news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
بين الأمس واليوم أنجدونا فنحن مفلسون وعلى وشك الإنقراض... بقلم : لجين المتألمة

بسم الله الرحمن الرحيم

 انهار البناء ..

 وسقط الجسد الحضاري الحديث كاملا إلا ما رحم ربي . في مستنقع الإفلاس .


الإفلاس العاطفي . والمادي . والمعنوي . والروحي ... وبدت واضحة للعيان مظاهر الإفلاس الفكري والثقافي . وصارت جلية الصورة الفارغة والجوفاء للحياة المادية المعاصرة  بكامل أبعادها . فتحولت الأشياء الثانوية إلى ضروريات . وصار من لا ذكر لهم أسياد القوم . والأشراف يلتحفون التراب . هذه ضريبة كثرة عدد البشر . وضريبة الاعتداء على الأصالة والتأريخ . وضريبة القرية الكونية . وضريبة الخروج عن مسار الإنسانية .  فلقد قتلنا مستقبلنا بيدنا . وشوهنا صورة ما سيكون تأريخنا بعد حين . بأقبح ما يكون .

 

لقد ترك لنا القدماء أثاراً تدل على حضارتهم ورقيها . وثقافتهم وتنوعها وسموها . فيمكن أن نطلق عليها أسم . ( الحضارات القديمة صاحبة السمو ) . فماذا نترك نحن لمن سيأتي بعدنا . هل سيبحث الأثريين  بين ركام السنين والتراب المتراكم ليجدوا كنزاً فيه حلي زجاجية وأساور وخلاخل وأيقونات ومجسمات آلهة . أم سيجد . ( سي دي ) فيديو كليب فيه من المجون والخلاعة والرذيلة ما تقشعر له الأبدان ويوقظ حواس ( الحيوانات )  . عذراً . ولو أغمض الأثريين أعينهم عما يرون في ذلك ( السي دي ) فلن يسمعوا طربا وسيشعرون  بالقرف وربما سيتقيئون  عندما يسمعون كلمات الأغنية ((  أو الطقطوقة  التي غنتها الأمورة ( فلانة ) أو الأمور ( فلان ) .. )) ..  

 

وهل سيجد الباحث عن الآثار غداً . كتابات وحروف لأول أبجدية ابتكرها الإنسان للتواصل . أم سيجد جهاز ( رسيفر لفك التشفير ) لم تفلح الطبيعة بعد ألاف السنين في تدويره وإعادته إلى رحمها لأن فيه مواد بلاستيكية وأشياء غير قابلة للتحلل . أم سيجد ( لاب توب ) . فيه مواقع دردشة وتعارف . وصور ( سيكس ) . أسف مرة أخرى . ومقاطع من نفس النوع المذكور . أم سيجد هاتف نقال ( موبايل ) . فيه قائمة أسماء عجيبة وغريبة (( حبيبتي فلانة .. حبيبتي الثانية فلانة .. حبيبتي ست الكل .. وزارة الداخلية يعني زوجته .. حبيبة صاحبي .. رفيقة حبيبة صاحبي مشروع ممكن ينجح .. الشرطي فلان رشوة .. المحامي النصاب  فلان يخلصني من مشاكلي كلها بالمال ... )) أم سيجد الباحث سجلات بالية لمحاكم لا عدل فيها . وسيهاله عدد القضايا التي ليس لها حل . وسيفكر هل عجز القانون عن إيجاد حل لها أم أن هناك وراء الأكمة ما ورائها ؟ .. ولعلي أراه منذ الآن . يقرر أن يدفن هذه الحضارة بما فيها لكي لا يتسرب من عدواها شيء للسطح فيؤذي حاضرته التي يعيشها .

 

هل ما ترتديه الفتاة المعاصرة حجاب أم أنه دعوة صريحة إليها  ( !!!!!!!!!!!!!!!!!! ) . وهل تستطيع أن تميز بين الفتاة العربية والأجنبية . ولعل الأجنبية عربية أكثر من ( المتأجنبة ) . أين الأعراف والتقاليد العربية وأين النخوة في رؤوس الرجال . حتى صارت بناتهم تخرجن ليلا نهارا سارحات مارحات ويدخلن إلى البيت ألف حبيب وحبيب على ( اللاب توب ) و ( الجوال ) . وربما يدخلنه بشحمه ولحمه فهو صديق يعني ( بوي فريند )  . لست دينياً . ولست لا ديني . ولكنني شرقي أعتز بشرقيتي وأحب أصالتي .  لربما شكل هذا الكلام نفوراً عند البعض ولذلك الذي سينزعج من كلامي اسأله :  هل ترضى أن تخرج أختك أو أمك أو زوجتك هكذا فترضع منها عيون الذئاب حتى تعود لبيتها ؟ .

 

ليس حديثي عن الفتاة وحدها وعما تلبسه وكيف تخرج من بيتها ومتى وبرفقة من . فلست (( سعودياً )) (( حلوة لست سعودياً . صاروا مضرب المثل بالتخلف ولا أقصد الشعب كله هنا ولا استثني أحد من الحكام  )) والقصد مفهوم لمن يعلم أحوالهم وفتاواهم العجائبية وأخرها ( فتوى بقتل ميكي ماوس فهو يلهي الأطفال عن ذكر الله ! . وجلد سبونش بوب لأنه يميل إلى المخنث ! . وتحريم جلوس المرأة مع أبيها !!!!!!!  دون وجود محرم أخر . وتحريم شراء الخيار للنساء ويا عجبي والكوسا لم تفر بجلدها الخشن أيضا فصدرت بحقها فتوى  )  .. .. لا أحب القهر والحرمان والتكتم والتحجر والتخلف بل أنا مع الكياسة واللباقة و الأناقة . يعني  ( الأكابرية ) باللباس والحياة وبكل شيء . ولكنني هنا أتحدث عن علامات الانهيار الأخلاقي والحضاري . التي نراها بوضوح تام .

 

 السلوك في معاملاتنا مع بعضنا البعض صار شائناً . فليس هناك احترام للجوار ولا للكبير ولا للنساء في الشارع فقل وندر  أن تفلت فتاة بجلدها دون أن تلسعها سياط ألسنة الذئاب سكان الشوارع المنتشرون بلا أخلاق وبلا ضوابط في كل مكان . فليس هناك من يحاسب على ( التلطيشة ) مهما كانت بذيئة . وهناك منظر مقرف نراه بكثرة وبين مختلف شرائح الشباب ومن كل الأعمار ظاهرة البنطال الساقط عن القفا . ( من نوع سحسلني ) . وقصات الشعر التي تبعث على النفور والشعور بأن هذا الذي يصنع بشعره هكذا لا يستحم وأنه ( وسخ ) قذر أجلكم الله .

 

والمظاهر كثيرة جداً والحديث عنها يطول وما أود قوله أننا نعيش في اللحظات الأخيرة من انهيار حضارتنا المزيفة المصطنعة . التي تستنسخ تقليعاتها . وتقلد بعضها البعض بكل وقاحة وتعدي واضح على تقاليد الغير . فنحن لا نعيش واقعنا بل نعيش واقع بلدان أخرى تمج ما يفعله أبنائها بأنفسهم . فنتبنى أفعالهم الشنيعة ونسوقها على أنها أحدث ( موضة ) . أما بخصوص الترف الثقافي والإفلاس ومظاهره فلا يناسب الحديث عنه بعجالة هنا . ولكي نكون منصفين يجب أن نجري مقارنة بين نتاج الأمس واليوم . من الشعر والأدب والطرب والفنون جميعها حتى نصل لنتيجة تظهر التباين وتظهر خط المسار والحراك الثقافي هل هو في صعود متواتر أم نزول وهبوط وإسفاف .

 

بين الأمس واليوم .

 ولكي لا نطيل الشرح والتعليل فأنتم تعلمون شكل نتاج اليوم . ويكفي أن نزور الأمس ونتعرف على نتاجه الفني والثقافي بتنوعه لنعرف الفرق . وعلى سبيل المثال . يقول الشاعر يصف بيت أل النبي بعد رحيل أصحابه عنه لسبب ما  فيقول :

 

رَحـلـوا وما رَحلوا أهيلُ ودادي         إلا بـحُـسـنِ تصبّري وفُؤادي
سـاروا ولـكـنْ خـلّفوني بَعدَهُم          حُزناً أصوبُ الدَّمعَ صوبَ عِهادي
وسَـرَتْ بـقـلبي المستهامِ رِكابُهُم          تـعـلـوا بـه جبلاً وتهبطُ وادِ
وخَـلـتْ مـنـازلُهم فهاهي بعدهم          قَـفـرى ومـا فيها سوى الأوتادِ


تـأوي الـوحوش بها  فسربٌ لائحٌ        بـفـناء  سـاحتها وسِـربٌ 
iiغـادِ
ولـقـد وقـفـتُ بها وقوفَ مُوَلَّهٍ        
    وبـمـهـجـتي للوجدِ قدحُ زنادِ
أبـكـي بـها طوراً لفرطِ صبابتي          وأصـيـحُ فـيـها تارةً وأنادي
يـا دارُ  أيـنَ  مضى  ذووكِ  أمالَهم
     بـعـد الـتـرحُّلِ عنك  يَومَ  مَعادِ

 

ويقول شاعر معاصر في نفس الموضوع .

 

سقط سقف الدار على رأسهم      فلا نجوا ولا استطاعوا الفرار

سأظل أبكي تلك الحادثة لهم       فلا أسكن ليلا ولا اسكن نهار

خلت البيوت منهم فما لهم          أليس بعد الرحيل لهم كرار

 

يعني .. البين واضح . والبعد شاسع . بين ما قاله الشاعر بالأمس وبين ما قاله الشاعر المعاصر . فليس هناك من الكياسة وآداب المخاطبة شيء وهو يقول (  سقط سقف الدار على رأسهم  ) . والوزن والنوع والقافية مفقودات عند صاحبنا . بينما كلمات دعبل الخزاعي تخلب الألباب .

وهناك أمثلة كثيرة على مستوى الطرب والرواية والآداب العامة واللغة وغيرها .

ودمتم .

2012-05-03
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد