخيه الإنسان في محاولات يائسة لسلخ إنسانيته وكرامته، عن طريق سفك الدماء بجرائم القتل والخيانة وتجارة الأعضاء البشرية، أو عن طريق تلويث البيئة وتجفيف ينابيع الحب لهذا الكوكب الأزرق الجميل، ولا أعرف لماذا أكتب هذا العام هذه الكلمات، هل لأنني أشعر بأن عام  2012 سيكون في نهايته كوارث طبيعية ومآسي إنسانية عظيمة لا يحمد عقباها؟!... أم لأننا نسينا خالقنا وأنفسنا وأخلاقنا أم أن الطغيان المادي قد أنسانا التفكر والتدبر حتى بخلق السموات والأرض؟!...

 

وبعد أن أبعدتنا المعاملات المادية عن العلاقات الروحية والمعنوية والأدبية والاجتماعية، ولكن مع هذا كله ستستمر الحياة من بعدنا مهما كان من أمر ، ونتمنى أن تكون أفضل لغيرنا، وستستمر الأفراح الصورية والأحزان والهزائم والانتصارات، ومهما كانت الصراعات الضارية بين الخير والشر أو بين الحب والبغض والتي تأخذ قيمتها من الزمن وبه، فنحن في البداية والنهاية لنا قلوب لا تملك إلا أن تكون شاهدة على هذا الزمن، بمحاسنه ومساوئه في عالم عجيب غريب أصبح فيه  العقل السليم لا حول له ولا قوة إلا من أتى الله بقلب سليم"...

 

لقد شهد العام الماضي تحولات جوهرية على الساحة العالمية في وجه الصراعات المادية  المتوحشة والحروب الدموية المفتعلة وإفقار الشعوب " كل الشعوب" ، وهي صراعات لا تأتي من فراغ ولا تبرز فجأة، ولكنها تبدأ مثل أي شيء آخر، من جراء تفاعلات غير مرئية بين الشعوب المختلفة في الحقوق والواجبات أمام اختلال نظام التوازن المالي والاقتصادي العالمي، وانتشار الجوع والفقر والمرض ، في عالم غني يعيش فيه نحو أكثر من مليار نسمة تحت خط الفقر والجوع ولا يجد معظم الناس فيه مياه صالحة للشرب.أو لقمة عيش كريمة ، وأمام طغيان تجارة النفط السوداء العالمية التي لوثت دون منازع العالم الإنساني والروحي، ودمرت المساحات الخضراء ولوثت الماء والهواء ونقاء النفوس البشرية المختلفة؟!..فكيف ننعم بالأمن والأمان والصحة والسعادة؟!...

 

لقد ضاعت العقلانية الدولية عن طريق استمرار سيل الدماء في الحروب والمواجهات بين الأقوياء والضعفاء ، أو بين الأغنياء والفقراء؟!...

 

وأصبحت الجروح العربية عميقة ومفتوحة ، ولم نعد نعرف أسرار الحلول التي لا نرضاها ولكن لا نستطيع رفضها؟!.. وإذا لم نكن جميعاً على وعي بها وقادرين على مواجهتا ، فسيطوينا الزمن أبد الدهر بين الحفر كما طويت حضارات كثيرة سادت ثم بادت، فمتى ستعود العقلانية الإنسانية إلى كل الشعوب ( أبناء آدم وحواء) ، والعربية منها بوجه خاص والعالمية بوجه عام، نحو عصر جديد تحت أشعة شمس المحبة والرحمة والسلام، أم أننا سنظل أسرى العقل الجامد والأفق الضيق ، تحت وطأة عبادة "إله المال" الضائع في البنوك والمصارف والهيئات الاستثمارية الشيطانية.

 

والتي هدفها الأول والأخير أرقام تزيد وأرقام تنقص من الدولارات، فوق كل المبادئ والقيم الإنسانية، ولا يهمها أن يغرق العالم كله بكوارث المجاعات والديون والمرضى والفوضى؟!... في محاولات يائسة حتى تتوقف الأرض عن الدوران؟!..

 

وأخيراً علينا البحث من جديد عن استثمارات حقيقية للإنسان ، نحو عالم حضاري جديد ملئ بالرحمة والعزة والكرامة وحباً بالأجيال القادمة أما إذا بقيت قصة الحرب والسلام سائدة بين الشرق والغرب ، أو التفرقة العنصرية بين الأبيض والأسود ، أو بين الغني والفقير ، فعلينا أن نعرف أن تلك القصص ما هي إلا وسائل غبية مصطنعة للمزايدات الاقتصادية والمالية والعالمية ، والتي تلعب بأقوات الشعوب ، وتخويفاً للعقول المتعطشة للإخلاص نحو طريق المحبة والسلام والحياة المثالية ،وإذا لم تتحقق هذا العام تصبح لا محالة فرصة ضائعة في عالم ضائع مهزوم حتى الآن بأكثر من ألف مليون صفر وكل عام وأنتم بخير و وطننا العربي  و العالم أجمع في قلوبنا بألف خير.

 

2011-12-29
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد