news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
جينات الكرامة المفقودة... بقلم : محسن ع عيسى

تقول الحكمة:(كما تكونون يولى عليكم) فالشعب المتشبع بجينات العزة والكرامة والصمود لا بد أن يخرج من رحم أرضه قائد عظيم يجسد تطلعات هكذا شعب أما الشعب المغلوب على أمره بحاكم انبطاحي زئبقي متخم بمورثات الخيانة والعفونة عبثاً تحاول زراعة خلايا الكرامة التي ترفض التماهي مع هكذا أجساد  ولأن الشعب مرآة الحاكم وإذا كان الحاكم لا يرى وجهه جميلا في مرآته فالمشكلة ليست في المرآة وإنما في وجهه المشوه الذي يجب إجراء عملية جراحية عاجلة له قبل أن يحاول كسر المرآة وتحويل وجهه نتفاً مشوهة


يقولون: أنير الزاوية التي أنت فيها؟ ولكن ما الفائدة إذا كانت كل الأشياء التي نحاول رؤيتها قابعة في الظلام فأزماتنا العربية المتكلسة بمسبباتها ونتائجها ‘ أدمت جسدنا العربي وأصابت روحه في الصميم وانتهكت القيم التي ميزتنا عبر التاريخ ودقت الأسافين بنا،  بيننا وأعطى بعض فاقدي جينات الكرامة  المبررات للتدخل الجراحي الخارجي المغرض في علاقاتنا العربية والنتيجة أن دخل المريض العربي في الغيبوبة رغم كل ذلك فقد استطاع أمثالنا أن يحفظوا شرفهم طاهرا وضميرهم ناصع البياض كالملح،لأنهم يفضلون فقدان رؤوسهم على أن ينحنوا أمام أولئك الذين يصكون دماغ الإنسان كما تصك النقود

 

ولان أسد الشام كان يعي أنه لا يوجد شيء مستحيل في العالم إذا كان يحكمه الخير الذي في أفواهنا وحركة التاريخ للأمام والنظر  للماضي للاعتبار وليس للتحسر فالأمم الحية لا تسير في الدروب السالكة التي يرسمها المتآمرون وإنما تجد طريقها بنفسها وسوريا عبر التاريخ كان لها رؤيتها الواضحة لما يحاك ضد الأمة من مؤامرات وعملت في كل مناسبة على إيضاح الواقع من السراب الخادع لكن نصحنا كان عندهم تقريع  فقد كان لجراح دمشق ( قلب أسد وعين نسر ويد حنونة ) وبعد نظر زرقاء اليمامة    حيث طرح مشروع ربط البحار الخمسة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً كون هذه المنطقة متشاركة في التاريخ والثقافة والمستقبل ولديها عوامل للنهضة والتنمية ومن حقها توحيد جهودها لحماية شعوبها وتحقيق مصالحها لمواجهة المشروع الصهيوني الساعي لتفتيتها  

 

وهذا ما أقلقهم ورفع من عقيرتهم ولكن حكمته كانت في وضع بوصلة للإصلاح واستنباط عناصر القوة من ركام الضعف العربي تلك الوصفة الطبية الناجعة لعلاج الجسد العربي ويبقى التزام المريض العربي(الحاكم العربي )  بهذه الوصفة وبتعليمات القبطان التي تعتبر منارة ترشد السفن العربية المهترئة قبل أن تملؤها الماء  و التائهة في محيط متلاطم الأمواج وإلا سيصاب بالغيبوبة ولن يفيده غرفة الإنعاش أو التدخل الجراحي الخارجي وإنما طريقة الموت الرحيم فسوريا مهيأة أكثر من أي وقت مضى لإنارة سبيل الخلاص من هذا الظلام الحالك الذي يحيط بنا ودورها هذا يرتفع بأمتنا من الوقوع في متاهات آنية ويجعلها أكثر قدرة على تتبع الخيوط الموصلة لجوهر ما يحدث  

 

والالتزام بالمصلحة القومية في التعامل الحر مع هذا الجوهر فالنظام العربي قبل الأزمات كان قائم على تثبيت وضع راهن ليس إلا بينما تبقى الأفعال أسيرة لمزاجية الأطراف وارتباطاتها لان اغلب الحكام العرب وصل لحالة جحا عندما قالوا له (هناك حريق في بلدتك؟....فأجاب: المهم ليس بثيابي )لذلك فالعرب اليوم مطالبين بعدم دفن رؤوسهم في الرمال إزاء ما يجري حولهم لأن ذلك لم ولن يحمي مؤخراتهم إلا  بترتيب بيتهم وتوطيد أمنهم الجماعي وتنسيق علاقاتهم البينية والخارجية عبر نظام واضح الملامح لتحقيق أهدافهم المرحلية كعنصر جوهري وليس كشيء محتمل وتقديم الحلول الفورية والحاسمة دون انتظار التدخل الجراحي الخارجي في علاقاتنا العربية

 

وسوريا عملت وتعمل رغم الظروف التي مرت وتمر بها الآن  بكل ما لديها من قدرة وطاقة لإعادة بناء وحدة الفعل العربي على أساس القوا سم المشتركة ومنع ظهور المناخ السلبي بين الدول العربية فالمطلوب تحقيقه يجب أن لا يبنى على المسلمات  وإنما على المسؤوليات المحددة لان الاكتفاء بالمسلمات اضر بالقضايا القومية فغالبا ما اكتفت الأنظمة العربية بشعارات عامة لم تدخل حيز التنفيذ لأنها بقيت معادلة بمجهولين (العمومية والغموض)وبما أن العالم اليوم عالم تكتلات والعرب كشعوب يمتلكون عوامل لظهورهم ككتلة لان المرحلة الراهنة تقدم ظروفا مناسبة إذا ما أحسن استثمارها لتضامن عربي فعال ووحدة فعل تمكن العرب من الدخول إلى صف القوى الدولية الفاعلة وليس المفعول فيها  وتقسيمهم إلى نتف من كيانات طائفية متصارعة تحكمها إسرائيل لذلك يجب التعامل مع الأزمات تعامل خلاق ينطلق من الواقع بكل سلبياته وليس من التمني والخيال

 

فالعرب كشعوب اليوم أمام مهمة ممكنة واقعيا ولكن  بعد التخلص من فاقدي جينات الكرامة ثم البدء بخطوات فعلية على طريق التكتل تكون مقدمة لخطى أخرى متقدمة وألا بقي العرب ضائعين مشتتين وقبائل متناحرة تتصارع (طلباً للماء والمرعى)  في عالم لا يعرف إلا منطق التكتل والمصالحح

2012-05-19
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد