news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
قراءة في الانشقاق... بقلم : م فواز بدور

هروباً من اللغة العربية وقواعد النحو والصرف والمصدر وصولاً إلى الطريقة المتبعة في البحث عن العلاقة بين الكلمة ومكوناتها يمكن لنا أن نتقول أنّ كلمة  الانشقاق تتألف من كلمتين موصولتين هما الإنش والقاق


 وقد يكون من قبيل الصدفة أن هذه الكلمة السلبية تأخذ مدلولها من مدلوليهما , فيجوز لنا أن ندعي بأن هذه العلاقة بين الكلمة الناتجة ومكوناتها  هي التي فرضت هذا المستوى من اللا منطقية  الذي يبدأ بالانش كوحدة لقياس المسافة ويساوي/  2.54 سم  / وينتهي بالقاق  كطائر يرتبط صوته بالخراب والفأل السيئ

وما إن يبرز مفهوم الكلمة في تصورنا حتى  تتوالى على الذهن الصور المرتبطة بها

 

بعضها  الطريف استناداً  إلى الطريقة اللبنانية التميعية  كما في أحد البرامج حيث تم عرض  بنطالٍ وقميصٍ  مقصوصين إلى نصفين بشكل طولاني  للتعبير عن مفهوم الانشقاق

وبعضها مما يتم فبركته على المحطات التي تربط نجاحها وازدهارها بقدرتها على تغيير الحقيقة وتحويرها للتعبير عن قدرتها على تشويه الحدث وعدم الاكتفاء بنقل الخبر أو حتى صنعه فكثيراً ما ترى انشقاقاً لضابط في الجيش العربي السوري ثم  تكتشف بعد ذلك أن هذا الضابط المزيف ما هو إلا جوّال يشتري القطع والأدوات المستعملة ومن ثم يقوم ببيعها  في سوق يطلق عليه سوق الحراميه لرخص معروضاته  ولجوء السارقين إلى بيع ما يقومون بسرقته فيه  

 

ونتيجة للركود الاقتصادي الذي فرض على البلد  راح هذا الجوّال يعمل كممثل لدور المنشق في بعض الأحيان وشاهد عيان مستفيداً من قدرته على استخدام صوته في الصراخ نتيجة تدريبه الطويل على النداء " اللي عندو خبز يابس للبيع – غسالات عتيقه للبيع – بطاريات عتيقه للبيع – كراسي بلاستيك عتيقه للبيع " 

 

 في أحيانٍ أخرى أما في لحظات عمره السعيدة عندما تدخل الشمس والقمر وفينوس وجوبيتر مجتمعةً إلى برجه فتتم ترقيته لناشط حقوقي يصول ويجول في وصف الوضع الإنساني المتردي وصعوبات الحياة  و يتكلم باسم الشعب الذي عينه ناطقاً باسمه وممثلاً له حتى من غير أن يكون على قائمة المرشحين لشغل منصب الناطق الرسمي أو غير الرسمي باسم الشعب العربي السوري والأغرب أن يكون  هو أساساً مجرد اسم مختلق بغض النظر عن وجود شخص يحمل هذا الاسم أو عدم وجوده كعمر الحموي أو أبو جعفر الحمصي , ناهيك عن صور الاختطاف وإجبار المخطوفين على الادعاء بأنهم منشقين ومن الطرافة بهذا الموضوع أن عدد المنشقين لو صدقت كل روايات تلك المحطات لقارب أو زاد عن تعداد الجيش العربي السوري بضباطه وصف ضباطه وجنوده

 

 

أما التشقق الإنشائي والذي لا يمكن معالجته بتدعيم ولا بحقن ولا بكل الحلول الهندسية للمحافظة على الهيكلية فهو الانش الممهد لنعيق القاق في بنية المجلس المسمى بالوطني هذا المجلس الذي ولد ميتاً فتم استلهام الحلول المتبعة  لاستدرار حليب البقرات القطرية والسعودية والليبية والتركية والعالمية وهو ما يسمى بالبو ( جلد بقر يتم حشوه بالتبن على شكل عجل صغير مفبرك إذا ما مات وليد البقرة لإيهامها بوجوده فتعطي الحليب ) ومن البديهي  أن يحصل الانشقاق عند رفع شعار  " شعب واحد . . . بوٌ واحد " فسيختلف أصحاب البو الواحد على حصتهم من هذا الحليب

 

فالمتتبع العادي ولم نقل الحصيف ينتبه من اللحظة الأولى إلى عدم التجانس في مجلس العمالة  وعدم تجانس العجينة التآمرية فالمتآمر للقطري يختلف بنواياه ورؤيته عن المتآمر للسعودي والمتآمر للتركي والمتآمر للغربي ولكن ما كان يجمعهم هي الأوامر التي كانت تأتي من سيد أسيادهم الذي كان يعطي أوامره للتركي والقطري والسعودي على ضرورة تشكيل مجلس ليتمكن من إعطائه الشرعية الوهمية  لتمثيل الشعب السوري  وقد تمكن من صناعته  ليكون بديلاً عن المعارضة الوطنية  

 

وليس خفياً أن الفرق بين المعارضة الحقيقية والمعارضة الصناعية كالفرق بين الجلد الطبيعي والجلد الصناعي أو بين الورد الطبيعي والورد الصناعي أو في أقل أحوال التصنيع  بتزويده بالهرمونات ليصير هذا الفرق كالفرق بين الخضروات الزراعية والخضروات البلاستيكية المدعومة بالهرمونات لتنمو بسرعة وتعطي أكلها بسرعة أكبر وكل هذا الترابط اللا متجانس كان قادراً على الصمود عندما لم تكن هناك مصالح  شخصية ولم تكن البقرات قد بدأت تُحلب ولم يظهر منعكس بافلوف بعد ولم يخطر في البال إمكانية الاستفادة وقيمتها

 

فما إن انتشرت رائحة المال حتى قام المجلس التآمري بتشكيل المجلس الاستشاري ليتم عبره توزيع الأموال لما يسمى بالجيش الحرّ فخرج الأسعد من جحره يولول ليقول للمجلس الذي كان يرفض الإقرار بضرورة دعمه لو خرجت من جلدك لما عرفتك ولا رضيت بك وصياً على الأموال التي جاءت لي وهي من حقي وحدي  وبعد طول ضغط خارجي تم الاتفاق على قسمة الأموال بين مجلس التآمر ممثلاً برئيسه والعصابات ممثلة بأتعسها وهذه الصفقة على سرقة المسروق أخرجت من حساباتها باقي أعضاء المجلس فهب البشير منشقاً  بمقربيه واندفع المالح كالملسوع  فكيف لهم أن يقبلوا أن تسرق حصتهم من حليب البقرات اللاتي هم ممثليها

 

 

وطبعاً سيتبع كل انشقاق أساسي انشقاقات ترددية نتيجة الهزة التي أصابت الجسم غير المستقر القائم على العمالة  التي لا يمكن أن تكون أرضية صلبة للوطنية وهذا ما يمكن ملاحظته بسهولة حين التفكير في ردة فعل هذا المجلس على فضيحة العلاقة الإسرائيلية - القضمانية  ( نسبة إلى بسمة قضماني ) فلو كان هناك أي أثر لوطنية في قلب أي من مكونات ذلك المجلس لما تجاهل كل مشاعر السوريين تجاه من يثبت تعامله أو تأمره مع العدو الصهيوني بشكل مباشر  

 

فما هو معروف أن السوري يمكن أن يغفر كل الذنوب والخطايا إلا ذنب التعامل مع العدو الصهيوني ومع ذلك لم يلتفت أحد من أعضاء ذلك المجلس إلى النأي بنفسه إلا كلامياً عن العلاقة مع اسرائيل ولم تتم محاسبة من ثبت تورطها بهذا النوع من العلاقات وحتى لم يتم تشكيل لجنة تحقيق بالموضوع

 

أما آخر النهفات فهو الاجتماع في استنبول( والتي يمكن بالمناسبة تجزئتها إلى الأس بمعنى الأصل وتنبول من التنبلة لتتكون كلمة تعني أصل التبلة ) هذا الاجتماع  من أجل توحيد المعارضة برعاية تركية وقطرية تثبت للقاصي والداني إن لم نقل عجز المعارضة عن توحيد رؤيتها فيمكننا القول بعدم تفكيرها به لا لشيء إلا لأن ما يعنيها ليس ما يرسم لها فمن أرادها واجهة لطلب التدخل الخارجي غاب عن باله وجود معارضة حقيقية لها صوتها الفعلي وكان لها حراكها الحقيقي في الشارع السوري قبل أن يتحول الحراك إلى تأمر وقبل أن تتوضح خيوط المؤامرة

 

وهذا ما جعل المخطط لهذه المعارضة  يفكر بضم هذه المعارضة بتمثيلها الفعلي تحت لواء المعارضة التأمرية بمجلسها البلاستيكي مستخدما كل أساليب الضغط التي تبدأ بتشويه الصورة وتنتهي بالضرب والمنع من الذهاب للقاء أمين الجائحة العبرية في القاهرة

كما غاب عن بال هذا المُخطِّط  أن هذه المعارضة البلاستيكية كل همها هو الحصول على الهرمونات وليس مصلحة الشعب الذي يراد أن تكون ممثلة له  وليس مهماً الوسائل التي تتبعها للوصول إلى غايتها فإذا ما كان المطلوب هو إعطاء صورة أن المعارضة موحدة فيمكن ببساطة أن يخرج جعارة على المحطات الشريكة ليدعي كذباً أن المعارضة توحّدت تحت راية المجلس البلاستيكي وقامت بالتوقيع على البيان وستقوم تلك المحطات بدعم هذه الكذبة والتسويق لها أما ما تم فعلياً كانشقاق المجلس الكردي – وما خفي كان أعظم  ـ  فيمكن ذكره كخبر هامشي وأنه تم قبل الاتفاق والتوقيع على البيان

 

وأخيراً لعل أكثر ما يلفت النظر في المجلس البلاستيكي هو تكوينه من ثلة من المعارضين الذين ولّدوا لدى الشعب السوري شعوراً بالقرف  من كل ما يقال عنه معارض خارجي وهذا القرف يتجاوز بأضعاف مضاعفة  قرف رايس مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة من الفيتو الروسي الصيني  فهذه المعارضة مكونة من مجموعة من الفاسدين الكاذبين الحاقدين الشتامين  الذين لا يحملون فكراً ولا قضية ولا أي قدرة على الإقناع

 

حتى أن صاحب الفتاوى العرعورية  الذي يُطلق عليهم مجلس الفنادق يمضي الكثير من حلقاته الكوميدية في التحدث عنهم ويوجه لهم الإنذار تلو الإنذار ليتعظوا ويهتدوا وإن لم تكن هدايته المقصودة هي الهداية الربانية وإنما الهداية الشيطانية  ولم يبقى إلا أن نطلب من الله أن يحمي سوريا من حقد هذه المعارضة  وتأمرها وما تحاول جر الوطن إليه لتجعله خراباً لا يسمع فيه إلا نعيق البوم و صوت القاق  

 

2012-04-05
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد