بسم الله الرحمن الرحيم
بين المنظر والمحلل والموالي والمعارض ..
أنا مع وأنت ضد .
وكأنها آلية ضخمة . تمشي على مجنزرات . و وزنها بالأطنان . تدوس في طريقها كل أنواع الأزهار وكل أشكال الحياة .
هذه ملامح الفتنة التي تعصف بأمننا وسلامنا نحن السوريون جميعا بكل تنوعنا وأطيافنا .
صرخة الله أكبر . كانت صرخة للحق وأصبحت دعوة للباطل .
لماذا ؟ .
لأن القتل هو السمة الظاهرة لهذه الصرخة .
ولأن الحق ضاع في فوضى وسجال الأدلة من الطرفين .
ولأن المواطن البسيط من أمثالنا لا يريد سوى العيش بأمان . لا يريد حرية ولا ديمقراطية ولا يريد تعسف وكبت .
في سباق اللحاق بلقمة العيش نحن الخاسرون فقط . فالمواد الغذائية تعدوا بسرعة متواترة و كبيرة في ماراتون اللانهاية الذي تخوضه ضدنا . ونحن سرعتنا في تناقص مستمر ومتزامن مع الأوضاع الداخلية والخارجية في بلدنا وخارج البلد أيضاً .
إذا كانت رأس الفتنة أمريكا . تريد نصراً استراتيجيا هنا فما دخلنا نحن ؟ .
ألا يعلم العالم أجمع أننا ساحة الصراع الدائر . وأننا الخاسر الأكبر .
فنحن الفقراء من المواطنين العاديين ندفع فاتورة الخلاف ولا نستطيع النأي بأنفسنا كما يفعل البعض . فنحن في منتصف الدائرة والمستهدف الوحيد باسم الديمقراطية ! .
نحن أرض المعركة الدائرة . ومنا يسيل شلال الدم السوري .
نحن الذين نعاني من العقوبات على سوريا . لآن حياتنا تسير على نمط يوم بيوم . همنا لقمة اليوم وغداً يعيننا الله ..
لسنا موظفون ولا تابعون لجهة ما . وليس لنا ضمان اجتماعي . ولا ارتباط مع جمعيات خيرية . وليس لنا نقابات تحمينا . ونعيش فقاعة من الكذب والفوضى الخلبية . والسراب والأوهام والأحلام الوردية . ولا معين لنا سوى الله . ونحن السواد الأعظم من الشعب . وفي النهاية تأتي العقوبات الأميركية والعربية لتزيد النار استعاراً فيتضور أطفالنا جوعاً . ونظرة الحرمان لا تفارق أعينهم . ونحن نموت كل يوم ألف مرة ونحن نرى ما وصلنا إليه ! ..
فلماذا . تسرون بقتلنا ؟ . ولماذا يزعجكم وجودنا ؟ . ولماذا تعبثون بنا ؟ . ولماذا تتاجرون بنا جميعكم ؟ . كفى لقد بلغ السيل الزبا . وفاض الإناء بما فيه .. كفا .
ضعنا بين الانتماءات . حتى بتنا نتمنى أننا لا ننتمي لهذا الزمن .
وضعنا بين الطوائف حتى صرنا نحلم أن نكون بلا طائفة في مكان ما بعيد عن هنا .
ودهستنا العربة الحديدية للديمقراطية المزعومة التي تسوقها أميركا وأذيالها في منطقتنا .
صرنا نكره بعض المسميات والهيئات والإيديولوجيات .
فهل هناك كوكب لا ثورة فيه . ولا ديمقراطية . ولا بندقية . ولا قتل على الهوية . ولا مسلحون وقطاع طرق . ولا قتلى وقاتلون . ولا خطف وترويع . ولا فدية واغتصاب .
إن كان لهذا الكوكب عنوان فالرجاء ساعدونا نريد هجر وطننا والرحيل إلى هناك . فلقد ضقنا ذرعا بالمكان والزمان .
نريد كوكبا لا خروج فيه على القوانين . ولا مظاهرات . ولا أصوات تفجيرات . تهز مضاجعنا ليلا .
نريد وطناً أمنا كما كان . نريد سلاما ومحبة كما كنا . نريد أن نسيح في ربوع سوريا . من الجنوب إلى الشمال ومن الشرق إلى الغرب . نستكشف جمال بلدنا الحبيب سوريا . ونمر على الأوابد و الآثار التي تركت بصمتها عليها المدنية القديمة . لتعطينا درسا رائعا في الحياة مفاده . أننا لن نعمر هذا المكان إلى اللانهاية . بل أن وجودنا مؤقت . إذا فلنترك بصمة طيبة كما فعل أسلافنا .
لا تخف من الاختلاف معي في الرأي فهذا طبيعي .
لا تدع الجزع والهلع يدفعانك إلى ارتكاب أقبح الجرائم بدافع الخوف والجبن .
لا ترغمني على الرحيل عن بلدي فأنا نصفك الأخر .
أمشي بدائك ما مشى بك . هكذا قال سيد البشر من ولد أدم . اعتبرني دائك وسر معي لعل نصفك يشفى في يوم ما .. من وجهة نظرك .
أنا مؤيد للنظام وأنت معارض أو العكس . وهذا طبيعي . ففي جسدك الواحد هناك معارك طاحنة بين الخلايا والمكونات المختلفة . ولكن هذه المعارك تخلف نموا رائعا لا دمارا وانتحار .
لا تضيع الحياة من بين يديك وتسلبني حقي في الوجود . فأنا سأبقى كما أنا وأنت أبقى كما أنت . ولنبني بلدنا طوبة بيدك ومن وجهة نظرك . وأخرى بيدي ومن وجهة نظري . فالبناء سينتج خيرا مهما كان الشكل النهائي للبناء . وهو بعكس الدمار والهدم . لا ينتج إلا شراً .
فهل أنت مستوعب لهذه المسألة .
تعال إلى سوريا . وتعال إلى الوعي والرشد . وتعال إلى الحوار .
لا تكن جبانا وتبعا لأحد كن أنت فقط .