أكتبُ هذا المقال كمواطن من أبناء سورية العاديين ، ممن تذرف عيونهم دما ، وتعتصر قلوبهم ألَما ، وتمتلئ صدورهم غضبا، لمناظر الأجساد المتطايرة يوم 10أيار 2012 ، وما سبقها في أي بقعةٍ من بقاع سورية الغالية ، وأحسَبُ أن القهر السوري لم يصل في أي وقت ما وصله اليوم من هذه الإستباحة للدم السوري وللوطن السوري ،، وكل سوري باتَ يردد المثل العامي : (( إذا ربعَكَ – يعني بني قومك – جَنُّوا فعقلُكَ لا يُفيدك )) .. وأتمنى أن لا يكون ربعنا العرب قد جَنُّوا فعليا حتى لا نقول أن العقل لم يعُد مفيدا !!!
جميعنا ندرك أن الصراع على الساحتين العربية والاسلامية واضح منذ زمن ،إنه صراع بين العروبة والاسلام من طرف وبين الصهيونية العالمية ومن يؤازرها من الطرف الآخر ، وبالتأكيد أكثر من هم بين الأحياء سعادة اليوم لِما يجري في سورية هم الصهاينة ومن لفَّ لفيفهم ، لأن العروبة تُغتَال بيد العرب ،، وأكثر من هم من الأموات سعادة هما أبا لهب وأبا جهل لأن الإسلام يُغتال من أبنائه !!. فهل تبَقَّى شيء من الاسلام لم نشوهه ؟؟!!
هناك من ( باع ) القرآن وآياته على شكل فتاوى لتبرير القتل والذبح بين أبناء الأمة ،، بل وتبرير قتل الأجنبي لأبناء الأمة ، في انتهاك صارخ وعدوان فاقع على كتاب الله الذي جاء فيه ( كَتبَ ربكم على نفسه الرحمة ) ، وعدوان على رسول الرحمة الذي كانت عيناه تذرفان وهو يُقَبّل ابنه المتوفى ابراهيم ،، وحينما سألهُ عبد الرحمن بن عوف : وأنت يا رسول الله ؟؟ أجابه : // يابن عوف إنها رحمة ، إن العين تدمع ، والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يُرضي الله ، وإنا بفراقك ياابراهيم لمحزونون //
وهناك من ( يعتدي) حتى على أسماء الله الحسنى فيُطلق على باخرته ( لطف الله ) ،، ولكن بدل أن تنسجم حمولتها مع اسمها فقد شكّلتْ عدوانا على ( اسم الله ) قبل أن تشكل عدوانا على شعب سورية الأبي الطيب الذي لم نعرف عنه إلا علاقات الود والمحبة والتسامح والتعاون والاحترام والسلمية بين بعض ،، ونقف اليوم حائرين مذهولين مشدوهين ، متسائلين : ماذا حصل ؟؟!!.
هل هي أيادي الشياطين مسَّتنا فماتت كل معاني الإنسانية والرحمة التي أشرت إليها في الأسطر السابقة ،، فغاب العقل والبصر والبصيرة ؟! أم أن الاسلام كان مجرد ضيف عابر إحتسى القهوة المرّة في مضارب العرب ، وتناول الرُطب الطازجة وانصرف في طريقه ، ونحن مضينا في طريقنا الجاهلي الى حرب البسوس بين تغلب وبكر،، وداحس والغبراء بين عبس وذبيان ،، والخزازي بين عرب الشمال والجنوب ،، وعدنا الى اللات والعزى ومناة وسواع ..؟!. كيف حوّل بعضنا الاسلام الى مجرد رافعة للتزمت والتعصب والحقد وأفرغوه من كل معاني الرحمة ،، بل من كل معانيه الانسانية والروحية ؟!. ماذا تعني هذه الردة والعودة للمنظومة الجاهلية الفكرية والثقافية ،، حيث العرب لم يكونوا (شعبا) بل مجموعة قبائل وعشائر وبطون وأفخاذ متناحرة يسودها الحقد والحسد والبغضاء والعصبية والثأر وحب السيطرة
لغزو والسبي والغدر والانتقام ؟! رحم الله نزار وهو القائل : // خلاصة القضية توجز في عبارة : لقد لبسنا قشرة الحضارة والروح جاهلية // !! نعم، هناك في هذه الأمة من لم يغادر عقله وطبعه وروحه ، عقل وطباع وروح الجاهلية رغم كل المظاهر البرّاقة !!!
اسم (لطف الله ) مرتبط بكلمة ( لطيف ) واللطيف اسم من اسماء الله الحسنى ،، وفي القرآن ( الله لطيف بعباده ) ،، فأي لطفٍ هذا كانت تحمله باخرة ( لطف الله ) الى شعب سورية الشهم الكريم العروبي الطيّب المضياف ؟!. عندما تتجه هذه الى مرافئ ( المشركين والكفار بحسب وصف البعض) تمتلئ حاوياتها بالنفط ،، وحينما تتجه الى مرافئ المسلمين تمتلئ بالأسلحة والذخيرة والمتفجرات ليقتلوا بعضهم بعضا ،، وليس ليقاتلوا بها أعداء الأمة !!! وهل من أحد يدري أيّ من أهله أو أقاربه أو أصدقائه أو معارفه سيكون ضحية هذه ( المكرُمات ) القاتلة والفتّاكة !!!
سألوا أحدهم : ما اسمك ؟؟ فقال : محمد !! فقالوا له : ما دينك ؟؟ فقال : كافر !!. فقالوا مندهشين :( كيف محمد وكيف كافر ؟؟!!. ) . وهكذا سفينة تُدعى ( لطف الله ) وممتلئة بكل ما يُغضِب الله من عتاد ووسائل قتل بين أبناء الشعب الواحد !!!. هذا مِثل تقدُمي واشتراكي وبذات الوقت ( بيك )، أو عروبي وقومي وبذات الوقت حليف لصهاينة الخارجية الأمريكية والفرنسية والبريطانية !!. ماذا دهى لبعض العقول حتى بتنا نرى من ألّفَ الكتب الإلحادية في / نقد الفكر الديني / يعود الى جاهليته ، أو ربما الى طورانيته التركية ، وهذا الأصح ، فيصبح من الداعين ليحتل أجداده الأتراك سورية مجددا ،، بدل أن يكون أول الداعين للعقل والحكمة !!؟.
إحدى / حفيدات / روزا لوكسمبورغ ، تبرر على الشاشات تصدير السلاح لسورية ولا أدري كيف لإنسانة قد تكون / أُمَّاً / أن تنتشي بلون الدم ،، أو حتى لأبٍ !! وأحد من ينتمي لعائلات : مانديلا وغاندي وهوشي منه ونكروما ولومومبا وعبد الناصر ،، وليس لعائلة أهله وأجداده ،، الذين علاقتهم بالحرية والديمقراطية كما علاقة السردين بالسياسة في مسلسل / ضيعة ضايعة / ، يعتبر تسليح المعارضة واجب (( هذا رغم أن الطيف الأوسع من قادة المعارضة رفض السلاح والتسلُّح )) فماذا يعني ذلك ؟؟ إنه ببساطة يعني أن قتل السوريين بعضهم لبعض هو واجب !! فمن له مصلحة بذلك ؟؟
والسؤال ماذا لو تمَّ أيضا تسليح الموالاة ؟؟. ماذا ستكون النتيجة ؟!. طبعا صومال جديدة !! فهل هذا هو المطلوب ؟؟!!. هل هكذا نبني سورية المستقبل ،، أم سورية الصومال ؟؟. إين دور الحكمة والعقل وماذا تركنا لهما ؟؟!. والله قال : ومن أُوتي الحكمة فقد أُوتي خيرا كثيرا ...!! أم لم تعُد لأقوال الله أية معانٍ !!!. الدّم النازف ليس أمريكي ولا فرنسي ولا تركي أو سعودي أو قطري ،، إنه سوري وهو بالنسبة لهم سلعة يجب أن تُحرق كما النفط والغاز لتحقيق الأرباح والمكاسب !!.. في يرنامج حواري على قناة - بي بي سي - عن // يوم الليبرالية // في المملكة السعودية يوم الاثنين 7 أيار تحدث العديد من السعوديين
ومما قالته الناشطة سعاد الشمري : // هناك نهج تكفيري إقصائي ضد الليبراليين وأُحَمل السلطة المسؤولية بأنها تسمح لخطاب الكراهية وخطاب الاقصاء والألفاظ التي تصدر لتقسيم المجتمع ... وتابَعَتْ : مَنْ أعطى لنفسه الحق أن يُشارك الله ويتألّه ويحكم بالكفر وجهنم والزندقة على المسلمين الآخرين ؟؟؟ // .
أما الناشط رائف بدوي فقال : نتطلع الى برلمان منتَخَب ومحاربة الفساد والقضاء على الفقر ، وإلى دولة القانون والحقوق والمساواة ... // وقال الناشط ناصر المير : ان المُوَاطَنَة ليست هي الإطار العام في المملكة !!!. أما السيدة- نُهى - التي تحدثت من المدينة المنورة فقالت متوجهة الى أحد الشيوخ المشاركين في الحوار : // إنني أخالفكَ بكل شيْ ،، خلِّينا واقعيين ،، بعض علماء الدين والمتدينين \" شوَيَّه \" يجيبوا الأوكسجين للبيت حتى تتنفس المرأة ، هذا ما تريدونه ... وتابَعَتْ : الدين والعلماء خنقونا ،، نحن نريد ليبرالية وندفع أنفسنا للمستقبل والتوعية ، هم يرجعوننا الى العصر الحجري ،، ربنا هو من سيحاسبنا ليس أنتم ، الله هو من يراقبنا ليس أنتم ...// ثم تحدث شخص من المنطقة الشرقية في السعودية وقال : هناك مفكر وفيلسوف سعودي يقول :// نحن نعيش في الظلام فترة حتى أصبحنا نخشى النور ،، نخشى الشمس // !!. (( وقد نقلتُ المداخلات كما هي )) ...
تلك كانت بعض المُداخلات لناشطين سعوديين يقف خلفهم ملايين الشباب السعودي ، الذين منهم من إعتنق المسيحية من شدة الضغط ، وطالب ببناء كنيسة في جدّة !! // واليوتيوب موجود على الشبكة // والسؤال لِمَن إنشغل في سورية ونسي هذه الملايين من أبناء شعبه ، ألا يستحق هؤلاء الإصغاء اليهم ومنحهم كرامتهم وحريتهم أيضا ؟؟!!. أم أن الشعب السعودي تختلف جيناته عن جينات الشعوب الأخرى وغير قابلة للحياة في واحات الحرية والكرامة ؟!. سياسة الهروب للأمام ليست استراتيجية مفيدة دوما ،، وقد قِيْلَ منذ زمن : لا تنهى عن خُلُق وتأتي بمثله ---- عار عليك اذا فعلت عظيم .... فمن جسده عاريا عليه ستره قبل أن يطلب ذلك من غيره !!!..
أولا – يحرف الدين عن جوهره وماهيته كعلاقة سامية وراقية ومقدسة بين المخلوق والخالق ، والهبوط به الى دهاليز السياسة بما تنطويه من ألاعيب واحابيل ولف ودوران واحتيال وتحالفات وخصامات ،، وكل ذلك لا يليق ولا ينسجم مع طهارة الدين وقدسيته !!!.
وثانيا : لأن هذا يمزق المجتمعات ، بالإصطفاف على أسس دينية ومذهبية ،، وليس على ركائز وطنية ،، ثم زيادة الحشد والتطييف كسبا للشعبية والإستثمار في الدين للإنتصار بالسياسة ،، والنتيجة الطبيعية لذلك هي شرذمة المجتمع وتفتته وتناحره ، ولنا في لبنان مثلا حيا على ذلك ،، فبغضون قرن وبضعة سنين حصلت ثلاثة حروب أهلية
والجميع يعلم أنه لا يفصلهم عن حرب رابعة سوى حكمة ورجاحة عقل هامتين وطنيتين لبنانيتين ،الى جانب الوطنيين الآخرين ، في وجه جماعة / ليبرمان أخوان / !!!. ومن حق أي لبناني أن يتحدث عن لبنان كنموذج للتعايش والحرية ، ولكن الكلام يُضحكني ، ويُذكرني بقول للأستاذ سليم الحص : في لبنان الكثير من الفوضى والقليل من الديمقراطية !!. فهل هذا هو المطلوب في سورية ؟؟.
وثالثا : لأن الدين هو خصوصية ضمن الهوية الوطنية والقومية ، الى جانب الخصوصيات الأخرى ، ولكنه ليس هوية سوى عند المتطرفين والمتشددين !!!.. البيانات والعهود والخُطب لا تكفي إن استمرت العقول مبرمجة على أساس التمييز الديني وإحتكار الاسلام للتعصب الطائفي والمذهبي والسياسي ، واعتبار البعض لأنفسهم شركاء لله وعالِمين بالغيب كما الله وأوصياء على معتقدات البشر وإيمان البشر !! وعلى أساس ثقافة أقليات وأكثريات ، ومؤمنين وكفار ،، وليس على أساس دساتير عَلمانية تساوي بين كل أبناء المجتمع بلا تمييز في كافة الحقوق وكافة الواجبات وبغض النظر عن المذهب او الدين أو العرق أو الجنس ،، أي على أساس الانتماء للوطن ، والوطن وحده !! وهذه هي العَلمانية ،، بكل بساطة !!. ألم يقل الله تعالى : إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ، إن أكرمكم عند الله أتقاكم !!!
والتقوى ليست ملكا لأحد ولا حكرا على أحد ،، ولا يحق لأحد أن يزاود بها على غيره ،، وهي قبل أي شيء محبة ورحمة وتسامح وصفح ودعوة لمكارم الأخلاق ، وليست تعصبا وبغضا وعداوة وتحريضا على القتل والعنف !! كما أن الحرية والديمقراطية ليست استهداف وخطف وقتل ، وحرق بيت من لا يتفق معي أو يسير بجانبي أو خلفي !!! هذا عقل خطير وتبعاته أخطر بألف مرّة من أي خطر آخر !!!.. وأتحدى أيٍ كان أن يجد في القرآن الكريم كله ما يُجيز أو يسمح بغزو الآخر أو الإعتداء عليه لمجرد أنه يخالفني الرأي أو الدين أو المذهب ... أو يسمح لي بتكفيره ،، فهذا ليس من الاسلام ،، إنه من الجاهلية ،، أو من الأحاديث الكاذبة والمكذوبة المنسوبة للرسول / ص/ وتخالف ما جاء في متن القرآن ،، وحاشى الرسول من ذلك !!!. وكل حديث يتناقض مع متن القرآن وجوهر الدين كأخلاق ورحمة ، لايمكن أن يكون صحيحا !!!.
أدعو كسوري، كل من يؤمِن بالتقوى ويدعو اليها ، ويحلم بمستقبل واعد لسورية وحياة أفضل لشعبها ، أن يُفكر بعقل وتعقّل ، وأن يبتعد عن جمرات الثأر والأحقاد ، فهي نار تحت الرماد ،، والمستقبل لا يُبنى كذلك ،، والمسؤولية تاريخية وكبيرة ،، والرجال الشجعان والتاريخيين هم من يُجسدون في هذه المرحلة الصعبة قول الشاعر : / كُن كما النخل عن الأحقاد مرتفعا ------- بالطوبِ يُرمَى فيَرْمي أطيب الثمر / !!!. فالحكمة والعقل والهدوء هي المطلوبة وليس المزيد من القتل والعمليات الانتحارية !!!. فكيف لإنسان أن يفرح ويصفق ويهلل وهو يرى أجساد السوريين تتطاير !!..
حُبّ
ومدينة أفلاطون غير موجودة بالكون وكل شيء في الحياة نسبي ،، وبكل مكان سلبيات وايجابيات ،، ولا يُوجد من هو بلا خطأ أو خطيئة ،، والموضوعية تقتضي النظر للسلبيات بعين وللإيجابيات بعين أخرى ، وحينها لن يكن كل شيء سوداوي !! فهل تذكرون قول السيد المسيح : من كان منكم بلا خطيئة فليرمِها بحجر !! فرمى الجميع الأحجار من أيديهم !!. هناك بلدان ثرواتها تكفي لمائة مليون أو مائتي مليون نسمة ولا يوجد بها سوى مئات الآلاف أو بضعة ملايين وأحوالها ليست أفضل بكثير من أحوال الآخرين !! ولا توجد بها مثقال ذرة لكرامة الانسان أو لحريته .. (( وأنا هنا لا أبرر شيئا بل أقارن فقط )) !!،
وهناك من يسأل : ألا تُوجَد مسؤولية أيضا على أبناء المجتمع لناحية الحالة الاجتماعية ؟؟ ،، فمن فرَضَ على هذا أو ذاك أن ينجب سبعة وثمانية وعشرة وخمسة عشر ولدا وهوغير قادر عل إعالة أكثر من ثلاثة أو أربعة !! أليسَ من لديه عائلة من عشرة أفراد يعيش على حساب الأخرى المكونة من أربعة، ويحصل من موارد الدولة والتعليم والطبابة على حساب العائلات الصغيرة !!! فمن يأخذ حصة لعشرة ليس كمن يأخذ حصة لأربعة ، وهذا لا يوجد به تساو أمام الواقع الاجتماعي !! وليس لأحد من حق أن ينجب حتى يجف رحم زوجته أو زوجاته ثم يطلب من الدولة تأمين الوظائف والسكن والتعليم والخدمات ،، بينما قد يكون لشخصٍ ولدين أو ثلاثة فقط وليست لديهم وظائف !! وهذا الأمر في غاية الأهمية وعلى الحكومة وضع سياسات خاصة لذلك وأن تتكفل الدولة بالتعليم المجاني والطبابة المجانية والوظائف لثلاث من كل أسرة فقط حتى تتحقق العدالة الاجتماعية بين الناس !!! وما تبقى يتكفل بهم من أنجبهم !! وهنا أؤكد لو أن هذا التكاثر السكاني يحصل في أوروبا لكانت أزماتها الاجتماعية أضعاف أزماتنا !! بل الناس هناك يتناقص عددهم !!. ولا أدافع هنا عن أي خلل أو تقصير أو فساد وإنما أطرح مُقارنات أعتقد بأنها منطقية وموضوعية !!!.
يقول أحدهم ، إن الهروب من تحت الدلف الى تحت المزراب لا يمكن أن يكون حلًّا !! ومن يهدف للخلاص من الهيمنة ،، كما يقول ،، فلا يرمي بنفسه تحت هيمنة العثماني والأمريكي والفرنسي أو سواهم !! ورُبّ من قائل أن هؤلاء يساعدوننا !! والجواب نعم يساعدونكم لتحقيق مآربهم ، فمتى كان الصهيوني الأمريكي ليبرمان ، والصهيوني الاسرائيلي ليبرمان ، مع شعب سورية ؟؟ لماذا لا يساعدون نصف مليون سوري نازح من الجولان للعودة لبيوتهم ومزارعهم ، ولا يسأل عنهم دعاة الغيرة على السوريين ويتفقدون أحوالهم ؟؟ أولئك ليسوا جمعيات خيرية ، وإنما بلدان لها تطلعاتها ومخططاتها ومشاريعها وأهدافها الخاصة ،، وتاريخها تاريخ استعماري للشعوب وعداء للحرية، وآخر همَّهم هو همُّ الانسان السوري !! ومن هو مُشكك فليراجع ما قاله الوزير العثماني الجديد / أحمد داوود أوغلو / في البرلمان التركي يوم 26/4/2012 ،، إذْ قالها بكل فجاجة وتبجح وغرور :// أنهم هم من يقود التغيير في المنطقة ،، وهم من سيصنع الشرق الأوسط الجديد // ( الذي طرحه شيمون بيريز سابقا ) .... وجائه الدعم فورا من نائب الرئيس الأمريكي / جو بايدن/ ليقول : نتمنى أن تتحلى تركيا بالزعامة في بقية أرجاء المنطقة !!
إذا أين هم العرب ؟؟ فهل بعد هذا مَن يُشكك أن المنطقة ليست أمام مشروع إقليمي أطلسي خطير ؟ ،، وأنه لا بد من الحاجة الى جسر للعبور لهذا المخطط وهذا الجسر للأسف هم بعض أبنائها !!. أتمنى من كل قلبي أن أكون مخطئ ولكن كل الحيثيات والمعطيات تشير الى ذلك !!. فأولئك لا يدعمون أحدا عن عبث ، ولا لوجه الله ،، وإنما لكل شيء ثمن !!!. فتركيا بلسان وزير خارجيتها المتعصب لطورانيته التركية العثمانية تعلن أنها هي من يقود التغيير !! وهذا يعني أن شعوب المنطقة يُحركها التركي من خلال بعض النُخب الحزبية والسياسية والدينية !!! ويسعون لشرق أوسط جديد تكون اسرائيل جزءا من نسيجه الأساسي ويصبح فيه العرب ، بضعفهم وشرذمتهم ، مجرد خيوط على هامش هذا النسيج وأطرافه ، أو رُقَعا صغيرة لا تعني شيئا ،، وننسى فلسطين وننسى القدس وننسى صورة محمد الدُرَّة ، ومشهد هدى غالية ، وهي تجهش بالبكاء ، منكوشة الشعر ، حافية القدمين ، صارخة (با با) على شاطئ السودانية في غزّة ، بعد أن مزَّقت صواريخ اسرائيل جسد أبيها وأمها وأخواتها وحوَّلتهم الى أشلاء متناثرة أمام عينيها !!! فأليست وجهة السلاح الصحيحة الى هناك ،، أي الى فلسطين ، وليس سورية !!! أم عندما يتعلق الأمر باسرائيل (نتأدّب) ونُردد العبارة التي كتبها أحدهم على شريط الفيديو الذي يصور تلك الجريمة البشعة : ( سامحينا ياهدى ، لم نَعُد رجالا لنأخذ ثأركِ من عدو دمّر كل معاني الانسانية وحطّم أحلام طفلة لم تبلغ الحادية عشرة ... إنا لله وإنا إليه راجعون ).. الملايين من أتراب هدى ، وأبناء الشعب الفلسطيني المُشرد والمُعذب منذ أكثر من ستتة عقود ، يستصرخون العالَمَين العربي والاسلامي ، علّهم يستيقظون من سباتهم ، ولكن لا يصل إليهم إلا صدى بائسا يائسا من الطرفين :// إنا لله وإنا اليه راجعون // !!
لنتذكر ماذا فعلت الولايات المتحدة في نيكاراغوا في عقد ثمانينيات القرن الماضي لإسقاط حكومة الساندينستا اليسارية بزعامة دانييل أورتيغا .. فقد قامت بكل المساعي لحشد الرأي العالمي ، واستعمال مجلس الأمن ، بموازاة تسليح وتدريب المعارضة المعروفة / بالكونترا / وبتمويل مالي سعودي أيضا // حسب ما أكّد الكاتب الأمريكي الشهير بوب وودورد في كتابه \"القناع\" // وبالتعاون مع بعض الحكومات اللاتينية في أمريكا الوسطى كهوندوراس وكوستاريكا والسلفادور ،، وشرعت بإرسال المسلحين لخوض حرب العصابات والتسلل عبر الحدود المجاورة لنيكاراغوا ، وهذه ما اصطُلِح على تسميتها / بفُرَق الموت/ ، كما اصطُلِحَ على تسمية هذه الخطة الامريكية / بخِيار السلفادور/ ... ولكن المهم ماذا كانت النتيجة ؟؟ النتيجة لم تتمكن الولايات المتحدة من إسقاط حكومة الساندينستا على مدى عقد من حرب العصابات وما رافقها من قتل وتدمير راح ضحيته خمسون ألف من أبناء نيكاراغوا ، وكان عددهم خمسة ملايين ،،، الى أن أطلق أحد الرؤساء اللاتين مبادرة سلمية فجلس طرفا الصراع على طاولة المفاوضات والاتفاق بالاحتكام لصناديق الاقتراع ، ونجح دانييل أورتيغا بعدها في الانتخابات بالأعوام 2006 و 2011 !!!.. / فُرق الموت / استخدمتها الولايات المتحدة في العراق لتأجيج حرب طائفية ،، وهذا ما أكده الكاتب الأمريكي - ماكس فولر- مؤلف كتاب // العراق: الخيار السلفادوري يصبح حقيقة // وأكّد أن وكالة المخابرات الأمريكية - سي آي ايه – على صلة وثيقة بفرق الموت العراقية !!!. والولايات المتحدة المحكومة من قِبَل الصهيونية الحاقدة على سورية تجد فرصتها في تحطيم سورية دون أن تخسر اسرائيل جنديا واحدا ، أو تخسر هي ثمن صاروخ أو قنبلة لإسرائيل !!! والسؤال هنا ، كم يجب أن يسقط من ضحايا في سورية حتى يرتوي غليل حكّام الولايات المتحدة ؟؟.
في سبعينيات القرن التاسع عشر وقفتْ سيدة أمام الجنرال الفرنسي - المركيز دي غالفيه – تدافع عن نفسها في وجه تُهم موجهة اليها ، وبعد انتهائها نظر اليها بتمعنٍ ، ثم قال :// أيتها السيدة لقد زرتُ كل مسارح باريس ، لا تجهدي نفسك ولا تلعبي كوميديا //!!. ويبدو أن أحفاد الجنرال المذكور لا يدركون أن شعب سورية هو من أنجب نخبة نجوم الدراما العربية ، وسورية رائدة الدراما على المستوى العربي كله ،، والعرب يعون ذلك ، ولذا نتمنى على الجميع أن يُوقِفوا لعب الكوميديا والتراجيديا ، فسورية أكبر من الجميع وأهم من الجميع !! وهي تنادي الجميع لإستخدام الحكمة والعقل والبصر والبصيرة ،، وليس فوهات البنادق والسيارات المفخخة التي مزّقت جسدها !!! فمن أجل هذا الجسد الطاهر ، ولأجله فقط لتتوقف كل هذه الأفعال !! فنظرية / قاتل أو مقتول / لا تقود إلا الى المزيد من القاتلين والمزيد من المقتولين !!!. وماذا بعد ذلك ؟؟.
أعتقد كلنا متفقون على أهداف الحرية والديمقراطية والإصلاح والتغيير ،، ولكن ليستْ الطريقة بالقتل والعنف والفوضى والتكفير والطائفية والثأر والكيدية وتمزيق الوطن ،، أو البقاء أسْرَى ورُهناء للماضي !!! وما يبدو أن المسألة لم تعد كل تلك الاهداف ، وتجاوزت بمسافة كبيرة مسألة التغيير المنشود ، وبدا واضح أن أعداء هذه الأمة العربية الذين استعمروها بالماضي ونهبوها ، وسعى بعضهم لمحو لغتها وهويتها وإحلال التركية مكانها ، واستبدلوا لغة القرآن العربية بالأحرف اللاتينية ، هؤلاء الذين اختلفوا بالماضي على وطننا العربي ثم قسَّموه ،، يتوحدون اليوم للإتفاق على تقاسمه مجددا والهيمنة عليه ومن ثم الإعلان عن وفاة العرب ، ووضع العروبة في / مزاد الأثاث القديم/ ولكن بلا عرب !! والمصيبة لا تكمن هنا فقط ،، بل بمن سيجيب على أسئلة الراحل نزار قباني : ////// وإذا أعلنوا ذات يوم وفاة العرب .... ففي أي مقبرة يُدفَنون ؟؟ ومَنْ سوف يبكي عليهم ؟؟ فليس لديهم بنات ... ولا بنون ... وليس هناك حزن ،،، ولا من يحزنون ////// . وإنا لله وإنا اليه راجعون !!! .. الفــــــــــــــا تحـــــــــــــة !!! ...
إن ما دفعني لقول ما قلت ، هو الحزن والأسى فقط الذي يلف كل بيت في سورية ، وهو الدافع الوطني فقط الذي أشارك به أبناء سورية الوطنيين الغيورين، وهو دافع حزني فقط على الدم السوري النازف ، ودافع خشيتي فقط على سورية الوطن والمستقبل ، ودافع حبي لها ولشعبها ، فهي أولا وقبل أي شيء ،، وكلنا بالنهاية سنمضي ولكن سورية يجب أن تبقى ،، فهي ليست مُلكا لأجيال اليوم كي لا يحسبوا أي حساب للمستقبل ،،إنها ملكا للأجيال القادمة ،، كما كانت مُلكا للأجيال السالفة التي وضعتها أمانة في أعناقنا !!!. فهي الإبن والأخ والأب والأم ، وإن أغضبناها كثيرا وآذيناها كثيرا وأبكيناها كثيرا ، فسوف تمضي هي أيضا ولن تعُد ،، فنتحول الى يتامى نحسُد ونغبط كل من له أمَّا تضمه بين حناياها ،، أي كل من له وطن يستنشق هواؤه !!.
أدعو الله أن يحمي سورية وأبناء سورية أجمعين ، كما أدعو لطف الله أن يتلطف بسورية وبشعبها من / لطف الله 2 / و3 و4 ، والله أعلم الى أين سيصل الرقم ،، وعدد الضحايا ،، إن طال الحال لا سمح الله ..... والسوريون محكومون بالحلول الوطنية السلمية ، بمقدار ما هم محكومون بالأمل !!! فأين عقول السوريون التي توزن العالم !!!؟؟.