news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
المسؤول والعلاقة بين الشمّاعة والعلّاقة - 5 -... بقلم : م فواز بدور

 دخل اليأس قلبي من أن أحصل على أية إجابة مقنعة  شافية و كل أكياس البصل لم تعد تنفعني بعد أن نقحت عليّ كرامتي  وحتى دعاء الوالدة لي بالزكام لم يعد يعطي نتيجة فالزكام المزمن لم يعد يجدي  فقررت أن أنزوي في وحدتي مكتفياً بالجلوس وراء طاولتي والاستماع لحكايات النسوة وحلولها الإستراتيجية للأزمة


وفي مرةٍ لعلّها المرة الأولى منذ أن رُكب الهاتف في الغرفة لم يكن المتصل يريد الحديث عن موعد المهمات  ولا عن أخر موديلات الثياب ولا عن صرعات تسريحات الشعر ولا يريد السؤال عن الأكل وما هي الطبخة

هذه المرة كان المتصل يطلبني ولأن معظم التلفونات لشريكاتي في الغرفة وهي بخصوص الأكل والشرب والثياب والهروب فقد قررت منذ أمد طويل ألا أرد على أي  تلفون  طالما أن هناك أحد في الغرفة

 

وسألت زميلتي من المتصل عندما قالت أن التلفون لي فلم تجبني بل ناولتني السماعة بنظرة لم أفهم حتى الآن معناها وهل هي تحمل الشفقة أو التشفي فتناولت السماعة وقلت ألو فتأكد المتصل من شخصيتي وعرّف عن شخصيته بأنه مدير الرقابة وطلب مني بلهجة حازمة واضحة مؤدبة مراجعته في مديرية الرقابة وعندما سألت عن السبب قال باختصار لا يمكن الحديث بمثل هذه الأمور على الهاتف وطلب مني مراجعتهم اليوم أو غداً على الأكثر فقلت حسناً  من غير خوف أو قلق فأنا من أدّعي أنني فوق الشبهات وفي المرات القليلة التي راجعت فيها جهة رقابية كان يتم امتداحي والثناء على نزاهتي و دقتي على الرغم من أنه في ذات مرة ومع كل أطنان المدح التي نالتها تلك المفتشة المشهورة لشخصيتي

 

 ومن أنّ شخصيتها مثل شخصيتي لكن مع ذلك ومن باب الممازحة اقترحت فصلي من العمل بحجة العمل خارج أوقات الدوام الرسمي قبل الحصول على الموافقة المطلوبة  ولكن ولله الحمد لم توافق إدارتها العليا على تلك المزحة بقرار الفصل واكتفت بعقوبة الإنذار والإبعاد عن العمل الذي كنت مكلفاً به مع حسم من الراتب استناداً إلى أنه لا يجوز فصلي بناءً على شهادتي بشكوى صحيحة أنا تقدمت بها ولكن يمكن التغاضي عن معاقبتي بناءً على مقتضيات المصلحة العامة لإفهامي أنني تجاوزت خطاً أحمراً وقد تقبلت الموضوع حينها بكل رحابة صدر فقد نكشت عش الدبابير كما يقولون وحرمت إدارتي من عدة ملايين بحرمانهم من عقد قيمته أكثر من أربعة ملايين في حين أن كلفته لا تتجاوز المليون

 

ولأنني من أبناء القطاع العام ولدتُ وترعرعتُ وظيفياً فيه مع التأكيد على ترعرعت كما في كل مقدمات وحيثيات الانتساب إلى أي منظمة أو حزب أو جمعية وقد كان هذا القطاع بمثابة  ملجأ الأيتام نحن اليتيمون اجتماعياً الذين لا نملك أباً ذا يدٍ واصلة ولا أماً ذي خلفية مالية ولأنني يتمٌ وظيفياً فأنا أعلم أنني معرّض للّوم والتوبيخ وتلقي الضربات من كل الاتجاهات  فلم أتعب نفسي بالتفكير عن ماهية  الموضوع ولا جهزت أوراقي وإنما اكتفيت بترتيب أفكاري التي تقوم على  أنني شريف وكل محاولة للمس بنزاهتي هي محاولة فاشلة على كل المستويات  في بلد يسوده القانون أو شبه القانون أو حتى  بصيص من القانون  خاصة أنني أملك جعجعةً أو بعبعةً قانونية مكتسبة من خلال معلومات معهد الإدارة الذي  تخرجت منه

 

وكحال كل الموظفين اللا متنعمين الذين يخصصون ثياباً للمقابلات والزيارات الرسمية  نتيجة لعدم قدرتهم المادية على أن تكون جميع ملابسهم من ذات السوية وهذا ناتج بالطبع عن عدم استفادتهم من البقرة الحلوب  الوظيفية إما بسبب أخلاقهم أو جبنهم أو ضيق ذات يدهم لعدم وضعهم في مكان يمكن فيه الاستفادة والتعبير عن تأيدهم المطلق للعبارة الأشهر في دنيا الرشوة التي تقول بأن السيد الرسول ( ص ) قبل الهدية وذلك على اعتبار أن الهدايا على زمن السيد الرسول (ص ) كانت بعض التمر وبعض اللبن و نتيجة للتطور والنمو الاقتصادي صارت الهدايا على  زمننا فيلا أو مزرعة أو شاليهة أو سيارة أو بعض الرزم المالية

 

استقبلني السيد مدير الرقابة بمزيج من الترحيب وفرض الهيبة وكأني به يقول لي " إي صحيح إنت عامل حالك  فهمان وشريف بس ما منسمحلك تستوطي حيطنا " فبدأ حديثه بالهموم عن وضع الرجل اللا مناسب في المكان اللا مناسب وأن معظم المسؤولين لا يفهمون وهم وضعوا بمناصبهم إما بالواسطة أو بالدفع وأن لديه معلومات عن كل مسؤول منهم ومن يدعم كل واحد منهم وأنه حاول مراراً وتكراراً أن يترك منصبه من شدة قرفة من الحالة التي وصل إليها القطاع العام وأنه في هذا الزمن العجيب لا يمكن العمل وعلى الإنسان العاقل أن يجلس في زاوية ميتة بلا أي عمل " والفخار أكيد في مين رح يطبشوا إذا ما طبش بعضو  "

 

 ودخل بعد ذلك بالموضوع وقال لي مظلومون أنتم خريجي المعهد الوطني للإدارة العامة وكل من كان في مركز القرار المتعلق بكم كان يريد إفشال هذه التجربة لأنها تشكل خطراً على مصالح جميع الفاسدين   وانتقل إلى الهجوم فأضاف ولكن على الإنسان أن يقبل بواقعه ويتقبل القرارات التي تصدر عن القيادة وإذا ما كلف بعمل أن يقوم به على أكمل وجه وإذا لم يكلف فهذا أحسن له فليجلس ويأخذ راتبه وهو صامت شاكرا لله وحامداً له على نعمة الجلوس بلا عمل وتابع أمامي الآن رد من إدارتك تقول فيه أنك مستنكف عن العمل وأنهم رغم صبرهم الكبير على تصرفاتك إلا أنك دائماً تسبب المشاكل وتتصيد الأخطاء وتضع العصي بالعجلات هذا مع العلم أنهم كلما كلفوك بعمل تقوم بتنفيذه بشكل خاطئ ومن ثم تطلب إعفائك منه  وأنك فوق كل ذلك تقدم الشكوى تلوى الشكوى ولكل الجهات وتكتب عنهم في الصحافة وحتى على صفحات الانترنت

 

فما كان مني إلا أن بحثت في مكتبه عن العلّاقة فوجدتها والشمّاعة فوجدتها أيضاً وقلت لنفسي يبدو أنني في هذه المرة سأحصل على الجواب عن سر العلاقة بينهما من غير حتى أن أسأل

وقلت له كما تفضلت وقلت يا سيدي أنه رد فهو ردٌ على ماذا ؟

 

ففتح الأوراق التي أمامه وقال رد على كتاب مديرية الرقابة برقم . . . وتاريخ . . . إذّ هو  رد على كتابنا لهم فقلت له فعن ماذا كتابكم قال عن عدم ردهم على الكتاب السابق الموجه من مديرية خدمة المواطنين بخصوص مقابلتك للسيد المحافظ وعدم تنفيذ مضمون الكتب السابقة فقلت له فهل تعرف سيادتك لماذا قابلت أنا السيد المحافظ فدقق في الأوراق التي أمامه وقال لأنهم لم ينفذوا كتاب التأكيد على كتاب مديرية التطوير الإداري فقلت فاسمح لي أن أشرح لك الموضوع حسب تسلسله الزمني

 

إن الموضوع يا سيدي هو أنني تقدمت بدراسة عن الدائرة النموذجية والموظف المثالي للسيد المحافظ وقد حولها السيد المحافظ لمديرية التطوير الإداري التي ارتأت تجريب هذه الدراسة على أحد المشاريع وبناءً عليه أرسلت كتاب عن طريق  السيد المحافظ إلى إدارتي للاهتمام بهذه الدراسة وتكليفي بتنفيذها على أحد المشاريع  

 

قال حسناً فنظرت إلى العلّاقة وقلت لكنّ إدارتي لم تنفذ كتاب السيد المحافظ ولازال نظري على العلّاقة فقال وهو يشككك  على ماذا تنظر فقلت له على العلّاقة وتابعت فراجعت مديرية التطوير الإداري بعد مدة وقلت لها أن إدارتي لم تنفذ كتاب السيد المحافظ المتضمن السماح لي بتنفيذ الدراسة فسمعت رعداً  ورأيت زبداً وتم إرسال كتاب تأكيد على الكتاب الأول مع إضافة  الرعد والزبد قال حسناً قلت وأنا أنظر للعلّاقة ولكن إدارتي لم تنفذ أيضاً قال  مستغرباً كيف ذلك فقلت علّاقة ففهم أنني أريد العلّاقة فأحضرها وأعطاني إياها وهو يقول  ركز معي  قلت بعد أن أخذتها أنا في غاية التركيز

 

 قال وماذا بعد ذلك قلت قابلت السيد المحافظ بناءً على نصيحة مديرية التطوير وشرحت له الموضوع فاستغرب كما استغربت أنت ولم يصدق  أن هناك من يرفض مثل هكذا طلب  وحاولت أن أستفيض لأشرح له عن الفساد والفاسدين فرفض السماع وقال لي أن مشكلتك هي أنهم لم يسمحوا لك أن تنفذ دراستك ونحن سنجبرهم على ذلك وينتهي الموضوع فصمتت واقتنعت بأنه ككل المسؤولين لا يريد أن يسمع أو يرى أن هناك فساداً وطلب من مديرية خدمة المواطنين أن يعدّوا كتاب شديد اللهجة بكثير من الرعد وكثير من الزبد لإجبار  إدارتي على تنفيذ الكتب الموقعة باسمه شخصياً  

 

فقال جيد قلت  وأنا ألوح بالعلّاقة أجل ولكن أيضاً إدارتي لم تنفذ فضرب جبينه بيده وقال مستغرباً " أي وبعدين " قلت فتقدمت بشكوى للسيد المحافظ أوضحت له فيها أنني تشرفت بمقابلة سيادته  وأنه وعدني أن مشكلتي ستحل ولكنها لم تحل واستغليت عدم المواجهة بيني وبينه وتجرأت وذكرت له مواطن الفساد فقام بإحالة الشكوى للرقابة الداخلية التي قامت أيضاً بتوجيه كتاب طالبت فيه بمعرفة رد إدارتي بالسرعة الفورية وأيضاً تم استخدام العلّاقة لعدم الرد فأعدت كتابة شكوى لعدم تنفيذ كل الكتب الموجهة من المحافظة بمعظم مديرياتها إلى إدارتي وتم إعادة الكتاب إلى مديرية التطوير بسبب أنها صاحبة الموضوع المتعلق بالدراسة وعدم تنفيذ مقترحها  

 

واتبعت مديرية التطوير كافة الأساليب من التعشيم إلى التهديد إلى التحشيم لتقوم إدارتي بحفظ ماء وجه كل المحافظة من أعلى سلطة فيها إلى أدنى سلطة علّها تنجح في تنفيذ أي من كتبها وأصرت إدارتي على الغناء " علقني وأنا علقته " مع عدم التنفيذ فقامت مديرية التطوير مشكورة بتحويل الموضوع إلى مديريتكم الموقرة عن طريق السيد المحافظ فجاءت الشمّاعة قال ماذا قلت ردّت إدارتي بأنني  كما تفضلت وذكرت لا أحسن عملاً ولا أجيد صنعاً ولا يمكن الاعتماد لا على خبرتي ولا علمي ولا على أخلاقي ولا حتى على قلمي  مع نكش القديم والجديد والذي حدث والذي يمكن حدوثه والذي لا يمكن حدوثه فقد وصلت إلى المكان الذي يحلو فيه الغناء " شمّعني وأنا شمّعته  . . . ما بتشمّع هذا الفهمان  . . . يا عيني لاي لاي . . . يا بلد مالك مثيل "

 

وصرخت شهرزاد محالٌ  محال . . . أي خيال هذا الذي استخدمته لنسج هذه المقال  . . . وعندما علمت أنها ليست من نسج الخيال . . . طلبت الجلاد . . . وأمرته أن يأتي بالمهند. . .  ليقطع لها رأسها المجلد . . . كي تطبق فمها إلى آبد الأبد . . . فقد أدركت أن لا قولاً بعد هذا  يمكن أن يقال . . . ;;

2012-05-07
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد